الإهداءات


المجتمع المسلم والفتاوى الأسرة ، الأباء ، الأبناء ، المرأة ، الشباب ، الارحام ، الجار ، الطفل

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 08-07-2017, 09:45 PM
مركز تحميل الصور
محمد الجخبير غير متصل
Palestine     Male
لوني المفضل Black
 رقم العضوية : 30873
 تاريخ التسجيل : May 2017
 فترة الأقامة : 2736 يوم
 أخر زيارة : 07-29-2018 (04:39 PM)
 الإقامة : غزة
 المشاركات : 438 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : محمد الجخبير is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي السباحة في بحر النعم



السباحة في بحر النعم


د/ خالد سعد النجار

بسم الله الرحمن الرحيم


في غرفةٍ رثة فوق سطحِ أحد المنازل، عاشت أرملةٌ فقيرةٌ مع طفلها الصغير حياة بسيطة في ظروف صعبة .. فقدت تلك الأسرة الكثير، ولكنها وُهبت نعمة الرضا والقناعة. كان فصل الشتاء بأمطاره الغزيرة يشكل هاجسا لهم، فالغرفة عبارة عن أربعة جدران، وبها باب خشبي، غير أنه ليس لها سقف!
وكان قد مر على الطفل أربع سنوات منذ ولادته لم تتعرض المدينة خلالها إلا لزخات قليلة وضعيفة من المطر، إلا أنه ذات يوم تجمعت الغيومُ، وامتلأت سماءُ المدينة بالسحب الداكنة، ومع ساعات الليل الأولى هطلَ المطرُ بغزارة على المدينة كلها.
نظر الطفلُ إلى أمه نظرة حائرة وارتمى في أحضانها بثيابها المبللة. أسرعت الأمُ إلى باب الغرفة فخلعته ووضعته مائلاً على أحد الجدران، وخبأت طفلها خلف الباب لتحجب عنه سيل المطر المنهمر، فنظر الطفلُ إلى أمه ضاحكا مستبشرا وقال لها: «ماذا يا ترى يفعل الفقراء الذين ليس عندهم باب حين يسقط عليهم المطر؟!» .. لقد أدرك الصغيرُ ببساطته الحقيقة الخفية: أن الإنسان يستمتع بالموجود ويحمد الله على ما وهب .. فهم أغنياء لأنهم يملكون بابا وغيرهم لا يملكه!

استحضر نعم الله عليك واجعلها ماثلة في وعيك، دع شمس حياتك تشرق كل يوم مسبحة بنعم الله عليك التي لا حد لها، فالدنيا بأكملها قد أعطيت لمن يملك تقديراً، للنعم وفهماً عميقاً وتصوراً راسخاً عن قيمتها! يقول الحبيب -صلى الله عليه وسلم-: «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» [صحيح الجامع 6042].
ويقول عبد الحميد الهاشمي في كتابة الصحة النفسية الوقائية: "إن الإنسان المتفائل يسعد مع ثلاث نعم: نعمة كانت ثم زالت فهو يذكرها ويشكر الله عليها، ونعمة يعيشها ويسعد فيها ومعها، ونعمة يرجوها فيعمل لها بكل تخطيط وكفاح وكله أمل أن يصل أليها .. والإنسان المتشائم يشقى مع ثلاث نعم: نعمة كانت فهو يتحسر عليها؛ لأنه لم يعرفها إلا بعد زوالها، ونعمة هو فيها فلا يراها ولا يعترف بها ولا يشعر بها، ونعمة كبرى «أحلاما يقظة» يعيش معها دون عمل لأنه مشغول فكرياً ومنهك عصبيا بآلام الحسرة على الماضي الفائت والشكوى من مرارة الحاضر".
يحكى أن أعرابياً دخل على الرشيد فقال: "يا أمير المؤمنين! ثبت الله عليك النعم التي أنت فيها بإدامة شكرها، وحقق لك النعم التي ترجوها بحسن الظن به ودوام طاعته، وعرّفك النعم التي أنت فيها ولا تعرفها لتشكرها". فأعجب الرشيد كلامه وقال: ما أحسن تقسيمه.

نعم لا تحصى
العبد الموفق هو الذي لا يغيب عن قلبه وشعوره وإحساسه نعمة الله عليه في كل موقف وكل مشهد، فيظل دائماً في حمد الله وشكره والثناء عليه لما هو فيه من نعمه .. الدين، والصحة، والرخاء، والسلامة من الشرور .. قال تعالى: {وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ اللّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [النحل: ١٨]، وقال تعالى {وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم: ٣٤].
فإذا كان لديك بيت يؤويك، ومكان تنام فيه، وطعام في بيتك، ولباس على جسمك، فأنت أغنى من 75% من سكان العالم.
وإذا كان لديك مال في جيبك، واستطعت أن توفر شيء منه لوقت الشدة فأنت واحد ممن يشكلون 8% من أغنياء العالم.
وإذا كنت قد أصبحت في عافية هذا اليوم فأنت في نعمة عظيمة، فهناك مليون إنسان في العالم لن يستطيعوا أن يعيشوا لأكثر من أسبوع -بتقدير الأطباء- بسبب مرضهم.
وإذا لم تتجرع خطر الحروب، ولم تذق طعم وحدة السجن، ولم تتعرض لروعة التعذيب فأنت أفضل من 500 مليون إنسان على سطح الأرض.
وإذا كنت تصلي في المسجد دون خوف من التنكيل أو التعذيب أو الاعتقال أو الموت، فأنت في نعمة لا يعرفها ثلاثة مليارات من البشر.

جاء رجل إلى يونس بن عبيد يشكو ضيق حاله فقال له يونس: أيسرّك ببصرك هذا مائة ألف درهم؟ قال الرجل: لا. قال: فبيديك مائة ألف؟ قال: لا. قال: فبرجليك مائة ألف؟ قال: لا .. فذكّره نعم الله عليه ثم قال له: أرى عندك مئين الألوف وأنت تشكو الحاجة!!
قال رجل لأبي تميمة: كيف أصبحت؟ قال: أصبحت بين نعمتين لا أدري أيتهما أفضل؟ ذنوب سترها الله، فلا يستطيع أن يعيرني بها أحد، ومودة قذفها الله في قلوب العباد لا يبلغها علمي.
كتب بعض العلماء إلى أخ له: أما بعد فقد أصبح بنا من نعم الله ما لا نحصيه، مع كثرة ما نعصيه، فما ندري أيهما نشكر: أجميل ما نشر أم قبيح ما ستر؟
قال سلام بن أبي مطيع: دخلت على مريض أعوده، فإذا هو يئن، فقلت له: اذكر المطروحين على الطريق، اذكر الذين لا مأوى لهم، ولا لهم من يخدمهم. قال: ثم دخلت عليه بعد ذلك فسمعته يقول لنفسه: اذكري المطروحين في الطريق، اذكري من لا مأوى له، ولا له من يخدمه.
مرّ وهب بن منبه ومعه رجل على رجل مبتلى أعمى مجذوم مقعد به برص، وهو يقول: (الحمد لله على نعمه)، فقال له الرجل الذي كان مع وهب: أي شيء بقي عليك من النعمة تحمد الله عليها؟! وكان هذا الرجل المبتلى في قرية تعمل بالمعاصي، فقال للرجل: ارم ببصرك إلى أهل المدينة، فانظر إلى كثرة أهلها وما يعملون، أفلا أحمد الله أنه ليس فيها أحد يعرفه غيري.

خير علاج
ذكر النعم خير علاج لأدواء للكبر والطغيان، فعندما تتوالى النعم على العبد فإن نفسه تدفعه للتكبر على الآخرين والشعور بالأفضلية عليهم بها .. من هنا كان ذكر النعم والتذكير بفضل الله علاجا فعالا لمثل هذه الحالة، كما فعل موسى -عليه السلام- مع بني إسرائيل عندما بدأت أمارات الطغيان تظهر عليهم، قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: ٦ – ٧].
ذكر النعم علاج فعال لجحود العبد وعدم رضاه عن حاله .. فعندما ينظر المرء إلى ما عند الآخرين ويتعامى عن خير الله عليه، فإن هذا من شأنه أن يجعله ساخطا على وضعه، غير راض عن ربه، وذكر النعم كفيل بأن يخرجه من هذه الدائرة المشئومة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إذا نظر أحدكم إلى من فُضّل عليه في المال والخلق، فلينظر إلى من هو أسفل منه ممن فَضُل عليه» [متفق عليه]. وفي الحديث أيضا «انظروا إلى من هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر ألا تزدروا نعمة الله عليكم» [مسلم].
انظر إلى هذا الذي تاه مركبُه على صفحاتِ المحيط، وأخذت المياهُ تقذف بعظيمِ الموج حتى أتت على بقايا ذلك المركبِ المتهالك، فبقي هائماً أياماً تعبث به الأمواجُ وتتلاعب به الريحُ وتلهو به الأسماك وقدّر الله له بعد ذلك النجاة .. سُئل بعدها عن أعظم درس تعلمه من هذه التجربة القاسية؟، فقال كلمة عجيبة: (لو امتلكت الماء الزلال والغذاء فلا يحق لي بعد ذلك أن أشكو من مر!).
قال أحد الفضلاء: ما شكوت الزمان ولا برمت بحكم السماء، إلا عندما حفيت قدماي، ولم أستطع شراء حذاء فدخلت مسجد الكوفة، وأنا ضيق الصدر، فوجدت رجلا بلا رجلين، فحمدت الله وشكرت نعمته علي.
ذكر النعم يقوي الدافع إلى الاستقامة .. مر ابن المنكدر بشاب يقاوم امرأة فقال: (يا بنيّ ما هذا جزاء نعمة الله عليك!!) فالعجب ممن يعلم أن كل ما به من نعمة من الله، ثم لا يستحي من الاستعانة بها على ما نهاه.
يقول عالم النفس (وليم جيمس): إننا نحن البشر نفكر فيما لا نملك، ولا نشكر الله على ما نملك، وننظر إلى الجانب المأساوي المظلم في حياتنا، ولا ننظر إلى الجانب المشرق، ونتحسر على ما ينقصنا، ولا نسعد بما عندنا.
وأخيراً .. قيل لإعرابي: أتحسن أن تدعو ربك؟ فقال: نعم، قيل: فادع، فقال: "اللهم إنك أعطيتنا الإسلام من غير أن نسألك، فلا تحرمنا الجنة ونحن نسألك".

من أقوال الحكماء
قال أبو الدرداء - رضي الله عنه-: من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه، فقد قلّ علمه وحضر عذابه.
قال ابن عقيل: النعم أضياف وقراها الشكر، والبلايا أضياف وقراها الصبر، فاجتهد أن ترحل الأضياف شاكرة حسنة القرى، شاهدة بما تسمع وترى.
قال طلق بن حبيب -رحمه الله-: إن حق الله أثقل من أن يقوم به العباد، وإن نعم الله أكثر من أن يحصيها العباد، ولكن أصبحوا تائبين وأمسوا تائبين.
قال مجاهد في قوله تعالى: {وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً} [لقمان:٢٠]. قال: هي (لا إله إلا الله). وقال ابن عيينة: ما أنعم الله على العباد نعمة أفضل من أن عرّفهم (لا إله إلا الله). وقال ابن أبي الحواري: قلت لأبي معاوية: ما أعظم النعمة علينا في التوحيد!! نسأل الله ألا يسلبنا إياه.
قالت عائشة -رضي الله عنها-: ما من عبد يشرب الماء القراح [الصافي] فيدخل بغير أذى، ويخرج بغير أذى إلا وجب عليه الشكر.
قال الإمام الشافعي -رحمه الله-: الحمد لله الذي لا تؤدى شكر نعمة من نعمه إلا بنعمة حادثة توجب على مؤديها شكره بها.
قال الفضيل بن عياض: كان يقال: "من شكر النعمة التحدّث بها". وجلس ليلة هو وابن عيينة يتذاكران النعم إلى الصباح.
«اللهم إنا نشكرك على كل نعمة أنعمت بها علينا مما لا يعلمه إلا أنت ومما علمناه، شكرا لا يحيط به حصر ولا يحصره عد، وعدد ما شكرك الشاكرون بكل لسان في كل زمان» الإمام الشوكاني في زاد المسير.
«اللهم إني أعوذ بك أن أبدل نعمتك كفراً، أو أن أكفرها بعد معرفتها، أو أنساها فلا أثني بها» عمر بن عبد العزيز.

د/ خالد سعد النجار



 توقيع : محمد الجخبير

أبدع في مواضيعك .. وأحسِن في ردودك .. وقدم كل ما لديك
لا يغرك فهمك .. ولا يهينك جهلك .. ولا تنتظر شكر أحد .. واشكر الله على هذه النعمة
عدد مشاركاتك ليس هو الدليل على نجاحك .. بل مواضيعك المتميزة وأخلاقك الرفيعة
عدم ردنا على موضوعك ليس تجاهل منا
أخيراً المنتدى للجميع فتصرف كصاحب المنتدى وليس كضيف ثقيل

رد مع اقتباس
قديم 08-08-2017, 10:14 PM   #2
المدير العام


الصورة الرمزية أبو ريان
أبو ريان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30
 تاريخ التسجيل :  Sep 2002
 أخر زيارة : 07-19-2019 (06:54 PM)
 المشاركات : 65,874 [ + ]
 التقييم :  1056
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



بارك الله فيثك وكتب أجرك ..
تقديري ..


 

رد مع اقتباس
قديم 08-08-2017, 11:10 PM   #3
مستشار إلمدير العام


الصورة الرمزية ابوفهد العمري
ابوفهد العمري غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 17199
 تاريخ التسجيل :  Jul 2009
 أخر زيارة : 11-10-2023 (11:36 PM)
 المشاركات : 76,347 [ + ]
 التقييم :  287
 الدولهـ
Saudi Arabia
 الجنس ~
Male
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkgreen
افتراضي



احسنت النقل بارك الله فيك نفع بعلمك .


 
 توقيع : ابوفهد العمري



رد مع اقتباس
قديم 08-09-2017, 01:13 AM   #4
مشرفة الأسرة والمجتمع


الصورة الرمزية عــذبــة الـــروح
عــذبــة الـــروح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 21269
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-28-2021 (02:07 AM)
 المشاركات : 38,862 [ + ]
 التقييم :  68
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkblue
افتراضي



جزاك الله خيراً


 
 توقيع : عــذبــة الـــروح



رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تعليم الاطفال الرضع السباحة - صور + فيديو طيف الصور والأفلام والفلاش 9 04-11-2011 11:56 PM
السباحة في البحر الأزدية الطب والعـلوم 4 08-23-2010 12:14 PM
ياموزع النعم خل النعم لاصحابه !!! فارس بني عمرو عطر الكلمات 2 10-22-2008 03:49 PM
السباحة الرهيب معكم الساحة الرياضيّة 2 05-15-2007 07:42 PM
بملابس السباحة وعلى وين حبيب ال طلحة المواضيع المكررة 2 03-15-2007 01:52 AM


الساعة الآن 10:24 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir