الإهداءات


رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-30-2003, 02:52 AM
مركز تحميل الصور
مفرح الغامدي غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 668
 تاريخ التسجيل : Dec 2003
 فترة الأقامة : 7729 يوم
 أخر زيارة : 11-05-2005 (01:53 AM)
 المشاركات : 21 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : مفرح الغامدي is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي الأخوة في الله



الأخوة في الله
إن أشد ما أخشاه أن نكون في زمن يَـعِــــزّ فيه وجود أخٍ واحدٍ في الله يغنمه الواحد منا في زماننا هذا، فينعم برباط الأخوّة الصادقـة التي ندر وجودها، وأُطلقت تساهلاً على مفاهيم دون مرتبتها بكثير.
نعم، أقول ذلك خوفاً من وقوع ما قاله الصادق المصدوق: (قلّما يوجد في آخر الزمان درهم حلال، أو أخ يوثق به)(1).
خشـيـــت ذلك مع أني أتمنى من صميم قلبي عدم وقوع ما في الحديث في زماننا، فنحرم بذلك نـعـمــة الأخـــــــوة الـصادقة التي لم يبق منها غير المعرفة السطحية المقتصرة على الابتسامة، والتلطف في أسلوب الكلام ولا تتعدى ذلك غالباً ـ إن كثرت ـ الملاقاة.
ولقد قرأت كلاماً محزناً قاسـيـاً ـ ولـكـنها الحقيقة ـ للإمام الواعظ ابن الجوزي (ت: سنة 597 هـ) ـ رحمه الله ـ يقول فيه(2): (جمهور الناس اليوم معارف، ويندر فيهم صديق في الظاهر، أما الأخوة والمصافاة فذاك شـيء نـســــخ فلا يُطمَع فيه) ثم بيّن سبب نسخ وجود الأخوة والصفا لكون السلف كانت همتهم الآخــــرة وحـــدهـــــا فصفت نياتهم في الأخوّة والمخالطة فكانت ديناً لا دنيا.
أما الآن فقد استولى حب الدنيا على القلوب إلا ما شاء الله.
فانـظـــر ـ رحمك الله ـ إلى مقولة هذا الإمام وهو في القرن السادس الهجري؛ حيث يرى بهذه النظرة معنى الأخوة في زمانه، فكيف في زماننا هذا؟ والأصل في كل زمان متأخر عن سابقه وقوع صفة الشرفية للسابق، واقتراب الفتن وأشراط الساعة، والرقة في الدين.
ولكن لا يخـلــــو الأمـــر من تنفيس، والخير في أمة نبينا -صلى الله عليه وسلم- إلى يوم القيامة.
ولعل من أسباب ضعف ربــــاط الأخوة في الله غموض الرؤية لدى بعض الناس لمعانيها في زماننا. ولذا رأيت أن أسوق مــن أقوال وصور السلف حول هذا الموضوع ما تنحلّ به حبوة القارئ، ويسيل لعابه عجباً واندهاشاً من هؤلاء الرجال الكبار، لنرى البون الشاسع بين ما قد حققوه من معاني الأخوة الصــــادقة فيما بينهم، ونرى بالمقابل ما آلت إليه في زماننا، فنصلح الخلل، وإلا تحقق فينا الحديث الشريف السابق الذكر.
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب: (إذا رزقكم الله ـ عز وجل ـ مودة امرئ مسلم فتشبثوا بها)(3).
وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يذكر الرجل من إخوانه في بعض الليل، فيقول: يا طولها من ليلة، فإذا صلى المكتوبة غدا إليه، فإذا التقيا عانقه(4).
وكان ابن مسعود -رضي الله عنه- إذا خرج إلى أصحابه قال: أنتم جلاء حزني(5).
ولـمّا أتى عمر الشام استقبله أبو عبيدة بن الجراح، وفاض إليه ألـماً، فالتزمه عمر، وقبّل يده، وجعلا يبكيان(6).
وقال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: أَحبّ إخواني إليّ إذا رأيته قَبِلَني، وإذا غبت عنه عذرني(7).
وكان الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يُقبّل رأس أبي بكر(8).
ورئي على علي بن أبي طالب -رضـي الله عنه- ثــوب كـأنــه يُكثر لبسه، فقيل له فيه، فقال: (هذا كسانيه خليلي وصفيّي عمر بن الخطاب، إنّ عمر ناصح الله فنصحه الله)(9).
ولقي الصحابي حكيم بن حزام عبدَ الله بن الزبير ـ رضي الله عـنهـما ـ بعدما قُتل الزبير فقال: كم ترك أخي من الدّيْن؟ قال: ألفي ألف. قال: عليّ منها ألف ألف(10).
ودخل رجل من أصحاب الحسن البصري عليه، فوجده نائماً على سـريـــره، ووجد عند رأسه سلة فيها فاكهة، ففتحها، فجعل يأكل منها، فانتبه، فرأى الرجل يأكل، فقـال: (رحمـك الله، هذا والله فعل الأخيار)(11).
وقال أبو خلدة: دخلنا على ابن سيرين أنا وعبد الله بن عون، فرحب بـنــا، وقال: (ما أدري كيف أتحفكم؟ كل رجل منكم في بيته خبز ولحم، ولكن سأطعمكم شيـئــاً لا أراه في بيوتكم. فجاء بشهدة، وكان يقطع بالسكين ويطعمنا)(12).
وقـــال محمد بن واسع: (لا خير في صحبة الأصحاب ومحادثة الإخوان إذا كانوا عبيد بطونهم؛ لأنهم إذا كانوا كذلك ثبّط بعضهم بعضاً عن الآخرة)(13).
وقال عثمان بن حكيم الأودي: (اصحب من فوقك، ودونك في الدنيا)(14).
وكان بلال بن سعد الأشعري يقول: (أخ لك كلما لقيك ذكّرك بحظك من الله خير لك من أخ كلما لقيك وضع في كفك ديناراً)(15).
وكان المحدث القارئ طلحة بن مصرف إذا لقي مالك بن مغول يقول له: (لَلُقياك أحبّ إليّ من العسل)(16).
وقال ابن عيينة: سمعت مساور الورّاق يحلف بالله ـ عز وجل ـ: ما كنت أقول لرجل إني أحبك في الله ـ عز وجل ـ فأمنعه شيئاً من الدنيا (17).
وكان أبو جعفر محمد بن علي يقول لأصحابه: يُدخِل أحدكم يده في كُمِّ صاحبه ويأخذ ما يريد؟ قلنا: لا. قال: فلستم بإخوان كما تزعمون(10).
وأخيـراً: فـمـن أمثلة أخوة زمن المتأخرين من علمائنا ما كان بين شيخ الإسلام ابن تيمية، وشيخ المحدثيـن جمــــــال الدين المزّي ـ رحمهما الله ـ، فقد تأثر الثاني بشخصية شيخ الإسلام التي كانت قد اكـتـمـلــــت، فأعجب به المزي الإعجاب كله، وترافق معه طيلة حياته. قال مؤرخ الإسلام الذهـبـي: (ترافق هو وابن تيمية كثيراً في سماع الحديث، وفي النظر في العلم، وكان يقرر طريقة السلف في السنة..) (18).
ولقد أخلص (المزي) لرفيقه (ابن تيمية) الإخلاص كله، ولآرائه التجديدية، وجعله مثله الأعلى، ويظهر ذلك جلياً من خلال دفعه لثمن ذلك من الأذى الذي تعرض له عدة مرات من سجن وعدم تمكينه من التحديــــث، ووضع العراقيل عند توليه لرئاسة دار الحديث الأشرفية.
ولما توفي شيخ الإسلام (ابن تيمية) مسجوناً بقلعة دمشق لم يسمح لأحد بالدخول أول الأمر إلا بخواص أصحابه منهم (المزي) وكان ممن ساعد في غسله.
وبالجانب الآخر كان (ابن تيمية) كـثـيــر الاعتماد على (المزي) وعلمه ومعرفته؛ فحينما خرج من سجنه بـ (مصر) سنة 709 هـ، وجلس في القاهرة ينشر علمه، واحتاج إلى بعض كتبه التي بالشام، كتب إلى أهله كتاباً يطلـب جملة من كتبه، وطلب منهم أن يستعينوا على ذلك بـ (جمال الدين المزي) وسبب ذلـك مـــا قــالـــه ابن كثير: (فإنه يدري كيف يستخرج له ما يريد من الكتب التي أشار إليها)(19).
وحـيـنـمـا ولي (المزي) أكبر دار حديث بـ (دمشق) وهي الأشرفية سنة 718 هـ، فرح (ابن تيمية) فرحـاً عظيماً بذلك وقال: (لم يَلِ هذه المدرسة من حين بنائها إلى الآن أحق بشرط الواقف منه).
وكـان شــرط واقــف الـــدار أن يُـقَدّم من اجتمع فيه الرواية والدراية على من اجتمع فيه الرواية فقط، ففضله (ابن تيمية) بذلـك عـلـى عـلـمــاء عـظـام قد تولوا هذه الدار كـ (ابن الصلاح)، و (أبي شامة) و (النووي).
وحصل أن أخرج (ابن تيمية) رفيقه (المزي) من السجن بنفسه.
وبعدُ: فإن ما سقته من صور الأخوة في الله من حياة سلفنا لجديرة بالتأمل.
ولعل من أسباب الفتور الحاصل بين شباب الصحوة ضعف رباط الأخوة الصادقة.
فأين واقعنا الذي لا يخلو من المشاحنات والخلافات والبحث عن الزلات من واقع سلفنـا الصالـح ـ رضي الله عنهم ـ: (هيا بنا نؤمن ساعة)؟، و (هيا بنا نبك من خشية الله، فإن لم نجد بكاءً تباكينا علّ الله يرحمنا)؟.
وأين الفائدة العلمية ومذاكرة العلم بيننا، مع وجود وسائل الاتصال الحديثة التي تسهّل وتحفز للحرص على لقاء الفائدة؟
نسأل الله صلاح الأحوال والقلوب للفوز بمرضاته إنه مجيب الدعاء.



 توقيع : مفرح الغامدي

مفرح الغامدي

رد مع اقتباس
قديم 01-06-2004, 08:56 PM   #2
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية سلطان القلوب
سلطان القلوب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 376
 تاريخ التسجيل :  Jun 2003
 أخر زيارة : 04-02-2011 (05:20 AM)
 المشاركات : 4,375 [ + ]
 التقييم :  5
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



تحياتي لك أخوي مفرح ...

وحياك الله في هذا المنتدى ...

الذي يعتز بوجود بمثل هذه الأقلام بين أحضانه ..

وجعل كل ما كتبته في موازين حسناتك ..


 
 توقيع : سلطان القلوب



رد مع اقتباس
قديم 01-06-2004, 11:26 PM   #3


الصورة الرمزية أبوفارس
أبوفارس غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 49
 تاريخ التسجيل :  Sep 2002
 أخر زيارة : 12-27-2021 (11:06 AM)
 المشاركات : 4,596 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



بارك الله فيك اخي مفرح الغامدي

جزاك الله خيراً

جعلنا الله وإياكم من المتحآبين فيه


 


رد مع اقتباس
قديم 01-07-2004, 01:57 AM   #4
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية مفرح الغامدي
مفرح الغامدي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 668
 تاريخ التسجيل :  Dec 2003
 أخر زيارة : 11-05-2005 (01:53 AM)
 المشاركات : 21 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



شكرا لكم جميعاً ونعدكم بالجديد
خاص | معرفتي بك (ياأخي ولد الفجيه ) زادتني شرفاً


 
 توقيع : مفرح الغامدي

مفرح الغامدي


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المراكز الصيفية(اللجنة الرياضية)و(اللجنة الفنية) الرهيب معكم الملفات والفلاشات والبرآمج التعليميه 13 09-06-2009 12:54 PM
المركز الصيفي اللجنة الإدارية الرهيب معكم الملفات والفلاشات والبرآمج التعليميه 20 09-06-2009 12:30 PM
بيان من اللجنة الدائمة حبيب ال طلحة قسـم الإفتاء 4 08-29-2009 09:50 AM
بيان من اللجنة الدائمة حبيب ال طلحة قسـم الإفتاء 2 08-29-2009 08:27 AM
التفرقة بين الأبناء تقتل الأخوة سيّد الكواسر مواضيع الحوار والنقاش 0 10-18-2006 05:50 AM


الساعة الآن 01:30 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir