زيارة قصر الحمراء تجعل السائح العربي يجمع الحزن والفرح في آن واحد

الوفاق) في غرناطة... آخر المعاقل العربية بالأندلس .. زيارة قصر الحمراء تجعل السائح العربي يجمع الحزن والفرح في آن واحد




غرناطة : أبو إياد مصطفى
تحقيق

مدينة غرناطة آخر المدن والقلاع العربية التي سقطت بأيدي الإفرنجة الإسبان في ديسمبر من العام 1492، وبسقوطها غربت شمس العرب والإسلام بشبه الجزيرة الإيبيرية، بعد أن سطعت هناك لأكثر من ثمانية قرون. إلا أنه وعلى رغم هذا فإن كل ما في المدينة من مآثر وآثار، مازال يرمز إلى الوجود العربي، حتى أن الأمر يبدو كمنزل غاب عنه أهله ، واستوطن به الغرباء.

(الوفاق) انتقلت إلى غرناطة وجالت في حيها العربي وداخل مجمعها الملكي (قصر الحمراء) وعادت بهذا التقرير.

غرناطة الجغرافيا والتاريخ

تقع غرناطة في ساحل إسبانيا الجنوبي على البحر الأبيض المتوسط ومساحتها حوالي 31.100 كم.2 وفي القرن الثامن الميلادي قام المسلمون الفاتحون بقيادة القائد المسلم الأمازيغي طارق بن زياد بدخولها على غرار كامل الجنوب الإسباني، قبل أن يمتد الفتح العربي شمالاً إلى جبال البرانس التي تفصل اليوم بين إسبانيا وفرنسا. وصارت غرناطة مملكة مستقلة العام 336هـ (1238م) خلال حكم ملوك الطوائف بعد انهيار الحكم الموحدي الذي حكم تلك البلاد، انطلاقاً من مدينة مراكش عاصمة الخلافة الموحدية. واستمرت مركزاً للعلوم والحضارة التي ابتكرها المسلمون في إسبانيا. وبسبب الخلافات التي كانت سائدة بين الحكام المسلمين، انفرط عقد الإمارات العربية المسلمة الواحدة تلو الأخرى، لتكون غرناطة آخر معقل عربي إسلامي يسقط بأيدي الجيوش الإسبانية المسيحية، إذ استولت قوات الملكين المسيحيين فرديناندو وزوجته إيزابيلا على مملكة غرناطة العام 897هـ، (1492م). وفي القرن التاسع عشر الميلادي قسمت المنطقة إلى ثلاث مقاطعات إدارية: غرناطة وملقة وألمرية، وكانت مساحة مقاطعة غرناطة 12.530 كم.2 ويبلغ عدد سكانها اليوم حوالي ثمانمائة ألف نسمة. وعاصمتها مدينة غرناطة.



في الطريق إلى الحمراء

أينما وليت بوجهك وأنت في غرناطة، تجد ما يذكرك بروح الشرق الساحرة، حي البازيين العربي يجعل المرء يحس كما لو كان بحواري فاس المغربية، أو حواري دمشق بالشام، الأقواس كذلك وطريقة البنيان، تجعل من مدينة غرناطة كما لو كانت عبارة عن مدينة عربية اختطفت وسحبت من المكان الطبيعي الذي يجب أن توجد فيه، إلا أن المكان الأبرز الذي يدل على عظمة المسلمين الإسبان الذين عاشوا في هذه الأرض قبل اجتثاثهم عقب محاكم التفتيش التي انتهت فصولها العام 1570 هو قصر الحمراء. في الطريق إلى مجمع قصر الحمراء على أعلى هضبة في المدينة، يجب المرور من حي البازيين العربي التاريخي العتيق، الجسر الذي يربط القسم الأوروبي وقصر الحمراء، الذي أعلنته منظمة اليونيسكو ومعها حكومة الأندلس المستقلة، في العام 1993م تراثاً إنسانياً، أي ليس من حق دولة إسبانيا أن تدمر الآثار التي في المنطقة، لأنها جزء من التاريخ الإنساني، وهذا القرار جعل من الموقع منطقة سياحية بامتياز، يسمح للجميع بزيارتها، وقد رحبت إسبانيا بهذا الاختيار، بل إنها بدأت بترميم بعض المساكن والقصور، ومنعت بيعها أو هدمها، وأنهت ترميم قصر اسمه قصر (دارالحرة) يعتقد أنه قصر (أم أبوعبد الله) آخر ملوك إمارة بني الأحمر، وجعلته مركز معلومات سياحية للمنطقة بكاملها، ومزاراً للسياح يفتح أربع ساعات من الساعة العاشرة صباحاً إلى الثانية ظهراً، ثلاثة أيام في الأسبوع، وهي أيام الاثنين والأربعاء و السبت من كل أسبوع؛ للتجوال السياحي داخل القصر. سيجد السائح أن هذا الحي القديم، الذي تحول شيئاً فشيئاً إلى مزار سياحي، يتسابق السياح إلى زيارته، وخصوصاً في فصل الربيع، ويمكن للسائح أن يتجول في الأزقة وبين المنازل، ويمكن أن يتناول الشاي والطعام العربي المغربي بالأساس، إذ هناك الكسكسي والخبز العربي واللحم المشوي والفلافل الشامية، إذ تقدم للسائح كجزء من سفره عبر التاريخ إلى زمن الحكم العربي (العودة إلى التاريخ). وحتى تكتمل الحياة العربية داخل حي البازيين كان من الضروري أن يزود الحي على غرار أحياء المدن العربية القديمة بحمام، فكان حمام الأندلس الذي تفتح يومياً أبوابه من الساعة العاشرة صباحاً إلى منتصف الليل، ويقدم خدماته السياحية للزوار بالاستحمام بالماء الساخن، مع وجود مدلكين محترفين، وبإشراف صحي كامل، وتكلف هذه الزيارة الترفيهية ولمدة ساعتين يقضيها السائح بالاستحمام والاسترخاء مبلغ 15 يورو. وفي لقاء لنا مع مديرة الحمام السينيورة كارمين ذي ألونزو، أكدت أن الحمام بني وفق معايير فترة الحكم العربي للمنطقة قبل خمسة قرون، وقالت: افتتحت هذه المنشأة قبل سنوات من الآن، حتى يستعيد حي البازيين بريقه، كنا نريده في بادئ الأمر منشأة سياحية، إلا أنه بات يستقبل زيادة على السياح الأجانب ساكنة المنطقة التي رأت فيه حلقة تربطها بماضي هذه الأرض. هذا، من دون نسيان الأثر الصحي الذي يتركه الاستحمام هنا، ولمسايرة العصر فقد زود بخدمة التدليك الذي ينقسم إلى قسمين التدليك الطبي حتى تسترخي أعضاء الجسم، والتدليك التقليدي عبر تعميم كامل الجسم بالماء وفرك أعضائه.



موظفة الجباية في القصر

قبل الدخول إلى، قصر الحمراء لابد من دفع رسوم الدخول المحددة هي 9 يورو، الأمر الذي لم أستسغه، كيف لي أن أدخل أنا العربي إلى إحدى المآثر العربية التي خلفها أجدادي العرب عبر تقديم رسوم لأغراب شاء القدر أن يكون من نصيبهم لمدة ستة قرون بعد أفول شمس العرب هناك، لكن وأنا أقدم رسوم الدخول لموظفة جباية الرسوم تذكرت وأنا أتطلع إلى ملامحها الأندلسية ذات السحنة السمراء والعيون الكبيرة والشعر الأسود، التي حتما ورثتها عن أجدادها العرب قصيدة الراحل نزار قباني. في مدخل (الحمراء) كان لقاؤنا ما أطيب اللقيا بلا ميعــاد عينان سوداوان في حجريهمــا تتوالد الأبعاد من أبعـــاد هل أنت إسبانية؟ ساءلتـهــا قالت: وفي غرناطة ميلادي غرناطة؟! وصحت قرون سبعة في تينك العينين. بعد رقـاد يعد قصر الحمراء من أروع القصور في تاريخ العمارة الإسلامية، بل يعتبر الوحيد منها الذي مازال يحتفظ بكامل روعته، ربما حتى يكون شاهداً على أن العرب مروا من هنا. وبحسب محافظ القصر السينيور خوزيه ذي ألمونتي فإن قصر الحمراء (ألامبرا وفقاً للغة الإسبانية) بناه السلطان (محمد الغني بالله) حين تولى مقاليد الإمارة العام 755 للهجرة الموافق للعام 1354 للميلاد. وعن أهم معالم القصر يقول ذي ألمونتي: "يتكون قصر الحمراء من عدد من القاعات والأجنحة أبرزها قاعة الأسود التي تزين وسطها نافورة يحيط بها 12 أسداً، بالإضافة إلى بهو الريحان الذي تحيط به حجرات كسيت بحشوات جبصية تبدو كالسجاجيد، وتعد غاية في الروعة والجمال زينت بعبارات إسلامية من بينها لا غالب إلا الله، والبقاء لله. وتتناثر داخل المجمع الملكي لقصر الحمراء الكثير من القصور أبرزها قصر جنة العريف، وقصر شنيل الذي يرجع تاريخ تشييده إلى فترة حكم الأمير أبي إسحاق بن الخليفة بن أبي يعقوب بن يوسف، وقصر الزهراء الذي قدمه أحد الملوك الذين مروا من هنا لزوجته هدية، والذي تأسرك فيه الزخارف والكتابات العربية التي يقال إنها أبيات شعرية من شعر الغزل الذي اشتهر به الشعراء العرب".



معالم المجمع الملكي

منذ الوهلة الأولى وبعد أن تجتاز البوابة الرئيسية تجزم أن قصر الحمراء لن يكشف لك عن أسراره دفعة واحدة، فأسواره الشاحبة التي تميل إلى الاحمرار وتخفي داخلها كنوزاً من الفن المعماري، تؤكد بدورها أن الحضارة العربية في الأندلس لم تتخل عن تذوق الجمال والاستمتاع به حتى والانهيار يتهددها، وكأنها تعيش للأبد. وأنت تلج جنة العريف المقر الصيفي لملوك بني الأحمر، تخلف جدران القصر في النفس انطباعات متضاربة، إذ لا يخلو جدار واحد داخل الحمراء من نقش لعبارة (لا غالب إلا الله) و(البقاء لله). فهل كان بنو الأحمر يتوقعون الهزيمة بين لحظة وأخرى، وهل ثمة تسليم أكبر بالقضاء والقدر من هاتين العبارتين؟

منقول من جريدة الوفاق آمل ان تعم الفائدة وتذكرت قول الشاعر ابو البقاء الرندي



لكل شيء إذا ما تم نقصان ++++++ فلا يغر بطيب العيش إنسان هي الأمور كما شاهدتها دول ++++++ من سره زمن ساءته أزمان ,,,,,,,,,,,,تقبلوا خالص تحياتي وتقديري
اخوكم/ نديم الليل