الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
المجتمع المسلم والفتاوى الأسرة ، الأباء ، الأبناء ، المرأة ، الشباب ، الارحام ، الجار ، الطفل |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
مع فَتْحِ مكَّةَ (من دروس رمضان
مع فَتْحِ مكَّةَ (من دروس رمضان وأحكام الصيام) للأئمة والدعاة الحمد لله رب العالمين، الحمد لله المحمود بنعمته، المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب مِن عذابه وسطواته، النافذ أمره في أرضه وسمائه، الحمد لله الذي خلق الخَلْق بقدرته، وأعزهم بدينه، وميَّزهم بأحكامه، وأكرمهم بنبيه محمد، وبعد: فإن فتح مكة كان نصرًا مبينًا، وتأييدًا وتمكينًا للمسلمين؛ فقد أعز الله الإسلام، ودخل المسلمون مكة منتصرين متواضعين، ورسموا صور العزة والكرامة، رافعين رؤوسهم، معتزين بدينهم، معلنين أنه لا عزة لهم إلا بالإسلام، وباتباع رسول الأنام صلى الله عليه وسلم. يقول الشيخ الغزالي: "إن هذا الفتح المبين ليذكره بماضٍ طويل الفصول كيف خرج مطاردًا؟! وكيف يعود اليوم منصورًا مؤيدًا؟! وأي كرامة عظمى حفَّه الله بها في هذا الصباح الميمون؟! وكلما استشعر هذه النعماء، ازداد لله على راحلته خشوعًا وانحناء، ويبدو أن هناك عواطف أخرى كانت تجيش في بعض الصدور"[1]. ويكتمل الفتح بدخول عدد من المشركين في الإسلام، نقتصر على ذكر البعض: لا عزة إلا بالإسلام؛ فمَن اعتز بالإسلام أعزه الإسلام، وإذا ابتغى المسلم العزة في غير الإسلام أذله الله، ولما اعتز بلال بدينه، وثبت على إسلامه، جاء الوقت ليعلن فيه للجميع، أنه الإسلام الذي يرفع أتباعه، بغض النظر عن اللون والقبيلة، فمن انتمى لدين الإسلام عاش عزيزًا، ومن لم ينتمِ إليه عاش ذليلًا. لما دخل المسلمون مكة، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلالًا أن يصعد فوق الكعبة ليرفع الأذان، إنه بلال الذي كان ولا يزال تنظر إليه قريش على أنه العبد الحبشي الأسود، يأتي ليصعد فوق أطهر وأشرف بقعة في الأرض، إنه بلال الذي كان ماضيه أنهم كانوا يعذبونه في صحراء مكة، ويضعون الحجارة على صدره ليرجع عن دينه، ويأبى معتزًّا بدينه، ويقول: أحدٌ أحدٌ. صعِد بلال على مرأى ومسمع من الجميع - مسلم وكافر - ليرفع الأذان، وينادي بصوته الندي صيحات التكبير، والموقف بالنسبة للمؤمنين ليس بغريب ولا عجيب، لكن المشركين في عجب ودهشة. إنها العزة في موطن النصر: يقول ابن هشام: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة عام الفتح ومعه بلال، فأمره أن يؤذن، وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن أسيد والحارث بن هشام جلوسٌ بفناء الكعبة، فقال عتاب بن أسيد: لقد أكرم الله أسيدًا ألا يكون سمع هذا، فيسمع منه ما يغيظه. وقال الحارث بن هشام: أما والله لو أعلم أنه محق لاتبعته. وقال أبو سفيان: لا أقول شيئًا، لو تكلمتُ لأخبرَتْ عني هذه الحصى، فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قد علمت الذي قلتم، ثم ذكر ذلك لهم، فقال الحارث وعتاب: نشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا، فنقولَ: أخبرك"[2]. إن الكعبة لم يكن لها سلم ليصعد عليه بلال، غير أنه كان ضعيفًا صغيرًا، فإذ به يثب وثبة القوي العزيز، ويتسلق تسلق الصقور، فيصدح بالحق، ويرفع بالتكبير، وتتجلى صورة أخرى للعزة، فيُسلم بأذانه أبو محذورة، فما قصته؟! "لما سمع الأذان، وهو مع فتية من قريش خارج مكة أقبلوا يستهزئون، ويحكون صوت المؤذن غيظًا، فكان أبو محذورة من أحسنهم صوتًا، فرفع صوته مستهزئًا بالأذان، فسمعه النبي صلى الله عليه وسلم، فأمر به فمثل بين يديه، وهو يظن أنه مقتولٌ، فمسح النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته وصدره بيده، قال: فامتلأ قلبي والله إيمانًا ويقينًا، وعلمت أنه رسول الله، فألقى عليه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان، وعلمه إياه، وأمره أن يؤذن لأهل مكة، وهو ابن ستَّ عَشْرةَ سنةً، فكان مؤذِّنَهم حتى مات، ثم عقبه بعده يتوارثون الأذان كابرًا عن كابرٍ"[3]. إن الله أعز الصحابة رضي الله عنهم عندما اعتزوا بإسلامهم، فإذا أرادت الأمة العزة فلتعتزَّ بدينها، ولتُطِعْ ربها، وتقتدِ بنبيها؛ فأساس العزة الطاعة لله وللرسول؛ قال تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [المنافقون: 8]؛ لذا قال أبو بكر الشبلي: مَن اعتز بذي العز، فذو العزِّ له عزٌّ. والعزة في موالاة المؤمنين، وعدم موالاة الكافرين، قال ربنا: ﴿ الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا ﴾ [النساء: 139]. قال الطبري: "فإن الذين اتخذوهم - أي المنافقين - من الكافرين أولياء ابتغاء العزة عندهم، هم الأذلاء الأقلاء؛ فهلَّا اتخذوا الأولياء من المؤمنين، فيلتمسوا العزة والمنعة والنصرة من عند الله الذي له العزة والمنعة، الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء، فيعزهم ويمنعهم؟!"[4]. عزة أهل العز: عن محمد بن خلاد قال: لما حج المهدي دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يبقَ أحد إلا قام، إلا ابنَ أبي ذئب، فقال له المسيب بن زهير: هذا أمير المؤمنين! فقال ابن أبي ذئب: إنما يقوم الناس لرب العالمين، فقال المهدي: لقد قامت كل شعرة في رأسي[5]. رسالة نقفور - ملك الروم - إلى الرشيد: "مِن نقفور ملك الروم، إلى هارون ملك العرب، أما بعد، فإن الملكة التي كانت قبلي، أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقًا بحمل أمثاله إليها، لكن ذاك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردُدْ ما حصل قبلك من أموالها، وافتدِ نفسك بما يقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك. قال: فلما قرأ الرشيد الكتاب، استفزه الغضب حتى لم يمكن أحدًا أن ينظر إليه دون أن يخاطبه، وتفرق جلساؤه خوفًا من زيادة قول أو فعل يكون منهم، واستعجم الرأي على الوزير من أن يشير عليه أو يتركه يستبد برأيه دونه، فدعا بدواة وكتب على ظهر الكتاب: (بسم الله الرحمن الرحيم، مِن هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابَك يا بن الكافرة، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام)[6]. ولك أن تختم بقصة الشيخ سعيد الحلبي - عالم الشام - وهي من القصص الرائعة في العزة والرفعة[7]. وصية عملية: اعتزَّ بدينِك؛ فوالله لا عزة لك إلا بالإسلام، ومهما بحثت عن العزة في غير الإسلام فستكون الذلة. اللهم أعِزَّنا بالإسلام، وأعز الإسلام بنا، وأيِّدْنا بالحق، وأيِّدِ الحق بنا. ♦♦♦ السؤال العشرون: اذكُرْ أسماء الملائكة التي وردت في القرآن صراحة: الجواب: الملائكة الذي ذُكروا في القرآن بأسمائهم خمسة، وهم: جبريل، وميكائيل؛ قال تعالى: ﴿ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 98]. الملكان هاروت وماروت؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ﴾ [البقرة: 102]. خازن النار مالك؛ قال تعالى: ﴿ وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ﴾ [الزخرف: 77]. أما إسرافيل، وهو صاحب النفخ في الصور، فقد جاء ذِكره في الأحاديث النبوية، وللعلماء فيها كلام، لا فائدة من ذكره هنا، وقد يقول البعض: إن ملك الموت، هو (عزرائيل)، وليس عليه دليل. ♦♦♦ خاطرة (بعد الفجر): آداب المجلس: إن الإنسان بطبيعته في حاجة إلى الآخرين، يجلس معهم، يتحدث إليهم، وأحيانًا يجلس مع أهله، وأخرى يجلس مع أقاربه، وقد يجلس مع جيرانه أو أقرانه في العمل، وقد يكثر الجلوس مع الأصدقاء والأصحاب، مهما اختلفت المجالس وتعددت أجناسها وطبيعتها، فلها في الإسلام آداب وأحكام، وهي: 1- السلام على الجالسين عند الدخول: فمن السنة لمن يدخل على المجلس أن يبدَأَهم بالسلام؛ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا انتهى أحدكم إلى المجلس، فليسلِّم، فإذا أراد أن يقوم، فليسلِّم؛ فليست الأولى بأحقَّ مِن الآخرة))[8]. فإذا كانوا مجموعة أجزأ عنهم واحد، وإذا سلم واحد على مجموعة، أجزأ أن يرد عليه واحد، نقل ابن حجر عن الماوردي قوله: "لو دخل شخص مجلسًا، فإن كان الجمع قليلًا يعمهم سلامٌ واحدٌ فسلَّم، كفاه، فإن زاد فخصص بعضهم فلا بأس، ويكفي أن يرد منهم واحد، فإن زاد فلا بأس، وإن كانوا كثيرًا بحيث لا ينتشر فيهم فيبتدئ أول دخوله إذا شاهدهم، وتتأدى سنة السلام في حق جميع من يسمعه، ويجب على من سمعه الرد على الكفاية، وإذا جلس سقط عنه سنة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين"[9]. ومن السنة: التيامن في الدخول، فيبدأ بالأيمن فالأيمن إذا سلم؛ فقد علمنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم التيامُنَ في كل شيء. 2- لا يفرق بين اثنين إلا بإذنهما: مِن أدب المجالس ألا يفرق بين اثنين؛ لِما قد يكون بينهما من صداقة أو حديث، فلا تفرق إلا بإذن؛ عن عبدالله بن عمرٍو، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يحل لرجلٍ أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما))[10]. وإذا كان المجلس حلقةً فلا تجلس في وسطها؛ لِما فيه من الأذى وتخطي الرقاب، وتسبب الضرر للآخرين، وقد نهينا عن كل ذلك؛ عن حذيفة: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعَن مَن جلس وسط الحلقة"[11]، وقد بوب الإمام الترمذي، بعنوان: (باب ما جاء في كراهية القعود وسط الحلقة). 3- لا يقيم أحدًا مِن مكانه: وهذا من كمال الأدب، وتمام الذوق؛ عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يقيم الرجل الرجل من مقعده، ثم يجلس فيه، ولكن تفسحوا وتوسعوا))[12]. وهذا فِعل الصالحين المتواضعين؛ فقد ذكر البخاري في الأدب المفرد: أن ابن عمر كان إذا قام له رجلٌ من مجلسه لم يجلس فيه. وإذا قام من مجلسه، ثم عاد إليه، فله الحق أن يجلس فيه؛ عن أبي هريرة: أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، قال: ((من قام من مجلسه، ثم رجع إليه، فهو أحقُّ به))[13]. وتركه هنا يكون لحاجة أو لعذر، كأن ترك أثرًا له، حتى لا يجلس أحدٌ فيه، فرجوعه إليه من الأدب وليس للوجوب، وإلا فالمكان في الأصل ليس ملكًا له، وفي ذلك يقول القرطبي: "هذا الحديث يدل على صحة القول بوجوب اختصاص الجالس بموضعه إلى أن يقوم منه، وما احتج به من حمله على الأدب؛ لكونه ليس ملكًا له لا قبل ولا بعد، ليس بحجة؛ لأنا نسلم أنه غير ملك له، لكن يختص به إلى أن يفرغ غرضه، فصار كأنه ملك منفعته، فلا يزاحمه غيره عليه"[14]. 4- الترحيب بالداخل: إنها عظمة تعاليم ديننا، وسنة الحبيب نبينا صلى الله عليه وسلم، عن عائشة رضي الله عنها: أنها قالت: ما رأيت أحدًا كان أشبهَ سمتًا وهديًا ودلًّا - وقال الحسن: حديثًا، وكلامًا، ولم يذكر الحسن السمتَ والهديَ والدلَّ - برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة كرم الله وجهها، كانت (إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها، وقبَّلها، وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها قامت إليه، فأخذت بيده فقبَّلته، وأجلسته في مجلسها)[15]. وللعلماء كلام وتفصيل في القيام للقادم، وقال سعيدُ بن العاص: "لِجليسي عليَّ ثلاثُ خصال: إذا دنا رحَّبتُ به، وإذا جلس أوسعت له، وإذا حدَّث أقبلتُ عليه"[16]. وخلاصته: ما نقله ابن حجر عن أحد العلماء، فقال: "إن القيام يقع على أربعة أوجه: الأول: محظور، وهو أن يقع لمن يريد أن يقام إليه تكبرًا وتعاظمًا على القائمين إليه، والثاني: مكروه، وهو أن يقع لمن لا يتكبر ولا يتعاظم على القائمين، ولكن يخشى أن يدخل نفسه بسبب ذلك ما يحذر، ولِما فيه من التشبه بالجبابرة، والثالث: جائز، وهو أن يقع على سبيل البر والإكرام لمن لا يريد ذلك، ويؤمن معه التشبه بالجبابرة، والرابع: مندوب، وهو أن يقوم لمن قدم من سفر فرحًا بقدومه ليسلم عليه، أو إلى من تجددت له نعمة فيهنئه بحصولها، أو مصيبة فيعزيه بسببها"[17]. 5- تفسحوا في المجلس: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [المجادلة: 11]، وهذا في كل مجلس، أن توسع للآخرين وتفسح لهم، حتى يوسع الله لك في الدنيا والآخرة، وفي حديث ابن عمر السابق: ولكن تفسحوا وتوسعوا، وفيه تآلف للقلوب، وتوادد بين الجلوس؛ عن عبدالرحمن بن أبي عمرة الأنصاري، قال: أُخبِر أبو سعيدٍ بجنازةٍ، فعاد تخلَّف، حتى إذا أخذ الناس مجالسهم، جاء، فلما رآه القوم تشذبوا عنه، فقام بعضهم ليجلس في مجلسه، فقال: لا، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن خير المجالس أوسعها، ثم تنحى وجلس في مجلسٍ واسعٍ))[18]. 6- لا يتناجى اثنانِ دون الآخَر: إذا جلس ثلاثة يتسامرون ويتبادلون الحديث معًا، فلا يخلو اثنان دون الثالث؛ فقد يحزنه؛ عن عبدالله رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا كنتم ثلاثةً، فلا يتناجى رجلان دون الآخر حتى تختلطوا بالناس، أجل أن يحزنه))[19]، وقال ربنا: ﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [المجادلة: 10]. 7- عدم الخوض في أعراض الآخرين: يجب تجنُّب المنكَرات في المجلس، وذلك بالبُعد عن الغِيبة والنميمة والكذب؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، والسخريَّة والاستهزاء من الناس؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ﴾ [الحجرات: 11]، ونبذ الكلام البذيء، وفحش اللسان، والحذر من الكذب ليضحك الجلوس؛ عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة يُضحِك بها جلساءه، يهوي بها مِن أبعدَ من الثريا))[20]. فاحرِصْ على المجالس الطيبة الحميدة، البعيدة عن المعاصي والآثام، فإن جلست فرأيت منهم إصرارًا على أذى الناس، فأعرض عنهم، حتى لا تكون منهم، فتكتب من جلساء السوء. فالجليس الصالح: لا يقبَل الفُحش من القول، ولا الغِيبة والنميمة، ويبتعد عن الجدال، ويجتنب رفع الصوت، وكل ما فيه إيذاء للآخرين، وإذا تكلم في عِرض غيره، ردَّ عنه، كما أنه يحفظ أمانة المجلس، ولا يفشي سره لغير الحاضرين؛ لأنه مؤمن، والمؤمن مؤتمن على مجالسه وأحاديثه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المَجالِسُ بالأمانة)). 8- ألا يخلو المجلس من ذكر الله: ينبغي ألا تخلو مجالسنا من ذكر الله عز وجل، والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم؛ حتى تكون لنا في الدنيا بركة، وفي الآخرة حجة؛ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من قومٍ يقومون من مجلسٍ لا يذكرون الله فيه، إلا قاموا عن مثل جيفة حمارٍ، وكان لهم حسرةً))[21]، وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما جلس قومٌ مجلسًا لم يذكروا الله فيه، ولم يصلُّوا على نبيهم، إلا كان عليهم تِرَةً، فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم))[22]، وعن الحسين بن علي رضي الله عنه، أنه سأل أباه - عليًّا - رضي الله عنه، فكان مما سأله، قال: فسألته عن مجلسه،فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر[23]. 9- كفَّارة المجلس: بَدَأ المجلس بالسلام، وخير ختام له أن يكون بذكر الله والاستغفار؛ حتى يغفر الله للجالسين ما قالوه من زلات، وما أصابوه من عثرات وهفوات؛ عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن جلس في مجلسٍ فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غُفِر له ما كان في مجلسه ذلك))[24]. ♦♦♦ درس الفقه: 1- هل ارتكاب الكبائر يُبطل الصيام؟ مِن خلال دراستنا لأحكام الصيام، فليس ارتكاب الكبائر مِن مبطلات الصيام، ومن خلال حديث البخاري، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن لم يدَعْ قول الزور والعمل به، فليس لله حاجةٌ في أن يدَعَ طعامَه وشرابه)). يقول ابن عبدالبر: "مَن اغتاب أو شهد زورًا أو منكرًا لم يؤمر بأن يدَعَ صيامه، ولكنه يؤمر باجتناب ذلك؛ ليتمَّ له أجر صومه"[25]..فالمعاصي والكبائر لا تبطل الصيام، وإنما تُحبِط أجره، وتنقص ثوابه. 2- ما حُكم النوم طيلة نهار رمضان؟ لا شك أن صيامه صحيح، كأن صلى الفجر ثم نام، وصلى الظهر ثم نام، وهكذا، فالنوم لا يتنافى مع الصيام، ولا يؤثر فيه، وهذا ما أجمع عليه العلماء؛ إذ قالوا: "إذا نام جميع النهار وكان قد نوى من الليل صح صومه على المذهب، وبه قال الجمهور، فالنوم لا يؤثر في الصوم، سواءٌ وجد في جميع النهار أو بعضه"[26]. لكن ينصح باستغلال الشهر، وينشغل بتلاوة القرآن، وذكر الله، وصلة الأرحام، والسعي في حاجات الناس، فمثل هذا الشهر فرصة لا ينبغي التفريط فيه. 3- طهرت الحائض قبل الفجر، فما الحكم؟ إذا طهرت المرأة الحائض قبل صلاة الفجر، وتأكدت أن الدم انقطع، فعليها أن تنوي الصيام، وصومها صحيح، وإن أخرت الغسل لما بعد الفجر، كما هو الحال مع الجنب والمحتلم؛ فالثابت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنبًا ثم يصوم. والله أعلم. نصْبُ الخِيام في دُروسِ رَمَضَانَ وأَحْكَامِ الصِّيَام لفضيلة الشيخ: أحمد علوان، دار الصفوة بالقاهرة [1] فقه السيرة، للشيخ/ محمد الغزالي، ص381، دار القلم - دمشق، ط1/ 1427 ه. [2] السيرة النبوية، لابن هشام (ج2، ص413). [3] الروض الأنف، لأبي القاسم السهيلي، (ج7، ص138)، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط1/ 1412 ه. [4] تفسير الطبري (ج9، ص913). [5] المنتظم في تاريخ الملوك والأمم، لابن الجوزي، (ج8، ص234)، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا، مصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1/ 1412 هـ = 1992 م. [6] تاريخ الرسل والملوك، للطبري، (ج8، ص307)، دار التراث - بيروت، ط2/ 1387 هـ. [7] تقدم ذكرها، ص75. [8] أبو داود (5208)، وصححه الأرناؤوط. [9] فتح الباري (ج11، ص14). [10] أبو داود (4845)، والترمذي (2752)، وقال: حديث حسن. [11] أبو داود (4826)، والترمذي (2753)، وقال: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. [12] مسلم (2177). [13] مسلم (2179). [14] فتح الباري (ج11، ص64). [15] أبو داود (5217)، وصححه الأرناؤوط. [16] تهذيب الكمال في أسماء الرجال، لأبي الحجاج المزي، (ج10، ص507)، تحقيق: د. بشار عواد معروف، مؤسسة الرسالة - بيروت، ط1/ 1400 = 1980م. [17] فتح الباري (ج11، ص51). [18] أحمد (11137)، وصححه الأرناؤوط. [19] البخاري (6290). [20] مسند أحمد (9220)، وابن حبان (5716)، وحسنه الأرناؤوط. [21] أبو داود (4855)، وقال الأرناؤوط: إسناده صحيح. [22] الترمذي (3380)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ. [23] الطبقات الكبرى، لابن سعد، (ج1، ص326)، تحقيق: محمد عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية - بيروت، ط1/ 1410هـ = 1990م. [24] الترمذي (3433)، وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ غريبٌ. [25] انظر: التمهيد، لابن عبدالبر، (ج19، ص56). [26] انظر: المجموع، للنووي (ج6، ص346)، والمغني لابن قدامة (ج3، ص116) بتصرف. الالوكة |
06-24-2016, 06:01 PM | #2 |
المدير العام
|
سيرة الرسول عليه الصلاة والسلام وتاريخ الإسلام
كله أحداث جميلة ورائعة ومليئة بالعِبر والمقاصد الجميلة وفيه معاني نصر الله وعزته وتمكينه وحسن تدبيره .. أحسنت الطرح بارك الله فيك ولك تقديري .. |
|
06-24-2016, 06:06 PM | #3 |
مشرفة منتديات البرمجيات والصور والأفلام
|
الله يعطيگ العافيه
ويجزاگ خير |
اللهم انس وحشة من باتوا في قبورهم وحيدين و اجعلهم منعمين مطمئنين برضاك وعفوك عنهم يارحم الراحمين. اللهم ارحم امي وابي وجميع اموات المسلمين❤
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
قُلْ: إن شاء اللهُ (من دروس رمضان | طالبة العلم | المجتمع المسلم والفتاوى | 2 | 06-18-2016 02:36 AM |
دروس في الحياه | ابوليلى المهلهل | المواضيع العامة والإخبارية | 6 | 10-03-2010 08:54 PM |
رمضان الطفوله كيفية التعامل مع طفلك خلال رمضان وكيفية تعويدهم على الصيام من صغرهم | سدرة المنتهي | مجلس ليالي رمضان | 1 | 08-28-2009 04:43 PM |
من موروثنا الاسلامي العظيم ,,في رمضان هل رمضان اليوم كما كان بالامس؟؟؟؟؟؟؟؟؟ | سهيل الجنوبي | المنتديات الرمضانية المؤقتة | 1 | 08-15-2009 01:43 PM |
دروس يجب أن نتعلمهاونعلمها | نظام | رياض الصالحين | 5 | 06-17-2005 05:41 AM |