الإهداءات


رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-07-2006, 02:02 AM
مركز تحميل الصور
سهيل الجنوبي غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1167
 تاريخ التسجيل : Sep 2004
 فترة الأقامة : 7375 يوم
 أخر زيارة : 08-29-2021 (12:17 AM)
 المشاركات : 456 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : سهيل الجنوبي is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
اعترافات عاشق



اعترافات عاشق



الحمد لله الذي جمع قلوب أهل حبه على طاعته.. وأورثهم من الخيرات ما نالوا به كرامته..
أحمده سبحانه فهو الذي جعل محبتة إلى جنته سبيلاً..
وأبغض العصاة وأورثهم حزناً طويلاً..
وسبحان من نوع المحبة بين محبة الرحمن.. ومحبة الأوثان.. ومحبة النسوان والصبيان.. ومحبة الألحان.. ومحبة القرآن..
والصلاة والسلام..
أما بعد أيها الأخوة والأخوات :
فهذه جلسة مع العاشقين والعاشقات.. من الشباب والفتيات..
لا لأزجرهم وأخوفهم.. وإنما لأعدهم وأبشرهم..
حديث إلى أولئك الشباب.. الذين أشغلوا نهارهم بملاحقة الفتيات.. في الأسواق وعند أبواب المدارس والكليات.. وأشغلوا ليلهم بالمحادثات الهاتفية.. والأسرار العاطفية..
وحديث إلى أولئك الفتيات.. اللاتي فتنت عيونهن بالنظرات.. وغرّتهن الهمسات.. فامتلأت حقائبهن بالرسائل الرقيقة.. وصور العشيق والعشيقة..
فلماذا أتحدث مع هؤلاء ؟!..
أتحدث معهم..
لأن كثيراً من العاشقين والعاشقات وقعوا في شراك العشق فجأة.. بسبب نظرة عابرة.. أو مكالمة طائشة.. فأردت أحدهم قتيلاً.. وأورثته حزناً طويلاً.. ولم يجد من يشكو إليه..
نعم.. أتحدث معهم..
لأن التساهل بالعشق.. والتمادي فيه.. يجر إلى الفواحش والآثام.. ومواقعة الحرام.. ويشغل القلوب عن علام الغيوب..
وكم أكبت فتنة العشق رؤوسا في الجحيم..
وأذاقتهم العذاب الأليم..
كم أزالت من نعمة.. وأحلت من نقمة..
فلو سألت النعمَ.. ما الذي أزالك ؟
والهمومَ والأحزان.. ما الذي جلبك ؟
والعافيةَ.. ما الذي أبعدك ؟
والسترَ.. ما الذي كشفك ؟
والوجهَ.. ما الذي أذهب نورك وكسفك ؟
لأجابتك بلسان الحال :
هذا بجناية العشق على أصحابه.. لو كانوا يعقلون..
نعم.. أتحدث عن العشق..
لأن انتشار العلاقات المحرمة.. لا يضر الفاعلين فقط.. فقد جرت سنة الله أنه عند ظهور الزنا يشتد غضب الجبار..
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ما ظهر الربا والزنا في قرية إلا أذن الله بإهلاكها..
وفي الحديث الحسن الذي عند ابن ماجة وغيره ، قال صلى الله عليه وسلم : ( لم تظهر الفاحشة في قوم قط ، حتى يعلنوا بها ، إلا فشا فيهم الطاعون ، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا )..
وكم من فتاة ضيعت شبابها.. وفضحت أهلها.. أو قتلت نفسها بسبب ما تسميه العشق..
وكم من فتى أشغل أيامه وساعاته.. وأضاع أنفاس حياته.. فيما يسميه العشق..
وما كيس في الناس يحمد رأيه * فيوجد إلا وهو في الحب أحمق
وما أحد ما ذاق بؤس عشية * فيعشق إلا ذاقها حين يعشق
ونحن في زمن كثرت فيه المغريات.. وتنوعت الشهوات..
وترك المفسدون في قنواتهم ومجلاتهم.. مخاطبةَ العقول والأفهام.. ولجئوا إلى مخاطبة الغرائز وإثارة الحرام..
فأصبح الشباب والفتيات حيارى.. بين مجلات تغري.. وشهوات تسري.. وقنوات تُعرّي.. وأفلام تزين وتجرّي..
فاشتغل الشباب والفتيات بعضُهم ببعض.. واغتروا بالصحة والفراغ.. { كلا إن الإنسان ليطغى * أن رآه استغنى}..
وإلا فلو كان أحدهم فقيراً معدماً.. أو مريضاً مقعداً.. لما وجد في عقله مكاناً لفلان أو فلانة..
ومن طريف ما يستشهد به على أن الترفه والتنعم الزائد.. مع عدم الدين.. يوقع في مثل هذه التوافه..
أن رجلاً كان يسكن في إحدى الدول المجاورة التي يظهر فيها السفور.. وكان هذا الرجل غنياً منعّماً.. فطلبت منه ابنته الجامعية أن يشتري لها سيارة خاصة.. فقال لها : السيارة مفتاح شرّ.. وتزيد اختلاطك بالرجال.. وأخوك تحت يدك يذهب بك إلى ما تريدين..
فأصرت الفتاة.. وبكت.. حتى اشترى لها السيارة.. وبدأت تذهب وتجيء كيفما شاءت..
فلما جاءت العطلة..
قالت لأبيها : أريد أن أقضي الإجازة في بريطانيا لدراسة اللغة الإنجليزية !!
فقال الأب المسكين : لا ضرورة لذلك..
فأصرّت عليه وتباكت..
فاقترح أن تذهب العائلة كلها معها..
فغضبت.. وقالت : أنا واثقة في نفسي.. ولا يمكن أن أتعرض لمكروه..
فأبى عليها..
لكنها تعرف دواءه.. بكت.. وأقفلت على نفسها في غرفتها.. وأضربت عن الطعام والشراب..
حتى رق لها قلبه.. ودمعت عينه.. وقال : اخرجي من عزلتك وسوف تسافرين إلى بريطانيا.. ففرحت الفتاة.. وبدأت تجمع حقائبها..
ورفع الأب سماعة الهاتف واتصل بقريب لهم.. يسكن في المملكة في مدينة تقع على طريق مكة المكرمة..
اتصل به وقال له : يا فلان !! هل تذكر فلان ابن عمنا.. الذي يسكن في خيمة في البر ؟
قال صاحبه : نعم.. وهو لا يزال على حاله في البر.. يرعى الغنم.. وعنده إبل.. ويشتغل ببيع السمن.. والإقط..
فسأله صاحبنا : هل تزوّج ؟
قال : لا.. ومن يزوّجه.. وهو لا يقرّ له قرار.. يرحل بخيمته كل حين..
فقال : حسناً.. أنا آتٍ إلى مكة بعد يومين.. وسوف أتغدى عندك.. وأريد أن أراه..
ثم ودعه وأقفل الهاتف..
وجاء الأب إلى ابنته وقال : سوف نذهب للعمرة بالسيارة.. ثم تسافرين إلى بريطانيا بالطائرة عن طريق مطار جدة..
فلما انطلقوا.. وانتصف بهم الطريق إلى مكة توجه الأب إلى مدينة صاحبه وقال لأهله : نرتاح قليلاً في بيت فلان.. ونتغدى.. ثم نكمل السفر..
ونزلت النساء عند النساء.. ودخل هو عند الرجال..
ورأى صاحبه راعي الإبل والغنم.. فتحدث معه طويلاً.. ثم عرض عليه أن يزوجه ابنته !! فوافق فوراً.. ثم عُقد النكاح..
وخرج الأب ونقل حقائب البنت.. - العروس -.. من إلى سيارة زوجها..
ثم صاح بأهله ليخرجوا.. فخرجت زوجته بأطفالها..
وخرجت البنت الرقيقة.. تنفض يديها من غبار هذا المنزل.. وتتأفف من ذبابه وحشراته..
فلما ركبت مع أبيها.. زفَّ إليها بشرى زواجها.. فظنت أنه يمزح..
لكنه بدا جاداً.. وأمرها بالنزول مع زوجها.. فأبت.. وبكت..
فذهب الأب إلى الزوج وقال : زوجتك تستحي أن تأتي لتركب معك.. فتعال أنت وخذها..
فنزل الرجل فرحاً مستبشراً.. وفتح سيارة أبيها.. وحملها معه.. ومضى بالسيارة إلى خيمة السعادة.. وشق الصحراء.. وغاب بين كثبان الرمال..
أما الأب فقد كان حازماً.. وتغلّب على بكاء الأم وتوسلاتها..
ورجع ببقية العائلة إلى بلده.. وبعد أسبوع.. اتصل الأب بصاحبه الذي في المدينة وسأله عن الأخبار.. فقال : هما بخير.. قد رأيتهما في السوق قبل يومين..
ومضت الأيام والشهور.. والأب يتلقى الأخبار من صاحبه هاتفياً.. فلما مضت سنة.. اتصل به صاحبه وبشره بأنه أصبح جَداً.. وأن ابنته رزقت بغلام..
وبعد شهور.. ذهبت العائلة لزيارة ابنتهم.. فلما أقبلوا على خيمتها فإذا بامرأة حامل وبجانبها طفل صغير.. فاقتربوا.. فإذا هي ابنتهم.. فرحبت.. وحيّت..
وصاحت بزوجها.. وجاء وأكرمهم..
فتأملوا حال هذه الفتاة.. وكيف صار زواجها من هذا الأعرابي.. خيراً لها من بريطانيا..
مع التنبيه إلى أن تزويج البنت بغير رضاها لا يجوز.. لكني أوردت القصة مستشهداً بها على عاقبة الترفه والفراغ..

أيها العاشقون والعاشقات..
لقد كان العشاق قديماً يكتفي أحدهم بتذكر محبوبه.. وإنشاد الأشعار فيه.. دون أن يخلو به أو يراه.. قال عمرو بن شبة : كان أحدهم إذا أحب امرأة دار حول بيتها سنة.. لعله يرى من رآها.. أما اليوم فإن الرجل إذا عشق امرأة جهدها وكأنما أشهد على نكاحها أبا هريرة..
وبعض الناس يسمع عن العشق والعشاق.. ويجالس العاشقين.. ويقرأ أخبارهم.. ويصل إلى درجة يشعر معها انه عاشق وهو ليس كذلك..
فيجتهد في البحث عن معشوق أو معشوقة.. ثم يبدأ يتغنى بالعشق والغرام وهو ليس من أهله..
كما ذكروا أن أعرابياً مرَّ بمسجد فجلس مع قوم صالحين يتذاكرون التعبد في الليل.. وكل واحد منهم يذكر فضل نوع من العبادات.. فهذا يذكر الصلاة.. وذاك يمدح الاستغفار.. والأعرابي ساكت.. فالتفتوا إليه.. وقالوا له :
هل تنام طوال الليل أم أنك تقوم..
فقال : كلا.. بل أقوم..
قالوا : فماذا تفعل ؟
فقال : أبول.. ثم أرجع وأنام..
وقد يزين الشيطان للفتى أو الفتاة أنه جميل جذاب.. وأن الطرف الآخر معجب به أشد الإعجاب..
وإذا مشى في الأسواق.. أو ضاحك الرفاق.. ظن أنه يلفت الأنظار.. ويفتن الواقف والمارّ.. فيدفعه ذلك للتعرض والتبذل.. ويحتال عليه أصحاب الشهوات حتى يعبثوا به أو بها.. فإذا قضوا شهواتهم منه أو منها.. ذهبوا يبحثون عن فريسة أخرى..
ولو أنه ترفع عن ذلك.. واشتغل بما خلق من أجله.. لكان أسلم لدينه وعقله..
وتأمل في حال يوسف عليه السلام.. الذي أوتي من البهاء والحسن والجمال.. ما يفوق الخيال..
تراوده الملكة.. وهو عبد مملوك.. اشتراه زوجها بثمن بخس.. ليخدمها..
وهو إلى ذلك غريب لا يخشى فضيحة..
شاب أعزب تشتاق نفسه إلى مثلها.. وهي ذات منصب وجمال..
وهي تتوعده بالسجن والصغار..
وتراوده.. وتبذل كلَّ ما عندها لإغرائه..
أسرعت إلى أبوابها فغلقتها.. وإلى ثيابها فجملتها.. وإلى فرشها فزينتها..
ثم قالت في تغنج ودلال : هيت لك..
فيصرخ بها العفيف عليه السلام.. { معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون }..
بل تأمل في حاله عليه السلام..
لما جمعت امرأة العزيز زوجات الكبراء.. وحليلات الأمراء.. ووضعت لهن أطايب الفاكهة.. وآتت كل واحدة منهن سكيناً.. ثم جعلت يوسف يمرّ أمامهن..
فلما رأينه.. ما تحملن النظر إليه.. وغابت عقولهن من حسنه وبهائه.. فقطعن أيديهن بالسكاكين.. وقلن { ما هذا بشراً إن هذا إلا ملك كريم }..
فهل التفت يوسف إليهن ؟ أو اغترّ بشبابه وجماله ؟
.. كلا.. بل صاح بأعلى صوته وقال..{ ربِّ السجن أحب إلي مما يدعونني إليه وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين } قال الله : { فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم } ..
نعم السجن خير له من الفاحشة..
قارن ذلك.. بما ذُكِر..
عن شاعر الغزل عُمرَ بنِ ربيعة..
أنه مرَّ بامرأة في الطريق.. فحكت عينها بيدها..
فظن أنها تغازله.. فوقع في حبها.. وأنشد متغزلاً يقول :
أَشَارَتْ بِطَرْفِ العَيْنِ، خِيفَةَ أَهْلِها ** إشارَةَ مَحْزونٍ وَلَمْ تَتَكَلَّم
فَأَيْقَنْتُ أَنَّ الطَّرْفَ قَدْ قَلَ مَرْحَباً ** وَأَهْلاً وَسَهْلاً بِالحَبِيبِ المُتَيَّمِ
فقارن حال يوسف بهذا.. أو قارنه إن شئت..
بذلك الشاب الذي خرجت مرة من المسجد.. فإذا هو ينتظرني عند سيارتي.. بجسم نحيل.. ووجه شاحب.. ومظهر مخيف.. فلما رأيته فزعت.. فقلت له ماذا تريد ؟
فقال لي : أنا يا شيخ.. قررت أن أتوب..
فظننت أنه سيتوب من تهريب المخدرات.. أو قطع الطريق.. أو القتل.. إذا أن مظهره قد يوحي بذلك..
لكني سألته وقلت : تتوب من ماذا ؟
فقال : من مغازلة الفتيات !!
فعجبت.. لكني سكتُّ.. وقلت له مشجعاً : نعم.. الحمد لله على أن وفقك للتوبة..
فصاح بي قائلاً : ولكن هناك أمر يمنعني من التوبة !!
قلت له : وما هو ؟!!
فقال : إذا مشيت في السوق.. البنات ما يتركنني.. يغازلنني في كل زاوية..!!
مع أنني أجزم أنه لو غازل عجوزاً شمطاء لما التفتت إليه..
وهذا الشاب يذكرني بما ذُكر أن أحد المفتونين بمغازلة الفتيات.. تعرف على فتاة من خلال الهاتف..فأعجبه صوتها..وتمنى أن يراها..
فما زال هو والشيطان بها حتى قابلته في طريق.. فلما كشفت غطاء وجهها ليراها.. فإذا وجه قبيح بشع..
فصاح بها : أعوذ بالله.. ما هذا الوجه..
فقالت له : أصلاً.. أهم شيء الأخلاق !!
ما شاء الله..
الأخت تقول : أهم شيء الأخلاق..!!!
وأي أخلاق بقيت.. وقد سلكت هذا السبيل..
أيها الأخوة والأخوات..
أسباب المحبة كثيرة.. فقد تحب أحداً لأنه قوام لليل.. أو صوام للنهار.. أو حافظ للقرآن.. أو داعياً إلى الله.. فهذه المحبة لله.. وأنت مأجور عليها.. والمتحابون في الله.. ولأجل الله.. يوم القيامة يكونون على منابر من نور يغبطهم عليها الأنبياء والشهداء..
هذا هو النوع الأول من أسباب المحبة وهو نوع نافع بلا شك في الدنيا والآخرة..
أما نفعه في الدنيا فهو ما يقع من تعاون على الخير.. ومحبة صادقة..
وأما نفعه في الآخرة فهو الاجتماع في جنات النعيم.. ( الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله وأولئك هم الفائزون * يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبداً إن الله عنده أجر عظيم )..

وقد تحب شخصاً.. لجمال وجهه.. أو رقة كلامه.. أو تغنجه ودلاله.. دون أن تنظر إلى صلاحه وطاعته لله..
فهذه المحبة لغير الله.. ولا تزيد من الله إلا بعداً..
وقد هدد الله أصحابها وقال : { الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدوٌ إلا المتقين }..
وفي الآية الأخرى : { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً * يا ويلتى ليتني لم أتخذ فلانا خليلا * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولاً }..
بل إن هؤلاء المتحابين الذين اجتمعوا على ما يغضب الله يعذبون يوم القيامة.. وينقلب حبهم إلى عداوة.. كما قال تعالى عن فريق من العصاة { ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار }..
نعم.. مأواهم النار..
ولماذا لا يكون جزاؤهم كذلك..
وهم طالما اجتمعوا على الحرام.. وتحدثوا عن الحب والغرام..
لعبت بهم الشهوات.. وولغوا في الملذات..
فهم.. يوم القيامة يجتمعون.. ولكن أين يجتمعون ؟
في نار.. لا يخبوا سعيرها.. ولا ينقص لهيبها.. ولا يبرد حرها..
{ ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون * حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين * ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم أنكم في العذاب مشتركون }..
وتلك لعمر الله الفتنة الكبرى.. والبلية العظمى..
التي استعبدت النفوس لغير خلاقها.. وملَّكتِ القلوبَ لعُشّاقها..
فأحاطت القلوب بمحنة.. وملأتها فتنة..
فالمحب بمن أحبه قتيل.. وهو له عبد خاضع ذليل..
إن دعاه لباه.. وإن قيل له ما تتمنى ؟ فهو غاية ما يتمناه..الجواب الكافي ( 494 – 496 )
أيها الأخوة والأخوات :
هذا هو العشق المحرم.. الذي يكون الدافع إليه.. ليس هو صلاح المحبوب.. وإنما جماله وملاحته..
ومن أكبر أسباب وقوعه..
النظر إلى الأفلام الهابطة.. التي يختلط فيها الرجال بالنساء.. حتى يقع في قلب الناظر إليها أن الاختلاط أمر عادي.. فيبدأ في البحث عن عشيق أو عشيقة..
وأعظم من ذلك إذا كانت هذه الأفلام يقع فيها الحب والغرام.. واللمسات والقبلات.. فإذا رآها الشباب والفتيات حركت فيهم الساكن.. وأظهرت الباطن.. ونزعت الحياء.. وقرّبت البلاء..
فمن رأى صور الفسق الفجور.. ومشاهد العهر والمجون.. اندفعت نفسه إلى تقليدها في كل حين.. في السوق.. وعلى فراشه.. وفي مكتبه.. ولا يزال الشيطان يدعوه إليها.. ويحثه عليها..
لذلك لما أمر الله تعالى بحفظ الفروج عن الزنا أمر قبل ذلك بغض البصر فقال سبحانه :
{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم } ..
وفي الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم : ( العين تزني وزناها النظر )..
فجعل النظر إلى الحرام نوعاً من الزنا.. يأثم عليه صاحبه..
كما أن كثرة الكلام عن العشق والحب.. في مجالس الشباب والفتيات.. أو في المدارس والكليات.. يهيج النفوس إليه.. بل.. ويُشعِر العفيف الذي صان نفسه عن هذه الأمور أنه شاذّ بينهم.. فيبدأ في البحث عن خليل.. أو خليلة..
فعلى العاقل أن يجتنب هذه المجالس.. التي لا تكاد تحفها الملائكة.. ولا تغشاها الرحمة.. بل هي طريق للحسرة والندامة على أصحابها يوم القيامة..
ومن أسباب التعلق بهذا العشق.. الاستماع إلى الأغاني.. نعم.. هذه الأغاني التي حرّمها الله تعالى من فوق سبع سماوات بقوله { ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضلَّ عن سبيل الله }..
الأغاني.. هي صوت العصيان.. وعدوّة القرآن..
بل هي مزمار الشيطان.. الذي يزمر به فيتبعه أولياؤه.. قال تعالى : { واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك }.. وقال ابن مسعود : الغناء رقية الزنا.. أي أنه طريقُه ووسيلتُه..
عجباً.. هذا كان يقوله ابن مسعود لما كان الغناء يقع من الجواري والإماء المملوكات.. يوم كان الغناء بالدفّ والشعر الفصيح.. يقول هو رقية الزنا..
فماذا يقول ابن مسعود لو رأى زماننا هذا.. وقد تنوّعت الألحان.. وكثر أعوان الشيطان.. فأصبحت الأغاني تسمع في السيارة والطائرة.. والبر والبحر..
وما يكاد يُذكر فيها إلا الحب والغرام.. والعشق والهيام..
بالله عليكم..
هل سمعتم مغنياً غنى في التحذير من الزنا ؟ أو غض البصر ؟
أو حفظ أعراض المسلمين ؟!!
كلا.. ما سمعنا عن شيء من ذلك.. بل كل إناء بما فيه ينضح.. امتلأ قلب هذا المغني بالشهوات.. وتعلقت نفسه بالملذات.. فبدأ ينفق مما عنده..
كما أن من أسباب العشق.. المؤدي غالباً إلى الفاحشة..
التساهل بمخالطة الخادمات في المنازل.. أو الخلوةِ بهن عند غياب أهل البيت.. وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما..
والتساهل كذلك.. باستعمال شبكة الإنترنت.. والمحادثات التي تتم من خلالها بين الشباب والفتيات.. وقد يصاحب ذلك نقلُ الصوت والصورة.. أو إرسالُ الصور من خلال البريد الإلكتروني..
ومع الأسف.. أن بعض الآباء يوفر لأولاده هذه الشبكة.. ولا يدري والله ما يقع فيها..
كما أن من أسبابه قراءة الروايات العاطفية.. والقصص الغرامية..
فمن تساهل بهذه الأسباب.. وقع في العشق المذموم.. وحلت عليه الكرب والهموم..
أيها العاشقون والعاشقات..
وقد يزعم البعض أن وقوعه في هذا العشق أمر اضطراري لا يستطيع التخلص منه..
كما قال :
يلومونني في حب سلمى وإنما ** يرون الهوى شيئاً تيممته عمداً
ألا إنما الحب الذي صدع الحشا ** بلاء من الرحمن يبلو به العبد
بل قد كتب إليَّ أحد العاشقين.. رسالة يلومني فيها على إثارة هذا الموضوع.. وسطر فيها أبياتاً بلهجته العامية.. ولا بأس أن انقل لكم شيئاً منها.. يقول..
لو يتداوى كل يا شيخ من حب * وش لون ابلقى لي وليف نصوحي
لي صاحب بالحب شاطر مدرب * ما اظن من شافه يصد ويروحي
عن الهوى لا تنشد إلا مجرب * تلقى دوى العشاق كان انت توحي
وانت لو انك يالعريفي تكهرب * في حب مجمول شحوح مزوحي
كان اعترفت وقمت يا شيخ تقلب * عنوان درسك بالعنا والجروحي
ومهما زعم هؤلاء أن العشق يأسر قلوبهم بغير اختيارهم.. فهذا باطل..
بل هم الذين يستدعونه.. ويتسابقون إليه.. ويمنون أنفسهم به حتى يقعوا فيه..
نعم..
وقد يتساهل الفتى أو الفتاة.. حتى يقع في المرض الأعظم.. والخطب الأطم..
وهو تعلق الشاب بشاب مثله.. وافتتان الفتاة بفتاة أخرى..
لأن ظاهر هذه العلاقة.. أنها صداقة سليمة نظيفة.. لكن باطنها على غير ذلك..
وقد يعترض البعض ويقول :
أنت تشدد علينا.. فأنا لي مكالمات.. ونظرات.. لكنها كلها علاقات بريئة..
كما كتب إليَّ أحد العاشقين مشكلته مع عشيقته..في رسالة طويلة..
وكان مما قال فيها : وأنا يا شيخ آخذها معي في السيارة.. ونمضي الساعات الطوال ونحن نتمشى.. ووالله يا شيخ لا يقع بيننا شيء يغضب الله.. لكن الجلسة لا تخلو من القبلات الشريفة !!
ولا أدري ما معنى القبلات الشريفة.... لعلها من وراء حجاب..
وهذا مسكين.. فإن مجرد الخلوة بينهما محرّمة.. وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما )..
وفي الصحيحين عنه صلى الله عليه وسلم قال : ( إياكم والدخول على النساء ).. يعني الخلوة بهن..
بل أمر الله المرأة بالتستر حتى لا يراها الرجال.. فقال { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين }..
بل قد نهى الله الصحابة جميعاً عن الاختلاط بالنساء.. فقال :
{ وإذا سألتموهن متاعاً } يعني إذا سألتم أزواج النبي وهن أطهر النساء..
{ فاسألوهن من وراء حجاب } .. لماذا..؟؟
{ ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن }..
وحسبك بالصحابة طاعة وخوفاً وتعبداً..
فكيف الحال اليوم مع شبابنا.. وفتياتنا.. وقد فسد الزمان ؟..
فكيف يخلو اليوم شاب بفتاة.. ويقولان صداقة بريئة..
عجباً..
قال سفيان الثوري لرجل صالح من أصحابه : ( لا تخلون بامرأة ولو لتعلمها القرآن )..نعم أيها الأخوة والأخوات..
هذا ديننا.. ليس فيه تساهل مع الأعراض..
وحتى يعرف الشاب والفتاة.. الفرق بين المحبة المحرمة المبنية على العلاقات العاطفية.. وبين المحبة العادية.. أذكر بعض الضوابط في ذلك :
تجد أن المحِب العاشق لا يهتم بدين محبوبه.. ولا بصلاحه.. وإن اهتم بذلك فهو يهتم به ظاهرياً ليبعد اللوم عن نفسه..
وأكثر ما يعجبه في محبوبه.. نظراته.. وحركاته..
بل قد يضل ويقع في الآثام من أجل موافقة محبوبه..
كما قال أحدهم وقد أحب امرأة فاسقة..
فإن تُسْلِمي نُسْلِم وإنْ تَتَنْصَّري يُعَلق رجالٌ بين أعينهم صُلْبا
وتجد أن هذا العاشق.. ينبسط انبساطاً زائداً.. عند وجوده في مجلس مع معشوقه..
وينشرح صدره.. ويكثر كلامه وضحكه.. ويحاول أن يجذب الأنظار إليه..
بل ويحاول الجلوس بجانبه دائماً.. والمشي معه.. مع قبض اليدين على بعضهما.. ونحو ذلك..
وكذلك تجد أنه يديم إحداد النظر إليه..ولا يكاد يصرف عنه بصره
مع الغيرة الشديدة على من يحب.. فإذا رآه مع غيره.. ضاق صدره.. ويحس أن ذلك الإنسان اعتدى على بعض خصوصياته..
ولا يصبر عنه أبداً.. بل إما أن يراه كل يوم.. أو يتصل به بالهاتف.. أو ينظر إلى صوره.. أو يقرأ رسائله..
فمن كانت عنده هذه الأعراض.. فليسارع إلى علاج نفسه.. فإنه مبتلى..
يا من يرى سقمي يزيد * وعلتي أعيت طبيبي
لا تعجبن فهكذا * تجني العيون على القلوب
فما هو السبب الأول.. والداهية العظمى.. والمصيبة الكبرى.. الذي يوقع في هذا الداء ؟!
إنها السهم المسمومة.. إنها جناية العين..
كل الحوادث مبداها من النظر * ومعظم النار من مستصغر الشرر
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها * فتك السهام بلا قوس ولا وتر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها * في أعين الغيد موقوف على الخطر
يســر مقلته ما ضر مهجته * لا مـرحباً بسرور عاد بالضرر
نعم هي جناية العين..
بل.. إنها عقوبة المخالفة لقوله تعالى { قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم }..
وقوله للمؤمنات : ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن )..
ما زلت تتبع نظرة في نظرة * في إثر كل مليحة ومليح
وتظن ذاك دواء قلبك * وهو في التحقيق تجريح على تجريح
نعم.. قد أفسد قلبه وجرّحه..
ومستفتحٌ باب البلاء بنظرة * تزوّد منها قلبه حسرة الدهر
فوالله لا تدري أيدري بما جنت * على قلبه أم أهلكته ولا يدري
قال ابن القيم رحمه الله :
إن الله تعالى لما أمر بغض البصر أعقب ذلك بالأمر بحفظ الفرج.. ليدلّ بذلك على أن من أطلق بصره.. أداه ذلك إلى إطلاق فرجه..
نعم.. أيها الأخوة والأخوات..
وفي الحديث الذي أخرجه الحاكم وصححه ( النظرة سهم من سهام إبليس مسمومة فمن تركها من خوف الله أثابه جل و عز إيماناً يجد حلاوته في قلبه )..
وفي الصحيحين : ( إن الله كتب على بن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة.. فزنا العين النظر.. وزنا اللسان المنطق.. والنفس تمنى وتشتهي.. والفرج يصدق ذلك.. أو يكذبه ) .
فتأمل كيف بدأ بالعين.. وختم بالفرج.. ليدل أن إطلاق البصر.. هو طريق الزنا..
قال ابن القيم : دافع الخطرة فإن لم تفعل صارت فكرة..
وصدق رحمه الله..
فإن المرء إذا تساهل بالسهم الأولى وهي النظرة.. أصابته السهم الثانية وهي النظر بالقلب فيتفكر ويتمنى..
ثم يتدخل الشيطان فيزين ويوسوس.. يقول له : افعلها وتب.. كل الشباب هكذا.. تمتع بحياتك..
فتتحول هذه الفكرة إلى عزيمة وهم.. فيبدأ يفكر ويخطط.. فإن لم يدافع ذلك.. صار فعلاً.. فإذا هتك الستر بينه وبين ربه.. هانت المعصية على النفس.. وتعودت على المعصية..
لكنه لو تعوذ بالله من أول نظرة.. وصاح بها كما صاح يوسف.. ويقول : { معاذ الله إنه ربي أحسن مثواي إنه لا يفلح الظالمون }..

نعم..
هذا حال الأبرار المتقين..
{ إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون * وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون }..




رد مع اقتباس
قديم 01-07-2006, 03:09 AM   #2


الصورة الرمزية "الناقد"
"الناقد" غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1619
 تاريخ التسجيل :  Mar 2005
 أخر زيارة : 11-15-2013 (12:25 PM)
 المشاركات : 966 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي مشاركة: اعترافات عاشق



بسم الله

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده..

سهيل الجنوبي

حياك الله في هذا القسم المبارك

وجزاك الله خيرا على هذا الموضوع الجميل

والحق أنه طويل وأتعبني في قراءته

ولكن مع كل هذا

أقول: جزاك الله خيرا

وجزا من كتبه خير الجزاء

ودمت في رعاية الله

أخوك ومحبك
الناقد


 
 توقيع : "الناقد"

يداً بيد ,, نبني للغد
..

مصلحةُ الوطن والمجتمع فوق المصالح الشخصية والانتمائات الفردية
..

مساعدةُ الآخرين بابٌ من أبواب الخير,, ومفتاحٌ من مفاتيح القلوب,, وعلامةٌ للرحمة
..


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
لعبة .......................اعترافات خربطلي الألعاب والتسليه 6 01-30-2011 02:47 PM
اعترافات سيجارة !!!! serag_alliail مواضيع الحوار والنقاش 5 01-11-2010 01:48 AM
اعترافات عاطفية Oscar الخواطر 2 03-13-2009 08:19 PM
اعترافات مجرمه أسيرة الحزن الخواطر 6 10-10-2005 05:13 PM
اعترافات متأخرة شيخ الشباب مواضيع الحوار والنقاش 1 01-28-2005 05:37 PM


الساعة الآن 01:43 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir