#1
|
||||||||
|
||||||||
تأملات في آيات
تأملات في آيات التأمل الأول: ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ﴾ [هود: 27]. ﴿ قَالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ ﴾ [الشعراء: 111]. ﴿ فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا هَذَا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَنْزَلَ مَلَائِكَةً مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ ﴾ [المؤمنون: 24]. لما نعلم أن نتانة الطبقية وعنفوان العصبية بدأت بالبشرية منذ أزليتها نوقن أنّنا أمام صنم معبود يتجدد مع الجهل والرضوخ للدنيا، ويزول ويُقمع مع العلم والدعوة، ولذا فإذا ما رأينا (الطبقية والعصبية) تتفشى في مجتمع معيّن فلنعلم أن الجاهلية قد ضربت بأطنابها عندهم. والآيات توحي بتفشيها إبان دعوة نوح عليه السلام فكيف بمن طغمتهم المدنية واستشرت فيهم المادية، فكانت الاعتبارات دنيوية صِرفة! التأمل الثاني: تأمل ابن عاشور وهو يستدل على سد الذرائع من القرآن: ﴿ وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ لَا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [الأعراف: 163]. ﴿ وَقُلْنَا يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 35]. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 104]. ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3]. ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾ [هود: 113]. والعجب تعليق ابن العربي في الأحكام على آية الأعراف حين زعم انفراد مالك بهذه القاعدة وهو يقول تابعه أحمد في بعض رواياته وخفيت على الشافعي وأبي حنيفة رغم تبحرهما في الشريعة. والصواب أن قاعدة سد الذرائع معمول بها عند جميع المذاهب عدا الظاهرية والاختلاف في تطبيقاتها وليس الاستدلال بها ونصر ذلك ابن تيمية في كتابه سد الذرائع. والثمرة أن السلف تواردوا عليها بالاتفاق وتعصب المالكية على تفردهم وزعم الآخرون استدلالهم بها وكأنه أمراً يُتنافس له وشرفاً يسعى إليه. وعند بعض المتأخرين نرى العكس والبون الشاسع حيث النفور والاستقلال عنها. والسبب الانفتاح وكثرة الفجور وربما سوء تطبيق القاعدة والله أعلم. التأمل الثالث: ﴿ وَيَاقَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ﴾ [هود: 52]. ﴿ وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ ﴾ [هود: 61]. ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ﴾ [نوح: 10]. الأنبياء واظبوا على دعاء أقوامهم للاستغفار، وقد ذكر في القرآن في أكثر من ستة وعشرين موضعاً؛ إذ هو خير بلسم للنفوس المنهكة، وخير سلسبيل للنفوس المطمئنة. وكان رسول الله قدوة في ذلك، وخير أسوة لهذا العمل العظيم، عن الأغر المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في كل يوم مائة مرة"، هذا لفظ أبي داود ولفظ الإمام أحمد ومسلم "إنه ليغان على قلبي حتى أستغفر الله في اليوم مائة مرة" قال: وسمعته يقول: "توبوا إلى ربكم فوالله إني لأتوب إلى ربي - تبارك وتعالى - مائة مرة في اليوم". وفي الحديث "طوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً". التأمل الرابع (ردود قوم هود عليه السلام عليه): ﴿ قَالُوا سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْوَاعِظِينَ ﴾ [الشعراء: 136]. ﴿ قَالُوا يَاهُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود: 53]. ﴿ قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ﴾ [الأعراف: 66]. ﴿ قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [الأعراف: 70]. هذه الآيات تُخبر عن نبيٍ واحد، وكيف كان مع قومه، ويكفي نصف واحد منها ليفلّ عزيمة مجموعة من المصلحين! فادعاء السفاهة، أو إعلان الصد والتكذيب، أو التمسك بالجاهلية والذب عنها، كل ذلك لم يجعله يتوقف، أو حتى يخسر مبدأه معهم وينتصر لذاته، بل صبرٌ واحتساب وابتغاء ما عند الله، وفي هذا خبر وإرشاد، فالخبر بما كان عليه القوم، وفيه رد على مزاعم من قال بتكرار القرآن لغير معنى، وفيه إرشاد للصبر والاحتساب وعدم الوقوف والانتقام للذات في سبيل الدعوة. وفي البخاري عن عائشة رضي الله عنها: "ما انتقم رسول الله لنفسه قط حتى تنتهك محارم الله فينتقم لله". التأمل الخامس: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَابُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ ﴾ [هود: 42]. ﴿ قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَاإِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴾ [مريم: 46]. ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴾ [التحريم: 10]. لا نحاكم الداعية في نجاحه وفشله إلى صلاح أولاده وزوجه وهم من يعول، فضلاً عن والديه، وهم من عالوه. وهؤلاء الرسل الكرام، قد فسد بعض آبائهم وأزواجهم وذرياتهم، لكنه لم ينقصهم قدرهم (أي الرسل)، وفي المقابل لم تفتؤ عزيمتهم حتى آخر رمق. التأمل السادس: ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 126]. ﴿ وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ ﴾ [إبراهيم: 35]. يدعو الخليل عليه السلام بدعوتين اشتركتا في مطلوب واحد وانفردت كل منهما في مطلوبين، فالأولى دعا بأمن البلد والرزق ثانياً، ودعا في الثانية بالأمن وحفظ بنيه من الشرك، والمتأمل يوقن بأن الدين مطلب والرزق مطلب، لكن لا ينعم بها العبد حتى يأمن على نفسه وأهله وماله، فيعبد الله مطمئناً آمناً على ماله وعياله. الأمن منة الله على عباده، وما امتن الله شيئاً إلا لعزته وعظمته ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 4]. التأمل السابع (خصال قوم لوط): ﴿ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ ﴾ [الأعراف: 81]. • الإسراف حد الطغيان، ولو اقتصدوا في المباح لكفاهم ما وراءه. ﴿ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَاقَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴾ [هود: 78]. • عمل السيئات قولاً وفعلاً، وعدم الاتعاظ بالنصح، وانعدام المروءة والرُشد. ﴿ قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ ﴾ [الحجر: 68] • انعدام المروءة. ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ ﴾ [الحجر: 69] • اعتياد الخزي والتنكيل بغيرهم. ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [الحجر: 72] • طغيان الهوى حتى عطل عقولهم، كالخمرة تعطل العقل. ﴿ وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ ﴾ [الأنبياء: 74] • عمل الخبائث والرجس من الأعمال، وخُلة الفسق والمجون والخلاعة فيهم. ﴿ وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ ﴾ [الشعراء: 166] • الاعتداء فوق حدود الشريعة مما اقتضى عدم تورعهم في شتى الأحكام والحدود الشرعية والأعراف الفطرية. ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ * أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [النمل: 54، 55]. • الجهل بعواقب الأمور والأفعال، وعدم إدراك ذلك بالنظر والتبصر ودراسة المآلات. ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾ [النمل: 56] • رؤية الحق منكراً، واعتبار الفضيلة شذوذاً. ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأعراف: 80] ﴿ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ ﴾ [العنكبوت: 28] • كسر الفطرة واستباق نكس الحق وتطبيع الضلال. ﴿ أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [العنكبوت: 29] • الشذوذ والاعتداء على الخلق، والاجتماع على المنكرات والباطل، وأيضاً الأمن من مكر الله. ﴿ قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [العنكبوت: 30] • الإفساد وتصديره للغير. ﴿ وَلَمَّا جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَهَا كَانُوا ظَالِمِينَ ﴾ [العنكبوت: 31] • الظلم الواقع على حياتهم جراء منكرهم، فظلموا أزواجهم وحرموهم حق الفراش، وظلموا ذراريهم بأن أورثوا لهم هذا الفحش، وظلموا أيضاً أنفسهم بالذنوب والكبائر. ﴿ إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلَى أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ ﴾ [العنكبوت: 34] • الفسق. ﴿ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ ﴾ [القمر: 33] • التكذيب. ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ ﴾ [القمر: 37] • المسخ من البشرية والمروءات الفاضلة. ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ﴾ [التحريم: 10] • فساد نساء مجتمعهم حتى كانت زوج نبيهم ضالة بضلالة قومها رغم أن الأمر لا يعنيها، وذكر من خيانتها أنها كانت تخبر بأضياف لوط عليه السلام فتغري سفهاء قومها، وأما خيانة الفراش فلم يك ذلك لنبي البتة. واقع الشذوذ في قوم لوط ألبسهم أشنع الخلال وأقبحها وأفسقها وأرذلها، فطُمست عقولهم وغلبتهم أهواؤهم فلم يعرفوا معروفاً ولم ينكروا منكراً إلا ما أُشربوا من أهوائهم، وهكذا كل مجتمع تنتشر فيه الرذيلة، ويعم عليهم مصادمة الفطرة بالشذوذ والنفور من سجية الخلق، يكونوا كالبهائم بل أضل سبيلاً! التأمل الثامن: ﴿ وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]. ﴿ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 56]. ذُكرت "وكذلك مكنا ليوسف في الأرض" مرتين فالأولى بعد أن ألقوه أخوته في غيابت الجُب وكان التعقيب أن يورث العلم مناسبة لذلك المُقام، والآية الثانية أتت بعد أن بدا لذوي امرأة العزيز أن يسجنوه وكان التعقيب أن يُمكن من الأرض. ولو يعلم الأعداء وساسة الضلال ماكان لأولياء الله عقب ابتلائهم ماضروهم ولا أوجدوا لهم التحديات التي تصنعهم عظماء، وصدق الله ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21]. التأمل التاسع: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]. ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [الشعراء: 83]. الغاية التي يبحث عنها العاملون الصادقون هي ماسطرها يوسف عليه السلام بعد أن بلغ مابلغ في الدنيا وهي كذلك مسألة أبي الأنبياء وشيخ الحنفاء وجدّ يوسف إبراهيم الخليل عليه السلام، ﴿ وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]. التأمل العاشر: ﴿ وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]. ﴿ قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا ﴾ [مريم: 18]. من التحفَ بلحاف العفة واعتنق رقابة الله لم تسول له نفسه بالمعصية فضلاً عن خطواتها، فيوسف ارتج المكان بندائه العظيم "معاذ الله" فنفسه لم تتطبع على المعصية وحاشاه عليه السلام، وهذه مريم عليها السلام نموذج النساء، لما جاءها جبريل صاحت بصوت العفة والنبل "إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا" فلم تكن نفسها قد خضعت لحبائل الشيطان، فلذلك كانت المواقف واضحة وسريعة وثابتة. التأمل الحادي عشر: ﴿ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴾ [يوسف: 32]. ﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدْتُنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾ [يوسف: 51، 52]. تحدثت امرأة العزيز بذات العبارة في موضعين، فالأولى قالت "ولقد راودته عن نفسه" فنبعت من عواطفها ورغبتها وقالتها متوعدةً إياه بالعقوبة الحسية والمعنوية (السجن والصَّغَار)، بيد أن الموضع الثاني قالت "أنا راودته عن نفسه" وكانت في معرض الاعتراف والإقرار بالحقيقة، فسبحان من كانت له عاقبة الأمور ومن ينصر عباده الصابرين المتقين ولو بعد حين، والعجيب للمتأمل أن يوسف عليه السلام كان شاهداً حين اتهمته بدايةً وادّعت عليه، وأما في النهاية فكان غائباً ومع ذلك برأته ﴿ ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ ﴾ [يوسف: 52]. التأمل الثاني عشر: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 90]. ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]. فرعون ويونس عليه السلام كلاهما غرق، وكلاهما نادا بالتوحيد؛ لكن اختلفت الإجابة، فالأول إجابته ﴿ آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 91]، والثاني ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الأنبياء: 88]. كل ما كنت بالله أعرف ومنه أقرب كان لك أوصل وبك ألطف، والعبرة بالسوابق المشرفة، وفي الحديث القدسي: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن الله قال: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه"رواه البخاري. التأمل الثالث عشر: ﴿ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ ﴾ [القصص: 76]. ﴿ وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ﴾ [غافر: 28]. على رغم قوة الأقباط وهيمنة فرعون وملأه إلا أن صدق هذا الرجل (مؤمن آل فرعون) ونصحه وإخلاصه لم تمنعه أن يعيش تحت قوة زائلة، وأن يرضى على قومه بالخسران الذي حل بالأمم، ولم يخف لومة لائم في الدفاع عن رسول الله موسى والذب عنه وعن دعوته، وكادت أن تكون سورة غافر فيه. وفي المقابل فرغم حاجة بني إسرائيل للنصرة والقوة والمنعة إلا أن صاحبهم قارون قد بغى وطغى، بل وشارك فرعون في طمس هويتهم واستذلالهم والاستخفاف بهم. وهذان المشهدان المتباينان يؤكدان أن معادن النفوس الأصيلة لا تختلف مع تبدل الزمان، وأن أصدق الناس للناس هم الدعاة إلى الله. التأمل الرابع عشر: ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَامُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف: 138]. ﴿ فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى ﴾ [طه: 70] هذان المجتمعان! المجتمع الأول أرسل الله لهم رسوله لينقذهم من الذل والعبوديك لغيره، وكانت أمامهم الآيات المبهرة؛ بل لم تجف أقدامهم من البحر رغم نجاتهم والمشهد المهول، حتى خذلوا نبيهم! والمجتمع الثاني كانوا أهل شأن في قومهم وعند زعيمهم، وقد اجتمعوا للتنكيل برسول الله وتخذيل دعوته، ولم يشاهدوا سوى معجزة واحدة فآمنوا بالله ونصروا رسوله وخذلوا زعيمهم مدعي الألوهية، فسبحان من بيده قلوب عباده. التأمل الخامس عشر: ﴿ رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]. ﴿ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [الشعراء: 83]. الغاية التي يبحث عنها العاملون الصادقون هي ماسطرها يوسف عليه السلام بعد أن بلغ مابلغ في الدنيا وهي كذلك مسألة أبي الأنبياء وشيخ الحنفاء وجدّ يوسف إبراهيم الخليل عليه السلام، ﴿ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ﴾ [يوسف: 101]. التأمل السادس عشر: ﴿ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ ﴾ [الزخرف: 54] السبيل الوحيد للتغلب على الاستخفاف وفك قيود الانقياد وربقة الاستبداد هو التدين الحق غير المتصنع. التأمل السابع عشر: ﴿ إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَابُنَيَّ لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يوسف:4، 5]. عاطفة يعقوب عليه السلام تجاه يوسف عليه السلام مشوبة بعلمه بنبوة يوسف عليه السلام ورفعته ﴿ وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [يوسف: 6]، ومع ذلك حصل مايكره ومايخشاه من أبنائه! فأجمعوا أمرهم ﴿ اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضًا يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْمًا صَالِحِينَ ﴾ [يوسف: 9]، لقد دفع يعقوب ثمن هذا الحب لوعة ألم وسُقْم جسد ومرارة فراق علاوة على البغضاء والغل والحقد والحسد بين بنيه، فكيف بمن كانت عاطفته تجاه أحد أبنائه دون اعتبار شرعي وفي حديث النعمان بن بشير مرفوعا:"اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم". التأمل الثامن عشر: ﴿ يَابَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 26]. مع ظاهرة التخفف من اللباس عند البعض حتى صار العُرف عندهم تأخذنا هذه الآية للأصل عند بني البشر قال سبحانه: ﴿ يَابَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 27]، فاللباس على آدم وزوجه مُذ خلقا ومُذ كانا في الجنة، وعند أبي داود والترمذي وابن ماجه والحاكم والبيهقي والطبراني في الكبير عن بَهْز بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟، قَالَ: "اسْتُرْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ". زَادَ الْحَجَبِيُّ فِي حَدِيثِهِ: قُلْتُ: الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ؟، قَالَ: "إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَلَا يَرَيَنَّهَا"، قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ أَحَدُنَا خَالِيًا؟، قَالَ: "فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَى مِنْهُ". وبعض مسلمي شرق آسيا يمنعون دخول المساجد بالملابس القصيرة ولو كانت ساترة للعورة ولهم في ذلك أصل قال سبحانه: ﴿ يَابَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]، وروى البخاري ومسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ). فالشريعة تتشوف للستر والكمال في ذلك مندبة وليس ما نراه الآن في اللُبس المكشوف أو الضيق ومافي معناها. التأمل التاسع عشر: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي ﴾ [طه: 29، 30]. ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة: 25]. ابتدأ موسى عليه السلام دعوته بأخيه هارون عليه السلام، واستمر في مسيرته الطويلة يدعو ويقارع ويدافع وبعد ذلك لم يحظ إلا بهارون وهو ماقاله ختام دعوته: "رب إني لا أملك إلا نفسي وأخي"، ومع ذلك فهو كليم الله ورسوله ومن أولي العزم. فالأعداد ليست مؤشراً في نجاح الداعية، بل بصدقه وفاعليته ومدافعته. ملحوظة: القصد سلطانه على أخيه فقط كما في الآية، وإلا أتباعه كثر كمؤمن آل فرعون وسحرة فرعون والرجلين الذين وعظا قومهما بالدخول للأرض المقدسة وغيرهم، وفي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم يوما قال: "عرضت علي الأمم، ورأيت سوادا كثيرا سد الأفق فقيل هذا موسى في قومه". صحيح البخاري. التأمل العشرون: ﴿ وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا ﴾ [الإسراء: 74، 75]. ﴿ يَانِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا ﴾ [الأحزاب: 30]. وعن الإماء يقول الحق ﴿ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ [النساء: 25]. على قدر ما يعطي الله العبد من نعم سواء في دينه ودنياه من علم ومال وسعة على قدر ما يؤاخذه الله في عدم شكرها والحفاظ عليها، فالنبي صلى الله عليه وسلم يضاعف له العذاب لو ركن للظالمين وحاشاه عليه الصلاة والسلام وهو إمام التوكل واليقين بالله، وأزواجه يضاعف لهن العذاب لو أتين بفاحشة وحاشاهن رضي الله عنهن وهن سيدات نساء الجنة وقدوات الطهر والعفاف، قال القرطبي في معرض حديثه عن آية الآحزاب: إن العقوبة تجب على قدر النعمة. وفي المقال أنعم النظر في آية النساء وكيف كانت عقوبة الأمٓة وهي نصف عقوبة الحُرة، فسبحان العدل البر الحكيم الرحيم. وهكذا في مل من وهبه الله نعمة لا سيما نعمة العلم والدين أن يرعاها إذا أطلعه الله على فضائل العمل وقد عرف ما عرف من آيات الله والحمكة فحري به أن يكون أحفظ لحدود الله وأقوم لصيانتها والذود عن حياضها. التأمل الحادي والعشرون: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23]. لخطورة الهوى وتماهيه في دواخل النفس وسريانه مع رغباتها قد تزلّ به حتى قدم العالم "وأضله الله على علم"، فكيف بمن دونه؟! اللهم سلِّم سلِّم. التأمل الثاني والعشرون: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 60]. ﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾ [التوبة: 25]. بين الإعداد الواجب والإعجاب المحرم شعرة، فلا يكن إعداد المؤمن إعجاباً بنفسه حتى لا يوكل لنفسه، ولا يكن توكله تواكلاً فيأكله العدو. التأمل الثالث والعشرون: ﴿ إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ﴾ [طه: 10]. الرجل الصالح قائم على شؤون أهله، والمرأة الصالحة لا تتشوف الخروج فتكون خرّاجة ولّاجة. التأمل الرابع والعشرون: ﴿ وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴾ [الكهف: 14]. ﴿ وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [القصص: 10]. لا يعينك في الثبات على الطريق ومقابلة المصائب إلا الله، والتعبير بالربط على القلب دلالة بلاغية على الإحكام والجودة، وصيغة الجمع (ربطنا) دلالة على تعظيم المُثبت والمُعين وهو الله سبحانه، فلا نرجو معيناً غيره، ولا مثبتاً سواه، ولا مسلياً دونه تبارك وتعالى. التأمل الخامس والعشرون: ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾ [الأنبياء: 83، 84] ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 40، 42]. لا يكن المرء صاحب لب وعقل حتى يكون عابداً لله قاصداً له، "رحمة من عندنا وذكرى للعابدين". ولا يكن المرء عبداً حتى يكون صاحب عقل حصيفاً لا إمعه، ﴿ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 43]. التأمل السادس والعشرون: ﴿ فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾ [غافر: 83]. ﴿ قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَالَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ [القصص: 78 - 80]. العلم الذي لا يُطغي صاحبه هو العلم بالله، وبشريعته، والعلم الذي لا ينفع استعاذ منه رسول الله؛ لأنه قد يكون هلاكاً لصاحبه، وتأمل من فرحوا بعلمهم فهلكوا، ومن ادعى أنه أوتي العلم من لدنه فهلك، وتأمل لأولي العلم الذين أبصروا حقيقة الدنيا وأورثهم العلم صواب الطريق وحسن العاقبة. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. التأمل السابع والعشرون: ﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ﴾ [مريم: 2، 3]. ﴿ هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ * فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [آل عمران: 38، 39]. ﴿ وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ﴾ [الأنبياء: 89، 90]. سر الاستجابة السريعة هو صدق التوكل والخشية لله وسوابق الخير، فقد نادى زكريا نداءً خفياً إشارة للإخلاص، ثم أظهر الله جل وعلا سر الاستجابة في مسارعته للخيرات؛ بل الإجابة أتته وهو على الحال المرضي عنها "وهو قائم يصلي في المحراب"، فالمعية الدائمة والاستجابة العاجلة سرها في عقد الولاية مع الله وذلك بفعل مراضي الله والبعد عما يغضبه. التأمل الثامن والعشرون: ﴿ وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا ﴾ [مريم: 48]. ﴿ وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا ﴾ [الكهف: 16]. لم تكن العزلة عن المُفسدين الذين يضرون ديانة العبد شؤماً قط! الالوكة |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تأملات في آيات من القرآن الكريم "سورة الإسراء" | طالبة العلم | علوم القرآن والسنة والسيرة النبوية | 1 | 02-24-2016 09:19 PM |
تأملات مسائية .. | رمآديهـ | المواضيع العامة والإخبارية | 11 | 12-01-2014 10:20 PM |
تأملات | عبدالله حامد العمري | الخواطر | 2 | 10-30-2012 07:07 AM |
تأملات !! | فارس بني عمرو | رياض الصالحين | 12 | 12-08-2011 10:43 PM |
تأملات | ذات الشان | مواضيع الحوار والنقاش | 14 | 08-31-2008 05:11 PM |