ما نراه اليوم أن الكثير منا أصبح يسير بأفواه مفتوحة، بعيون مفتوحة، بأذان مفتوحة، ولكن بعقول مغلقة! في مجتمعاتنا اليوم، ونحن نعيش عصر المعلومات واقتحام الفضاء الافتراضي حياتنا اليومية، يجب أن ندرك أننا أمام تحد هام وحيوي.. هل نحن نستقبل هذه المعلومات بعقول منفتحة تمكننا من دراسة المعلومات بشكل صحيح، أي بعقل ناقد محلل لا يقفز للحكم قبل التحقق والتأكد والمراجعة، أم نسارع إلى التقبل والنقل دون إعمال العقل؟ للأسف الكثير منا أغلق عقله وسلم المفتاح لجهاز تقني يضخ في اتجاهه المعلومات صباح مساء، وأعطاه حق التحكم بقراراته التي أضحت مشوهة وبعيدة كل البعد عن الحقائق، والتي أقل ما يمكن أن يقال عن نتائجها حدوث سوء الفهم، وأخطرها إثارة الفتن والتفرقة بين الناس!
أفضل توضيح وجدته للعقل المغلق هو التالي: تخيل نفسك في غرفة صغيرة، حيث تم إغلاق كافة النوافذ والأبواب، لا يمكن لأي نسيم أو ضوء أن يخترق هذه العزلة، بعد فترة من الوقت سوف تشعر بالاختناق، وقد يصل بك الأمر إلى الهلوسة، بنفس الطريقة، إن تم إغلاق العقل ومنعه من التفكير والفهم والتدبر لكل ما يحمل العالم الخارجي من معان ومعلومات، يصبح المرء ضيق الأفق، قصير النظر قابلا لتقبل أي معلومة تخاطب مشاعره حتى ولو كانت تحتقر عقله! فعندما يكون الإنسان بعقل غير مهيأ للانفتاح على الرأي الآخر، يصعب عليه التكيف بسرعة مع التغيرات وعليه يرفضها، كما يصعب عليه تكوين علاقات مع من لا يفكرون بنفس طريقته، حيث إنه تتجمد عنده القدرات العقلية على التفكير، ولا يتقبل الإصغاء لأي مصدر غير مصادره المعتادة، أو مقارعة أي رأي معارض حتى ولو كان مجهزا بالحجة وبالدليل، وبالتالي يصعب على المرء أن يتجادل مع هذه النوعية من البشر، حتى ولو كان يمتلك كل الحجج والبراهين، وهذا أمر في غاية الخطورة، أي التعامل مع من يرفض الحقائق، ولكن بكل طيب خاطر واستسلام عجيب لديه كل الاستعداد لتقبل الأكاذيب التي قد تصل حد السخافة والسماجة! حاول الحوار معه من وجهة نظره، وبالطبع لن يبخل عليك بما عنده، فكثير من أصحاب العقول المغلقة تجد أن أفواههم مفتوحة والكلمات تتدفق منهم كالغدير، ركّز معه وستكتشف أن جل معلوماته اقتصرت على مرجعية واحدة، وبالتالي ستجد أن انفتاحه على الآخرين أو حتى العالم من حوله، يكون إما من خلال التظاهر المبطن، أو الإقصاء الفاضح!
ورسولنا صلى الله عليه وسلم كان لا يحب الانغلاق و الاختفاء وراء الابواب
وحتى حفر الخندق للدفاع لم يكن معروفا عند العرب ، لكنه كان من فنون الفرس في الحرب، وكان الذي أشار بحفره سلمان الفارسي رضي الله عنه حيث قال : يا رسول الله إنا كنا بفارس إذا حوصرنا خندقنا حولنا، فأمر الرسول بحفره وعمل به بنفسه
أخي ابراهيم
أعتذر على الإطالة
وإن شاء الله ما شطحت خارج الموضوع
لك جزيل الشكر على هذا التعبير الرائع
تحيتي
|