لعبة الأسواق المالية وأسواق العملات
الأسواق المالية وأسواق الأسهم والسندات وأسواق النفط والغاز وأسواق المعادن النفيسة وأسواق السلع أصبحت خلال العقدين الأخيرين أسواقا جذابة للكثيرين بالرغم مما يحيط بها من مخاطر عالية جدا قد تؤدي إلى إعلان الإفلاس والحجر على الممتلكات أو قد تكون وسيلة لإيجاد ثروات لايصدقها العقل. الكثير ممن اجتذبتهم تلك الأسواق دخلوا المغامرة وهم يعدون النفس بالثروة وتحقيق الأحلام من خلال مبلغ ضئيل لكنهم سرعان ما ينسحبون ويتقهقرون يجرون أذيال الخيبة ويطلقون الصفات التي قد لايستطيع معجم ما أن يحصيها من صفات تتهم هذه الأسواق بأنها تدار من هوامير أو نصابين أو مافيا أو شركات قمار. كما لا يخلو الأمر من إلصاق تهمة السرقة الاحترافية لهذه الأسواق وانها ما جعلت إلا لسرقة أموالهم وقد يتخيل البعض أنها فور تحقيقها هذا الهدف ستغير النشاط وتقفل المحل لتبحث عن نشاط آخر بمحل جديد.
فهل هذه الأمور صحيحة؟ وهل ينطبق عليها فعلا ما يقال عنها إنها أسواق تعتمد على المقامرة والحظ، الحقيقة تبدو غير ذلك تماما، فهذه الأسواق تعتمد أولا وأخيرا على قوانين العرض والطلب، كما أنها أيضا تعتمد على الكثير من البيانات والأخبار المتفائلة والمتشائمة والتي تعتبر هي المحرك الرئيسي لهذه الأسواق هذا إلى جانب احتوائها على بعض الأعراف غير المعلنة التي تكاد قانونا تسير عليه ومنها على سبيل المثال الإشاعات الصحيحة منها والكاذبة.
تزايد أعداد المستثمرين بهذه الأسواق استدعى قيام القائمين عليها بتطويرها من حيث التقسيم إلى أسواق رئيسية وأسواق موازية وأسواق أسهم وأسواق سندات وكذا أسواق عملات يتم خلالها تحديد أسعار الصرف العالمية للعملات الرئيسية وذلك من خلال تداولها في أسواق رئيسية بأمريكا وأوروبا وآسيا، ولأسباب تتعلق بتطوير التجارة العالمية وزيادة الطلب على الكثير من السلع والخدمات والتجارة البينية، فقد تطور الاهتمام بهذه الأسواق بما تستحقه فنشأت مؤسسات مالية تقوم بتحليل هذه الأسواق بنوعين من التحليل هما التحليل الأساسي والتحليل الفني. ويعنى التحليل الأساسي بمتابعة وقراءة المؤشرات المالية والاقتصادية والسياسية والتحولات الاجتماعية والديموغرافية، هذا إلى جانب احتوائها على الأخبار الاقتصادية ومستويات النمو والعجز التجاري بالاقتصاديات الكبرى مثل الولايات المتحدة. وهذه الامور كلها تشكل اوضاعا مهمة لتحريك الاسواق ولاقتتات المؤسسات المالية منها عبر ما تصدره من تحليلات وتوقعات تهدف فيها الى رصد حركة تلك الاسواق. اما التحليل الفني فهو يرصد الحركة التاريخية للاسعار وتوضيح سلوكيات المتداولين من خلال النماذج الانعكاسية والمؤشرات الفنية المتعددة.
والحديث يطول عما يجري بتلك الاسواق وكيفية التداول بها، ولعل انهيار اسعار الدولار وارتفاع العملات الاخرى الى جانب انتعاش الاسهم يذكر بأحداث حدثت قبل سنوات كانت تسير بعكس الاتجاه الحالي للدولار واليورو والين والجنيه الاسترليني وحتى الاسهم الامريكية التي خسر منها الكثير من المستثمرين وضاعت ثرواتهم نتيجة لحالات الهلع التي انتابت تلك الاسواق جراء التحليلات والتوقعات المتشائمة حول اليورو الذي هبط الى 82 سنتا تقريبا والذهب الذي هبط الى 252 دولارا للاونصة والفضة التي كسرت حاجز الستة دولارات بينما هي الآن ثلاثة اضعاف سعرها والذهب الذي وصل الى مستويات سعرية فاقت الاربعة اضعاف فيما تضاعف سعر اليورو امام الدولار. وبالعودة الى احد قوانين هذه الاسواق التي تعتبر ان التاريخ يعيد نفسه، فيمكن القول ان اسعار العملات الثمينة قد قاربت ان لم تكن انتهت من تكوين الفقاعة السعرية التي قد تؤدي الى انهيارها وبداية رحلة تصحيحية لدورة اقتصادية متجددة فالاسترليني اصبح في وضع تصريف لحين كسر سعر دعم عند مستويات 1.90 دولار وقد تظهر بيانات واخبار سيئة حوله فيما شكلت قيمة الذهب اسعارا خطرة للشراء فوق مستويات الالف دولار وينبغي الحذر من الاخبار التي تروج بأن الذهب سيتجاوز حاجز 2000 دولار لما فيها من التغرير الواضح الذي يهدف الى الترويج للمحافظ والبنوك الكبرى لبيع الذهب على هواة التدبيلات والشراء بالمستويات المرتفعة. خلاصة القول ان هذه الاسواق ينبغي عدم المخاطرة بها دون معرفة قوانينها، فهي تحتاج لدراسة متعمقة وتحتاج الى متخصصين. والمجازفة دون معرفة بها تعتبر ضربا من المغامرة التي قد تؤدي الى ادمان الخسائر.
منقــــــــــــــــــول,,,,,,
|