الحركة في الصلاة

الحركة في الصلاة


• عن جابر بن سمرة السوائي[1] رضي الله عنهما قال: كنا إذا صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، وأشار بيده إلى الجانبين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((علامَ تُومِئون بأيديكم كأنها أذناب خيلٍ شُمْسٍ؟! إنما يكفي أحدَكم أن يضع يده على فخذه، ثم يسلم على أخيه من على يمينه وشماله))؛ رواه مسلم[2]، وفي لفظ له: ((إذا سلم أحدكم، فليلتفت إلى صاحبه، ولا يومئ بيده))، وفي لفظ له: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: ((اسكنوا في الصلاة))[3].

يتعلق بهذا الحديث فوائد:
الفائدة الأولى: ينهى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الحركة في الصلاة من غير حاجة؛ إذ الأصل في الصلاة الخشوع والسكون؛ فلذلك ينبغي للمصلي أن يدع الحركة في الصلاة إلا من حاجة، فالحركة في الصلاة من غير حاجة مكروهة، وهي خلاف الخشوع الذي وصف الله به عباده المصلين؛ حيث قال تعالى: ﴿ قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ﴾ [المؤمنون: 1، 2]، وهذا يعم خشوع القلب، وخشوع الجوارح.

الفائدة الثانية: يقسِّم العلماء - رحمهم الله - الحركة في الصلاة إلى خمسة أقسام، قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله تعالى ما ملخصه: الحركة في الصلاة خمسة أقسام:
القسم الأول: حركة واجبة، وهي التي تتوقف عليها صحة الصلاة، مثل: أن يرى في غترته نجاسة، فيجب عليه أن يتحرك لإزالتها ويخلع غترته، ومثل أن يخبره أحدٌ - في سفر ونحوه[4] - بأنه يصلي إلى غير القبلة، فيجب عليه أن يتحرك إلى القبلة.
القسم الثاني: حركة محرمةٌ، وهي الحركة الكثيرة المتوالية لغير ضرورة؛ لأن هذه الحركة تُبطل الصلاة، وما يُبطل الصلاة فإنه لا يحل فعله؛ لأنه من باب اتخاذ آيات الله هزوًا.
القسم الثالث: حركة مستحبة، وهي الحركة لفعل مستحب في الصلاة، كما لو تحرك من أجل استواء الصف، أو لسد الخلل، أو رأى فرجة أمامه في الصف فتقدم نحوها.
القسم الرابع: حركة مباحةٌ، وهي اليسيرة لحاجة، مثل: أن تشغل الإنسان حكةٌ[5] فيحكها، أو تنزل غترته على عينه فيرفعها، أو يستأذنه إنسان فيرفع يده ويأذن له، أو الكثيرة للضرورة؛ كالمشي في صلاة الخوف.
القسم الخامس: حركة مكروهة، وهي الحركة التي لا حاجة إليها، وهو الأصل في الحركة في الصلاة، مثل: العبث بالساعة، أو القلم، أو الغترة، أو الأنف، أو اللحية، أو العقال، أو المشلح بدون حاجة؛ اهـ[6].

الفائدة الثالثة: من الحركات المكروهة ما يفعله بعض الناس عند السلام من تحريك يده اليمنى إلى اليمين عند السلام الأول، وتحريك يده اليسرى إلى اليسار عند السلام الثاني، وهذا ما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث، وشبَّه فاعلَه عندما يحرك يدَه بأذناب الخيل الشُّمس، وهو الذي لا يكاد يستقر.

[1] جابر بن سمرة بن جنادة السوائي، هو وأبوه صحابيان رضي الله عنهما، مات بالكوفة سنة (70هـ)؛ (التقريب ص 136).

[2] رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب الأمر بالسكون في الصلاة والنهي عن الإشارة باليد ورفعها عند السلام 1/ 322 (431).

[3] رواه مسلم في الموضع السابق رقم: (430).

[4] أما في الحضر في بلاد المسلمين، فإذا علم أنه لغير القبلة لزمه استئناف الصلاة من أولها؛ لأن هذا ليس موضع اجتهاد.

[5] قال في القاموس ص937: الحكة بالكسر.

[6] فتاوى الشيخ محمد بن صالح العثيمين 13/ 306 - 314، ملخص من عدة فتاوى.

الالوكة

أحسنتِ الطرح أحسن الله إليك وكتب أجرك ..
تقديري ..

الله يجزاك خير

جزاكِ الله خيراً