وقال ربكم ادعوني استجب لكم

بسم الله الرحمن الرحيم

{وقال ربكم ادعونى أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتى سيدخلهم جهنم داخرين }

(غافر : 60 ).

الدعاء مظهر من مظاهر العبودية الخاشعة و الإيمان الصادق و هو واجب فى كل وقت .

من منا لا يريد شيئاً من الدنيا او الآخرة ! ولمن نلجأ ؟ هل نلجأ إلى أشخاص مثلنا ؟ فهل يتعلق الغريق بالغريق او الضعيف بالضعيف أو الفقير بالفقير و إلهنا موجود ؟

و قد جاء فى الحديث القدسى عن رب العزة :" أيقرع بالخواطر باب غيرى و بابى مفتوح ؟! أم هل يؤمل للشدائد سواى و أنا الملك القادر ؟ ! لأكسون من أمّل غيرى ثوب المذلة بين الناس " .

(شرح الأربعين النووية )

قال الله تعالى : { قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السموات ائتونى بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم إن كنتم صادقين* ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب لة إلى يوم القيامة و هم عن دعائهم غافلون } .

(الأحقاف : 4, 5) .



قال وهيب بن الورد , حدثنى رجل قال : كنت أسير ذات يوم فى أرض الروم فسمعت هاتفا من فوق جبل و هو يقول : " يارب عجبت لمن عرفك كيف يرجو احد غيرك , يا رب عجبت لمن عرفك كيف يطلب حوائجة إلى أحد غيرك , قال : ثم عاد مرة ثانية فقال : يا رب عجبت لمن عرفك كيف يتعرض لشىء من سخطك ليرضى غيرك . قال ... فناديتة : أجنى انت أم إنسى ؟ فقال : بل إنسى ... اشغل نفسك بما يعنيك عما لا يعنيك (رواة ابن أبى الحاتم).

إن مفاتيح لقاء الكبراء و العظماء بيد مدير مكاتبهم , فلابد لمقابلة كبير أو عظيم من تقديم الإلتماسات و مبررات تلك المقابلة و تحديد مواعيد المقابلة و مدتها ....... وقد تتم أو لا تتم ....... أما مفاتيح لقاء الخالق فقد جعلها الله فى يد الإنسان ..... يختار هو الوقت والمكان . جاء رجل إلى الرسول صلى الله علية وسلم و سألة : " أبعيد ربنا فننادية أم قريب فنناجية" فنزلت هذة الآية : { وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان } .

فما على الإنسان إلا أن يرفع يدية إلى السماء قائلاً " يا رب " حتى يجيبة الله ......... ذلك هو سبحانة وتعالى عما يشركون تجلت ذاتة وعظمتة .

نماذج إستجابة الدعاء فى القرآن :

· كانت الصحابية الجليلة " خولة بنت ثعلبة " متزوجة من ابن عمها "أوس بن صامت " وفى نزاع بينهما قال لها : أنت على كظهر أمى ....... فلجأت إلى الرسول فقالت : يا رسول الله ما ذكر طلاقاً , وأخذت تراجعة و فى كل مرة يقول الرسول لها : " حرمت علية " فقالت : " إلى الله أشكو فاقتى ووحدتى ووحشتى و فراق زوجى وابن عمى , اللهم إنك تعلم أن زوجى شيخ كبير , وأنا إمرأة عجوز ولا غنى لى عنة وأن لى منة أولاداً إن تركتهم معة ضاعوا و إن أخذتهم جاعوا , اللهم فرج كربتى واحلل عقدتى " ...... فأجاب الله دعوتها قبل أن تقوم من مقامها مع النبى حيث تنزل الوحى ليبين حكم الظهار : { قد سمع الله قول التى تجادلك فى زوجها و تشتكى إلى الله و الله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير } .

· دعاء نوح علية السلام : {قال رب إن القوم كذبون * فأفتح بينى وبينهم فتحا ونجنى ومن معى من المؤمنين }......

فجاء الفعل الإلهى : { فأنجيناة و من معة فى الفلك المشحون * ثم أغرقنا بعد الباقين} . (الشعراء: 117 ,118 ,119, 120 ).



· دعاء زكريا علية السلام : {وزكريا إذ نادى ربة رب لا تذرنى فردا وأنت خير الوارثين * فاستجبنا لة ووهبنا لة يحيى وأصلحنا لة زوجة إنهم كانوا يسارعون فى الخيرات ويدعوننا رغبا ورهباو كانو لنا خاشعين } . (الأنبياء : 89 ,90 ) .



فضل الدعاء فى السنة النبوية :

قال رسول الله صلى الله علية وسلم :

· " ليس شيء اكرم على الله تعالى من الدعاء" (بإسناد صحيح عن أبى هريرة ) .

· " إن الدعاء هو العبادة " (رواة أحمد عن النعمان بن بشير )

· " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة و اعلموا أن الله لا يستجيب دعاء من قلب لاة " (رواة الترمزى عن أبى هريرة)

· " لا يغنى حذر من قدر و الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وإن البلاء لينزل فيلقاة الدعاء فيعتلجان –أى يتصارعان –إلى يوم القيامة " (رواة البزاز و الطبرانى : الإسناد عن عائشة)

· " إن الله حيّى كريم يستحى أن يرفع العبد يدة ثم يردهما صفراً خائبتين " .



ويحكى أبى هريرة رضى الله عنة قصة عن فضل الدعاء مع أمة التى كانت شديدة الكفر وكانت تسب النبى فجاء إلى رسول الله وقال لة :" يا رسول الله أمى ترفض الإسلام أعرض عليها الإسلام فتسمعنى أسوأ ما يمكن من الشتائم " ثم بكى أبا هريرة وقال : " يا رسول الله أدعو الله أن يهدى أمى " فقال الرسول : " اللهم أهدى أم أبى هريرة " ...... يقول أبى هريرة : فإستبشرت بدعوة النبى ... ثم ذهب إلى البيت فسمع أمة تنادية :" يا أبا هريرة " . يقول .. فخفت ثم أجبتها : نعم . قالت : أشهد أن لا إلة إلا الله و أن محمد رسول الله . يقول ..فضحكت حتى بكيت وعدت مسرعاً إلى رسول الله أقول لة : أبشر يا رسول الله قد إستجاب الله لدعوتك .......... فحمد الرسول الله وأثنى علية فقال أبى هريرة : يا رسول الله أدعو الله أن يحببنى أنا و أمى إلى المؤمنين و يحبب المؤمنين إلينا . فدعا لة الرسول صلى الله علية وسلم ......... فيقول أبى هريرة ... فلم يسمع بى أحد أو يرانى إلا أحبنى .

إخوتى و أخواتى ...... كيف بعد هذا كلة نلجأ الى أحد غير الله

ونحزن من هموم الدنيا و صعوبة معيشتها ؟

فلا تحزن وانت تملك الدعاء ........ و تجيد الإنطراح على عتبات الربوبية .... و تحسن الخضوع والخشوع على أبواب ملك الملوك .... ومعك الثلث الاخير من الليل:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا، حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له" (رواه البخاري ومسلم).

وعن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تفتح أبواب السماء نصف الليل فينادي مناد: هل من داع فيُستجاب له، هل من سائل فيُعطى، هل من مكروب فيفرج عنه " (رواه الترمذي).

فيا صاحبة الحاجة:

ها هو الله جلَّ وعلا ينزل إلى السماء الدنيا نزول يليق بجلالة كل ليلة.. يقترب منا.. ويعرض علينا رحمته واستجابته.. وعطفه ومودته.. وينادينا نداء حنوناً مشفقاً: هل من مكروب فيفرج عنه.. فأين نحن من هذا العرض السخي!

قومي يا صاحبة الحاجة .. في ثلث الليل الأخير.. وقولي: لبيك وسعديك.. أنا يا مولاي المكروبةُ وفرجك دوائي.. وأنا المهمومة وكشفك سنائي.. وأنا الفقيرة وعطاؤك غنائي.. وأنا الموجوعة وشفاؤك رجائي..

يا صاحب الحاجة..

قم وأحسن الوضوء.. ثم أقم ركعات خاشعة.. أظهر فيها لله ذلَّك واستكانتك له.. وأطلعه على نية الخير والرجاء في قلبك.. فلا تدع في سويدائه شوب إصرار.. ولا تبيت فيه سوء نية.. ثم تضرَّع وابتهل إلى ربك شاكى إليه كربك.. راجى منه الفرج.. وتيقَّن أنك موعود بالاستجابة.. فلا تعجل ولا تَدَع الإنابة.. فإنَّ الله قد وعدك إن دعوته أجابك، فقال سبحانه: {أمن يجيب المضطر إذا دعاة و يكشف السوء . . . } ثم وعدك أنة أقرب إليك في الثلث الأخير، فتمَّ ذلك وعدان، والله جلَّ وعلا لا يخلف الميعاد.

أتهـــــزأ بالدعــاء ولا تدري ما صنع الدعاء ؟ ؟ ؟ ؟ ؟ ؟

سهام الليل لا تخطيء ولكن لها أمـــد وللأمـــد انقضاء

و لكن لا تتعجل :

يقول رسول الله صلى الله علية وسلم : " ما من رجل يدعو الله إلا استجاب لة فى الدنيا , و إما أن يدخرلة فى الآخرة , وإما أن يكفر عنة ذنوبة بقدر ما دعا , ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل "

(رواة الترمذى عن ابى هريرة رضى الله عنة ) .

ولكن بم تدعو ؟

إذا دعوت لأمور دنياك ........ فلا تنس الدعاء بسلامة الدين و نجاة الآخرة ........ وإذا دعوت لأهلك و أولادك .......... فلا تنسى المحاصرين و المحاربين و المظلومين ......... و إذا دعوت على من يمكر بك ....... فلا تنس من يمكر للإسلام و المسلمين .

* * * * * * * * * * * * *

اللهم اتينا فى الدنيا حسنة و فى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

* * * * * * * * * * * * *

لا تنسوا والدى فى دعاءكم .. اللهم إنة كان مصليًا لك فثبتة على الصراط يوم تزل الأقدام .. اللهم إنة كان لك صائمًا فأدخلة الجنة من باب الريان .. اللهم إنة كان لكتابك تاليًا فشفع فية القرآن وارحمة من النيران واجعلة يا رحمن يترقى فى الجنة إلى آخر آية قرأها وآخر حرف تلاة