رباط !

يخيل لي للحظة من الفراغ بأن الحرف حزم أمتعتة اللعينة
في محاولة منه للرحيل إلى منطقة استوائية لا يوجد بها عواصف الأفكار
او تقلبات مناخية لدى كاتب تعكر صفو مزاجه و شتم الكلمات و الورق ..!

في الحقيقة لا امانع أن تحدث هذه الخيانة اللتي مارسها الحرف
في ليلة كنت في سهرة شبه عارية برفقة " فكرة " وجدتها على الرصيف مبللة
واحضرتها إلى الصالة ، كان الدفئ حاضراً و كنت غير مبالي لكل الحروف اللتي
تركتها هناك على طاولتي و كتبي و قلمي الصغير .

اظن أن ليس لدي طاولة كهولاء المثقفين ، له لون خشبي و كرسي من الجلد الفاخر
وارفف مرتبة تحتوي على كتب التاريخ اللتي لم يسعهم الوقت أن يفهموه إلى الأن .

كنت اقصد طاولتي له شكل دائري كانوا يضعون عليها زجاجة يملئون نصفها ماء
ويضعون بداخلها وردة كي تعيش بضعة ايام ، ليس رحمة في الوردة إنما شكل من
بعض نفاق الزينة ، حين كُسرت الزجاجة رموا هذه الطاولة .. وكان لدي نظرة لهذه
الطاولة المرمية اللتي كانت تمنح الوردة نصف حياة .
فأخذتها وقصصت منها لتصبح طاولة لي ، لتمنحني حياة آخرى لا أعلم ماهي ؟!

عن ماذا كنا نتحدث ؟!

هل تتذكرون كيف كنتم تصنعون برباط احذيتكم الصغيرة
عند ذهابكم إلى المدرسة ؟!
رباط مهمل لا أحد كان ينظر إليه إلا انتم ، تصنعون منه " وردة "
و ما أن تمر ساعة تنظرون إليها خيفة ان لا تفك ..
ليس لها رائحة او اوراق .. هذه الاشياء البسيطة اللتي كنا نصنعها
ونهتم بها .. هي بمثابة ارواحكم لا تتركوها تهمل و تتفكك مع الوقت
والزمن ..
هذه الاشياء البسيطة هي من سوف تعلمكم كيف تكبرون ببساطة !

تريد الذهاب ايها الحرف ؟!
بسبب تلك الفكرة المبللة ، ام بسبب الأهمال المقصود ..
ليست الأعمدة الصحفية هي من سوف تلوي بها ذراعي كي ارجوك على عدم الذهاب !
تخير من بين النوافذ او الباب طريقة رحيلك ، كل ما اود قوله :
انك سوف تعود منها شئت آم أبيت ..!

هل قلت في البداية : " يخيل لي "
إذاً عذراً يا سادة على هذا الواقع .

إبراهيم سعيد