شبابنا بين الصراعات والتحديات في مجتمعنا السعودي

الآن وفي خضم اضطرابات الحياة التي تتبلور كل يوم من كل النواحي , ومع التقدم في شتى المجالات , والانفتاح الفكري والمعرفي والثقافي لدى فئات المجتمع الشابة - كوني أركز في موضوعي هذا عليها – وزيادة الطاقات الشابة في هذه المرحلة العمرية التي تحتاج للامتصاص وترويجها الرواج الأمثل لتحقيق الرغبات المثلى والتخفيف من الأيديولوجية التي تؤثر عكساً على عطاء الشاب في هذه المرحلة العمرية , وتصعب عليه التناغم مع ظروف الحياة .
اتطرق في موضوعي هذا لفيض من غيض من المعوقات التي تواجه شبابنا وليست كلها ولكنني سوف احاول تسليط الضوء على بعض منها .

الشباب في مجتمعنا السعودي متميز عن غيره من شباب المجتمعات الأخرى كونه يتميز عن شباب المجتمعات الأخرى بعوامل عديدة تأصلت فيه وترعرت فيه منذ ولادته داخل البيت والأسرة السعودية ونحمد الله على ذلك .
لكن المؤسف في الأمر أن نرى الغالب من الشباب في هذه المراحل العمرية التي تعد أجمل سنوات العمر و زهرة حياة الإنسان تهدر فيها أوقاتهم وتتكدس طاقاتهم , أو تستنزف في أشياء عفوية قد تصل للسلبية نتيجة الفراغ أو عدم تحقيق رغبات الذات وعدم الرضاء عن من حوله وطريقة تعايشه مع الناس وطريقة معاملة الآخرين له .
فمن جهة نعتبرها العثرة التي تواجه كل شاب سعودي في حياته ما يسمى البطالة التي هي همّ يحط برحاله على الشاب السعودي جالباً معه كل عبء وقلق نفسي لدى الشاب بمجرد تخرجه من الصف الثالث ثانوي أو بعد حصوله على درجة البكالوريوس . فيبقى ذلك الإنسان التائه الذي خرج من فوهة الأنبوبة في فضاء شاسع وواسع لا يعلم أن يذهب أو يتجه .
ولو بحثنا عن المسببات لوجدناها عدم التوظيف الأمثل للطاقات والقدرات المعرفية واستنباطها من شبابنا منذ صغرهم وبداية سنوات تعليمهم لكي نحصل في الأخير على شباب لديه الهمة والعزيمة في تحقيق الذات وفي تحقيق رغباته وطموحاته .
من الجهة الأخرى نتطرق لبيئة الترفيه والترويح عن النفس لدى الشباب السعودي وتعايشهم مع بيئة المدينة , فنجد مع الأسف الشديد أنها بيئة محدودة تسبب سلبيات لدى الشباب نفسية , فتؤثر على تعاملهم مع من حولهم بكل تأكيد ..!!
فلنأخذ مثال :(مدينة الرياض) .
وعندما نأخذ مدينة كمقياس فإننا نقيس هذه المعايير التي في هذه المدينة على عدد من المدن لكن باختلاف التصوير والشواهد .
شباب الرياض عندهم حلول لأوقات فراغهم محصورة في ( البر _ الاستراحات والمخططات والمخيمات _ الدوران في الشوارع _ المقاهي بأنواعها ) .
بوجهة نظري هذه ليست حلول مجدية وصالحة كون الشباب لم توفر لهم احتياجاتهم ويقبعون تحت نظام الحجب الترفيهي ..!
كل شيء مخصص للعوائل أو للعمالة الأجنبية بكل أسف ..!
نحن نحترم وجود أماكن للعوائل للترفيه عن أنفسهم لكن أليس للشباب حقوق كذلك , أم أن الأجنبي هو الأحق بذلك في المنتزهات وفي الأسواق كذلك وسلب البساط من تحت أقدامنا ونحن أبناء الوطن ..!
في أحد المرات ذهبت لأحد المراكز التجارية الكبرى بمدينة الرياض لغرض لي في شركة ما داخل هذا المجمع التجاري ولكن حارس الأمن منعني وأثناء حواري معه دخل اثنين أجانب من عمالة عربية قلت له لماذا يدخلون وتمنعني أنا وأنا عندي غرض تسببت لي بتعطيله ..؟ ودخلت أنا وهو في جدال , فبرر لي موقفه بأنهم يعملون في المركز التجاري وفي الأخير حينما زاد الأخذ والعطاء بيني وبينه وقام مشرف الأمن بإرجاعهم ثبت أن كلامي حقيقي وهم لايعملون ولايمتون بأي صلة للمركز التجاري ..!
لكن لأنه أجنبي ونحن أبناء الوطن ما هو حرام على أبناء وطننا حلال على الأجنبي لأنه هو المثقف ومن يحترم البلد وأنا الهمجي الذي يدمر الوطن .
ماهي هذه النظرة السخيفة للشباب السعودي , اهكذا تريدون أن نكون في بلدنا ..؟
أصبح الشباب في تحدي مع من حولهم وهذا هو محصلة هذا الحجر الترفيهي على شبابنا . فلا نستغرب حينما نرى شبابنا يعمل تصرفات غريبة لا يمثل الذوق العام من خلالها , لأنه أصبح مزروع فيه أنه ذلك الشخص الذي لا يستحق أن يتعايش كيفما شاء وتدعونه هو من يضبط سلوكه بتربيته وبأصالته وبعقيدته الإسلامية .
نحتاج لإعادة النظر بإمعان في وضع شبابنا الذي بدأت تتزعزع ثقته في استحقاقاته المعنوية داخل بلده ووطنه .
ونسأل الله التوفيق والهداية والصلاح لجميع شباب المسلمين وللجميع خالص احترامي وتقديري..

يوسف العمري