الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||||||
|
|||||||
وقفات مع بداية العام الجديد
بسم الله الرحمن الرحيم في مطلع كل سنة هجرية، ومع إطلالة كل عام جديد، تبرز في تاريخنا الإسلامي المجيد أحداث عظام ووقائع جسام، لها مكانتها عند أهل الإسلام، ولها أثرها البالغ في عز هذه الأمة، ونصرها وقوتها، وصلاح شريعتها في كل زمان ومكان، وتحقيقها سعادة البلاد والعباد في أمور المعاش والمعاد. ما أجمل أن نقف بعض الوقفات مع عدة قضايا مهمة، جديرة بالتنبيه والإشادة، وحرية بالتذكير والإفادة، لا سيما ونحن نعيش مع إشراقة عام هجري جديد، علَّ هذه الوقفات تكون سبباُ في تحريك الهمم واستنهاض العزائم للتمسك الجاد بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، مصدر العزة والقوة والتوفيق في الدارين، والخير والسعادة في الحياتين... الوقفة الأولى : الجديرة بالتنويه والعناية، والاهتمام والرعاية، مع حدث لا كالأحداث، حدث غير مجرى التاريخ، حدث يحمل في طياته معاني الشجاعة والتضحية والصبر والفداء، والعزة والقوة والإخاء، والتوكل على الله وحده مهما بلغ كيد الأعداء، ذلكم هو حدث الهجرة النبوية على صاحبها أفضل صلاة وأزكى تحية، ذلكم الحدث الذي جعله الله سبحانه وتعالى طريقاً للنصر والعزة والكرامة، ورفعاً لراية الإسلام، وتشييداً لدولته، وإقامة صرح حضارته على العقيدة الخالصة والوحدة الصادقة: (إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا). إنه لما اشتد أذى الكفار برسول الله صلى الله عليه وسلم بـمكة ، أذن الله له بالهجرة إلى المدينة النبوية المنورة ، فخرج عليه الصلاة والسلام من بيته يتحدى أعداءه، ويفوت الفرصة عليهم في تدبيرهم ومكرهم: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ). فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرفقته صاحبه الصديق رضي الله عنه، الذي ضرب مثلاً رائعاً في نصرته وفدائه لرسول الهدى صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي، وشفقته على حياته، ففي الغار يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه (( يا رسول الله! لو نظر أحدهم إلى موضع قدميه لأبصرنا )) فيجيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم بجواب الواثق بنصر الله، المطمئن لوعد الله: {يا أبا بكر ! ما ظنك باثنين الله ثالثهما } الله أكبر! ياله من درس عظيم في نصرة الله جل وعلا لأوليائه، وعدم تخليه عنهم لا سيما في الشدائد! وفي موقف عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما في خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه مثل يحتذى لشباب الإسلام في أثرهم البالغ في الاضطلاع بأمر الدعوة إلى الله، كما أن في موقف أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ما يقرر مكانة المرأة المسلمة وأثرها العظيم في نجاح الدعوة وإعداد الدعاة، وكم في الهجرة النبوية من دروس تحتذى وعبر تقتفى، لو رجع المسلمون لدينهم واعتزوا بتاريخهم وثوابتهم ، وأمعنوا النظر في سيرة رسولهم صلى الله عليه وسلم، لا سيما والأمة الإسلامية اليوم تعيش في عالم عصفت فيه أمواج المحن، وهبت فيه أعاصير الفتن، حتى أصبحت أمتنا حبلى بالمشكلات، وثكلى بالفتن والمعضلات، ضعف وفرقة وخلافات، ذلة ومهانة ومنازعات، حروب ونكبات، كوارث وتحديات، ما هي آخر الأنباء في أرضنا المباركة، فلسطين المسلمة المجاهدة؟ وقدسنا السليب وأقصانا الحبيب؟ ما هي أوضاع إخواننا في العقيدة وأحوال الأقليات الإسلامية في كثير من بقاع العالم؟ إلى أي حال أدى الشقاق والنزاع بين أبناء الإسلام؟! كيف ومن دروس الهجرة وثمراتها ترسيخ مبدأ الأخوة الإسلامية والوحدة الإيمانية؟ إلى أن يحد من كيد سيطرة أعداء الإسلام وغزوهم عسكرياً وفكرياً وثقافياً وخلقياً وإعلامياً لبلاد الإسلام، كل ذلك وغيره من غيوم الفتن وسحب المحن، يتطلب من أمة الإسلام حلولاً عاجلة مع إطلالة هذا العام التي ترتسم على محياه بسمات التفاؤل، وتبرق في آفاقه فلول من الآمال العريضة، والتطلعات لمستقبل أفضل، تتبدد فيه سحب الآلام والأحزان عن كل بلاد الإسلام وما ذلك على الله بعزيز. إن من أبرز ما يصور معاني الهجرة الأخذ بتعاليم الإسلام التي جاء بها صاحب الهجرة صلى الله عليه وسلم، والتجافي عن الهبوط إلى مستنقعات المعاصي والآثام، وهذه هجرة لا يعذر مسلم في تركها لقوله صلى الله عليه وسلم: {المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه } أخرجه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما. ومن أكبر ما يترجم عناية الأمة بالهجرة النبوية، هو التمسك بمنهج صاحب الهجرة عليه الصلاة والسلام، والتزام سنته وأطر النفوس على الهجرة في كل صورها ومعانيها، إما بمعناها الشرعي الخاص، بالانتقال إلى حيث العزة والمنعة وإقامة الدين، أو بمعناها العام بهجر المعاصي بكل أنواعها، وإن وقائع الهجرة النبوية ليست قصصاً تورد ولا روايات تسرد، ولانعوتاً ومدائح تردد، ولا احتفالات تقام، لكنها عقيدة وانتماء، وعمل واهداء، واتباع واقتداء، وجهاد وافتداء، والله عز وجل يقول: ( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ). إن في هذا الحدث العظيم من الدروس والعبر ما لو استلهمته أمة الإسلام اليوم وعملت على ضوئه لتحقق لها عزها المنشود، ومجدها المفقود، ومكانتها المرموقة بين العالمين، ولعلمت علم اليقين وهي تعيش على أبواب عام جديد، بل على مفترق طرق وتشعب سبل، أنه لا حل لمشكلاتها، ولا صلاح لأحوالها إلا بالتمسك بإسلامها، والتزامها بإيمانها وعقيدتها، فما قامت الدنيا عبر التاريخ إلا بقيام الدين، ولا نال العز والنصر والتمكين إلا لما خضعوا لرب العالمين، وهيهات هيهات أن يحل أمن وأمان، ورخاء وسلام واطمئنان، إلا باتباع نهج الأنبياء عليهم السلام: ( فَمَنْ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى). إنه متى تذكر المسلمون هذه الحقائق الناصعة، وعملوا على تطبيقها في واقع حياتهم، كانت هي السلاح الفاعل التي تقاتل به، والحصن الحصين، والدرع الواقي المتين الذي تتقي به في وجه الهجمات الكاسحة، والتكتلات العالمية والمؤامرات الدولية، والصراع التي تعيشه قوى الأرض جميعاً، فالقوة لله وحده: ( وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً ). الوقفة الثانية: وقفة مع قضية تعبر عن اعتزاز هذه الأمة بشخصيتها الإسلامية، وتبرهن للعالم بأسره عن استقلال هذه الأمة بمنهجها المتميز المستقى من عقيدتها وتاريخها وحضارتها وثوابتها، إنها قضية أجمع عليها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إنها التوقيت والتاريخ بالهجرة النبوية المباركة، وكم لهذه القضية من مغزى عظيم، يجدر بأمة الإسلام اليوم تذكره، لاسيما وقد فتن بعض أبنائها بتقليد غير المسلمين والتشبه بهم في تاريخهم وسلوكهم. أين عزة الإسلام؟ وأين هي شخصية أهل الإسلام؟ هل ذابت في خضم مغريات الحياة؟ إننا أمة ذات أمجاد وحضارة، وتاريخ وأصالة، وثوابت راسخة، ومنهج متميز، منبثق من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وسيرة سلفنا الصالح. لسنا بحاجة إلى تقليد غيرنا، بل غيرنا -في الحقيقية- بحاجة إلى أن يستفيد من أصالتنا وحضارتنا، لكنه التقليد والتبعية، والإعجاب والمجارات والانهزامية، والتشبه الأعمى من بعض المسلمين هداهم الله، والله عز وجل يقول( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ ). والوقفة الثالثة: مع حدث عظيم في شهر الله المحرم، فيه درس عظيم على نصرة أولياء الله، وانتقام الله من أعدائه مهما تطاولوا، إنه حدث قديم، لكنه بمغزاه متجدد عبر الأمصار والأعصار، إنه يوم انتصار نبي الله وكليمه موسى عليه السلام، وهلاك فرعون الطاغية، وكم في هذه القصة من الدروس والعبر، والعظات والفكر للدعاة إلى الله في كل زمان ومكان. فمهما بلغ كيد الأعداء وأذاهم وظلمهم وتسلطهم، فإن نصر الله قريب، وهو درس لكل عدو لله ولرسوله، ممن مشى على طريق فرعون، أن الله منتقم من كل طاغية وظالم، طال الزمان أو قصر، إن يوم الهجرة ويوم عاشوراء يومان من أيام النصر الخالدة، ألا فلتقر أعين أهل الحق ودعاته بذلك، فالعاقبة للمتقين، ولينتبه لذلك -قبل فوات الأوان- أهل الباطل ودعاته( إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ) وقال تعالى(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى). وإن في الحوادث لعبراً، وإن في التأريخ لخبراً، وإن في الآيات لنذراً، وإن في القصص لمدّكراً ومزدجراً( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ ) تلكم إشارات عابرة، ولمحات عاطرة، ووقفات مهمة عاجلة، يحتاج المسلمون إلى التذكير بها وهم يستقبلون عامهم الهجري الجديد، الذي أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، أن يجعله عام خير وبركة ونصر للإسلام والمسلمين في كل مكان، وعام ذل وهوان لأعداء الإسلام والمسلمين في كل مكان، كما أسأله سبحانه أن يجعله عام يقظة رشيدة، ونقطة تحول سديدة، وفتح صفحة جديدة، صلاحاً لأحوال المسلمين في كل مكان، وهزيمة ساحقة لأعداء الله ورسوله والمؤمنين. كما أسأله سبحانه أن يجعل مستقبل أيامنا خيراً من حاضرها، وحاضرها خيراً من ماضيها، وأن يعيد هذا العام على أمة الإسلام بالخير واليمن والبركات إنه سميع قريب مجيب الدعوات. من منبر المسجد الحرام |
01-10-2008, 10:53 AM | #2 |
عين على بني عمرو
|
رد: وقفات مع بداية العام الجديد
دموع سجام
بارك الله فيك ونفع بك صراحه إنا مقصرين جميعاً نسأل الله العفو والعافيه وأن يجعل عامنا الهجري الجديد عام خير ونصره للامتين يعطيك العافيه اخووك |
|
01-20-2008, 10:32 AM | #3 |
|
رد: وقفات مع بداية العام الجديد
جزاك الله خيراختي
|
اللهم اغفر لوالدي وارحمهما واكرم نزلهما واجمعني بهما في الفردوس الاعلى ياحي ياقيوم |
01-20-2008, 10:35 AM | #4 |
|
رد: وقفات مع بداية العام الجديد
|
|
01-20-2008, 11:05 AM | #5 | |
|
رد: وقفات مع بداية العام الجديد
اقتباس:
رحيل الندى شكرا على الرابط لو انه في غير محله شكلك مجهلله |
|
اللهم اغفر لوالدي وارحمهما واكرم نزلهما واجمعني بهما في الفردوس الاعلى ياحي ياقيوم |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
العام الدراسي الجديد بين البكاء والفرح | طيف | الصور والأفلام والفلاش | 10 | 09-11-2011 11:13 PM |
صرخات للغافلين وقفات مع نهاية العام | زهرة الجوري | مواضيع الحوار والنقاش | 9 | 11-28-2010 07:33 AM |
همسات مع بداية العام الجديد | محبكم في الله | رياض الصالحين | 1 | 12-12-2009 12:13 AM |
العام الجديد 1431هـ | المسامح | المواضيع العامة والإخبارية | 2 | 12-02-2009 04:43 AM |
تأجيل بداية العام الدراسي إلى 14 شوال | الرهيب معكم | التربية | 2 | 09-06-2009 04:27 PM |