الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
المرأة(بين إنسانية الإسلام وتعقد التقاليد)
مفاهيم خاطئة
ربما يقول بعض الناس إن مسألة النظرة الناقصة للمرأة منطلقة من الفكر الإسلامي، لأن الله يقول: {الرجال قوّامون على النساء بما فضّل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم}، يعني أن الرجل هو القائم على شؤون المرأة، وأن المرأة ليس لها استقلال في حياتها. ولكن هذا فهم خاطىء، لأن مسألة القوامة هي مسألة تتصل بحدود البيت الزوجي، والقوامة نوع من الإدارة، فالرجل هو الذي يتحمّل مسؤولية الحياة الزوجية بما أنه ينفق، وفرص الحياة للرجل أوسع من فرص المرأة، باعتبار الحمل والحضانة... وأما خارج نطاق الحياة الزوجية، فليس للرجل سلطة على المرأة أياً كانت المرأة ابنةً أو أختاً. وبعضهم يقول: نحن نفهم أنه جاء في كلام الإمام علي(ع): "أن النساء نواقص العقول، نواقص الحظوظ، نواقص الإيمان"، وربما نسب هذا الحديث للنبي(ص)، وعندما ندرس هذا النص، نجد أنه ليس انتقاصاً من المرأة ولو بنسبة واحد في المئة. فلو صحت الرواية فما المقصود من نقص الإيمان؟ يعني هو القعود عن الصلاة أيام الحيض، والمرأة لا تصلي أيام الحيض، هذا من جهة إيمانها بأنه حرام، فهي لا تترك الصلاة لنقص في إيمانها، بل لأن الله أمرها بذلك، ونحن نترك الصوم حال السفر، فهل ينقص إيماننا بذلك؟ فنقصان الإيمان هو حالة في العقل والقلب والممارسة، من حيث ترك الواجب وفعل الحرام. وأما نقصان الحظوظ من جهة أنّ للذكر مثل حظ الأنثيين، فنحن نقول كطرفة إنه لا بد للرجال من أن يطالبوا بالمساواة، لأن حصة المرأة في النهاية تكون أكثر من حصة الرجل، فعلى عاتق الرجل الإنفاق على البيت وعلى الزوجة وعلى الأولاد في حين تحتفظ المرأة لوحدها بنصيبها من الميراث. وأما نقصان العقول، كشهادة امرأتين مقابل شهادة رجل، فنقول أولاً ما علاقة الشهادة بالعقل؟ فمفاد شهادة الرجل هو إما أن يكذب أو أن يصدق، ثم إن القرآن فصّل المسألة باعتبار أن هذا لا يمثل نقصاناً في المرأة، ولكنه احتياط للعدالة: {أن تضل إحداهما فتذكِّر إحداهما الأخرى}، فإذا كانت المرأة صفراً فهل الصفر يكمّل صفراً؟ فإذا كانت هي ناقصة العقل والثانية ناقصة العقل، فكيف يكمِّل الناقص الناقص؟ هذا احتياط للعدالة، ومثالٌ على ذلك الشهادات في القضاء،حيث إنّ البيّنة يلزمها رجلان ولا يكفي رجل واحد، وفي الدعاوى أيضاً يلزمها رجلان عدلان، فهل عدم قبول شهادة رجلٍ واحد في هذه الأمور يجعل الرجل ناقصاً؟ إن هذا أيضاً احتياط للعدالة، وكما في الأمور التي جعل الله فيها أربعة شهود كمسألة الزنا، فهذا أيضاً نظام يحتاط للعدالة. لذلك نقول كما يقول العلماء في الأحاديث التي ربما لا نفهم مضمونها، نقول يرد علمه إلى أهله، أو نقول إن مسألة النقصان كان لها مصطلح في ذلك الوقت يختلف عن هذا الزمن. وحدة المسؤوليات بين الرجل والمرأة وفي الجانب الإيجابي يقول الله سبحانه وتعالى: {إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى}، فلم يفرق في الجانب الإيجابي بين الرجل والمرأة، {المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيراً والذاكرات أعدّ الله لهم مغفرةً وأجراً عظيماً}، فلو كان مستوى الرجل في العقل والوعي والإيمان أكثر من مستوى المرأة، فكيف ساواهم في النتيجة؟ ثم يقول الله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} فعلى المؤمن والمؤمنة معاً أن ينفِّذا إرادة الله. وفي جانب آخر، نلاحظ المسؤولية الاجتماعية والسياسية، يقول الله تعالى: {المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}، أي يتعاونون، يتناصرون، {يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}، فالمعروف هو كل عدل في واقع الإنسان، والمنكر هو كل ظلم في واقع الإنسان، وهذا يدخل في النشاط السياسي والاقتصادي والإداري والأمني والثقافي، فهما سواء في المسؤوليات العامة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. هناك رأيٌ مشهورٌ عند السنّة والشيعة، وهو أن المرأة لا يمكن أن تتولى الجانب القيادي في المجتمع الإسلامي، فهو حصري على الرجل ، إلا أنّ بعض الاجتهادات بدأت تناقش هذه الفكرة، لأنها انطلقت من حديث في صحيح البخاري وغيره يقول إنه عندما مات كسرى ولّيت ابنته فبلغ ذلك النبي(ص)، فقال: "ما أفلح قومٌ وليتهم امرأة"، ومذّاك، وهم يعتبرون هذا الحديث منهجاً، ولكن بعض الاجتهادات تقول بأن الحديث لا يدل على الحرمة، خصوصاً أن المنكر في ذلك الوقت يختلف عن المنكر في هذا الوقت. فالموقع القيادي حينها كان يجعل سلطة الملك مطلقة، ولكن المسألة اختلفت اليوم، فحتى الملك في المجتمعات الديمقراطية وغيرها، كرئيس الجمهورية، لا يملك أن يحكم برأيه بشكل استبدادي وإلا يعزل عن ولايته، إنما عليه أن يستشير من له الخبرة ليستكمل خبرته، وأما من لا خبرة له فلا يجوز له إلا أن يستشير، فلا يوجد أحد فوق القانون، حتى النبي(ص) في الإسلام ليس فوق القانون، لأنه هو الذي جاء بالقانون. ضمن هذه الأجواء، نتوقف عند رأي مشهور مفاده أن المرأة لا تولى القضاء، على أنّ هناك من يناقش في صحة الرواية وفي مضمونها ، وذلك انطلاقاً من أن الإسلام لا ينظر إلى المرأة نظرة دونية، وكيف يكون كذلك، وهو الذي جعل المرأة مثلاً وقدوة للناس، فالآيات القرآنية تحدثت عن المرأة الكافرة حين تكون مثلاً للرجال والنساء، وعن المرأة المؤمنة حين تكون مثلاً للرجال وللنساء: {ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما}، والمقصود هنا خيانة الرسالة لا خيانة العرض {فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل ادخلا النار مع الداخلين}، فالله يخاطب الكافرين أن لا يتصوروا أنفسهم بزواجهم من نبي أو عالم أو إمام بأنهم سيدخلون الجنة معهم، إذا كانوا في خط الانحراف، فليس للإنسان إلا ما سعى. {وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت ربي ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين}، فكانت امرأة في أعلى درجات القمة والملك، ولكنها كانت مؤمنة، فتمردت على كل الترف والسلطة التي عاشتها لتخلص لربها، ما يعني أن الله يقول لكلِّ الرجال والنساء إنّكم إذا ابتليتم فكونوا كامرأة فرعون، ومريم ابنة عمران، {التي أحصنت فرجها فنفحنا فيها من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين}. وبهذا كانت المرأة مثلاً أطلقه الله للرجال والنساء. وعلى هذا الخط كانت البيعة، فعندما جاءت النساء ليبايعنه، بايعهن النبي(ص) على أساس أن المرأة إنسان مستقل تتحمل مسؤولية التزامها في الجانب السياسي والجانب الثقافي والجانب الاجتماعي، وليست تابعة لزوجها، كلٌ له مسؤوليته، لذا بايعهن النبي(ص): {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف فبايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم}، الأمر الذي يؤكد على أن الإسلام يعتبر المرأة مستقلة في الرأي السياسي والاجتماعي، وليست عنصراً تابعاً للرجل، ولذلك بايعهنّ النبي(ص) كما بايع رجالهن. وإذا كان الإسلام يركّز على استقلالية المرأة في توجهاتها السياسية والاجتماعية، فإنّ العقلية الموجودة عند كثير من الناس أنه لا بد للمرأة في الميدان السياسي من أن تنتخب الشخص نفسه الذي ينتخبه زوجها، حتى لو لم تكن مقتنعة به وإلا يطلقها، وكذلك في الميدان الفكري والنفسي، إذا كان الرجل مقلداً لمرجع وهي مقلدة لمرجع آخر، فإنه يجبرها على العدول من مرجعها إلى مرجعه، مهدّداً إياها بالطلاق إذا لم تخضع لأفكاره ومزاجه. لا شك أن هذه الممارسات بعيدة عن الإسلام، الذي لا يقبل أن تصبح المرأة، بزواجها من الرجل، رقاً له، ذلك أن عقد الزواج هو كعقد البيع، بل هو أكثر مسؤولية، ما يرتب مسؤوليات متبادلة، فيطالبها بالتزامها، وهي تطالبه بالتزامه، أما خارج نطاق الالتزام العقدي فهي حرة وهو حر. ملكة سبأ نموذج العقل الكامل ونتوقف أخيراً عند الآيات الكريمة التي تدل بقوة على أن الله سبحانه وتعالى قدّم لنا المرأة كإنسان يملك عقلاً أكثر من عقول الرجال، وتشير الآيات إلى أن النبي سليمان(ع) قد أرسل هدهداً في مهمات عديدة، فلما أطال الهدهد الغياب هدد النبي سليمان بذبحه، ولما جاء استقبل سليمان(ع) بقوله: {وأحطت بما لم تحط به وجئتك بسبأ بنبأ يقين* إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء* ولها عرش عظيم* وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله...}ولكن سليمان(ع) قال: {سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين* اذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تولّ عنهم فانظر ماذا يرجعون}، وعندما رأت ملكة سبأ هذا الكتاب جمعت قومها وقالت: {يا أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم* إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم* ألا تعلو علي وأتوني مسلمين}. لقد كانت ملكة سبأ تستطيع أن تتصرف دون أن يعترض عليها أحد، ولكنها كانت ملكةً عاقلة، تعرف أن قضية بمثل هذه الخطورة تواجه تحدياً شديداً ربما يدخلها في حرب، لذا أرادت أن تستشير أصحاب الرأي في قومها حتى تفهم النبي سليمان(ع)، هل هو ملك لتتعامل معه معاملة الملوك، أم هو نبي: {يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعةً أمراً حتى تشهدون} فقدم لها قومها عضلات أيديهم وقالوا {نحن أولو قوة وأولو بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين} فلم يعطوها رأياً، فأرادت هي أن تعطي الرأي فقالت: {إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون* وإني مرسلة إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون* فلما جاء سليمان قال أتمدونني بمال فما آتاني الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون ارجع إليهم} ما دام أنهم لم يستجيبوا ولم يأتوا إليّ مسلمين، لأن النبي سليمان(ع) كان يريد أن يبسط سلطته، لا من أجل حكم ذاتي، بل من أجل الرسالة {قال يا أيها الملأ أيّكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين} فعرفت عندها ملكة سبأ أنه نبي وليس ملكاً، فطلبت أن يقدم لها دليلاً أنه صاجب رسالة ويملك بعض القدرات من الله، لأن الله قد يعطي بعض قدراته لبعض عباده {قال عفريت من الجن ـ ممن كانوا يخدمون سليمان ـ أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي أمين* قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك* فلما رآه مستقراً عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم* قال نكّروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون من الذين لا يهتدون* فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها وكنا مسلمين* وصدها ما كانت تعبد من دون الله أنها كانت من قوم كافرين* قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت ربي إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين}، فهذا نموذج امرأة، فلو كانت أنقص عقلاً لما قدمها الله كأعقل من الرجال. ثم تبقى المثل الأعلى للمرأة في بداية الدعوة خديجة أم المؤمنين التي كان يعظمها رسول الله(ص)، ثم فاطمة الزهراء(ع) التي جاهدت أعظم الجهاد مع أبيها وزوجها من أجل الإسلام، ثم بطلة كربلاء السيدة زينب(ع)وكذلك السيدة مريم (ع)، كل هذه النماذج من النساء الرساليات اللاتي ارتفعن إلى المستوى الأعلى من الرسالة، وعملن للإسلام كله، وكن في موقع الشجاعة والصلابة والتحدي، كيف نميّز بينهنّ وبين الرجال على المستوى العقلي والمستويات كافة. لذلك أيها الأحبة، نحن بحاجة إلى أن نستهدي هذه المثل العليا، وعلينا أن لا نحصر السيدة الزهراء(ع) أو السيدة زينب(ع) بدموعنا، ولكن علينا أن ننفتح عليهنّ بوعي الرسالة وبصلابة المسؤولية، ولتكن كل واحدة منكن زينب ولو بنسبة الواحد إلى الألف. فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
جسور إنسانية ....!! | تراتيــــل | المواضيع العامة والإخبارية | 8 | 12-17-2012 06:53 AM |
شخصيات إنسانية/ أهم الشخصية الإنسانية عبر التاريخ | أميرالأحساس | شخصيات من بني عمرو | 10 | 11-08-2010 09:30 PM |
مكانة المرأة في الإسلام | دموع سجام | قسم الأسرة والمجتمع | 5 | 11-28-2007 02:10 PM |
المرأة بين تكريم الإسلام وإهانة الجاهلية | طـلـولــي | رياض الصالحين | 12 | 03-04-2006 12:50 PM |
مكانة المرأة في الإسلام | سهيل الجنوبي | رياض الصالحين | 3 | 12-23-2004 12:14 AM |