#1
|
|||||||||||
|
|||||||||||
![]() نصح وتذكير لمن لم يخرج الزكاة على الوجه المشروع الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه ، أما بعد :
فإن الباعث لكتابة هذه الكلمة هو النصح والتذكير بفريضة الزكاة ، التي تساهل بها الكثير من المسلمين فلم يخرجوها على الوجه المشروع مع عظم شأنها ، وكونها أحد أركان الإسلام الخمسة ، التي لا يستقيم بناؤه إلا عليها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ، وإقام الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحج البيت )) [1] . وفرض الزكاة على المسلمين من أظهر محاسن الإسلام ورعايته لشئون معتنقيه ؛ لكثرة فوائدها ، ومسيس حاجة فقراء المسلمين إليها ، فمن فوائدها تثبيت أواصر المودة بين الغني والفقير ؛ لأن النفوس مجبولة على حب من أحسن إليها . ومنها تطهير النفس وتزكيتها ، والبعد بها عن خلق الشح والبخل ، كما أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى في قوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا [2] . ومنها تعويد المسلم صفة الجود والكرم والعطف على ذي الحاجة . ومنها استجلاب البركة والزيادة والخلف من الله ، كما قال تعالى : قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ[3] . وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : يقول الله عز وجل : (( يا ابن آدم أنفق أُنفق عليك ))[4] . إلى غير ذلك من الفوائد الكثيرة . وقد جاء الوعيد الشديد في حق من بخل بها أو قصر في إخراجها ، قال الله تعالى : وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ . يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ [5] . فكل مال لا تؤدى زكاته فهو كنز ، يعذب به صاحبه يوم القيامة ، كما دل على ذلك الحديث الصحيح ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها ، إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار ، فأحمي عليها في نار جهنم ، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره ، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ، حتى يقضى بين العباد ، فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار )) [6] . ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب الإبل والبقر والغنم الذي لا يؤدي زكاتها ، واخبر أنه يعذب بها يوم القيامة . وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال : " من آتاه الله مالاً فلم يؤد زكاته مُثِّل له ماله شجاعاً أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ، ثم يأخذ بلهزمتيه – يعني شدقيه – ثم يقول : أنا مالك ، أنا كنزك " ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم قوله تعالى : وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [7] [8] . والزكاة تجب في أربعة أصناف : الخارج من الأرض من الحبوب والثمار ، والسائمة من بهيمة النعام ، والذهب والفضة ، وعروض التجارة . ولكل من هذه الأصناف الأربعة نصاب محدود لا تجب الزكاة فيما دونه ، فنصاب الحبوب والثمار خمسة أوسق ، والوسق : ستون صاعاً بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، فيكون مقدار النصاب بصاع النبي صلى الله عليه وسلم من التمر والزبيب والحنطة والأرز والشعير ونحوها ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو أربع حفنات بيدي الرجل المعتدل الخلقة إذا كانت يداه مملوءتين . والواجب في ذلك العشر إذا كانت النخيل والزروع تسقى بلا كلفة كالأمطار والأنهار والعيون الجارية ونحو ذلك ، أما إذا كانت تسقى بمؤونة وكلفة ، كالسواني والمكائن الرافعة للماء ونحو ذلك ، فإن الواجب فيها نصف العشر ، كما صح الحديث بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وأما نصاب السائمة من الإبل والبقر والغنم ، ففيه تفصيل مبين في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفي استطاعة الراغب في معرفته سؤال أهل العلم عن ذلك ، ولولا قصد الإيجاز لذكرناه لتمام الفائدة . وأما نصاب الفضة فمائة وأربعون مثقالاً ، ومقداره بالدراهم العربية السعودية ستة وخمسون ريالاً ، ونصاب الذهب عشرون مثقالاً ، ومقداره من الجنيهات السعودية أحد عشر جنيهاُ وثلاثة أسباع الجنيه ، وبالغرام اثنان وتسعون غراماً . والواجب فيهما ربع العشر على من ملك نصاباً منهما أو من أحدهما وحال عليه الحول ، والربح تابع للأصل فلا يحتاج إلى حول جديد ، كما أن نتاج السائمة تابع لأصله فلا يحتاج إلى حول جديد إذا كان اصله نصاباً . وفي حكم الذهب والفضة الأوراق النقدية التي يتعامل بها الناس اليوم ، سواء سميت درهماً أو ديناراً أو دولاراً أو غير ذلك من الأسماء ، إذا بلغت قيمتها نصاب الفضة أو الذهب ، وحال عليها الحول ، وجبت فيها الزكاة . ويلتحق بالنقود حلي النساء من الذهب أو الفضة خاصة ، إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول ، فإن فيها الزكاة وإن كانت معدة للاستعمال أو العارية في أصح قولي العلماء ؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : (( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة ، صفحت له صفائح من نار ... )) [9] إلى آخر الحديث المتقدم . ولما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى بيد امرأة سوارين من ذهب فقال : (( أتعطين زكاة هذا ؟ )) قالت : لا . قال : (( أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار ؟ )) فألقتهما ، وقالت : هما لله ولرسوله [10] . أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن . وثبت عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت تلبس أوضاحاً من ذهب ، فقالت : يا رسول الله أكنز هو ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (( ما بلغ أن يزكى فزكي فليس بكنز ))[11] . مع أحاديث أخرى في هذا المعنى . أما العروض وهي السلع المعدة للبيع ، فإنها تقوَّم في آخر العام ويخرج ربع عشر قيمتها ، سواء كانت قيمتها مثل ثمنها أو أكثر أو أقل ؛ لحديث سمرة قال : (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي نعده للبيع ))[12] رواه أبو داود . ويدخل في ذلك الأراضي المعدة للبيع والعمارات والسيارات والمكائن الرافعة للماء وغير ذلك من أصناف السلع المعدة للبيع ، أما العمارات المعدة للإيجار لا للبيع ، فالزكاة في أجورها ، إذا حال عليها الحول ، أما ذاتها فليس فيها زكاة ؛ لكونها لم تعد للبيع ، وهكذا السيارات الخصوصية والأجرة ليس فيها زكاة إذا كانت لم تعد للبيع ، وإنما اشتراها صاحبها للاستعمال . وإذا اجتمع لصاحب سيارة الأجرة أو غيره نقود تبلغ النصاب ، فعليه زكاتها إذا حال عليها الحول ، سواء كان أعدها للنفقة أو للتزوج أو لشراء عقار أو لقضاء دين أو غير ذلك من المقاصد ؛ لعموم الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الزكاة في مثل هذا . والصحيح من أقوال العلماء أن الدين لا يمنع الزكاة ؛ لما تقدم . وهكذا أموال اليتامى والمجانين تجب فيها الزكاة عند جمهور العلماء إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول ، ويجب على أوليائهم إخراجها بالنية عنهم عند تمام الحول ؛ لعموم الأدلة ، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث معاذ لما بعثه على أهل اليمن : (( إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم )) [13] . والزكاة حق الله لا تجوز المحاباة بها لمن لا يستحقها ، ولا أن يجلب الإنسان بها لنفسه نفعاً أو يدفع ضراً ، ولا أن يقي بها ماله أو يدفع بها عنه مذمة ، بل يجب على المسلم صرف زكاته لمستحقيها ؛ لكونهم من أهلها لا لغرض آخر ، مع طيب النفس بها والإخلاص لله في ذلك ، حتى تبرأ ذمته ويستحق جزيل المثوبة والخلف . وقد أوضح الله سبحانه في كتابه الكريم أهل الزكاة ، قال تعالى : إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[14] . وفي ختم هذه الآية الكريمة بهذين الاسمين العظيمين تنبيه من الله سبحانه لعباده ، على انه سبحانه هو العليم بأحوال عباده ومن يستحق منهم الصدقة ومن لا يستحق ، وهو الحكيم في شرعه وقدره فلا يضع الأشياء إلا في مواضعها اللائقة بها وإن خفي على بعض الناس بعض أسرار حكمته ؛ ليطمئن العباد لشرعه ويسلموا لحكمه . والله المسئول أن يوفقنا والمسلمين للفقه في دينه والصدق في معاملته ، والمسابقة على ما يرضيه ، والعافية من موجبات غضبه إنه سميع قريب ، وصلى الله على عبده ورسوله محمد وآله وصحبه وسلم . الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد عبد العزيز بن عبد الله بن باز [1] رواه البخاري في ( الإيمان ) باب بني الإسلام على خمس برقم 8 ، ومسلم في 0 الإيمان 9 باب بيان أركان الإسلام ودعائمه العظام برقم 16 ، والترمذي في ( الإيمان ) باب ما جاء بني الإسلام على خمس برقم 2609 ، واللفظ له . [2] سورة التوبة ، الآية 103 [3] سورة سبأ ، الآية 39 [4] رواه البخاري في ( النفقات ) باب فضل النفقة على الأهل برقم 5352 ، ومسلم في ( الزكاة ) باب الحث على النفقة برقم 993 [5] سورة التوبة ، الآيتان 34 ، 35 [6] رواه مسلم في ( الزكاة ) باب إثم مانع الزكاة برقم (987 ) [7] سورة آل عمران ن الآية 180 [8] رواه البخاري في 0 الزكاة ) باب إثم مانع الزكاة برقم (1403 ) [9] سبق تخريجه [10] رواه أبو داود في ( الزكاة ) باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم( 1563 ) [11] رواه أبو داود في ( الزكاة 9 باب الكنز ما هو وزكاة الحلي برقم (1564 ) [12] رواه أبو داود في ( الزكاة ) باب العروض إذا كانت للتجارة برقم (1562 ) [13] رواه البخاري في ( الزكاة 9 باب وجوب الزكاة برقم 1395 ، ومسلم في ( الإيمان ) باب الدعاء إلى الشهادتين برقم( 19 ) [14] سورة التوبة ، الآية( 60 ) ![]() ![]() ![]() |
![]() |
#4 |
![]() ![]() |
![]()
بارك الله فيك أخي أبو صاهود على الموضوع الرائع
منع الزكاة سبب لمنع القطر و ما نحن فيه من قحط وجدب إضافة إلى الذنوب الأخرى |
![]() ![]() |
![]() |
#7 |
عضوة قديرة وصاحبة مكانة بالمنتدى
![]() ![]() |
![]()
الله يكتب لك الاجر والثواب على الطرح
وجزاك الله خير الجزاء واثقل الله بها موازين حسناتك |
![]()
لسّت سيئة جداً
كـمـآ انني لست ملآك . . ! فـ منِ سيقذفني بالسوء فـ ليتمهل ! وِ من سينزهني عنُ كل شي ، فـ ليحترس ! لدي ذنوب صَغيره يجهلها آلجميع . . ويعلمهآ : الخآلق وَحده ![]() |
![]() |
#8 |
![]() |
![]()
بارك الله فيك على هذا الموضوع القيم
تقديري |
![]() ![]() لا تــأسفن على غــــــــــدر الزمـان لطالما رقصت على جثث الأســــــــود كــــــلابُ لا تحسبنّها برقصها تعلو علـــــــى أسيادها تبقى الأســـود أســــودُ والكــلاب كــــلابُ ![]() |
![]() |
#9 |
عضو قدير وصاحب مكانة بالمنتدى
![]() ![]() |
![]()
هانتر الجنوب
الله يغفرلنا ذنوبنا وخطايانا مقصيرن ونطلب الله ارحم الراحمين تقديري لمرورك |
![]() ![]() ![]() ![]() |
![]() |
#14 |
مراقبة
![]() ![]() |
![]()
كتب الله اجرك ورفع قدرك
|
![]() اللهم هبّ ل امي و أبي جنة يتلألأ نورها شاهقة خيامها، مشيده قصورها ، ذهب وفضه لُبناتها، لؤلؤ وياقوت حصباؤها ، وزعفران تربتها ، آمين . ![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الله يجزيكم خير اعطوا هالمسكين زكاة اموالكم.... | رعد الجنوب | وسع صدرك | 6 | 08-12-2003 01:46 AM |