![]() |
|
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
![]() المعرف قبل أسابيع كثيرة - لا أذكر عددها - قرأتُ في جريدة الرياض زاوية الكاتب الممتع ناصر الحجيلان (إيقاع الحرف). أذكر أنها حوتْ ثلاث قصص عن ثلاث فضائل سُجلت لمجهولين، وكانت العبرة فيها أن المروءة ثمرة يزرعها الله في قلوب كثيرة فتعطيها ولا تنتظر رد الجميل مقابل أفعالها الطيبة. مثل القصص تلك تجعل القارئ أو السامع يرتاح قليلاً من الإحساس بجفوة الحياة في المدن الكبيرة المزعجة. عبر ذلك الارتياح الذي أحسست به آنذاك ذكرتني زاوية الأخ ناصر بموقف مشابه جرى لي شخصياً ندما كنت طالباً في ألمانيا الغربية عام 1969م. كنا أربعة شباب سعوديين (شباب آنذاك بالطبع)، ثلاثة منا يدرسون الطب في جامعة هايدلبيرج ورابعنا قريبٌ لأحدنا قَدِمَ إلى ألمانيا لزراعة قرنية في عينه وزُرعت له ونجحتْ، وغداً يعود إلى الوطن، فقررنا توديعه بعشاء نتشارك في تكاليفه في مطعم معتبر عند متوسطي الحال. انصرفنا من المطعم عند منتصف الليل، وكانت السماء تصب وتهب والظلام دامس لغزارة المطر ونحن الأربعة محشورون في سيارة أوبل صغيرة كان يمتلكها محدثكم أيام شبابه. في وسط الميدان الرئيس لمدينة هايدلبيرج (ميدان بيسمارك) انكسر شيء ما أسفل السيارة وتوقفت مائلة على جنبها الأيسر فتسمرنا بداخلها لا ندري ماذا نفعل. ما هي إلا دقائق قليلة وتوقفتْ أمامنا سيارة شرطة المرور بأنوارها المتلألئة وواحدة مثلها خلفنا، وإذا بشرطي ألماني طويل عريض مرتدياً لباس المطر الجلدي يسلط نور مصباحه اليدوي على وجهي، وكنت السائق. أصبت بالخوف من ثقل الغرامة المتوقعة لأنني كنت قد تخطيت موعد الفحص الدوري على سيارتي بشهور كثيرة، ولأنَّ الشرطي أطال النظر في وجهي على ضوء مصباحه. أخيراً طلب منا بلطف نسبي لا نتوقعه كأجانب في مثل ذلك الموقف أن نتفضل معه إلى إحدى السيارتين. سألته، وكنت أقدَمَ زملائي وأفصَحَهم، إلى أين سيأخذنا؟ فقال إنه سوف يقِلُّنا إلى حيث نسكن في بيت الطلبة. هكذا، وبدون أن يطلب أوراق السيارة الرسمية وبدون سؤال وجواب ينقلنا إلى بيت الطلبة! إن هذا غريب وغير متوقع. سألته عن مصير سيارتي فرد بهدوء: لا تقلق، سوف تجدها غداً في ورشة إصلاح سيارات أوبل في الشارع الفلاني. عند بيت الطلبة رفضت أن أترجل من السيارة قبل أن يخبرني عن سبب لطفه وكسره لقواعد الصرامة المعهودة في الشرطة الألمانية فوعدني أن يحضر غداً ليخبرني بذلك، وأعطيته رقم غرفتي في بيت الطلبة وانصرف. وبالفعل في اليوم التالي حضر الشرطي واتضحت الأمور كما اتضح لي أيضاً أن الدنيا صغيرة وأن المعروف مهما طال الزمن لا يضيع. أحدثكم هنا بما قاله لي ذلك الشرطي الألماني الذي ربطتني به لاحقاً صداقة طويلة فتحدث وقال: «كنت في التاسعة عشرة من عمري جندياً في جيش القائد الأماني رومل في الصحراء الليبية غير بعيد عن مدينة طبرق الساحلية. خسرنا الحرب هناك للحلفاء بقيادة الإنجليزي مونتجومري فصدرت لنا الأوامر بالتفرق إلى جماعات صغيرة أو أفراد ومحاولة أن ينجو كل واحد بنفسه بوسائله الخاصة. هربت وهربت وهربت في الصحراء حتى أغمي عليَّ من الإعياء والعطش. صحوت بعد أيام في خيمة بدوي عربي ليبي يسكن مع زوجته وأطفاله فيها ويرعى أغنامه حولها». استمر الألماني وعيناه مغرورقة بالدموع: «مكثت عندهم أكثر من شهرين، أنام معهم في خيمتهم وآكل مما يأكلون ولا أبرح الخيمة إلا في الظلام خوفاً من أن تلتقطني دوريات الحلفاء. ذات ليلة مقمرة أفهمني ذلك البدوي أن يا رالف (وهذا هو اسمي) هذه الليلة سوف تعود إلى وطنك. انطلق معي على ضوء القمر إلى شاطئ البحر قرب طبرق وكمنا هناك. ما هي إلا ساعتان أو ثلاث حتى رأينا أنوار قارب عسكري في عرض البحر يرسل ومضات ضوئية عرفت معناها لأن القارب كان ألمانياً. ناولني البدوي الليبي مصباحاً صغيراً من ردائه فأرسلت للبحر ومضات محددة تدربت عليها في الجيش، وما هي إلا أقل من ساعة ويصل قارب مطاطي به جنديان ألمانيان يأخذانني معهما بعد أن ودعت صديقي الليبي بما أملك من متاع الدنيا آنذاك وهو الشكر والامتنان وغصة في الحلق». قال الشرطي الألماني: «ذهبتْ السنين وكبرتُ وتزوجتُ وصار لي أولاد وأنا أتذكر ذلك العربي كل يوم. البارحة حين رأيتك في السيارة على ضوء المصباح عرفت أنني وجدت ابن ذلك البدوي أو قريبه أو أحداً من قبيلته فأنت تشبهه إلى حد بعيد. أردت أن أرد له بعض الجميل في شخصك». انتهت القصة، ويا أيها الناس إن المعروف لا يضيع مهما طال الزمن ومهما اختلفت الأعراق والمشارب. منقول ودمتم ![]() |
![]() |
#2 |
عضو ماسي
![]() ![]() |
![]()
موضوع جميل
وكاتب متمكن اقتبس ثم صور لهدف ايصال الهدف .. والمعروف يبقى سواء كافئك هذا الشخص الذي اسديت له معروفك او لم يكافئك فإن لم يكافئك فستجد لذة عملك هذا في دنياك وآخرتك .. بخلاف : من يصنع المعروف في غير أهله يلاقي ما لاقي مجير أم عامر.. فالإنسان لاينظر للجزاء الدنيوي من البشر لأنه حينها سوف يعتل كثيراً .. مخاوي الصقر موضوعك رائد لاهنت ولاتحرمنا جديدك تقديري واحترامي لك وللجميع .. |
![]() يوسف آل عايش 2004 -2011 ©
![]() |
![]() |
#6 |
مستشار إلمدير العام
![]() ![]() |
![]()
نقل موفق وقصة مؤثرة وتصوير من الكاتب رائع بارك الله فيك يا بن دايل لاهنت .
|
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
لا تحقرن من المعروف شيئا | الأزدية | الصور والأفلام والفلاش | 8 | 06-08-2012 01:32 AM |
برنامج الزمن الأدنى: (downtime)الزمن الاعلى:(UP TIME): | القـALGARNIـرني | البرمجة اللغوية العصبية (NLP) | 3 | 08-31-2009 12:31 PM |
لاتستحقر من المعروف شيئا | الأزدية | منتدى القصص والروايات | 2 | 07-23-2007 10:46 PM |
بنلتي ...... حسين عبدالغني ........ يضيع الكأس من الريان ........ | حسن بن سعيد | الساحة الرياضيّة | 13 | 05-16-2007 09:01 PM |
مهما يقولون .. مهما صار .. ومهما تم .. " بعد التعديل " : | العناااا | مواضيع الحوار والنقاش | 39 | 06-04-2005 07:00 PM |