كيف نزل الوحي على الرسول عليه الصلاة والسلام
مكة قبل الإسلام عاش نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة من أسرة بني هاشم التي تعتبر من أسياد العرب في الجاهلية وكان شخص جد النبي أبو طالب صاحب رأي وحكمةٍ بين العرب جميعاً وسيداً من سادة العرب خاصة بعد أن توحدت قبائل قريش على يد قصي بن كلاب الذي استطاع أن ينهي سنوات من الحروب بين هذه القبائل فوقعت العهود فيما بينها واتجهت إلى الاهتمام بالكعبة التي كانت لها أهمية دينية كبيرة قبل الإسلام، كانت تنصب بها الأصنام فكل قبيلة من قبائل العرب لها صنم خاص بها تحج إليه كل عام، وبعد استتباب الأمن على الطرق التجارية أصبحت مكة المكرمة قبلة يؤمها العرب للتبرك من الأصنام التي كانوا يعبدونها والاستفادة من الأسواق التجارية والثقافية فيها. ففي الوقت الذي كانت مكة تعيش مجدها وكبار قريش يتفاخرون وينعمون بالخيرات والملذات، كان هناك إنسان يشغل تفكيره بهذا الكون العجيب، بعيداً كل البعد عما يفعلون، وكان يجزم بأن هذه الأصنام التي يصنعها الإنسان لا يمكن أن تكون قادرةً على نفعه أو ضره فهناك خالقٌ عظيمٌ أقوى من الإنسان المخلوق هو الرب الحقيقي لهذا الكون.
نزول الوحي على سيدنا محمد إن طبيعة تضاريس مكة المكرمة بضخامة جبالها وعمق أوديتها وجفاف أراضيها مدعاة للخوف والعظمة، عاش نبينا الكريم وسط هذه البيئة، كل شيء فيها يدعوه إلى التفكير العميق في هذا الكون العجيب، فكان هذا الشاب القرشي يتأمل في كل شيء حوله. تميزت شخصية النبي الكريم عن غيره من شباب قريش بالصدق والأمانة، إذ لُقّب بالصادق الأمين قبل بعثته وكانت قبائل قريش تعرف هذه الصفات النبيلة في شخص محمداً صلى الله عليه وسلم. كان نبينا الكريم يكثر من الخلوات والتفكير فكان يصعد إلى غار يقع في سفح جبل كبير ويخلو لنفسه أياماً مفكراً متأملاً بما حوله، في هذه المرحلة من عمر نبينا الكريم دعته سيدة من سيدات قريش ليتاجر بمالها مع تجّار العرب، هذه السيد هي خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وحقق لها الرسول الكريم ربحاً كبيراً في تجارتها فطلبته للزواج وتزوجها صلى الله عليه وسلم. استمر النبي يخلو لنفسه في غار حراء لأيامٍ، حتّى نزل عليه الوحي جبريل - عليه السلام - وقال له : يا محمد اقرأ، قال صلى الله عليه وسلم: ما أنا بقارئ، حتى نزلت الآية الكريمة "إقرأ باسم ربك الذي خلق"، فرجع نبينا الكريم إلى بيته خائفاَ مرتعباً وقال لزوجته خديجة رضي الله عنها : زمليني زمليني، فهدّأت رضي الله عنها من خوفه و حدثها بما حدث له، فقالت له أبشر يا ابن العم، إن الله لا يخزيك، إنك لتطعم الطعام و تصل الأرحام. فذهبت إلى ورقة بن نوفل، وأخبرته بما حدث لمحمد، فقال لها : والله إنّه الناموس الذي نزل على موسى، فنزلت الآية الكريمة: "يا أيها المدّثر قم فأنذر" إلى آخر السورة الكريمة، فكانت هذه لحظة ولادة تاريخ أمة وهداية العالم.
|