الإهداءات


رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-19-2003, 03:34 PM   #19
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



فصل
الحكم السادس: استنبط من قوله: ((ولا تُوطَأُ حَامِلٌ حَتَّى تَضَعَ، وَلاَ حَائِلٌ حَتَّى تُسْتَبْرَأَ بِحَيْضَةٍ))، أن الحامل لا تحيض، وأن ما تراه من الدم يكون دمَ فساد بمنزلة الاستحاضة، تصومُ وتُصلى، وتطوف بالبيت، وتقرأ القرآن، وهذه مسألة اختلف فيها الفقهاء، فذهب عطاءٌ والحسن، وعكرمة ومكحول، وجابرُ بن زيد، ومحمد بن المنكدر، والشعبى، والنخعى، والحكم، وحماد، والزهرى، وأبو حنيفة وأصحابُه، والأوزاعى، وأبو عُبيد، وأبو ثور، وابن المنذر، والإمام أحمد فى المشهور من مذهبه، والشافعى فى أحد قوليه: إلى أنه ليس دمَ حيض. وقال قتادة، وربيعةُ، ومالك، والليث بن سعد، وعبد الرحمن ابن مهدى، وإسحاق بن راهوية: إنه دم حيض، وقد ذكره البيهقى فى ((سننه)) وقال إسحاق ابن راهويه: قال لى أحمد بن حنبل: ما تقول فى الحامل ترى الدم؟ فقلت: تصلى، واحتججت بخبر عطاء عن عائشة رضى اللَّه عنها. قال: فقال أحمد بن حنبل، أين أنت عن خبر المدنيين، خبر أمِّ علقمة مولاة عائشة رضى اللَّه عنها؟ فإنه أصح. قال إسحاق: فرجعت إلى قول أحمد، وهو كالتصريح من أحمد، بأن دمَ الحامل دم حيض، وهو الذى فهمه إسحاق عنه، والخبرُ الذى أشار إليه أحمد، وهو ما رويناه من طريق البيهقى، أخبرنا الحاكم، حدثنا أبو بكر بن إسحاق، حدثنا أحمدُ بن إبراهيم، حدثنا ابن بكير، حدثنا الليث، عن بكير بن عبد اللَّه، عن أمِّ علقمة مولاةِ عائشة، أن عائشة رضى اللَّه عنها سئلت عن الحامل ترى الدم فقالت: لا تُصَلِّى، قال البيهقى: ورويناه عن أنس بن مالك، وروينا عن عمر بن الخطاب، ما يدل على ذلك. وروينا عن عائشة رضى اللَّه عنها، أنها أنشدت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيت أبى كبير الهذلى:
ومُبَرَّأً مِنْ كُلِّ غُبَّرِ حيْضَةٍ وَفَسَادِ مُرْضِعَةٍ وَدَاءٍ مُغْيِلِ
قال: وفى هذا دليل على ابتداء الحمل فى حال الحيض حيث لم ينكر الشِّعْرَ.
قال: وروينا عن مطر، عن عطاء، عن عائشة رضى اللَّه عنها أنها قالت: الحبلى لا تحيضُ، إذا رأت الدم، صلَّت. قال: وكان يحيى القطان ينكر هذه الرواية، ويُضعف رواية ابن أبى ليلى، ومطر عن عطاء.
قال: وروى محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عطاء، عن عائشة رضى اللَّه عنها نحو رواية مطر، فإن كانت محفوظة، فيشبه أن تكون عائشة كانت تراها لا تحيض، ثم كانت تراها تحيض، فرجعت إلى ما رواه المدنيون، واللَّه أعلم.
قال المانعون مِن كون دم الحامل دمَ حيض: قد قسم النبىُّ صلى الله عليه وسلم الإماء قسمين: حاملاً وجعل عدتها وضع الحمل، وحائلاً فجعل عدتها حَيضة، فكانت الحيضة علماً على براءة رحمها، فلو كان الحيضُ يُجامع الحمل، لما كانت الحيضةُ علماً على عدمه، قالوا: ولذلك جعل عدة المطلقة ثلاثة أقراء، لِيكون دليلاً على عدم حملها، فلو جامع الحملُ الحيضَ، لم يكن دليلاً على عدمه: قالوا: وقد ثبت فى ((الصحيح))، أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه حين طلق ابنُه امرأتَه وهى حائض: ((مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْها ثُمَّ لِيُمْسِكْها حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَها بَعْدُ، وإنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلكَ العِدَّةُ التى أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّق لَهَا النِّسَاءُ)).
ووجه الاستدلال به، أن طلاقَ الحامل ليس ببدعةٍ فى زمن الدم وغيره إجماعاً، فلو كانت تحيضُ، لكان طلاقُها فيه، وفى طهرها بعد المسيس بدعة عملاً بعموم الخبر، قالوا: وروى مسلم فى ((صحيحه)) من حديث ابن عمر أيضاً ((مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ ليُطَلِّقْهَا طَاهِراً أَوْ حَامِلاً))، وهذا يدل على أن ما تراه من الدم لا يكون حيضاً، فإنه جعل الطلاق فى وقته نظير الطلاق فى وَقت الطهر سواء. فلو كان ما تراه من الدم حيضاً، لكان لها حالان، حال طهر، وحال حيض، ولم يجز طلاقها فى حال حيضها، فإنه يكون بدعة قالوا: وقد روى أحمد فى ((مسنده)) من حديث رويفع، عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال: ((لا يَحِلُّ لأحَدٍ أَنْ يَسْقى مَاءه زَرْعَ غَيْرِهِ، وَلاَ يقع عَلى أمَةٍ حَتَّى تَحِيضَ أَوْ يَتَبَّينَ حَمْلُها)). فجعل وجود الحيض علماً على براءة الرحم من الحمل. قالوا: وقد رُوِىَ عن على أنه قال: إن اللَّه رفع الحيض عن الحبلى، وجعل الدم مما تغيض الأرحام.
وقال ابنُ عباس رضى اللَّه عنه: إن اللَّه رفع الحيض عن الحبلى، وجعل الدم رزقاً للولد، رواهما أبو حفص بن شاهين.
قالُوا: وروى الأثرم، والدارقطنى بإسنادهما، عن عائشة رضى اللَّه عنها فى الحامل ترى الدم، فقالت: الحامل لا تحيض، وتغتسل، وتصلى.
وقولها: وتغتسل، بطريق الندب لكونها مستحاضة، قالوا: ولا يُعرف عن غيرهم خلافهم، لكن عائشة قد ثبت عنها أنها قالت: الحامل لا تُصلى. وهذا محمول على ما تراه قريباً من الولادة باليومين ونحوهما، وأنه نفاس جمعاً بين قوليها، قالوا: ولأنه دم لا تنقضى به العدة، فلم يكن حيضاً كالاستحاضة.
وحديث عائشة رضى اللَّه عنها يدل على أن الحائض قد تحبل، ونحن نقول بذلك، لكنه يقطع حيضَها ويرفعُه. قالوا: ولأن اللَّه سبحانه أجرى العادة بإنقلاب دم الطمث لبناً غذاءً للولد، فالخارجُ وقت الحمل يكون غيره، فهو دم فساد.
قال المحيضون: لا نزاع أن الحاملَ قد ترى الدَم على عادتها، لا سيما فى أول حملها، وإنما النزاعُ فى حكم هذا الدم، لا فى وجوده. وقد كان حيضاً قبل الحمل بالاتفاق، فنحن نستصحِبُ حكمَه حتى يأتىَ ما يرفعه بيقين. قالوا: والحكمُ إذا ثبت فى محل، فالأصلُ بقاؤه حتى يأتى ما يرفعه، فالأول استصحابٌ لحكم الإجماع فى محل النزاع، والثانى استصحابٌ للحكم الثابت فى المحل حتى يتحقق ما يرفعه، والفرقُ بينهما ظاهر. قالوا: وقد قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((إذَا كَانَ دَمُ الحَيْضِ فَإنَّهُ أسْوَدُ يُعْرَفُ)). وهذا أسود يُعرف، فكان حيضاً.
قالُوا: وقد قال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((أَليْسَتْ إحْدَاكُنَّ إذَا حَاضَتْ لَمْ تَصُمْ ولم تُصَلِّ؟)) وحيضُ المرأة خروج دمها فى أوقات معلومة من الشهر لغة وشرعاً، وهذا كذلك لغة والأصل فى الأسماء تقريرُها لا تغييرُها.
قالوا: ولأن الدم الخارج من الفرج الذى رتَّب الشارع عليه الأحكام قسمان: حيض واستحاضة، ولم يجعل لهما ثالثاً، وهذا ليس بإستحاضة، فإن الاستحاضة الدمُ المطبق، والزائد على أكثر الحيض، أو الخارج عن العادة، وهذا ليس واحداً منها، فبطل أن يكون استحاضة، فهو حيض، قالوا: ولا يمكنكم إثباتُ قسم ثالث فى هذا المحل، وجعله دَم فساد، فإن هذا لا يثبتُ إلا بنص أو إجماع أو دليل يجب المصير إليه، وهو منتف قالوا: وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم المستحاضة إلى عادتها، وقال: ((اجْلِسى قَدْرَ الأيَّامِ التى كُنْتِ تَحِيضِينَ)). فدل على أن عادة النساء معتبرة فى وصف الدمِ وحُكمه، فإذا جرى دم الحامل على عادتها المعتادة، ووقتها من غير زيادة ولا نقصان ولا انتقال، دلَّت عادتُها على أنه حيض، ووجب تحكيمُ عادتها، وتقديمُها على الفساد الخارج عن العبادة. قالوا: وأعلمُ الأمة بهذه المسألة نساءُ النبى صلى الله عليه وسلم، وأعلمُهن عائشة، وقد صح عنها من رواية أهل المدينة، أنها لا تُصلى، وقد شهد له الإمام أحمد بأنه أصح من الرواية الأخرى عنها، ولذلك رجع إليه إسحاق وأخبر أنه قولُ أحمد بن حنبل، قالوا: ولا تُعرف صحة الآثار بخلاف ذلك عمن ذكرتم من الصحابة، ولو صحت فهى مسألة نزاع بين الصحابة، ولا دليل يفصل.


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
::: حق الله على العباد ::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى Aboabdalah الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال 2 09-16-2009 01:15 AM


الساعة الآن 08:45 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir