الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||||
|
|||||||||
طـــــــــــويل العمر
أجدني متشبثاً بالحياة حتى آخر نَفَس؛ أريد أن أعيشها طولاً وعرضاً بعمقها واتساعها أريد أن استمتع - دون وسيط ودون تأخير- بكل التحوُّلات التاريخية- التي سيشهدها نصف قرن قادم. وحتى الأحداث العادية واليوميات هي مصدر بهجة لا تنضب، اقرأ فيها رحمة الله، وعدله، وقرب فرجه للمحرومين والمسحوقين، ومأسوري الأجساد والأرواح. أريد أن أشاهد بدهشة وحماس كل المآلات التي سيصير إليها عالم أنتمي إليه وأحبه، وأمقت تخلُّفَه، وأقرأ الحدث كاملاً غير منقوص بعد أن شهدت بداياته، وقرأت حروفه الأولى. أيّ صورة ستتكون؟ الخيال ذهب بعيداً وحلَّق، لكن الشأن أن يصبح الخيال حقيقة، وأن يتهيأ لقفزة أخرى.. لكن إلى أين؟ أريد أن أشهد وجوهاً جديدة في الحياة؛ من صبية كبروا، وكبَّروا وشمَّروا عن سواعد الجد، وخاضوا التجربة بكل ثقة، ونزلوا يخطرون بكبرياء التواضع . وأن أرى التاريخ يتوقَّف لهم، ويمنحهم حق الحياة، والمجد، والخلود أريد أن أتحدَّث عن آخرين قدَّموا التضحيات الجسام بتفانٍ وتجرَّد، ولم يطيلوا الحسابات، ولا راودتهم أحلام التَّصَدُّر، ولا شربوا من كدر الذات، ولا أصاخوا لإغراء السلطة والمال والجاه، فأصبحوا صلوات يتلوها الناس، وقامات تتقاصر دونها الأعناق، وخطَّت أسماؤهم بمداد من نور على صفحة الأيام ! أريد أن أشهد واقعاً مزمناً، ظنَّه الناس سرمداً لا يزول، كيف انطوى وأصبح سطراً قصيراً في كتاب التاريخ لا يكاد يتبيَّنه القارئون ؛ أريد أن أرى صورة مختلفة غير تلك التي تقابلني كل صباح. أبتغي المزيد من الساعات الممتدة لِأَعُبَّ من متع الحياة المبذولة بنشوة وفرح كلما أمكنني ذلك دون تذمم، مادمت مرتاح الضمير، دائراً في الحد الذي خطَّه لي قلم التكليف . أريد أن أظل مندفعاً للعطاء، دون انتظار مكافأة من مخلوق . أشعر أنني كلما قدَّمت كلمة طيبة، أو إرشاداً، أو مشورة، أو دعماً نفسياً.. أنني أمتد وأسمو، وأقطف من شجرة السعادة أينع الثمار وأطيبها، وأشرب من مائها الغدق حتى أرتوي. أريد أن أفرح بثيابٍ أستَجِدُّها، وكأنها أول كسوة تلامس جسد ابن البادية . وأن أفرح بطعام جيد ألتهمه، وكأنه أول وجبة يتبلَّغ بها ابن الحقل. أريد أن أفرح بمعلومة جديدة، وكأنها شاردة، وكأنها أول لمسة نورانية يهتزُّ لها عقل طفل حديث العهد بالحياة. أريد أن أسافر للمرّة الأولى، لوطن عاش بأحلامي وأن أرى الحلم واقعًا، والكابوس فرحة، والمساء فجرا. أريد أن أتعلَّم كيف أستخدم التقنية الحديثة من أحد أحفادي، وكأنني بين يديه طفل صغير لا يستنكف من التوبيخ والضحك على بطء فهمه، وعجزه عن الاستيعاب . السنين التي قضيتها من عمري جعلتني أخبر الحياة، وأسبر أغوارها، وأعرف جيدها ورديئها، وأتفحَّص طرائقها؛ فأنا اليوم أشد وعياً، وأرسخ عقلاً، والعمل الذي أعمله بالأمس اختصره اليوم زماناً وجهداً، وأمنحه فكرة أرقى. وَأَرى اللَيالي ما طَوَت مِن شرَّتي زادَتهُ في عِظَتي وَفي إِفهامي مرَّت ليالٍ سود، وأيام عسيرة قاتمة.. لم أفقد فيها إيماني بربي، وثقتي بأنه يصنع لي الأفضل، ولو لم أستوعب أبعاد المقاصد العليا ساعة حدوثها . تعلَّمتُ من هذا ألا آسى على فائت، ولا أتشاءم من واقع؛ ففي طيَّات ما تكره ألوان من اللُّطف، والفيض، والمنح، والعطاء. لكَ الحَمدُ مهما استطالَ البلاء ومهما استبد الألم لكَ الحمدُ إن الرزايا عطاء وإن المَصيبات بعض الكَرَم ألم تُعطني أنت هذا الصباح وأعطيتني أنت هذا السَّحر جمال الحياة أن أعيشها كما هي لا كما أريد لها أن تكون. وجمال المتعة أن اقتطفها بخفة وحبور، لا أعطي هواجس المستقبل فرصة لحرماني منها. تكدَّر صاحبي عندما تذكَّر المخاطر المحيطة به، وبالحياة من حوله أما أنا ففلسفتي: أحسن الاستمتاع بالنعمة قبل رحيلها. م/ن |
01-13-2012, 08:03 PM | #3 |
شاعر وكاتب مميّز وقـديـر
|
موضوع قيّــم
يحمل كثيرا من القيم والفلسفة الراقية نحتاج لمثل هذا كثيرا فبهذه الصفات يرقى الفكر وتسمو النفس كم هي رائعة هذه العبارة تعلَّمتُ من هذا ألا آسى على فائت، ولا أتشاءم من واقع؛ ففي طيَّات ما تكره ألوان من اللُّطف، والفيض، والمنح، والعطاء. اشكركم اخي على النقل الممتع لكم جُلّ تقديري |
|
01-13-2012, 09:47 PM | #4 |
المدير العام
|
موضوع فلسفي ولكنه بشكل مُبسط ومفهوم ..
بصراحة يحتوي على مقدمات ووصفات لائقة ومن طراز فريد .. مثل هذا الكلام يعجبنا ولكن للأسف نتخلى عنه بعد مدة وننساه .. ما أرقى الحديث حينما يُستمع له ثم يُستفاد منه .. تقديري لك .. |
|
01-13-2012, 11:00 PM | #6 |
عضوة قديرة وصاحبة مكانة بالمنتدى
|
كلام رائع ..
يعطيك العافيه .. |
*
شيخه نوااره بسمه المشرفات على مجلة بني عمرو في صوره تذكاريه هههههههه |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
غربة العمر | بدري دلوع | عطر الكلمات | 3 | 05-07-2010 02:24 PM |
ضاع العمر بغباء | ذات الشان | منتدى القصص والروايات | 3 | 12-03-2008 01:18 AM |
ليلة العمر | ندى الصباح | قسم الأسرة والمجتمع | 6 | 12-31-2005 07:49 AM |
العمر 67 | بن فارس | الطب والعـلوم | 3 | 01-02-2005 10:41 AM |
ها ...قد ضاع العمر .. | ahmd | عطر الكلمات | 3 | 01-31-2003 10:11 AM |