طالبة العلم
04-08-2017, 12:00 PM
شرح حديث: لأتصدقن بصدقة
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رجل: لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون تُصدِّق الليلة على زانية. فقال: اللهم لك الحمد على زانية. لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غنيٍّ، فأصبحوا يتحدثون تُصدّق على غنيٍّ، فقال اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله " متفق عليه. [1].
من فوائد الحديث:
1- ثبوت الثواب في الصدقة وإن كان الآخذ فاسقا وغنيا ففي كل كبد رطبة أجر وهذا في صدقة التطوع وأما الزكاة فلا يجزي دفعها إلى غني. [2]
2- قوله: (فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق)، يعني أنه أُري ذلك في المنام، والرؤيا حق.
3- قوله: (فلعله أن يستعفّ عن سرقته) فإنّ لعلّ من الله على معنى القطع والحتم.
4- واختلف العلماء في الذي يعطى الفقير من الزكاة على ظاهر فقره ثم تبين غناه، فقال الحسن البصرى: إنها تجزئه. وهو قول أبى حنيفة، ومحمد، قالوا: لأنه قد اجتهد، وأعطى فقيرًا عنده، وليس عليه إلا الاجتهاد. وهوالصحيح.
5- إن الصدقة إذا خرجت من مال المتصدق على نية الصدقة أنها جازية عنه حيث وقعت.
6- الصدقة على السارق والزانية، فإن العلماء متفقون أنهما إن كانا فقيرين فهما ممن تجوز لهما الزكاة. [3]
7- إنّ العبد إذا زنا أو سرق، نُزع عنه مُسمّى الإيمان. ولا يخرج عن الإسلام، لأنّ الزنا، والسرقة معصيتان، لا يكفر من اقترفهما، مالم يستحلّهما. [4]
8- اختلف في حد الغنى الذى يمنع أخذ الصدقة، وقيل: من كانت له كفاية وإن كان ذو نصاب، وقيل: المُـراعى النصاب، ومن يلزمه إخراج الزكاة فهو الغني الذي لا تحل له صدقة وإن كان ذا عيال، وقيل: المراد الكفاية، ومن لا كفاية له، وإن كان ممن تلزمه الزكاة ومعه نصاب، فيحل له أخذها، وهو أضعف الأقوال.
9- إن الصدقة على أهل الفجور والمعاصي مكروهة، وأنه يجب أن يتحرى لها أهل الخير والستر.
10- الحث على الصدقة. [5]
11- يبدو - والله أعلم - أنّ هذا الرجل من الأمم السابقة، وقد يكون من بني إسرائيل، وإن كان معرفته لا يقوم عليها كبير فائدة.
12- قوله (لأتصدقنّ) في معرض القسم فلذلك أكدّه باللام والنون المشددة كأنه قال: والله لأتصدقن وهو من باب الالتزام كالنذر.
13- هذا الرجل المُتصدّق، وضع جميع صدقاته الثلاث في أيدي أولئك، وهو لا يعلم عن حقيقتهم شيئا.
14- الذي يتحدث عن أولئك هم قومهم الذين يعيشون معهم، فهم يتكلمون في الصباح مستنكرين، ومتعجبين من التصدّق، على غني، وزانية، وسارق.
15- فيه دلالة على أن الصدقة كانت عندهم في أيامهم مختصة بأهل الحاجة من أهل الخير ولهذا تعجبوا من الصدقة على الأصناف الثلاثة.
16- اعتبار لمن تصدق عليه بأن يتحول عن الحال المذمومة إلى الحال الممدوحة، ويستعفّ السارق من سرقته، والزانية من زناها، والغني من إمساكه.
17- فضل صدقة السر وفضل الإخلاص.
18- استحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع في موقعها.
19- أنّ الحكم للظاهر حتى يتبين خلافه.
20- التسليم والرضى وذم التضجر بالقضاء. [6]
21- جواز التصريح بما يستكره من الكلمات، كقوله: زانية، لمصلحة راجحة وهي لإزالة اللبس، وأنّ هذا الوصف معروف عند العرب. [7]
22- الاصرار، والمتابعة، والعزيمة لدى هذا المتصدّق.
23- " قوله " فقال اللهم لك الحمد " أي على تصدقي على سارق هذا وارد إما إنكارا أو إما تعجبا أما الإنكار فأن يجري الحمد على الشكر وذلك أنه لما جزم أن يتصدق على مستحق ليس بعده بدلالة التنكير في صدقة أبرز كلامه في معرض القسمية تأكيدا وقطعا للقبول به فلما جوزي بوضعه على يد سارق حمد الله بأنه لم يقدر على من هو أسوأ حالا من السارق وأما التعجب فأن يجري الحمد على غير الشكر وأن يعظم الله تعالى عند رؤية العجب كما يقال سبحان الله عند مشاهدة ما يتعجب منه وللتعظيم قرن به اللهم. [8]
24- لا بأس أن يحدّث الإنسان نفسه بما يريد فعله في اليوم، أو يضع له جدولا يذكر فيه ما يريد أن يصنعه في يومه، فهذا الرجل قال لنفسه: (لأتصدّقن بصدقة) في اليوم الأول، والثاني، والثالث. فكان من برنامجه اليومي، هو التصدّق.
[1] صحيح البخاري 1/ 228 رقم 1421، صحيح مسلم 2/ 709 رقم 1022 .
[2] شرح صحيح مسلم للنووي 7/ 110.
[3] من 2-6 مستفاد من شرح صحيح البخاري لابن بطال 3/ 423.
[4] المرجع السابق 8/ 392.
[5] من 8-10 مستفاد من إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض 3/ 548 ومابعدها .
[6] من 11-20 مستفاد من عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني 8/ 286 ومابعدها .
[7] شرح صحيح مسلم للنووي 1/ 238 .
[8] عمدة القاري للعيني 8/ 277-278 .
الالوكة
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قال رجل: لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد، لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي زانية، فأصبحوا يتحدثون تُصدِّق الليلة على زانية. فقال: اللهم لك الحمد على زانية. لأتصدقنَّ بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يدي غنيٍّ، فأصبحوا يتحدثون تُصدّق على غنيٍّ، فقال اللهم لك الحمد على سارق وعلى زانية وعلى غني، فأتي فقيل له أما صدقتك على سارق فلعله أن يستعف عن سرقته وأما الزانية فلعلها أن تستعف عن زناها وأما الغني فلعله يعتبر فينفق مما أعطاه الله " متفق عليه. [1].
من فوائد الحديث:
1- ثبوت الثواب في الصدقة وإن كان الآخذ فاسقا وغنيا ففي كل كبد رطبة أجر وهذا في صدقة التطوع وأما الزكاة فلا يجزي دفعها إلى غني. [2]
2- قوله: (فأتي فقيل له: أما صدقتك على سارق)، يعني أنه أُري ذلك في المنام، والرؤيا حق.
3- قوله: (فلعله أن يستعفّ عن سرقته) فإنّ لعلّ من الله على معنى القطع والحتم.
4- واختلف العلماء في الذي يعطى الفقير من الزكاة على ظاهر فقره ثم تبين غناه، فقال الحسن البصرى: إنها تجزئه. وهو قول أبى حنيفة، ومحمد، قالوا: لأنه قد اجتهد، وأعطى فقيرًا عنده، وليس عليه إلا الاجتهاد. وهوالصحيح.
5- إن الصدقة إذا خرجت من مال المتصدق على نية الصدقة أنها جازية عنه حيث وقعت.
6- الصدقة على السارق والزانية، فإن العلماء متفقون أنهما إن كانا فقيرين فهما ممن تجوز لهما الزكاة. [3]
7- إنّ العبد إذا زنا أو سرق، نُزع عنه مُسمّى الإيمان. ولا يخرج عن الإسلام، لأنّ الزنا، والسرقة معصيتان، لا يكفر من اقترفهما، مالم يستحلّهما. [4]
8- اختلف في حد الغنى الذى يمنع أخذ الصدقة، وقيل: من كانت له كفاية وإن كان ذو نصاب، وقيل: المُـراعى النصاب، ومن يلزمه إخراج الزكاة فهو الغني الذي لا تحل له صدقة وإن كان ذا عيال، وقيل: المراد الكفاية، ومن لا كفاية له، وإن كان ممن تلزمه الزكاة ومعه نصاب، فيحل له أخذها، وهو أضعف الأقوال.
9- إن الصدقة على أهل الفجور والمعاصي مكروهة، وأنه يجب أن يتحرى لها أهل الخير والستر.
10- الحث على الصدقة. [5]
11- يبدو - والله أعلم - أنّ هذا الرجل من الأمم السابقة، وقد يكون من بني إسرائيل، وإن كان معرفته لا يقوم عليها كبير فائدة.
12- قوله (لأتصدقنّ) في معرض القسم فلذلك أكدّه باللام والنون المشددة كأنه قال: والله لأتصدقن وهو من باب الالتزام كالنذر.
13- هذا الرجل المُتصدّق، وضع جميع صدقاته الثلاث في أيدي أولئك، وهو لا يعلم عن حقيقتهم شيئا.
14- الذي يتحدث عن أولئك هم قومهم الذين يعيشون معهم، فهم يتكلمون في الصباح مستنكرين، ومتعجبين من التصدّق، على غني، وزانية، وسارق.
15- فيه دلالة على أن الصدقة كانت عندهم في أيامهم مختصة بأهل الحاجة من أهل الخير ولهذا تعجبوا من الصدقة على الأصناف الثلاثة.
16- اعتبار لمن تصدق عليه بأن يتحول عن الحال المذمومة إلى الحال الممدوحة، ويستعفّ السارق من سرقته، والزانية من زناها، والغني من إمساكه.
17- فضل صدقة السر وفضل الإخلاص.
18- استحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع في موقعها.
19- أنّ الحكم للظاهر حتى يتبين خلافه.
20- التسليم والرضى وذم التضجر بالقضاء. [6]
21- جواز التصريح بما يستكره من الكلمات، كقوله: زانية، لمصلحة راجحة وهي لإزالة اللبس، وأنّ هذا الوصف معروف عند العرب. [7]
22- الاصرار، والمتابعة، والعزيمة لدى هذا المتصدّق.
23- " قوله " فقال اللهم لك الحمد " أي على تصدقي على سارق هذا وارد إما إنكارا أو إما تعجبا أما الإنكار فأن يجري الحمد على الشكر وذلك أنه لما جزم أن يتصدق على مستحق ليس بعده بدلالة التنكير في صدقة أبرز كلامه في معرض القسمية تأكيدا وقطعا للقبول به فلما جوزي بوضعه على يد سارق حمد الله بأنه لم يقدر على من هو أسوأ حالا من السارق وأما التعجب فأن يجري الحمد على غير الشكر وأن يعظم الله تعالى عند رؤية العجب كما يقال سبحان الله عند مشاهدة ما يتعجب منه وللتعظيم قرن به اللهم. [8]
24- لا بأس أن يحدّث الإنسان نفسه بما يريد فعله في اليوم، أو يضع له جدولا يذكر فيه ما يريد أن يصنعه في يومه، فهذا الرجل قال لنفسه: (لأتصدّقن بصدقة) في اليوم الأول، والثاني، والثالث. فكان من برنامجه اليومي، هو التصدّق.
[1] صحيح البخاري 1/ 228 رقم 1421، صحيح مسلم 2/ 709 رقم 1022 .
[2] شرح صحيح مسلم للنووي 7/ 110.
[3] من 2-6 مستفاد من شرح صحيح البخاري لابن بطال 3/ 423.
[4] المرجع السابق 8/ 392.
[5] من 8-10 مستفاد من إكمال المعلم بفوائد مسلم للقاضي عياض 3/ 548 ومابعدها .
[6] من 11-20 مستفاد من عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني 8/ 286 ومابعدها .
[7] شرح صحيح مسلم للنووي 1/ 238 .
[8] عمدة القاري للعيني 8/ 277-278 .
الالوكة