الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
عبدالله الفيصل في سطور
كان ميلاد الأمير عبدالله الفيصل بمدينة الرياض في الخامس من ذي القعدة لعام الف وثلاثمائه وواحد وأربعين للهجرة النبوية الشريفة. ويوم أن بشر الملك عبدالعزيز بولادة حفيده من ابنه الفيصل كان يوماً مشهوداً في حياة الامام عبد العزيز طيب الله ثراه . نسبــه : نسبه لوالده هو عبدالله بن فيصل بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل ابن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود بن محمد بن مقرن بن فرحان، ووالدته الأميرة سلطانة بنت أحمد السديرى، وهى خالة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز وأخوته الأشقاء، ولقد كرست الأميرة سلطانة كل جهدها في تربية وحيدها وتنشأته تنشأة صالحة، يقول عنها سموه " الله يرحمها ، كانت امرأة جادة شديدة في تربيتى وتوجيهى ، فقد كنت وحيدها ، كانت تحب أن ترانى رجلا كبيرا، حتى كنت في سن السابعة أو الثامنة اذا حضر أحد من أبناء عمى أو خالى أو علماء الحجاز تلبسنى وترشدنى لهم وأعزمهم، وتغديهم أو تعشيهم، كانت تعاملنى كرجل وكانت صارمة معى وكنت أخافها يرحمها الله حتى بعد زواجى وخلفت ، وكانت تقية ونزيهة وصالحة وحياتها كانت بسيطة" وقد توفيت والدته وهى في صدر صباها وفي بداية تفتح الأمير على الحياة ، لكنه ظل وفيا لها حتى بعد وفاتها، ولعل أبرز الأعمال التى وقفها لها أنه تصدق بعين الفايحة التي وجه سموه أن يغير أسمها الى عين سلطانة والحقها بعين زبيدة ، على أن يستعمل ماؤها لسقيا جدة وحجاج بيت الله الحرام، وهى جوار عين القشاشية في وادي مر الظهران المسمى حاليا بوادى فاطمة . نشـأتــه : نشأ الأمير عبدالله الفيصل نشأة خاصة تحت رعاية جده الملك عبدالعزيز رحمه الله الذي اولاه بالحب وتربى في كنفه ، وكان يسميه ريع الدنيا ، وإذا غاب عنه قال أتوني بريع الدنيا لأراه . ولقد كان يجلس في مجالس الملك عبدالعزيز وهو لايزال طفلا صغيرا يلتفظ الايماءات والارشادات التي كانت لها اثر كبير في حياته فيما بعد ، ولهذا فإن السمات العظيمة لشخصية الملك عبدالعزيز انعكست على الحفيد الأمير عبدالله الفيصل ، ولاشك فإن الملك عبدالعزيز كان قمة من قمم التاريخ العربي المعاصــر . علاقته بوالـده : الفارق العمري أو السني بين الوالد الملك فيصل رحمه الله وبين الابن الأمير عبدالله هو 17 عاماً فقط ، وان كان أميرناً قد تلقى تعليمه الأول وخبراته الحياتية الأولى من جده الملك عبدالعزيز ، حيث أنه قابل والده الملك فيصل بعد فترة طويــلـة . ولقد نقل الأبن من شخصية والده القائمة على توقير الكبير والعطف على الصغير ، بعيداً عن الأهواء والأغراض ، متمسكاً بالقيم والآداب الاسلامية ، ولا عجب أن يقول الامير عبدالله ( لم أضع رجلاً على رجل أمامه أو أجلسني بجواره ، فدائماً ما يكون بيني وبينه مسافة اربعة رجال ) وكان كثيراً ما يرافق والده فى مناسبات الضيافة ، ولقد رافق والده إلى مؤتمر انشاء هيئة الأمم المتحدة عام 1945م بالولايات المتحدة . ولقد كان الأمير عبدالله شديد الاهتمام بمكة المكرمة ، حريصاً على المشاركة بغسل الكعبة المشرفة ، والاهتمام بمشروعات الحرمين الشريفين التي يأمر بها الملك عبدالعزيز رحمه الله ومن أهم المشروعات التي وضع حجر الأساس لها مشروع السد أعلى مكة عام 1361هـ . ملامح عامة عن سيـرة الأميـر عبدالله الفيصــل ـ في الخامس من شهر ذي الحجة سنة 1341هـ كان مولد سموه في مدينة الريـاض . ـ رعاه في طفولته جده الامام عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل حتى اذا بلغ الخامسة من عمره كانت المملكة قد حققت وحدتها الجغرافية وكان فيصل بن عبدالعزيز نائباً للملك عبدالعزيز على منطقة الحجاز . ـ انتقل سموه إلى الحجاز وهو في السادسة من عمره وبدأ مرحلة جديدة من حياتــه . ـ كانت الشهادة الابتدائية هي اعلى شهادة تعليمية ينالها طالب العلم في هذه المرحلة وقد حصل على هذه الشهادة من احدى مدارس مكة المكرمة، وكان عدد المدارس في مكة المكرمة لا يتجاوز في تلك الفترة سبع مدارس ابتدائية هى المدرسة السعودية ، والمدرسة الرحمانية ، والمدرسة الفيصلية، والمدرسة العزيزية، والمعهد العلمى السعودي، وقد التحق سموه بالمدرسة الفيصلية بمكة المكرمة - كان متفوقا في دراسته وذلك بشهادة ادارة المدرسة الفيصلية التى كتبت تصفه ( كان سمو الأمير عبد الله الفيصل مثال الكمال للطالب وكان يحوز الأولية ويتقدم جميع أقرانه بجدارة واستحقاق) - في العام 1357 شكلت لسموه لجنة لامتحانه الشهادة الابتدائية أداها بنجاح تام وتفوق . ـ كان شقوفاً بالعلم وقراءة الآدب والتاريخ وقضايا السياسة وكان الشعر أحب الفنون إلى نفسه وقد وسع نظرته الثقافية من خلال قراءته الحرة ومجالسـة الكتاب . ـ امتلك ناصية البيان في ارقى فنون الشعر فاعتبر من الشعـراء المطبوعين . ـ تأثر بوالده في الشعر الشعبي وقد كان الملك فيصل عليه رحمة الله من المبرزين في هذا الشعر . ـ من ابرز الشعراء القدامى الذين قرأ لهم وتأثر بشعرهم ووجد في نفسه هوى لفنهم المتميز طرفه بن العبد، والنابغة الذبياني، وامرىء القيس، وعنترة بن شداد من الجاهليين ، وعمر بن ابي ربيعة والمتنبي وابي تمام من شعراء العصر الاسلامى، وابراهيم ناجي ، وأحمد شوقي ، وعلي محمود طه وبدوي الجبل وعمر ابو ريشة من المعاصرين . ـ على الرغم من هذا الفضاء الشعري الذي كان يعيش فيه إلا أن له عالمه الشعري المتميز الذي يستمد من ثقافته الآدبية ومن البيئة التي ترعرع فيها والعبقرية التي كان يمتلكها . الالقاب التى اطلقت على الأمير عبدالله الفيصل خلال مسيرة الامير الشاعر عبد الله الفيصل أطلقت عليه بعض الالقاب التى تعبر عن الاعجاب بهذه الشخصية ، ومن اشهر هذه الالقاب ، اللقب الذى أطلقه عليه جده الملك عبد العزيز طيب الله ثراه: 1- ربع الدنيا تعبيرا عن فرحة الملك عبد العزيز بمولد أول حفيد له يحمل فى جبينه مخايل العبقرية والتفرد، وسبب هذا اللقب كما يقول الأمير عبد الله الفيصل هو اعجاب الملك عبد العزيز برجاحة عقله وجرأته منذ نعومة أظفاره ، فقد طلب الأمير عبد الله الفيصل من جده أن يمنحه السيارة التى كان يستخدمها الملك عبد العزيز، فقال له الملك عبد العزيز: كيف تتجاسر على طلب أمر لم يجرؤ أعمامك الكبار على التقدم به؟ ، فما كان من الأمير عبد الله الفيصل الا ان يخرج من المجلس ثم يعود بعد هنيهة حاملا معه ورقة نقدية فئة ريال سعودى وعليها صورة الملك عبد العزيز مخاطبا جده: هذه العملة تحمل صورتك وهى موجودة فى كل مكان فى المملكة فكيف تبخل علي بسيارة، خذ هذا الريال فانا لا ابغيه؟ فأعجب به الملك عبد العزيز وقال لمن حوله (هذا ربع الدنيا) ومنحه السيارة المطلوبة. 2- محروم: وهذا اللقب أطلقه الأمير عبد الله الفيصل على نفسه في غلاف ديوانه الأول (وحى الحرمان) ، وقد توقف العديد من النقاد والدارسين لأدب عبد الله الفيصل عند شرح مقصود (محروم) ، وقد قدم الأمير عبد الله الفيصل في مقدمة ديوانه ( وحى الحرمان ) اشارات قد تضىء الجوانب المبهمة وتفتح الباب أمام الدارسين لاستكناه الأسباب التى دعت الشاعر الى اطلاق هذا الأسم على نفسه، كل حسب الرؤية النقدية التى يدخل بها الى النص، وسنختار هنا رؤية بعض النقاد حسب ما تبدى لهم ذلك من خلال قراءاتهم وفهمهم لشعر الأمير عبد الله الفيصل. فالدكتور حامد بن صالح بن خلف في مقدمة بحثه القيم عن " الملفوظ الشعرى والمنطوق النفسى في وحى الحرمان" المنشور في كتاب " الشاعر عبد الله الفيصل بين مشاعر الحرمان وغربة الروح" هذا العمل الضخم الذى انجز باشراف الدكتورة سعاد الصباح ، يقول الدكتور حامد : " لقد عاش الأمير عبد الله الفيصل كما يقول في مقدمة ( وحى الحرمان) حرمانا من عطف ابيه وحنوه عددا من السنوات ، تبدأ من السنة الأولى من عمره، مما ترك في نفس الأمير أبلغ الأثر من الحرمان تربى الأمير في كنف جده الملك عبد العزيز أمدا لم يزد على خمس سنوات، تركت في نفسه على قصرها ابلغ الاثار ، ثم تولت تربيته والدته حتى التحق بوالده في الحجاز حيث ألحقه بمدرسة من مدارس الشعب ، فاختلط بالشعب في المدرسة والحارة وشاركه في أفراحه وأحزانه وشاطر ابناءه ممن سعد بمزاملتهم آلامهم وآمالهم. انقطع عن الدراسة بعد حصوله على شهادة التعليم الابتدائى فكان الفراغ الذى سده بالمطالعة والرياضة. معنى ذلك ان الشاعر عاش درجة من الحرمان فهو لم يولد وفى فمه ملعقة من ذهب كما يظن الكثيرون ، وانما عاش الحرمان كما يتصوره هو، سواء بفعل غياب الأب أو بفعل التنقل بين الأمكنة، مما لم يمكنه من الاستقرار الانفعالى فكان وحى الحرمان حسبما يذكر في مقدمته صورة طبق الأصل لحياته وصدى لشعوره وعواطفه وآماله وخيالاته وانفعالاته النفسية، والحرمان الذى يعنيه مرادف للشقاء أو بداية له ، والشقاء عكس السعادة. أما الاستاذ مردوك الشامى فيقول عن عبد الله الفيصل: كأنه يقتطف قصائده من ابجدية النبض، ويختلسها من قاموس التراب، يتوسط عطر المسافة بين الأثنين لتأتى القصيدة باسقة كشجر الشغف الجميل، راعشة كوتر مشدود بين عاشثقين، دافقة كما ينبوع رقراق ، وأصيلة كما شاعرها تنتمى الى جمرة الصدق التى نفتقد اليها هذه الأيام في الشعر والمشاعر. عبد الله الفيصل ينحدر من عائلة الملك ، ينسج بالشعر الصرف تاجه الخاص، انه يسعى في قصائده الى مملكة يرصفها بالكلمات، الكلمات لديه مدائن وقصور وعروش لا يطالها الغبار، تميزه أنه في عباءة الأمير يخفى ملامح العاشق، وأحيانا يجعل هذه الملامح تبادر الى السطوع ليؤكد لقارئيه ان الكمال كله في امارة الشاعرية، انصهر الأمير بالعاشق الذى يفتح قلبه نافذة لكل العصافير. لا تقرأ قصائد عبد الله الفيصل مطلقا من منظور النقد الأكاديمى، ولا يمكن اخضاعها لمجاهر المدارس النقدية، وتعريضها لليزرالنبش والتدقيق العلمى، شعره بكل اختصار يقرأ كما هو ، شعر صرف ينتمى الى مدرسة البلبل وأكاديمية الحفيف، والى جامعة الشفافية، وهذه المعرفة بالتغريد والشجر والشفافية لا تأتى بالتلقين والتعلم، انها تنبع من داخل لا يمكن اكتسابها على الاطلاق من خارج كون الشاعر الفسيح. انه في قصائده يقدم صورة شخصية عن ذاته، صورة اقل ما يقال عنها أنها بلا مساحيق أو مكياج ، انها صافية حد الانبهار والادهاش والفطرية الدافئة البياض. ينطوى معظم ما كتبه عبد الله الفيصل على بيانات فلسفية غاية في الحكمية وفي تفجير منطق واقع الحال بلغم التواضع النبيل. في تقديمه الشخصي لديوانه " وحى الحرمان" تقرأ درسا انسانيا بالغ الأهمية في استقراء الذات والاخر على حد سواء. أجزم أننى ما قرأت في كل أدبيات الميسورين وأصاب الجاه والسلطان وسلالات الملوك نصا كالذى قدم به (محروم) نفسه ، انه بكل اختصار قدم الشاعر الذى فيه مجردا طواعية من كل الأوسمة والنياشين نافضا عن ذاته كل ارث مكتسب من خارج، ليعلن جوانيته على الملأ، تماما كما هى صورة عن قصائده ومرآة صادقة لها، في وقت لا يتورع فيه أصغر الشعراء عن ادعاء ما ليس فيه، وعن اختلاس الفضائل والحسب والنسب والفتوحات والفروسية، نصا وكيانا، فقط كى يقنع قارئيه بعظمته وتميزه وانحداره من سلالة الاختلاف. عبد الله الفيصل في اختياره " محروم" كلقب يوقع به ديوانه الشعرى ، وتأكيده في المقدمة " أجل أنا محروم" ودفاعه عن اللقب وأسبابه وشرحه لمعنى الحرمان الذى يعيشه رغم ان حياته وما هو عليه من جاه وسلطان نقيض لذلك الى حد التجاوز، لدليل أكيد على شدة التواضع أولا، وعلى اعتماد فلسفة التوحد بالآخرين ، والاقتناع بأن القصيدة لا تكون عالية القامة الا اذا شابهت السنبلة التى تنحنى مثقلة بموهبة العطاء، لا منكسرة بمذلة الالتباس. " لم أولد وفى فمى ملعقة من ذهب"، " لمع الصبا في نفسى وأنا على هذه الحالة فلمعت معه أحاسيس وعواطف وتيارات ، وثارت لثورته نوازع قلبية لم استطع كبتها- وعجزت عن تحقيقها فتركت في نفسى ابلغ المآثر من الحرمان حتى الان، ولهذا فأنا لا أزال محروما." " فالحرمان مرادف للشقاء أو بداية له أو هو دليل عليه، والشقاء عكس السعادة، وأنت محروم عن السعادة اذا فقدت الاحساس بها ولو اجتمعت لك كل مقوماتها واعتباراتها". هذه بيانات تمهيدية يعلن بها " محروم" عن نفسه ثم يعززها بسيرته التى تؤكد تساويه بالمعاناة مع كل المحيطين به من العامة حتى انه في بعض مراحل حياته يفوقهم معاناة واقترابا من الوحشة. حرمانه في طفولته من رفقة ابيه، ثم من أمه التى واكبت سنواته الأولى ثم استكمال تعليمه وهو الطموح الذى لا يخفى عشقه للتعلم والمعرفة ، كل هذه العناصر شكلت ملامح شخصيته ، ورفدتها بمقدرة فائقة على الزهد، والشك أيضا, أسست في نفسه مفاتيح خطابه الشعرىالذى هو كما قال " أريد أن يكون شعرى صورة طبق الأصل لحياتى" في شبابه صار وزيرا لوزارتين وغدا كبير النفوذ وفير المال، وهذا كله يستدعى التفاف الناس حوله بالمديح والثناء ورغم ذلك لم يغادره الحرمان. يقول " هل ما أحس به الان من معاملة خاصة أو عامة لم يكن الا لأنى انسان يستحق هذا عن جدارة، أو لأنى اتمتع بهذه الميزات الثلاث" " فأنا لا أحب التدليل على شعور تكمن وراءه غاية، أو تكريم يكون وسيلة الى شىء ما" ما أعظمه واشد تواضعه انه يبحث عن محبة الناس له مجردة عن تأثيرات هالة السلطة ، يبحث عن حضوره الانسانى بينهم، عن حضور الشاعر العاشق الزاهد المحروم، لا عن حضور الأمير، وان كان عبد الله الفيصل شاعرا في الأمارة وفى الوقت ذاته أميرا في الشعر. وتحت عنوان " حرمان اللذة ولذة الحرمان " يرى الدكتور نذير العظمة بعدا اخر لهذا اللقب الذى ارتضاه الأمير عبد الله الفيصل لنفسه اذ يقول: يجدر بنا هنا أن نلتفت الى اللقب الذى أعطاه الشاعر لنفسه في باكورة انتاجه الشعرى واشتهر به الا وهو " محروم"، فقد أدخله محل اسمه على الغلاف ثم ثنى بـ " وحى الحرمان" كعنوان لمجموعته الأولى واردف بمقدمة تلقى الضوء على جانب سيرته الذاتية تحيل معنى الحرمان ودلالاته الى حواجز لقب الامارة والانتماء الى الاسرة الحاكمة الأمر الذى يحول دون تواصل الذات الشاعرة مع الاخر ، ويخص بالذكر طفولته المبكرة ويشكو من بعده عن أبيه الذى كان مشغولا بأمور الحكم وتثبيت نظام أبيه وسلطته، وجوهر احساسه في موضوع الحرمان انه كباقى الناس انسان يتوق الى الطمأنينة والسعادة وانه نشأ كباقى الأطفال في مدارس عادية لا أبراج عاجية. ويؤكد صلاح لبكى على معاناة الشاعر للغربة في مقدمته لهذه المجموعة الأولى، الا ان لبكى يفتق الغربة غربتين: الأولى غربة الشاعر النفسية في الأرض ، وغربته عن الآخرين الذين يؤاخونه ويؤاخيهم. لكننا ايا كان الأمر، سنولى اهتمامنا للغربة كما تجلت في شعره، وفى اعتقادنا ان نفسه الشفافة طورت معاناتها في الحب وقابليتها للتواصل مع الاخر حبيبا او متلقيا وأقام نظاما نفسيا يعوضه النقص الذى افقدته أياه الحواجز من مال وسلطة وسلالة، الا أنه في شعره خلافا للمقدمة يعطينا تعريفا آخر للحرمان أكثر صلة بابعاد تجربته النفسية وبعيدا عن اللقب والمال والسلطة يقول : تزهد القلب فيسمو بالزهاده يا حبيبى لوعة الحب سعادة ويرى حرمانه في الحب زاده حين لا يبلغ في الحب مراده وهذا التعريف الشعرى للحرمان لا يصله بالسياق النفسى فحسب، بل يربطه ايضا لا بالوصول الهين الى الحبيب، بل بالجهاد النفسى والسعى للوصول اليه، فالحب من أجل الحب، والحب كفن ، والحب كمعاناة صادقة، واحدة تتكرر عنده في سياقات وأطر مختلفة. وشاعرنا يدرك أن الوصول ينهى مغامرة العشق وما فيها من جمال وعذاب لذلك يثمن هذا الجهاد الذى تجاهده النفس في العشق لأنها لا تكون بغيره: حسن لو أنى طلته لانتهى شدوى الى صمت عميق طويل لكن حرمانى منه غدا منتجعا فيه الأمانى شكول فما الهوى يا غرة في الهوى الا أمان لا تراها العقول من أجلها تبقى الرؤى حلوة وغيرها تطوى الربى والسهول حتى اذا طال المدى بالسرى زالت خيالات المنى بالوصول فالحرمان هنا يزيد عمر السعادة واللذة التى يسعى الشاعر اليها ، وهو ما اخترناه في حرمان اللذة ولذة الحرمان، وهو تعبير عن الاحساس بلذة سامية تترادف مع الوفاء والعفاف وصون العهد، وجهاد الشاعر في الحب ومعاناته في سبيله لا يؤديان الى الوصول والراحة والارتخاء، بل غالبا ما يتصل السعى ويؤدى الحرمان الى حرمان. أما الاستاذ الدكتور خليل أحمد عمايره في بحثه عن " ظاهرة الحرمان في ابداع الأمير الشاعر عبد الله الفيصل فيرى ان الحرمان هنا ناشىء عن عفة فهى العائق، وكما كان الأمير الشاعر صريحا وواضحا في احتضان شعر الغزل ميدان ابداع، فقد كان بارعا في اظهار الحرمان النابت في أرض العفة والبراءة التى تكتفى من الحبيب بملامسة نبيلة ليمناه، أو بأن يحتفظ الحبيب بذكرى وقفة بريئة يستمتع فيها بالنظرة الطاهرة الى عينين تفيضان الطهر تحت اغصان ترنمت، تردد كلمات قصيدة الحب، وعيناها تفيضان من الدمع باكية ألم الفراق: هل تذكرين وداعينا مصافحة أودعت فيها كريم الأصل يمناك أو تذكرين بوادى وج وقفتنا وقد أفاضت علينا الطهر عيناك وحين غنت على الأغصان شادية أنشودة الحب في ترديدها الباكى من هنا تبدو ظاهرة العفاف والعفة التى كانت سبب الحرمان في شعر الأمير عبد الله الفيصل فأخرجته ابداعا حارا ملتهبا. مع الأهلــي عـلاقة وحب : تشير الوثئق إلى أن تأسيس النادي الأهلي تم عام 1355هـ ولكن علاقة الأمير عبدالله الفيصل بالنادي بدأت عام 1369هـ ولا يذكر النادي الأهلي إلا ويذكر معه سمو الأمير عبدالله الفيصل ، وضرب سمو الأمير مثالاً في البذل والتضحية والوفاء ، ولاشك فإن مظلة الأمير سمحت للنادي أن ينهض من كل كبواته ولولاه لربما لم يكن اليوم هذا النادي العربي الكبير صاحب البطولات اسمه النادى لأهلي بجدة والذي فاز بالعديد من البطولات. وظل الأمير يقدم الدعم المادي بمبلغ خمسة ملايين ريال سنوياً لخزينة النادي ، كما رتب الأمير للنادي الاهلى عام 1966م زيارة إلى لندن لحضور نهائيات كأس العالم، الأمر الذي يعتبر حدثاً غير عادى ظل في ذاكرة الأهلى الذى لم ينس هذا الدعم مطلقاً ويكن مكانة خاصة لسمو الأمير عبدالله الفيصل ولهذا فقد قرر تحويل إسم ملعبها ألى معلب الأمير عبدالله الفيصل ، عرفاناً وتقديراً لدوره ودعمه . رحمك الله يا عبدالله الفيصل م ن ق و ل
آخر تعديل عذب السجايا يوم
05-08-2007 في 07:37 PM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قصيدة خالد الفيصل بمناسبة شفاء الملك عبدالله | مهندس الكلمة | الصوتيات والمرئيات والفنون الشعبية | 3 | 11-29-2012 02:57 PM |
صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل الى رحمة الله | ابو سعد | التعازي | 9 | 05-12-2007 02:27 AM |
صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل الى رحمة الله | ابو سعد | المواضيع المكررة | 0 | 05-08-2007 04:15 PM |
,,,,, عــــطني وعـــــــــــــــــد ,,,,, الأمير/ عبدالله الفيصل .. | محمد سالم آل سعيّد | الشعر الجنوبي للطرح الذاتي | 4 | 10-15-2005 12:34 AM |
روائع ( عبدالله الفيصل ) | صاحب | عطر الكلمات | 6 | 11-18-2002 01:34 AM |