" روضة المتقين ونزهة المشتاقين "

*~ هُناك أماكن و أسواق للفُسح و الزِّيارات ؛


يأتُونَ كُلَّ جُمُعة فيرجِعُون إلى أهاليهم , و قد ازدادوا حُسنًا و جمالاً , فيجِدون أهاليهم قد ازدادُوا أيضًا من بعدهم حُسنًا و جمالاً .
يتحادثُونَ فِيما بينهم في دُنياهم و يطَّلِعون أحيانًا على أهلِ النَّارِ لِيزدادُوا شُكرًا على ما امتنَّ اللهُ بهِ عليهم من السَّلامةِ و النَّجاةِ و فسيحِ الجِنانِ وواسعِ المنازلِ .

* إنَّ نعيمهم لا يزُولُ و لا يتحوَّلُ ؛
وهُم الآخرُونَ لا يبغُونَ عنِ الجنَّةِ حِولاً , و لا يُريدُونَ عنها تحوُّلاً .

لقد حُبِّبتْ إليهم الجنَّةُ و أَحببَتهُم هي الأُخرى , لقد رضُوا عن معيشتِهم فهم في عِيشةٍ راضية .

* إنَّهُم في نعيم مُقيم لا موتَ و لا شيخُوخةَ و لا هَرمٍ .

ينعمُون بتكليمِ اللهِ لهُم , أجل تنعم و يسعدُون بذلك أعظم سعادةِ
يتلذَّذونَ بالنَّظرِ إلى وجهِ الله الكريم , و تلك أعظمُ لذَّةٍ و أتمَّها و أكملِها .

* يُحلِّلُ الله عليهم رضوانهُ فلا يسخطُ عليهم بعدهُ أبدًا .


□□□□□

فنسألُ الله أن يُحلِّل علينا رضوانهُ فلا يسخطُ علينا بعدهُ أبدا , و نسألهُ سُبحانهُ لذَّةَ النَّظرِ إلى وجهه و الشَّوقِ إلى لِقائهِ في غيرِ ضرَّاء مُضرَّة , و لا فِتنةٍ مُضلَّة .
و نسألهُ سُبحانهُ أن يُسكننا الفردوس , و إلى التَّفصيلِ لما قد ذُكر , و بالله التَّوفيق () ..

* ~ أين الجنّة :

□ أمَّا عن مكانِ الجنّة فهي فوقَ السَّماءِ السَّابِعة , و ذلِكَ لما تقدَّمت الإشارةُ إليهِ من أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ و سلَّم رآها ليلةَ المِعراجِ بعدَ أن تجاوزَ السَّماءَ السَّابِعة , فقد رأى سِدرة المُنتهى ,

و قال تعالى : { عِندَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى (14) عِندَهَا جَنَّةُ المَأْوَى } [ النجم / 14, 15] .

□ فوقَ الجنَّة عرشُ الرّحمن كما جاءَ في الحديثِ عن رسُولِ اللهِ

صلَّى اللهُ عليهِ و سلَّم و قد تقدَّمَ , ففيهِ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قال في شأنِ الفِردوْسِ : (( ... و فوْقهُ عرشُ الرَّحمنِ )) .

□ و رائحةُ الجنَّة توجدُ عن بُعدٍ و تُشمُّ كذلِكَ عن بُعد :
ففي الحديثِ : (( وَإِنَّ رِيحَهَا ليُوجدُ مِنْ مَسِيرةِ أَرْبَعِينَ عَامًا )) .
و لقد قال أنس بن النضر يوم أُحد : واهًا لِريحِ الجنَّة أجدُهُ دُون أحد .[ البخاري / 3166] , و هُناك رِواياتٌ أُخرى .

فمِن النَّاسِ من يشُمُّ رائحةَ الجنَّة عن بُعدٍ , و منهُم من يشُمُّها عن مسافةٍ أقربَ و أقربْ .

□ و أهلُ الجنَّةِ يعرِفُونها قبلَ دُخُولِها :
قال تعالى : { وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (5) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ (6)} [ سورة محمد ] .

و قال رسُولُ الله صلّى اللهُ عليه و سلَّم : (( إِذا خلُصَ المُؤمِنُون مِنَ النَّارِ حُبِسُوا بِقنطَرةٍ بيْنَ الجَنَّةِ و النَّارِ فيتقَاصُّونَ مَظالِمَ كانتْ بينَهُم في الدُّنيَا حتَّى إذَا نُقُّوا و هُذِّبُوا أُذِنَ لهُم بِدُخُولِ الجنَّةِ , فوَالَّذي نَفْسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ لَأحدُهُم بِمسْكنهِ في الجنَّةِ أَدلُّ بِمنزلِهِ كَانَ فِي الدُّنْيَا )) [ البخاري 2440 ] .

و في الصَّحيحينِ من حديثِ عبدِ اللهِ بن عمر رضِيَ اللهُ عنهُما قالَ : قال رسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ و سلَّم : (( إِذَا مَاتَ أَحدُكُمْ فإِنَّهُ يُعرَضُ علَيهِ مقعَدُهُ بالغَداةِ و العَشِيِّ , فإِن كانَ مِنْ أَهلِ الجنَّةِ فَمِنْ أَهلِ الجنَّةِ , و إِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ فَمِنْ أَهْلِ النَّارِ )) [ البخاري 3240 , و مسلم 2866 ] .