أجـــيالـــــنا.. بيـــن الحــــزم والتـــهــاون!

عندما دخل القرن العشرون.. هدد الآباء والأمهات بكابوس مقلق اسمه "الكبت" وتفنن - آنذاك- علماء النفس في إطلاق تحذيرات ملأت أجواء الآباء بالقلق على مستقبل أبنائهم. مثل قولهم: "أحذروا أن تسببوا لأبنائكم الاكــــتئاب"، " احذروا العقد النفسية" ،فصارت للتربية فلسفة جديدة ونظريات حديثة جعلت الآباء والأمهات يتخلون عن حزمهم في التربية خوفاً من التسبب في مشكلات نفسية للأبناء، كما جعلهم يوكلون أمر تربية الأبناء للخادمات المستقدمات من الخارج، وللتلفزيون والفضائيات مؤخراً فخرجت لنا أجيال مشوشة، متخبطة، مضطربة، لا تعرف لها حدوداً، تطالب بما هو حق لها وبما ليس حقها، ولا تعرف واجباتها، أنانية تسير على نهج الاستهتار في كل شيء. فقد تعلمت سلبياتها من بعض الآباء الهاربين من ممارسة مسؤولياتهم، والمتهاونين غير الحازمين.




الحزم والتسامح

والحزم أو التهاون في تربية الأبناء مسألة صعبة قادرة على إرباك الآباء والأمهات الذين تشبعوا بالأفكار التي نادت بها أساليب التربية الحديثة لكن الحقائق تؤكد أن التسامح والتهاون المبالغ فيهما مع الطفل يفقدانه التوازن المطلوب لمواجهة الحياة، والحزم المبالغ فيه والقسوة يخرجان أطفالاً ممتلئين بالخوف من هذا العالم.

لذا كانت التربية الصحيحة هي تلك القائمة على التوازن بين الحزم والتسامح، فما نشاهده اليوم من سلوكيات شاذة، وأخلاقيات مرفوضة، تصدر من بعض الناشئة إنما هو نتيجة طبيعية لتربية متهاونة ترسخت أفكارها في نفوس آباء وأمهات اعتنقوا مبدأ ترك الحبل على الغارب للأبناء بقصد كسب صداقتهم وتجنيبهم الإصابة بالعقد النفسية!

الصداقة لها أصول

وإذا ما تأملنا النتيجة التي وصل إليها الآباء مع أبنائهم سنجد أن الوصول إلى غاية الصداقة بينهم لم تتحقق، كما أنهم لم يجنبوهم الوقوع في فخ العقد، لأن هؤلاء الآباء استجدوا الصداقة من أبنائهم عن طريق التبسط معهم في الحديث، وتحقيق المطالب دون حساب، وتخطي حدود الاحترام الواجب التزامها من قبل الأبناء تجاه الآباء، مما أدى إلى تمادي الأبناء في التمرد والاستهتار والفشل، وذلك لأن الأبناء منذ أن تتفتح أعينهم على العالم وهم يبحثون عن الحدود التي يجب ألا يتجاوزوها، ويحاولون تجاوزها بعد ذلك.

لذا كان من المهم أن يعي الآباء والأمهات أهمية القيادة الصارمة الحازمة مع الأطفال، وأن يعرفوا أن الصداقة التي ينشدونها مع أبنائهم يمكنهم أن يحصلوا عليها بالحزم أكثر مما يحصلون عليها بالتهاون والتسيب.

فالطفل مهما أبدى امتعاضاً وضيقاً ونفوراً من حزم والديه يظل يداخله شعور راسخ بأن أمنه وأمانه يعتمدان على والديه اللذين يوجهانه ويحرصان عليه، أما الطفل الذي ينشأ في أجواء سلبية ينشرها حوله والداه بتهاونهما المفرط تجده يشعر بعدم الاستقرار وعدم الانسجام مع مجتمعه، الحزم من قبل الوالدين أمر ضروري ليعيش الطفل حياته بشكل سليم ولينمو في أجواء يعرف فيها أن له حدوداً مسموحاً له بها وعليه واجبات يجب أن يؤديها.

فالحزم في قيادة الطفل يعني أن لكل شيء موعداً ونظاماً يجب أن يحترم وحدوداً يجب ألا تتخطى، فعبث الطفل بنظارة أبيه أو أوراقه مثلاً أمر يجب وضع حدود له. ليس بالتوسل والرجاء ولكن بالحزم، وإن تكرر التصرف من الطفل فلا مانع من أن ينال عقوبة بضربه على يده دون غل أو توتر مبالغ فيه، فالطفل بحاجة إلى عقاب بسيط، والعقاب يحتاج إلى ثبات وهدوء وعدم مبالغة.
ما معنى الحزم؟

إن ما يعانيه أغلب أبناء الأجيال التي نشأت تحت ظل (شعار التسيب) تجدهم يعيشون حياة تخبط لأن آباءهم تخلوا عن دور القيادة القائم على التوجيه والذي يلزم الطفل بالطاعة والامتثال للنظم والسلوك القويم، فالضوابط الأسرية التي تفرضها القيادة الحازمة من قبل لآباء كفيلة بأن تدفع الأبناء نحو تحقيق النجاح في حياتهم العلمية والعملية وبناء أسرة فيما بعد، كما أنها كفيلة بأن تدفع الابن نحو ممارسة نفس نهج والديه الذي تربى عليه.

والحزم لا يعني أبداً اضطهاد الابن وتحويل حياته إلى معسكر، وطمس شخصيته وزرع الخوف والرعب في نفسه حتى يتولد لديه الشعور بالرهبة من الا قتراب من أبويه، بل يعني أن تكون هناك ضوابط وحدوداً ونظماً تحترم وتطبق في أجواء ملأى بالحب والاحترام والعطاء.

إن الحزم يكفل عدم ترك مساحة مبالغ فيها من الحريـة للأبـــناء الذيــن لا يعرفون كيف يتصرفون فيها.. فيسيئون عندئذ التصرف ويضيعون في متاهاتها لأن إطلاق الحبل على الغارب يوقع الابن في توترات وتخبطات لأنه لم يعرف له حدوداً يلتزمها ولم يصل إلى مرحلة النضج الكلامي التي تجعله أهلاً لمساحات أكبر من الحرية، وقد أثبتت التجارب والدراسات أن الحزم في تربية الأطفال يعطي نتائج أكثر إيجابية ويخرج لنا أجيالاً أكثر انسجاماً مع الحياة والمجتمع.. لأن الطفل الذي ينشأ متحملاً بعض القسوة من أبيه يصبح أكثر مقدرة على تحمل قسوة الحياة والناس في المستقبل، وأكثر استيعاباً بالحقيقة ،إن الإنسان حينما يخرج إلى الحياة إنما يخرج ليندمج مع المجتمع، كما أن إحساس الابن بأن والديه (حازمان ورؤوفان) يؤكد بداخله ثقته بنفسه وبالعالم المحيط به

قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن التعامل مع ألاطفال: "شدة في غير عنف ولين في غير ضعف".

الله يستر على الجيل الجديد للفضائيات تاثير كبير عليهم


سلمتي غاليتي لطرحك الموضوع


تحيتي

هلا فيكي اختي

وشكرا على الاضافه بارك الله فيك

موضوع فيه كثير من الفوائد يعطيك العافية

ابو غلا


هلا بك دايم