شيخوخة الفكر

من سنة الله في خلقه أن يبدأ الإنسان حياته طفلا، ثم شابا، ثم كهلا، ثم شيخا فهرما ،قال تعالى : (( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة )) الآية ،فالطفولة ضعف يتطلب المساعدة والرعاية ، والشباب قوة ورعونة وعنف، والرشد استقرار وبناء حياة، والكهولة هدوء ومراجعة حسابات، والشيخوخة إخلاد إلى الراحة وتناس للماضي وتجاهل له، والهرم انحدار وتضاؤل وتهدم
والسؤال المثير هل هناك شيخوخة فكرية ملازمة للشيخوخة الجسدية أم لا ؟
والإجابة عندي ليست عن طريق الأطباء فلهم تقديراتهم التي قد تصيب وقد تخطيء ، ولكني سأستقريء الواقع لعلي أصل إلى حكم يعتمد عليه في هذه المسألة .
إنك تجد من كبار السن من يذكرك بأمر قد نسيته وذهب من ذاكرتك ، مما يجعلك في أحسن الأحوال تتهم نفسك بأنك لاتتذكر ذلك الأمر ، وتجد من كبار السن من تذكره أنت على حداثة سنك بأمر فينكر ذلك الأمر ويقسم أغلظ الأيمان ما حصل ولاجرى
بل تجد من الناس من أوقف ذاكرته على فترة زمنية محددة لايبرحها إلى غيرها لانبهاره بتلك الفترة وذوبانه فيها دون رغبة في تخطيها إلى غيرها وكأن الزمن توقف عند تلك الحقبة فلم يبرحا صاعدا ولن يبرحها نازلا
إن الذاكرة أشبه بالعضلة الجسدية كلما قمت بتنشيطها وتمرينها زادت قوة وفتوة ، وكلما أخضعتها للدعة والراحة والكسل لانت وضعفت وتراجعت عن نشاطها
إن مما ينشط الذاكرة ويحميها من الشيخوخة والترهل كثرة القراءة في الكتب وكثرة التفكر في آيات الله وكثرة مجالسة أهل العلم وأهل الأدب وأرباب الفصاحة والبيان والاستماع إلى جميل الشعر وبديع القصص والوقوف عند دقائقهما وفك غموضهما ومحاولة محاكتهما ، والبعد عن أهل الهزل والتفحش في القول ، والتحدث إلى أهل التجارب ،واستعادة شريط الذكريات الجميلة التي مثلت فواصل ومنعطفات مفيدة في الحياة ، ومحاولة تذكر بعض المناسبات السارة وتحديد أيامها وشهورها وتاريخها
إن من تنشيط الذاكرة استعادة المحفوظ من شعر أو نثر ، والتركيز في أثناء أداء الصلاة على ما يتلى فيها من قرآن وما يقا ل فيها من أذكار ، وسبحان الذي خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين .

دكتورنا الفاضل

اسعد الله جميع اوقاتك بكل خير وعافيه .

اسعدني تواجدك هنا واسعدني اكثر موضوعك القيّم والذي نحن بامس الحاجه الى مثل هذه المواضيع التي تثري الفكر وتستاهل القراءة والنقاش .
ايها الفاضل :
الفكر مصدره العقل والعقل هو جزء من جسم الانسان يتأثر بما يتأثر به هذا الجسد من نشاط وخمول ومرض وصحة .
وقديما قالوا:
(العقل السليم في الجسم السليم ).
ما من شك ان الانسان له ذكريات وله ماضي يتذكره بخيره وشره يفقد منه ما يفقد ويتذكر ما يتذكر وهذا امر الله وقدره ولولا النسيان لكان الله اعلم بوضعنا .

عندما يصل البعض الى مرحلة الهرم ولربما نقول بعض الخرف تجدك تساله : هل تعرفني ؟
فتراه محتارا لايعرفك وربما يكون اقرب الناس لك .
ولكن تسأله عن المكان الفلاني او قطعة الارض الفلانيه من البلاد فيجيبك وبسرعة وربما يحكي لك قصة حصلت له في ذلك المكان وهنا نقدر نقول عنه انه عايش في الماضي وهو الذي لازال في ذاكرته او في عقله الباطن .
انه العقل الباطن كما وضح العلماء حيث ابانوا بان هناك العقل الباطن وهو من يحتفظ بكل شيء وهو اشبه بمكتبة كبيرة جدا تُحفظ بها الكتب فان كانت حُفِظت بطريقة مرتبة فانك لن تتعب في الحصول على الكتاب وان كان حُفِظت بطريقة عشوائيه فقس كيف يمكن الحصول على هذا الكتاب .
ان تنشيط العقل كما تكرمت في موضوعك اصبح الآن قل من يستخدمه وخاصة مع ثورة التكنلوجيا الحديثه من ( نت ، ووسائل اتصال باشكالها والوانها ) .
ومن هنا وجب التفكير بعامل تنشيط غير ذلك .
فهل هناك بديل ؟؟

اسف على الاطالة ولكن الموضوع يستاهل اكثر من ذلك .

بارك الله فيك دكتورنا الفاضل .

أخي أبا فهد أسعدك الله صباحا ومساء وكل وقت
شكرا للتعقيب الفائق الذي تخطى حدود الموضوع إلى ماهو أجدر بالفائدة وأولى بالقراءة ولاغرابة فذوقك الرفيع وثقافتك العالية له الدور الأكبر في مثل هذا
تقبل جميل شكري

الموضوع حَمل نوعيّة المَقال الموجه بشكل مباشر ..
فكان فيه كشف الداء ووصف الدواء وقد أبدعت بكل ما تحدثت به يا دكتور عبد الله..
نعم لقد كان المقال بشكل علمي وناضج وصحيح ..
إضافة أبو فهد جوهرية ومثالية ولكم مني جميعاً كل تقدير ..

موضوع في غاية الروعه

تحياتي وتقدير لك

ولاكن يقال : الانسان لايأخذ زمنه وزمن غيره

اللهم أختم لنا بالصالحات

طرح راقي وقيم أشكرك عليه دكتورنا الفاضل
وأشكر أخي أبو فهد على أضافته الجميل
بوركت يداكما..أحترامي وتقديري..