الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
تفسير الزركشي لآيات من سور البلد والشمس والليل
تفسير الزركشي لآيات من سور البلد والشمس والليل سورة البلد ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾ [البلد: 1، 2] ذكر البغوي[1]: أنه يجوز أن يكون النزول سابقًا على الحكم، كما قال: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ * وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾، فالسورة مكية، وظهور أثر الحِل يوم فتح مكة، حتى قال عليه الصلاة والسلام: "أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ"[2]. قال الخطابي[3]: سمعت ابن أبي هريرة[4] يحكي عن أبي العباس بن سُرَيج[5] قال: سألَ رجلٌ بعض العلماء عن قوله تعالى: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾، فأخبر أنَّه لا يُقسم بهذا، ثم أقسم به في قوله: ﴿ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ ﴾ [التين: 3] [6]، فقال ابن سريج: أيُّ الأمرين أحب إليك؟ أجيبك ثم أقطعُك، أو أقطعُك ثم أجيبك؟ فقال: بل اقطعني ثم أجبني، فقال: اعْلَم أن هذا القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بحضرة رجال وبين ظهراني قوم وكانوا أحرص الخلق على أن يجدوا فيه مغمزًا، وعليه مطعنًا، فلو كان هذا عندهم مناقضة لتعلّقوا به وأسرعوا بالرد عليه، ولكن القوم علموا وجهلتَ، فلم ينكروا منه ما أنكرتَ، ثم قال له: إن العرب قد تدخل "لا" في أثناء كلامها وتلغي معناها، وأنشد فيه أبياتًا[7]. والقاعدة في هذا أشباهه أن الألفاظ إذا اختلفت وكان مرجعها إلى أمر واحد لم يوجب ذلك اختلافًا[8]. قال صلى الله عله وسلم: "إن إبراهيم حرَّم مكة وأنا حرَّمت المدينة"[9] وقوله تعالى: ﴿ لَا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾، يريد مكة، ثم قال: ﴿ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ ﴾، يمكن أن يريد به المدينة، ويكون في الآية تعريض بحرمة البلدين، حيث أقسم بهما، وتكراره البلد مرتين دليل على ذلك، وجعْل الاسمين لمعنيين أولى من أن يكونا لمعنىً واحد، وأن يستعمل الخطاب في البلدين أولى من استعماله في أحدهما، بدليل وجود الحرمة فيهما[10]. ﴿ يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا ﴾ [البلد: 6] قوله تعالى: ﴿ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا ﴾، اللبد: الكثير[11]. ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴾ [البلد: 11] قوله تعالى: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴾، قال الزمخشري: "لا" مكررة في المعنى، لأن المعنى: لا فك رقبة ولا أطعم مسكينًا، ألا ترى أنه فسّر اقتحام العقبة بذلك[12]. وقيل: إنه دعاء، أي أنه يستحق أن يُدعى عليه بأن يفعل خيرًا[13]. ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ [البلد: 17] قوله تعالى: ﴿ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴾ إلى قوله: ﴿ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ دخلت "ثم" لبيان تفاوت رتبة الفك والإطعام من رتبة الإيمان، إلا أن فيها زيادة تعرّض لوصف المؤمنين بقوله: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ [14]. سورة الشمس ﴿ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾ [الشمس: 13] قال رحمه الله: قد يستعمل النداء في غير معناه مجازًا في مواضع منها: الإغراء والتحذير، وقد اجتمعا في قوله تعالى: ﴿ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا ﴾، والإغراء: أمر معناه الترغيب والتحريض ولهذا خصُّوا به المخاطب[15]، والتحذير: أي احذروا ناقة الله فلا تقربوها، و"سقياها" إغراء بتقدير: الزموا ناقة الله[16]. ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ﴾ [الشمس: 14] قوله تعالى: ﴿ فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا ﴾، أي فعقروها ثم كذبوه في عقرها وفي إجابتهم[17]. سورة الليل ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾ [الليل: 1، 2] قال رحمه الله: تجئ "إذا" للحال، كقوله تعالى: ﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى ﴾، والتقدير: والليل غاشيًا والنهار متجليًا، فـ"إذا": ظرف زمان، والعامل فيه استقرار محذوف في موضع نصب على الحال، والعامل فيها "اقسم" المحذوف[18]. ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى ﴾ [الليل: 5] قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾ [الليل: 5، 6] ، لما جعل التيسير مشتركًا بين الإعطاء والتقى والتصديق، جعل ضده وهو التعسير مشتركًا بين أضداد تلك الأمور، وهي المنع والاستغناء والتكذيب[19]. وقد قال بعض الصحابة: يا رسول الله: ألا نتكل وندع العمل؟ فقال: "اعملوا فكل ميسر لما خلق له" ثم قرأ: ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى ﴾ [الليل: 5 - 10] [20]. [1] هو أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي، تقدمت ترجمته عند تفسير الآية رقم (129) من سورة الشعراء، تفسير البغوي، ص/ 1409 استنباطًا من تفسيره للآيات. [2] رواه البخاري من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما، كتاب الجنائز – باب الإذخر والحشيش في القبر، ص/ 325، رقم الحديث (1349)، ومسلم، كتاب الحج- باب تحريم مكة وصيدها وخلاها، ص/ 615، رقم الحديث (1353). البرهان: معرفة أسباب النزول – تقدم نزول الآية على الحكم 1/ 40. [3] هو الإمام العلامة، الحافظ اللغوي، أبو سليمان، حمد بن محمد بن إبراهيم بن خطاب البستي الخطابي، صاحب التصانيف، ولد سنة بضع عشرة وثلاثمائة، وسمع من: أبي سعيد بن الأعرابي بمكة، ومن إسماعيل بن محمد الصفّار وطبقته ببغداد، ومن أبي بكر بن داسة وغيره بالبصرة، ومن أبي العباس الأصم، وعدة بنيسابور، وعني بهذا الشأن متنًا وإسنادًا، وأخذ الفقه على مذهب الشافعي عن أبي بكر القفال الشاشي، وأبي علي بن أبي هريرة، ونظرائهما، من مصنفاته: "شرح السنن"، و"غريب الحديث" وغيرهما، توفي الخطابي ببست في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة. (تهذيب سير أعلام النبلاء 2/ 239 رقم الترجمة (3660). [4] هو الإمام شيخ الشافعية، أـبو علي الحسن بن الحسين بن أبي هريرة، البغدادي، القاضي من أصحاب الوجوه، انتهت إليه رئاسة المذهب، تفقه بابن سريج ثم بأبي إسحاق المروزي، وصنف شرحًا لـ "مختصر المزني"، أخذ عنه: أبو علي الطبري، والدارقطني وغيرهما، واشتهر في الآفاق، توفي سنة خمس وأربعين وثلاثمائة. (تهذيب سير أعلام النبلاء 2/ 113، رقم الترجمة (3113). [5] هو الإمام، شيخ الإسلام، فقيه العراقين، أبو العباس، أحمد بن عمر بن سريج البغدادي، القاضي الشافعي، صاحب المصنفات، ولد سنة بضع وأربعين ومئتين، وسمع في الحداثة، ولحق أصحاب سفيان بن عيينة، ووكيع، وتفقه بأبي القاسم عثمان بن بشار الأنماطي الشافعي، صاحب المزني، وبه انتشر مذهب الشافعي، ببغداد، وتخرج به الأصحاب، وحدث عنه: أبو القاسم الطبراني، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه، وأبو أحمد بن الغطريف الجرجاني، وغيرهم، توفي سنة ستٍّ وستمائة. (تهذيب سير أعلام النبلاء 2/ 18، رقم الترجمة (2654). [6] سورة التين: 3. [7] ثلاث رسائل في إعجاز القرآن، دار المعارف – مصر، ط/ 3، بيان إعجاز القرآن للخطابي، ص/ 47. [8] البرهان: معرفة موهم المختلف 2/ 31. [9] جزء من حديث قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهَا وَحَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ وَدَعَوْتُ لَهَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا مِثْلَ مَا دَعَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام لِمَكَّةَ"، رواه البخاري من حديث عبدالله بن زيد رضي الله عنه، كتاب البيوع – باب بركة صاع النبي صلى الله عليه وسلم ومده، ص/ 512، رقم الحديث (2129)، ومسلم، كتاب الحج- باب فضل المدينة ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم فيها، ص/ 617، رقم الحديث (1360). [10] البرهان: معاضدة السنة للقرآن 2/ 91. [11] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – 2/ 316. [12] الكشاف 6/ 378. [13] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – لا 4/ 216. [14] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات – ثم 4/ 167. [15] المصدر السابق: أقسام معنى الكلام 2/ 202. [16] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – فوائد الحذف 3/ 69. [17] المصدر السابق: مما قدم النية به التأخير 3/ 179. [18] البرهان: الكلام على المفردات من الأدوات – إذا 4/ 121. [19] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – الطباق 3/ 279. [20] الحديث: عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِيُّ فِي جَنَازَةٍ فَأَخَذَ شَيْئًا فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِ الْأَرْضَ فَقَالَ: "مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَقَدْ كُتِبَ مَقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ وَمَقْعَدُهُ مِنَ الْجَنَّةِ" قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا وَنَدَعُ الْعَمَلَ؟ قَالَ: "اعْمَلُوا فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ السَّعَادَةِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ السَّعَادَةِ وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّقَاءِ فَيُيَسَّرُ لِعَمَلِ أَهْلِ الشَّقَاوَةِ" (الشَّقَاءِ) ثُمَّ قَرَأَ ﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالحُسْنَى ﴾. رواه البخاري من حديث عليت، كتاب التفسير - باب فسنيسره لليسرى، ص/ 1260، رقم الحديث (4949)، ومسلم، كتاب القدر- باب كيفية الخلق الآدمي في بطن أمه...، ص/ 1222 رقم الحديث (2647). البرهان: معاضدة السنة للقرآن 2/ 86، والآيات في سورة الأعلى/ 5-10. الالوكة |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تفسير الزركشي لآيات من سورة عبس والتكوير | طالبة العلم | علوم القرآن والسنة والسيرة النبوية | 1 | 03-04-2016 11:12 PM |
تفسير الزركشي لآيات من سورة النبأ والنازعات | طالبة العلم | علوم القرآن والسنة والسيرة النبوية | 2 | 02-29-2016 04:45 AM |
تفسير الزركشي لآيات من سورة الإنسان | طالبة العلم | علوم القرآن والسنة والسيرة النبوية | 1 | 02-21-2016 04:36 PM |
تفسير الزركشي لآيات من سورة المدثر | طالبة العلم | علوم القرآن والسنة والسيرة النبوية | 2 | 02-16-2016 09:18 PM |
تفسير جزء عم كاملا ( تفسير 37 سورة بالصوت والصورة) لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان | Aboabdalah | الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال | 2 | 09-16-2009 02:08 AM |