الإهداءات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 01-24-2017, 11:44 AM
مركز تحميل الصور
طالبة العلم غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 29356
 تاريخ التسجيل : Jun 2014
 فترة الأقامة : 3787 يوم
 أخر زيارة : 05-18-2018 (12:11 PM)
 المشاركات : 882 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : طالبة العلم is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي شرح حديث: أُتِيتُ بالبُراق



شرح حديث: أُتِيتُ بالبُراق


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ (وَهُوَ دَابَّةٌ أَبْيَضُ طَوِيلٌ فَوْقَ الْحِمَارِ وَدُونَ الْبَغْلِ. يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَى طَرْفِهِ) قَالَ، فَرَكِبْتُهُ حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. قَالَ، فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَةِ الَّتِي يَرْبِطُ بِهِ الأَنْبِيَاءُ. ثُمَّ دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ فَصَلَّيْتُ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ. ثُمَّ خَرَجْتُ. فَجَاءَنِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ بِإِنَاءٍ مِنْ خَمْرٍ، وَإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ. فَاخْتَرْتُ اللَّبَنَ. فَقَالَ جِبْرِيلُ: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا. فَإِذَا أَنَا بِآدَمَ، فَرَحَّبَ بِي وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا. فَإِذَا أَنَا بِابْنَي الْخَالَةِ: عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، وَيَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّاءَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمَا، فَرَحَّبَا، وَدَعَوَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ الثَّالِثَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِيُوسُفَ، وَقَدْ أُعْطِيَ شَطْرَ الْحُسْنِ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الرَّابِعَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. قِيلَ: مَنْ هٰذَا قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قَالَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِدْرِيسَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. قَالَ الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانا عَلِيّا ﴾ [مريم آية: 57] ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ الْخَامِسَةِ، فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ. قِيلَ: مَنْ هٰذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِهارُونَ، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ بِنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةَ. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ. قِيلَ: مَنْ هٰذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا، فَإِذَا أَنَا بِمُوسَى، فَرَحَّبَ وَدَعَا لِي بِخَيْرٍ. ثُمَّ عَرَجَ إِلَى السَّمَاءِ السَّابِعَةِ. فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ. فَقِيلَ: مَنْ هٰذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: قَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ. فَفُتِحَ لَنَا فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ، مُسْنِدا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ. وَإِذَا هُوَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ ملك لاَ يَعُودُونَ إِلَيْهِ. ثُمَّ ذَهَبَ بِي إِلَى سِّدْرَةِ الْمُنْتَهَىٰ وَإِذَا وَرَقُهَا كَآذَانِ الْفِيَلَةِ. وَإِذَا ثَمَرُهَا كَالْقِلاَلِ. قَالَ، فَلَمَّا غَشِيَهَا مِنْ أَمْرِ الله مَا غَشِيَ تَغَيَّرَتْ. فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا. فَأَوْحَى الله إِلَيَّ مَا أَوْحَىٰ. فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلاَةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى. فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَىٰ أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ: خَمْسِينَ صَلاَةً. قَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ. فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. فَإِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يُطِيقُونَ ذٰلِكَ. فَإِنِّي قَدْ بَلَوْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَخَبَرْتُهُمْ. قَالَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَقُلْتُ: يَا رَبِّ خَفِّفْ عَلَى أُمَّتِي. فَحَطَّ عَنِّي خَمْسا. فَرَجَعْتُ إِلَى مُوسَىٰ فَقُلْتُ: حَطَّ عَنِّي خَمْسا. قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لاَ يُطِيقُونَ ذٰلِكَ فَارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. قَالَ، فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ حَتَّى قَالَ: يَا مُحَمَّدُ! إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ. لِكُلِّ صَلاَةٍ عَشْرٌ. فَذٰلِكَ خَمْسُونَ صَلاَةً. وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً. فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرا. وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ شَيْئا. فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً. قَالَ: فَنَزَلْتُ حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى مُوسَىٰ فَأَخْبَرْتُهُ. فَقَالَ: ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ فَقُلْتُ: قَدْ رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي حَتَّى اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ".

وفي رواية:
عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللّهِ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ، أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَىٰ إِلَيْهِ، وَهُوَ نَائِمٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
والحديث متفق عليه من حديث مالك بن صعصعة ومن حديث أبي ذر أيضاً.
ففي حديث مالك بن صعصعة من الزيادات أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " ثُمَّ انْطَلَقْنَا حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى السَّمَاءِ السَّادِسَةِ. فَأَتَيْتُ عَلَى مُوسَىٰ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: مَرْحَبا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ. فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ بَكَىٰ. فَنُودِيَ: مَا يُبْكِيكَ؟ قَالَ: رَبِّ هٰذَا غُلاَمٌ بَعَثْتَهُ بَعْدِي. يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِهِ الْجَنَّةَ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ مِنْ أُمَّتِي". وفيه: " أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ "فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ! مَا هٰذِهِ الأَنْهَارُ؟ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ. وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ".

وفي حديث أبي ذر من الزيادات: أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِي وَأَنَا بِمَكَّةَ. فَنَزَلَ جِبْرِيلُ. فَشَقَ صَدْرِي. ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ. ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مُمْتَلِئَا حِكْمَةً وَإِيمَانا. فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِي. ثُمَّ أَطْبَقَهُ ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي عَرَجَ بِي إِلَى السَّمَاءِ. فَلَمَّا جِئْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا.... وفيه: فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا فَإِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ. وَعَنْ يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ. قَالَ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ. وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَىٰ. قَالَ فَقَالَ: مَرْحَبا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ، وَالاِبْنِ الصَّالِحِ. قَالَ قُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ! مَنْ هٰذَا؟ قَالَ: هٰذَا آدَمُ. وَهٰذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ. فَأَهْلُ الْيَمِينِ أَهْلُ الْجَنَّةِ. وَالأَسْوِدَةُ الَّتِي عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ. فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ. وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى قَالَ ثُمَّ عَرَجَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَىٰ السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ.....

وفي رواية:
"ثُمَّ عَرَجَ بِي حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوىً أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ". وفيه: " ثُمَّ انْطَلَقَ بِي جِبْرِيلُ حَتَّى نَأْتِيَ سِدْرَةَ الْمُنْتَهَىٰ. فَغَشِيَهَا أَلْوَانٌ لاَ أَدْرِي مَا هِيَ. قَالَ: ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْجَنَّةَ فَإِذَا فِيهَا جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ، وَإِذَا تُرَابُهَا الْمِسْكُ".

ترجمة رواة الأحاديث:
الراوي الأول: أنس بن مالك رضي الله عنه تقدمت ترجمته في الحديث الثالث من كتاب الإيمان.
الراوي الثاني: مالك بن صعصعة بن وهب بن عدي بن مالك الأنصاري النجاري، قال البغوي رحمه الله سكن المدينة، وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين، وذكر الخطيب في المبهمات أنه قال له النبي صلى الله عليه وسلم:" أكل تمر خيبر هكذا؟" وأشهر حديث رواه حديث الإسراء وهو غاية ما تذكره كتب التراجم في ترجمته، فترجمته ليست موسعة في جلَّ كتب التراجم مات بالمدينة رضي الله عنه وأرضاه. [انظر أسد الغابة (5/ 27) والإصابة (5/ 539) والاستيعاب (1/ 420) ومشاهير علماء الأمصار(1/ 51].
الراوي الثالث: أبو ذر رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث الثاني والأربعين من كتاب الإيمان.

تخريج الأحاديث:
حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أخرجه مسلم حديث (162)، وأخرج البخاري بنحوه عن أنس رضي الله عنه في " كتاب التوحيد" " باب ما جاء في قوله عز وجل: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَىٰ تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164] حديث (7517).
وأما حديث مالك بن صعصعة فأخرجه مسلم حديث (164)، وأخرجه البخاري في " كتاب بدء الخلق" " باب ذكر الملائكة" حديث (3207)، وأخرجه الترمذي في" كتاب تفسير القرآن" " باب ومن سورة ﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ﴾ حديث (3346)، وأخرجه النسائي في " كتاب الصلاة" " باب فرض الصلاة" حديث (447).
وأما حديث أبي ذر رضي الله عنه فأخرجه مسلم حديث(163)، وأخرجه البخاري في "كتاب الصلاة" " باب كيف فرضت الصلوات في الإسراء" حديث(349)، وأخرجه النسائي في "كتاب الصلاة" " باب فرض الصلاة" حديث (448)، وأخرجه ابن ماجه في " كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها" " باب ما جاء في فرض الصلوات الخمس والمحافظة عليها" حديث (1399).

شرح ألفاظ الأحاديث:
(أُتِيتُ بِالْبُرَاقِ):قال النووي رحمه الله:" هو بضم الباء الموحدة، قال أهل اللغة: البراق اسم الدابة التي ركبها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء.
قيل سمي بذلك: لأنه مشتق من البرق لسرعته، وقيل: لشدة صفائه وتلألئه وبريقه، وقيل: لكونه أبيض. [انظر شرح النووي لمسلم(2/ 385)، والفتح (1/ 85)].
(يَضَعُ حَافِرَهُ عِنْدَ مُنْتَهَىٰ طَرْفِهِ): الطرف بفتح الطاء وسكون الراء البصر وفي رواية للبخاري"يضع خطوة عند أقصى طرفه" أي رجله عند منتهى ما يرى بصره، والمقصود أنه سريع بعيد الخطوة. [انظر: المفهم (1/ 387)].
(حَتَّى أَتَيْتُ بَيْتَ الْمَقْدِسِ قَالَ، فَرَبَطْتُهُ بِالْحَلْقَة): قال النووي رحمه الله:" بيت المقدس فيه لغتان شهيرتان غاية الشهرة: إحداهما بفتح الميم وإسكان القاف وكسر الدال، والثانية بضم الميم وفتح القاف والدال المشددة، قال الواحدي: أما من شدده فمعناه المطهر... وأما الحلقة فبإسكان اللام على اللغة الفصيحة المشهورة، وحكى الجوهري وغيره فتح اللام أيضاً... وجمع حلق حلقات، وأما لغة الإسكان فجمعها حَلق وحِلق بفتح الحاء وكسرها" [شرح مسلم المرجع السابق] والمراد أنه ربطها بحلقة باب مسجد بيت المقدس.
(اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ): قال النووي رحمه الله:" فسروا الفطرة هنا بالإسلام، ومعناها والله أعلم، اخترت علامة الإسلام والاستقامة، وجعل اللبن علامة لكونه سهلاً طيباً طاهراً سائغاً للشاربين، سليم العاقبة، وأما الخمر فإنها أم الخبائث وجالبة لأنواع من الشر في الحال والمآل" [شرح مسلم (2/ 385-386)].
(ثُمَّ عَرَجَ): بفتح العين والراء أي صعد.
(فَاسْتَفْتَحَ جِبْرِيلُ ): أي طلب الفتح.
(وَقَدْ بُعِثَ إِلَيْهِ؟): قيل هو استفهام عن أصل البعثة، وقيل: بل هو استفهام هل بُعث إليه وصعود السموات وهو قول الأكثر والأظهر والله أعلم، إذ أن أصل البعثة لا يخفى عليه.
(الْبَيْتِ الْمَعْمُور): سمي بذلك لكثرة عمارته بدخول الملائكة فيه وتعبدهم عنده.[ انظر المفهم (1/ 389)].
(سِدْرَةِ الْمُنْتَهَىٰ): قال النووي رحمه الله:" قال ابن عباس والمفسرون وغيرهم: سميت سدرة المنتهى لأن علم الملائكة ينتهي إليها، ولم يجاوزها أحد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحكى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنها سميت بذلك لكونها ينتهي إليها ما يهبط من فوقها وما يصعد من تحتها من أمر الله تعالى" [شرح مسلم (2/ 386) انظر تفسير البغوي(7/ 405) وتفسير ابن كثير (7/ 454)].
(كَالْقِلاَلِ): بكسر القاف جمع (قلة) والقلة جرة عظيمة تسع قربتين أو أكثر.
(يَنْعَتَهَا): أي يصفها.
(عَنْ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِرَسُولِ اللّهِ): تقول أسرى وسرى إذا سار ليلاً، هذا قول الأكثر، وقيل أسرى سار أول الليل، وسرى سار من آخره، وليلة الإسراء هي ليلة المعراج، ولكن الإسراء في الأرض والمعراج في السماء.
(أَنَّهُ جَاءَهُ ثَلاَثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَىٰ إِلَيْهِ): قال ابن حجر رحمه الله:" والنفر الثلاثة لم أقف على تسميتهم صريحا لكنهم من الملائكة" [الفتح (13/ 480)].
(ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ): بفتح الطاء وإسكان السين وهو الإناء المعروف.
(فَإِذَا رَجُلٌ عَنْ يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ): فسر الأسودة بأنهم نسم بنيه، والأسودة جمع سواد كزمان، أزمنة، والسواد الشخص وقيل الجماعات.
(نَسَمُ بَنِيهِ): بفتح النون والسين والواحدة نسمة، قال الخطابي وغيره: هي نفس الإنسان والمراد أرواح بني آدم. [ انظر شرح النووي لمسلم (2/ 390)].
(حَتَّى ظَهَرْتُ لِمُسْتَوىً أَسْمَعُ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلاَمِ): أي حتى علوت لمستوى أسمع فيه صوت الأقلام بالكتابة قال الخطابي:" هو صوت ما تكتبه الملائكة من أقضية الله تعالى ووحيه، وما ينسخونه من اللوح المحفوظ، أو ما شاء الله تعالى من ذلك أن يكتب ويرفع لما أراده من أمره وتدبيره" [شرح النووي لمسلم (2/ 392)].
(جَنَابِذُ اللُّؤْلُؤِ): قال النووي رحمه الله:" هي القباب واحدتها جنبذة" [المرجع السابق].

فوائد الأحاديث:
الفائدة الأولى: الحديث دليل على إثبات الإسراء والمعارج برسول الله صلى الله عليه وسلم، والكلام عليه من عدة وجوه:
معنى الإسراء والمعراج:
الإسراء لغة: السير بالشخص ليلاً، وشرعاً سير جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ليلاً.
ويدل على ذلك: قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى[الإسراء: ١].
والمعراج لغة: الآلة التي يُعرج بها وهي المصعد، وشرعاً: عروج النبي صلى الله عليه وسلم من الأرض إلى السماء، والله أعلم بكيفية الآلة التي عرجت به.
ويدل على ذلك: قوله تعالى من أول سورة النجم:﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ[النجم: ١ - ٢] إلى قوله: ﴿ لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَىٰ [النجم: ١٨ ].

الإسراء والمعراج ثابت بالكتاب والسنة والإجماع:
فمن الكتاب: قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى [لإسراء: ١]، والأقصى يعني الأبعد سمي بذلك قيل لبعده عن مكة.
ومن السنة: الأحاديث كثيرة منها أحاديث الباب؛حديث مالك بن صعصعة، وحديث أنس وحديث أبي ذر رضي الله عنهم، وحديث ابن عباس رضي الله عنه أيضا في الصحيحين، وورد في أحاديث أخرى في غير الصحيحين حتى ذكر القاسمي: أن حادثة الإسراء والمعراج رواها عشرون صحابياً.
وأجمع السلف رحمهم الله على أنه صلى الله عليه وسلم أسُري وعُرج به.

مكان الإسراء والمعراج ووقته:
مكانه: بالاتفاق أن الإسراء كان من مكة إلى بيت المقدس، وبالاتفاق أن المعراج كان من بيت المقدس. [انظر مجموع الفتاوى 3/ 387].
ويدل على ذلك: قوله تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى[الإسراء:1]، وحديث مالك بن صعصعة وأيضاً أنس بن مالك في الصحيحين يدلان على أن المعراج كان من بيت المقدس.

وأما وقته: لم يثبت دليل صريح صحيح في تحديد تاريخ الإسراء والمعراج، والذي يعرف من كتب السيرة أن الإسراء والمعراج كان بعد عام الحزن الذي توفي فيه عم النبي صلى الله عليه وسلم أبوطالب وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفيه طرد النبي صلى الله عليه وسلم من الطائف وليس في معرفة تاريخ الإسراء والمعراج كبير فائدة لأنه لا يترتب عليه حكم شرعي والأقوال في تحديدها كثيرة وليس هناك نص صحيح صريح فقيل: قبل البعثة، وقيل: بعد الهجرة، وقيل: قبل الهجرة بخمس، وقيل:بست، وقيل: بسنة وشهرين، حتى بلغت أكثر من عشرة أقوال [انظر فتح الباري 7 / 203].
ولهذا من الجهل ما يفعله البعض من الاحتفال بليلة الإسراء والمعراج حيث يتعبدون بالاحتفال بليلة سبع وعشرين من شهر رجب، زاعمين أنها هي ليلة الإسراء، والاحتفال بتلك الليلة لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة ولا التابعون، فضلاً على أنه لا يعرف تحديد هذه الليلة، إذ لم يأت دليل صريح صحيح في تحديدها، فالاحتفال بها من البدع المحدثة.
والإسراء والمعراج كان بروحه صلى الله عليه وسلم وبدنه وكان يقظة مرة واحدة لا مناماً.
وهذا قول جمهور العلماء أنه كان بروحه وجسده يقظة لا مناماً مرة واحدة.
ويدل عليه: أن لفظ العبد يصدق على الجسد والروح والله - عز وجل - يقول: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى، وأيضاً لو كان بروحه فقط لم يستبعده كفار قريش وينكروه ويستهزئوا بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه يكون كالرؤى المنامية ولكنها معجزة جعلها الله لنبيه.
وقيل: الإسراء كان مناماً، وقيل: كان بروحه دون جسده، وقيل: كان الإسراء مراراً مرة بروحه ومرة بجسده ومرة يقظة ومرة مناماً، والصواب كما تقدم وهو قول الجمهور والله أعلم.
قال ابن حجر:" وإلى هذا - يعني الإسراء والمعراج بالروح والجسد - ذهب جمهور الأمة من العلماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين وتواردت عليه الأخبار الصحيحة ولا ينبغي العدول عن ذلك " [الفتح 7/ 197].
وإلى هذا ذهب ابن القيم في زاد المعاد ونصر القول بأنه عرج به بجسده وروحه. [انظر زاد المعاد 3/ 24].
وفي إسراء الله تعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم بيان عظيم قدرة الله تعالى.

الفائدة الثانية: الحديث دليل على إكرام الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم حيث شرفه بالإسراء وشرّف أمته بهذه الآية العظيمة حيث سار النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس ثم عُرج به إلى أعلى شرف ماراً بالأنبياء في كل سماء ثم رجع من ليلته إلى مكة، وصلى الصبح بمكة.

الفائدة الثالثة: الحديث دليل على مشروعية الأخذ بالأسباب وأنه لا ينافي التوكل بل هو من التوكل، ففي الحديث إمام المتوكلين محمد صلى الله عليه وسلم أخذ بالاحتياط والسبب فربط دابته البراق بحلقة باب بيت المقدس قال النووي رحمه الله:" وفي ربط البراق الأخذ بالاحتياط والسبب في الأمور وتعاطي الأسباب، وإن ذلك لا يقدح في التوكل إذا كان الاعتماد على الله تعالى" [شرح مسلم (2/ 385)].

قال ابن تيمية رحمه الله:" كما أن من أخذ يدخل في التوكل تاركاً لما أمر به من الأسباب فهو أيضاً جاهل ظالم، عاص لله يترك ما أمره، فإن فعل المأمور به عبادة لله، وقد قال تعالى: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيه ﴾ [هود: 123] وقال جل شأنه: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾...وفي هذه النصوص بيان غلط طوائف: طائفة تضعف أمر السبب المأمور به فتعدّه نقصاً أو قدحاً في التوحيد والتوكل، وأن تركه من كمال التوكل، وهم في ذلك ملبوس عليهم وقد يقترن بالغلط اتباع الهوى في إخلاد النفس إلى البطالة" [مجموع الفتاوى (18/ 179-183)].

الفائدة الرابعة: في الحديث أن من أدب الاستئذان لمن طرق الباب، وقيل له من أنت؟ أن يجيب باسمه فيقول أنا زيد مثلاً لا يقول أنا، ووجه ذلك أن جبريل حين استأذن وسُئل (مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ: جِبْرِيلُ) أما الاكتفاء بقول أنا فقد جاء في الحديث النهي عن ذلك، ففي الصحيحين من حديث جابر قال:" أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فدققت الباب فقال: من هذا؟، فقلت: أنا، فقال صلى الله عليه وسلم: أنا أنا؟ كأنه كرهها"
وفي حديث أم هانئ رضي الله عنها قالت:" أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل وفاطمة رضي الله عنها تستره فقال صلى الله عليه وسلم: من هذه؟ فقلت: أنا أم هانئ" متفق عليه.
الفائدة الخامسة: ترحيب الأنبياء ودعاؤهم للنبي صلى الله عليه وسلم، دليل على استحباب لقاء أهل الفضل بالبشر والترحيب وحسن الكلام والدعاء لهم.
الفائدة السادسة: في الحديث دلالة على جواز مدح الإنسان في وجهه لاسيما مع المصلحة إذا أمن عليه الإعجاب وأسباب الفتنة، وشاهد ذلك مدح الأنبياء عليهم السلام للنبي صلى الله عليه وسلم: "مَرْحَبا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ".
الفائدة السابعة: في الحديث دلالة على أن للسماء أبواباً حقيقية، وحفظة موكلين بها، فهي سقف محفوظ له أبواب لا يدخله أحد إلا بإذن ولذا كان جبريل في كل سماء يستفتح ثم يفتح له، ويشهد لذلك قول الله تعالى: ﴿ لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ ﴾ [الأعراف: 40]، وقوله تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا ﴾ [الأنبياء: 32].
الفائدة الثامنة: في الحديث دلالة على أن صاحب المكان له الحق أن يسأل عن اسم الطارق وعمن معه ففي كل سماء يستفتح جبريل فيسأله الملك عن اسمه واسم من معه، وفيه دليل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم كان معروفاً عند الملائكة من قبل البعثة.
الفائدة التاسعة: الحديث دليل على أن الملائكة لا يعلمون الغيب، ووجه ذلك أنهم لو كانوا يعلمون لما سألوا عن المستفتح ومن معه.
الفائدة العاشرة: الحديث فيه ذكر عدد الأنبياء في كل سماء ووصف أشباههم كما سيأتي في الأحاديث قريباً، وترتيبهم في السماوات لا يدل على أن الأعلى أفضل ممن دونه بدليل أنه في السماء الثانية عيسى عليه السلام وهو أفضل ممن فوقه كيوسف وإدريس بلا شك، والأنبياء رآهم النبي صلى الله عليه وسلم:
في السماء الأولى: آدم عليه السلام وهو أول الأنبياء وأبو البشر ولذلك الأنبياء يقولون لنبينا صلى الله عليه وسلم " مَرْحَبا بالأَخِ الصَّالِحِ." وآدم عليه السلام يقول "مَرْحَبا بَالاِبْنِ الصَّالِحِ" وكذلك إبراهيم قال له ذلك كما في بعض الروايات، وأخذ منه بعض أهل العلم إشارة إلى افتخارهما بأبوة النبي صلى الله عليه وسلم " [انظر فتح المنعم (1/ 567)]
في السماء الثانية: ابنا الخالة عيسى ابن مريم ويحيي بن زكريا عليهما السلام، وكلاهما رحب بالنبي صلى الله عليه وسلم ودعيا له.
وفي السماء الثالثة: يوسف عليه السلام وأنه فُضِّل بنصف الحسن ولقد أنزل الله تعالى في فضله سورة كاملة وفيها ما يدل على افتتان إمرأة العزيز ونسوة معها بجماله حتى ﴿ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَريمٌ ﴾ [يوسف: 31].
وفي السماء الرابعة: إدريس عليه السلام وفي ذكره في سورة مريم قال تعالى: ﴿ وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا [مريم: 57] وهو تنصيص في رفع مكانته كما رفع الأنبياء، وليس كما ظن قوم أنه كعيسى رفعه الله وهو حي، قال ابن حجر رحمه الله:" وكون إدريس رفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوبة" [الفتح (6/ 375)].
وفي السماء الخامسة: هارون عليه السلام فرحب بمحمد صلى الله عليه وسلم ودعا له، وهارون عليه السلام أخو موسى عليه السلام، قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله:" هو أخو موسى من أبيه وأمه، وليس كما ظن بعض الناس أنه أخوه من أمه لقوله تعالى: ﴿ قَالَ يَا ابْنَ، أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ﴾(طه:95) بل هو أخوه من أبيه وأمه، ولكنه قال: ﴿ يَا ابْنَ أُمَّ ﴾ من باب التلطف والتحنن لأن الأم أشد حناناً من الأب" [التعليق على مسلم(1/ 542)].
وفي السماء السادسة: موسى عليه السلام، فرحب به ودعا له، ولموسى عليه السلام فضل على هذه الأمة بتخفيف الصلاة كما سيأتي.
وفي السماء السابعة: إبراهيم عليه السلام وهو فوق الأنبياء كلهم في السماء السابعة، فرحب به ودعا له، وكان إبراهيم عليه السلام مسنداً ظهره إلى البيت المعمور.

الفائدة الحادية عشر: الحديث دليل على أن السماوات سبع وأن بين كل سماء وسماء مسافة طويلة.
الفائدة الثانية عشر: في الحديث إثبات البيت المعمور، وقد دل على ثبوته الكتاب والسنة، فمن الكتاب قوله تعالى:﴿ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ ﴾ (الطور:4)، ومن السنة حديث الباب، وهو معمور بالملائكة وطوافهم ودخولهم فيه، ففي الحديث:" يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه" ويأتي بعده آخرون بنفس العدد وهكذا.
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله:" وقد قيل: أنه يحاذي الكعبة في الأرض ولكن في ذلك نظر، وهل الملائكة يطوفون به أو يدخلون؟ جاءت الألفاظ بهذا وبهذا فلعلهم يطوفون ويدخلون ولا تنافي بينهما" [المرجع السابق (1/ 453)].
الفائدة الثالثة عشر: في الحديث إثبات الملائكة وكثرتهم، فتأمل حال من أحوال كثرتهم فهم في يوم من أيام الدنيا يدخل سبعون ألف ملك ثم يخرجون ولا يعودون بل يأتي غيرهم في كل يوم بهذا العدد إلى قيام الساعة، وقد جاءت أدلة أخرى تبيَّن كثرتهم ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعاً:" أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته لله تعالى ساجداً" وفي رواية" إلا ملك ساجداً أو راكع" الحديث رواه أحمد والترمذي وابن ماجه وحسنه الألباني [صحيح الجامع (2449)].
الفائدة الرابعة عشر: الحديث دليل على علو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم وارتفاعه فوق منازل الأنبياء في السموات صلوات الله عليهم أجمعين، وحيث خصه بالارتفاع ولقاء كل نبي في سمائه حتى ارتفع عن السماء السابعة.
الفائدة الخامسة عشر: في الحديث دليل على جواز الاستناد إلى القبلة وجعل الظهر إليها، لقوله صلى الله عليه وسلم " فَإِذَا أَنَا بِإِبْرَاهِيمَ، مُسْنِدا ظَهْرَهُ إِلَى الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ"
قال النووي رحمه الله:" قال القاضي رحمه الله: يستدل به على جواز الاستناد إلى القبلة، وتحويل الظهر إليها" [شرح مسلم (2/ 386)].
الفائدة السادسة عشر: الحديث فيه وصف بعض حسن سدرة المنتهى وتغيرها، وإلا فوضعها الكامل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" فَمَا أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ الله يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا مِنْ حُسْنِهَا" لأنه يغشاها من الحسن ما يغشاها وهو قوله تعالى: ﴿ إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ ﴾ [الطور: 16] أي من الحسن وجاء من وصفها أن أوراق شجرة السدر من كبرها وحسنها كآذان الفيلة وثمارها كبيرة كالقلال مفردها قلة يسمونها عندنا الزير.
الفائدة السابعة عشر: الحديث دليل على عظم شأن الصلاة وذلك لعدة أمور اقترنت بها عن بقية أركان الإسلام": أنها فرضت خمسين صلاة وما ذاك إلا لعظم قدرها، وأنها فرضت في أعلى مكان في السماء، وإنها فرضت عبادة يومية.
الفائدة الثامنة عشر: في فرض الصلاة خمسين صلاة إلى أن فرضت خمس صلوت دليل على جواز نسخ الحكم قبل وقوع الفعل.
الفائدة التاسعة عشر: الحديث فيه بيان فضل موسى عليه السلام على هذه الأمة، حيث كان سبباً في التخفيف عنهم من خمسين صلاة إلى خمس صلوات، وفيه استشارة أهل العلم والصلاح فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينفذ نصيحة موسى عليه السلام.
الفائدة العشرون: الحديث دليل على فضل الله تعالى على هذه الأمة بتخفيف الصلاة من خمسين إلى خمس تخفيف عدد لا تخفيف ثواب لقوله تعالى:" لِكُلِّ صَلاَةٍ عَشْرٌ" فكان الفضل فضلين فضل تخفيف العدد وفضل مضاعفة الأجر فيكتب وكأن الإنسان صلى بالفعل خمسين صلاة فلله الحمد على أفضاله وعظيم إحسانه.

الفائدة الحادية والعشرون: الحديث فيه التفريق بين الهم بالحسنة والهم بالسيئة ومضاعفة العمل على الحسنة دون السيئة وتقدم تفصيل هذه المسألة في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: "إن الله كتب الحسنات والسيئات"
الفائدة الثانية والعشرون: الحديث فيه إثبات صفتين من صفات الله تعالى (صفة الكلام) وأنه يتكلم جل وعلا بصوت مسموع لأن الله سمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلمه الله تعالى وكان النبي يراجعه، وإثبات (العلو لله تعالى) وتقدم الكلام على عظم صفة القدرة له جل وعلا ففيه إثبات جمع من الصفات.
الفائدة الثالثة والعشرون: الحديث دليل على نبل خلق الحياء وفضله وأنه من مكارم أخلاق النبوة، فقد راجع النبي صلى الله عليه وسلم الله تعالى حتى استحيا من الله تعالى.
الفائدة الرابعة والعشرون: الحديث حجة لأهل السنة والجماعة في إثبات الجنة والنار وأنهما مخلوقتان الآن خلافاً للمعتزلة.
الفائدة الخامسة والعشرون: قوله صلى الله عليه وسلم عن موسى عليه السلام في رواية مالك بن صعصعة رضي الله عنه " فَلَمَّا جَاوَزْتُهُ بَكَىٰ. فَنُودِيَ: مَا يُبْكِيكَ؟" قال النووي رحمه الله:" قال النووي: " معنى هذا والله أعلم. أن موسى عليه السلام حزن على قومه؛ لقلة المؤمنين منهم مع كثرة عددهم، فكان بكاؤه حزنا عليهم، وغبطة لنبينا - صلى الله عليه و سلم - على كثرة أتباعه، والغبطة في الخير محبوبة، ومعنى الغبطة أنه ودّ أن يكون من أمته المؤمنين مثل هذه الأمة، لا أنه ودّ أن يكونوا أتباعا له وليس لنبينا صلى الله عليه و سلم مثلهم، والمقصود أنه إنما بكى حزنا على قومه وعلى فوات الفضل العظيم والثواب الجزيل بتخلفهم عن الطاعة، فإن من دعا إلى خير وعمل الناس به كان له مثل أجورهم، كما جاءت به الأحاديث الصحيحة، ومثل هذا يبكى عليه ويحزن على فواته والله أعلم" [شرح مسلم 2/ 395].
الفائدة السادسة و العشرون: قوله صلى الله عليه وسلم في رواية مالك بن صعصعة رضي الله عنه:"" أَنَّهُ رَأَى أَرْبَعَةَ أَنْهَارٍ يَخْرُجُ مِنْ أَصْلِهَا [أي من أصل سدرة المنتهى] نَهْرَانِ ظَاهِرَانِ، وَنَهْرَانِ بَاطِنَانِ "فَقُلْتُ: يَا جِبْرِيلُ! مَا هٰذِهِ الأَنْهَارُ؟ قَالَ: أَمَّا النَّهْرَانِ الْبَاطِنَانِ فَنَهْرَانِ فِي الْجَنَّةِ. وَأَمَّا الظَّاهِرَانِ فَالنِّيلُ وَالْفُرَاتُ".
ظاهر الحديث أن النيل والفرات ليست من أنهار الجنة، فكيف الجمع بين هذا وبين ما جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سيحان وجيحان والفرات والنيل كلها من أنهار الجنة"؟
قال القرطبي رحمه الله:" ويمكن أن الجمع بينهما أن النيل والفرات لما كانا مشاركين لنهري الجنة في أصل السدرة أُطلق عليهما أنهما من الجنة" [المفهم (1/ 391)].

وهل النيل والفرات هما اللذين في الأرض؟
قال شيخنا ابن عثيمين رحمه الله:" اختلف العلماء في معنى هذا، فقيل: إن معناه على التشبيه البليغ، يعني: أنهما نهران يشبهان النيل والفرات، وأنهما ليس هما النيل والفرات الذين في الأرض، وقيل: بل هما كانا في ذلك الوقت هناك، ثم نزلا، ولكن الأول أقرب إلى المعقول، لأن هذين النهرين موجودان منذ زمن، من قبل المعراج، ومن قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم " [التعليق على مسلم (1/ 558-559)].
الفائدة السابعة والعشرون: حديث أبي ذر رضي الله عنه فيه إثبات شق صدر النبي صلى الله عليه وسلم حين أسري به وغسله بماء زمزم وملؤه إيماناً وحكمة.

الفائدة الثامنة والعشرون: في حديث أبي ذر رضي الله عنه إشكال وهو كون أن آدم عليه السلام ينظر عن يمينه أرواح أهل الجنة وعن يساره أرواح أهل النار في السماء الدنيا، وجاءت النصوص دالة على أن أرواح الكفار في سجين، وأرواح المؤمنين في الجنة، فكيف تكون مجتمعة في سماء الدنيا؟
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وظاهره أن أرواح بني آدم من أهل الجنة والنار في السماء وهو مشكل قال القاضي عياض قد جاء إن أرواح الكفار في سجين وأن أرواح المؤمنين منعمة في الجنة يعني فكيف تكون مجتمعة في سماء الدنيا وأجاب بأنه يحتمل أنها تعرض على آدم أوقاتا فصادف وقت عرضها مرور النبي صلى الله عليه وسلم ويدل على أن كونهم في الجنة والنار إنما هو في أوقات دون أوقات قوله تعالى: ﴿ النَّارُ يُعْرَضُونَ عَليْهَا غُدُوَاً وَعَشِيًّا ﴾ واعترض بأن أرواح الكفار لا تفتح لها أبواب السماء كما هو نص القرآن والجواب عنه ما أبداه هو احتمالا إن الجنة كانت في جهة يمين آدم والنار في جهة شماله وكان يكشف له عنهما ويحتمل أن يقال إن النسم المرئية هي التي لم تدخل الأجساد بعد وهي مخلوقة قبل الأجساد ومستقرها عن يمين آدم وشماله وقد أعلم بما سيصيرون إليه فلذلك كان يستبشر إذا نظر إلى من عن يمينه ويحزن إذا نظر إلى من عن يساره بخلاف التي في الأجساد فليست مراده قطعا وبخلاف التي انتقلت من الأجساد إلي مستقرها من جنة أو نار فليست مراده أيضا فيما يظهر وبهذا يندفع الإيراد ويعرف أن قوله نسم بنية عام مخصوص أو أريد به الخصوص" [الفتح 1/ 461].
الفائدة التاسعة والعشرون: حديث أبي ذر رضي الله عنه فيه إثبات كتابة الملائكة لما يؤمروا به من الأقضية والوحي أو ما شاء الله تعالى أن يكتب، وتقدم كلام الخطابي رحمه الله في شرح ألفاظ الحديث.
الفائدة الثلاثون: حديث أبي ذر رضي الله عنه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل الجنة ليلة الإسراء ورأى من نعيمها ما رآه من قباب اللؤلؤ وتراب الجنة وهو المسك نسأل الله من فضله.

مستلة من إبهاج المسلم بشرح صحيح مسلم (كتاب الإيمان)






الالوكة




رد مع اقتباس
قديم 01-25-2017, 12:55 AM   #2
مشرفة الأسرة والمجتمع


الصورة الرمزية عــذبــة الـــروح
عــذبــة الـــروح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 21269
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-28-2021 (02:07 AM)
 المشاركات : 38,862 [ + ]
 التقييم :  68
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkblue
افتراضي



جزاكِ الله خيراً


 
أبو ريان likes this.
 توقيع : عــذبــة الـــروح



رد مع اقتباس
قديم 01-25-2017, 11:36 AM   #3
المدير العام


الصورة الرمزية أبو ريان
أبو ريان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30
 تاريخ التسجيل :  Sep 2002
 أخر زيارة : 07-19-2019 (06:54 PM)
 المشاركات : 65,874 [ + ]
 التقييم :  1056
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



بارك الله فيك وكتب أجرك ..
تقديري ..


 


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حديث شيهان المطلى رياض الصالحين 3 12-18-2008 02:25 PM
يحدث الكثير جبل حرفه الخواطر 2 05-09-2007 01:12 AM
هذا هو السوال؟؟ فمن يجيب ابو فجر القشيري حكم وامثال والغاز 6 01-27-2007 06:45 PM
حديث الصمت mo.7oob Aeih الخواطر 6 12-28-2006 12:20 PM
{ كل يوم حديث } أبوفارس رياض الصالحين 8 12-03-2002 05:29 PM


الساعة الآن 09:27 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir