#1
|
|||||||
|
|||||||
أسبرقس
أسبرقس د.ابراهيم بن حسن الخضيرسلوكيات غريبة تضايق الآخرين وتؤثر اجتماعياً ودراسياً وطبياً على الطفل والمراهق تطوّر اللغة عندهم يكون طبيعياً ولا يُعاني المصاب من تخلّف عقلي أو توحدّ أو أحد الأمراض النفسية والعقلية د. خالد بن عبدالله المنيع هناك بعض الإضطرابات والأمراض النفسية التي قد تكون موجودة في المجتمع، ولكن لا يعرفها أحد سوى المُتخصصين في الطب النفسي، وليس الجميع، ولكن من لهم علاقة بهذه الاضطرابات أو الأمراض مثل الأطباء المتخصصين في الطب النفسي للأطفال والمراهقين أو من يعملون في مجال رعاية الأطفال في العيادات أو الأقسام النفسية. من هذه الاضطرابات والأمراض مرض اسمه اسبرقس. هذا المرض غالباً ما يبدأ في سنٍ صغيرة، في الطفولة أو المراهقة وقد يستمر بعد أن يُصبح المريض بالغاً. العرض الرئيس في هذا المرض هو الضعف الشديد والمستمر من الطفل أو الشخص في التفاعل مع الآخرين، وكذلك يطوّر الطفل سلوكيات مُحددة يقوم بعملها بشكل مُكرر، وعادة تكون هذه السلوكيات غريبة إلى حد ما ويقوم بها الطفل بشكل متواصل أو متكرر بطريقة مُزعجة للآخرين، وكذلك قد تستهويه هواية غريبة وينشغل بها بشكل كبير مما يؤدي إلى التأثير على حياته الدراسية والإجتماعية. كذلك يكون الطفل غير مرن في تقبله لارشادات الأهل أو المدرسين، ويخلق روتينا خاصا به لا يستطيع الحياد عنه مهما كلفه هذا من متاعب، سبب ضيقاً للأهل أو الأشخاص المُحيطين به، وكذلك إستياء زملائه في المدرسة من هذه السلوكيات والتصرفات غير المقبولة، والتي أحياناً تكون مزعجة لزملائه في المدرسة. كذلك قد يتعود الطفل على القيام بحركات غير طبيعية مثل ثني أصابعه بطريقة غير طبيعية مزعجة للأهل وللزملاء في المدرسة والأصدقاء والأقارب. كذلك قد يقوم بحركات عجيبة بجسده قد تكون غير مُريحة لمن يراه من الأهل أو الأقارب أو زملاء المدرسة، وكذلك اهتمامه وإنشغاله الزائد بأجزاء من أشياء مُعينة تثير الضيق والنرفزة عند الأهل وكذلك في المدرسة. هذه الأعراض يجب أن تكون شديدة بحيث تؤثر إجتماعياً ودراسياً وطبياً على الطفل أو المراهق وكذلك تؤثر على عمل الشخص البالغ إذا كان يعمل في وظيفة، حيث تجعله يتغيّب عن العمل لفترات كثيرة، إضافةً إلى أن أداءه في العمل غير مرضٍ وغير منتج، وربما يكون كثير المشاكل مع الرؤساء والزملاء في العمل، بحيث أن الأهل يرون ويشعرون بأن ابنهم غير طبيعي من ناحية نفسية وعقلية، وأن لديه مشكلة سلوكية نفسية، من الأعراض التي ذكرناها سابقاً. تطوّر اللغة عنده يكون طبيعياً، أي أنه لا يُعاني من تخلّف عقلي أو توحدّ أو أحد الأمراض النفسية والعقلية الأخرى التي تؤثر في تطوّر اللغة عند الطفل. كذلك ليس لدى الطفل تأخر في تطوّر قدراته العقلية، فسلوكياته الأخرى غير التي ذكرناها تتماشى مع سنه ومع أنداده، وكذلك مهاراته (غير التفاعل والاختلاط بالآخرين) تكاد تكون طبيعية ومهاراته وتقبله وتكيفّه مع المحيط به ليس سيئاً، كما هو في بعض الإضطرابات الأخرى عند الأطفال الذين يُعانون من مشاكل عقلية أو تخلف عقلي أو بدني. كذلك لدى الطفل الذي يُعاني من هذا المرض حب الإطلاع والفضول الذي يملكه الأطفال الآخرون بالنسبة لإكتشاف ما حولهم، عدا التفاعل والإختلاط الإجتماعي بالآخرين. حتى سن الثالثة، وربما بعد ذلك بسنوات لا يُلاحظ أحد على الطفل أي أمر غير طبيعي، حيث قد يعتقد الأهل بأن عدم اختلاط الطفل وتفاعله من المحيط الإجتماعي أمرٌ طبيعي وسوف يزول مع الوقت.. وربما لا يتم تشخيص المريض إلا بعد سنوات طويلة في مرحلة المراهقة أو حتى بعد أن يُصبح شخصاً بالغاً، فتظهر عندئذ الأعراض التي تؤكد إصابة الشخص بمرض اسبرقس منذ الطفولة ولكن - ككثير من الأمراض - لا يتم تشخيصه ويبقى الشخص يُعاني وتُعاني معه الأسرة حتى مراحل متقدمة من العمر بعد العشرين وبعد أن يبدأ في العمل وتبدأ مشاكله في العمل مع زملائه ورؤسائه، ويكُثر تغيبه وعدم انتاجيته فيتم تحويله إلى الطبيب النفسي، وبمساعدة الأهل، خاصةً إذا كانوا يتذكرّون طفولة الشخص، ويستنكرون عدم تفاعله واختلاطه إجتماعياً مع الآخرين.. عندئذ يتم تشخيص المريض بأنه مُصاب بمرض اسبرقس. لقد كان يُراجع في القسم شاباً منذ أن كان طالباً في الثانوية بأعراضٍ مختلفة، فمرةً بأعراض اكتئاب، ومرات بأعراض ذهانية، ومرات بأعراض اضطراب وجداني ثنُائي القطب، وكل مرة يتم فيها إعطاؤه العلاج اللازم للأعراض التي يشكو منها، واستمر مراجعاً في العيادة، ودخل الجامعة، وتخّرج منها بصعوبة بالغة، وبعد ذلك حصل على وظيفة جيدة، ولكن كان كثير التغّيب عن العمل، إضافةً إلى مشاكله الكثيرة مع زملائه في العمل ورؤسائه الذين شكوا من صعوبة التعامل معه، وكذلك عدم إنجاز الأعمال الموكلة إليه، بالطبع مع كثرة تغيبه عن العمل، وبعد مراجعاتٍ عديدة وأخذ التاريخ المرضى والطفولة والمراهقة تم تشخيص هذا الشاب الذي يبلغ من العمر السادسة والعشرين على أنه يُعاني من مرض اسبرقس، وبالطبع إستراتيجية العلاج لم تتغير، فيتم علاج الأعراض التي يُعاني منها في كل مرةٍ يأتي إلى العيادة، حيث أنه ليس هناك علاج خاص لهذا المرض سوى علاج الأعراض التي يُعاني منها في كل مرة، وفي مرات عديدة كما ذكرت يأتي بأعراض مختلفة، فيُعطى العلاج لعلاج الأعراض التي يُعاني منها سواءً كانت ذهانية أو أضطرابات في المزاج أو القلق. للأسف يستمر العرض الرئيس في مريض اسبرقس معه طول حياته وهو عدم قدرته على التفاعل مع الآخرين وعدم قدرته على الاختلاط مع الآخر وليس له نشاطات إجتماعية. كذلك هنالك ضعف في قدرته على استخدام التواصل غير اللفظي مثل التواصل عن طريق النظر في عيون من يتكلم معهم، أو لا يستطيع توصيل ما يريد عن طريق الحركات الجسدية الأخرى مثل الإيماءات باليد أو بالرأس لتوصيل معلومات أو الإجابة على معلوماتٍ تكون موجودة لديه لكنه يُعاني من صعوبة في التواصل الاجتماعي مع الآخرين. أمور أخرى مثل وضعية الجسم في أوضاع مُعينة لتوصيل معلومات أو الإجابة على استفسارات، لا يستطيع استخدام هذه الأوضاع الجسدية المعروفة بين الناس مثل الانحناء عند الاستماع للآخرين لإشعارهم بأنه يُصغي أو تغير وضع وجهه عندما يكون غير راغب في التواصل مع الشخص الآخر، وهذا ما يُعرف بالطب النفسي وعلم النفسي بالتواصل غير المنقوط .(Non-Verbal communication) هذا الأمر يفتقده الشخص الذي يعاني من مرض اسبرقس بشكل ملحوظ من قبل جميع من يتعامل معه. حتى الأوضاع الجسدية التي تُعبّر عن حالات نفسية مثل الخوف أو الغضب أو الإحباط فإن المريض بمرض اسبرقس لا يستطيع التعبير عنها بوضعية جسده لذلك يجد صعوبة بالغة في التعامل والتواصل مع الآخرين، وهذا ما يحد به من التفاعل الإيجابي مع الأقارب أو الأصدقاء الذين لا يعرفون كيف يتعاملون معه ولا كيف يتواصلون معه، لذلك يُعاني كثيراً من الوحدة إلا إذا عرف بعض الأهل مثلاً طرقاً مُعينة للتعامل معه بأقل قدر ممكن لأنه ليس لديه القابلية للتفاعل مع الآخرين أو التواصل بأي شكلٍ كان . هذه المشكلة تجعل الشخص منعزلاً في مرحلة الطفولة، حيث لا يهتم وربما لا يرغب في إقامة علاقة صداقة مع زملائه في المدرسة أو أقاربه الذين هم في مثل سنه، أما بالنسبة للشخص الكبير، فإنه قد يرغب في إقامة علاقات إجتماعية مع الآخرين لكن عدم قدرته على التفاعل أو التواصل سواءً اللفظي أو الجسدي، لذلك يفشل في إقامة علاقات صداقة مع الآخرين فيُعاني من الوحدة، وكذلك يجد صعوبة في الزواج، خاصة في المجتمعات المفتوحة في الغرب، حيث تتم العلاقات العاطفية بدايةً ثم يتبع ذلك الزواج، ولكن في مثل حالة مرضى اسبرقس فإنهم يُعانون من عدم التواصل مع الجنس الآخر مما يؤدي إلى عدم قدرتهم على إيجاد شريك حياة في تلك المجتمعات والثقافات التي تعتمد على أن يختار الشخص شريك حياته بنفسه. في مجتمعاتنا قد يلجأ الأهل سواء كان المريض فتى أو فتاة إلى التهوين من هذا الموضوع، لذلك تجد كثيرا من الزوجات من بداية الزواج تُلاحظ على زوجها رغبته في أن يختلي بنفسه وتجد صعوبة في إقامة علاقة عاطفية حقيقية خلال الزواج وربما لا تستطيع بعض الزوجات تحمل مثل هذا الأمر فيلجأن للإنفصال من بداية الزواج قبل التوّرط بأطفال، وهذا ينطبق أيضاً على الرجال الذين يتزوجون بزوجات يعانين من هذا المرض. أيضاً الأشخاص الذين يُعانون من هذا المرض لا يُثير إهتمامهم الأشياء الجميلة ولا يُعلّقون على ما يرونه جميلاً أو مُثيراً للإنتباه، لذلك يُحبطون من معهم بعدم تعليقهم على أي شيء.. سواءً سلبياً أو إيجابياً وهذا يخلق جواً من الفتور في علاقاته حتى مع أقرب الناس اليه. بالطبع لا يُشارك في الألعاب الجماعية مثل الورقة او الأنشطة الاجتماعية، ولكنه يميل إلى أنشطة الفردية مثل عمل أشياء ميكانيكية، أو اللعب بأدوات لا تتطلب أكثر من شخص وبذلك يُصبح هو المتحكم في الأمر وليس هناك من يُشاركه أي نشاط. مريض اسبرقس ومريض التوحد بالطبع هناك أشياء مُشتركة بين مريض اسبرقس ومريض التوحد، حيث البرود العاطفي، وعدم الاستجابة لمتطلبات الآخرين العاطفية، وأحيانا يُقبلون فجأة على أشخاص دون إي إعتبار لمدى تقبّل هذا الشخص لهم، وغالباً إذا قاموا بأي تواصل فإنه يكون تواصلا ليس فيه أي حميمة أو عاطفة، وإنما شيء جاف جاد، ولا ينتظر من الآخرين الاستجابة لما يقومون به من أفعال أو حركات أو سلوكيات قد تكون غير مقبولة لدى الطرف الآخر وهذا قد يُسبب عدم إرتياح للطرف الآخر. عندما يكون المريض طفلاً فإن الأمر يكون أقل غرابة وعدم الارتياح للأشخاص الذين يحاول التواصل معهم لكن عندما يكون كبيراً فإنه هناك إحراج للأهل وربما قد يكون هناك بعض السلوكيات غير المقبولة والمُستهجنة من الطرف الآخر، وقد تقود إلى مشاكل إجتماعية وأحياناً إلى مشاكل قانونية مع الجهات الامنية. على عكس التوّحد وبعض الاضطرابات العقلية الأخرى عند الأطفال فإن مريض أسبرقس لا يُعاني من أي مشاكل في الذكاء أو التخّلف العقلي، بل على العكس، كما ذكرنا سابقاً فإن لغته تكون جيدة ولا تفرق عن من هم في سنه، كذلك قدراته العقلية تتواءم مع من هم في مثل سنه، وبذلك لا يتم تشخيصه بصورةً صحيحة من البداية بل كما أسلفنا قد لا يتم تشخيصه إلا في مرحلةٍ مُتأخرة بعد سن المراهقة والبلوغ، وهناك مشاكل حيث قد يُشخص مريض اسبرقس بمرض فرط النشاط وقلة التركيز لفترة طويلة قبل أن يتم اكتشاف أنه يُعاني من مرض اسبرقس وليس مرض التوحد أو فرط النشاط الزائد. مرض اسبرقس ينتشر أكثر بين الأولاد، حيث نسبة الإصابة به بين الأولاد أكثر خمس مرات من الإصابة به بين الفتيات. صورة حضور مريض اسبرقس تختلف من مرحلة عمرية إلى أخرى، حيث إنه في مرحلة الطفولة قد لا يُكتشف المرض أو يُشّخص تشيخصا خاطئا ويعطى أدوية خاصة الأدوية الخاصة بمرض التوحد أو مرض فرط النشاط الزائد وقلة التركيز. لكن في مرحلة المراهقة يكون المريض قد بدأ يُلاحظ على نفسه هذه الأعراض، وربما أصبح ضحيةً لهذا المرض، حيث يستغله الآخرون نظراً لعدم قدرته على التفاعل مع الآخرين، ويُعاني من عزلة إجتماعية وربما قاده هذا إلى أن يُصاب بالاكتئاب أو القلق. للأسف الشديد لا توجد دراسات عن مدى انتشار هذا المرض في أي مكان في العالم، حيث لم يُعرف على وجه التحديد كم نسبة الإصابة بهذا المرض بين عامة الناس، ففي الدراسات الأمريكية والأوربية لم توجد نسبة للمرضى بهذا المرض معروفة حتى الآن. اسبرقس اضطراب وراثي مُزمن والعلاج يعتمد على الأعراض مرض اسبرقس مرض مُزمن، ويستمر مع الشخص مدى الحياة.وفي سنٍ مبكرة في مرحلة الطفولة قد يستطيع الطفل أن يتغلب على المشكلة بأن لا يلفت الانتباه إلى مشكلة عدم قدرته على التفاعل مع الآخر، وربما ركّز المدرسين على قدرته الكلامية، ولكن بعد فترة يتم اكتشاف أن هذا الطفل يُعاني من مرض ربما يكون التوّحد وهذا ما يقع فيه كثير من المدرسين والمسؤولين عن الطفل في مراحل الدراسة الابتدائية والمتوسطة، ولكن ربما في فترة المراهقة يستطيع المراهق أن يجد لنفسه حلولا أخرى، حيث يتعلق بهوايات فردية ويتكيف مع هذا الوضع بصورة جيدة. على المستوى البعيد مآل مريض أسبرقس أسوأ من مآل مريض التوحد، حيث إن مرضى التوحّد قد يتحسنون بشكل أفضل من مرضى اسبرقس. يبدو أن للوراثة دورا مهما في مرض اسبرقس، حيث وجد أن مرضى اسبرقس عادة يكون لهم بعض الأقارب يُعانون من نفس المرض، وهذا يُساعد على أن يكون هذا المرض للوراثة دورٌ مهم فيه، كذلك فإن الأطفال الذين لديهم توّحد قد يُصاب أقاربهم بمرض أسبرقس أكثر من الأشخاص العاديين، وذلك ربما لتقارب المرضين من حيث الأعراض وربما الجينات، لكن حتى الآن لم يتم الكشف بشكل واضح عن ذلك. العلاج بالنسبة لمرض اسبرقس هو علاج للأعراض، فإذا جاء المريض بأعراض اكتئاب فيُعالج عن الاكتئاب، وكذلك إذا جاء بأعراض ذهانية فإنه يعالج بأدوية مضادة للذهان.. وهكذا، فالعلاج حسب الأعراض ولا يوجد علاج خاص بالمرض تحديداً. إكراه الطفل على الغذاء أثناء مرضه قد يؤدي إلى نتائج عكسية! الحمية بسبب الإصابة برشح دون حرارة: في مثل هذه الحالة الطبيب وحده هو الذي يحدد نوع الحمية التي ينبغي أن يتبعها الطفل آخذاً بالاعتبار نوع المرض الذي يصاب به وطبيعته، وذوق الطفل نفسه، ومع هذا فإنني اذكر فيما يلي بعض القواعد العامة لعلها تكون دليلاً في حالات الطوارئ التي لا يمكن خلالها من مراجعة الطبيب. إذا كان الرشح الذي اصيب به الطفل خفيفاً غير مصحوب بحرارة، فيمكن أن تكون الوجبة عادية جداً. ومهما يكن من أمر، فقد يفقد الطفل بعض شهيته حتى لو كان رشحه خفيفاً، وذلك بسبب اضطراره للبقاء في المنزل، وابتعاده عن ألعابه الرياضية فضلاً عن الزكام وما يصاحبه من صعوبة في التنفس، أقول ، في مثل هذه الحالة لا يجب اكراهه على تناول أكثر مما يريد. فإذا كان ما يتناوله من الطعام أقل من المعتاد، يعطى سوائل اضافية بين الوجبات. ولا مانع من السماح للطفل بتناول كل ما يريد من الشراب والسوائل. ولكن بعض الناس يعتقدون - مخطئين - أنه كلما ازداد ما يتناوله المريض من السوائل كانت معالجته أسلم واضمن مع أن النفع من تناول كميات زائدة من السوائل ليس أكثر من نفع كميات معتدلة معقولة. عندما ترتفع درجة حرارة طفل مصاب بالرشح أو الانفلونزا أو التهاب اللوزتين، أو بأي مرض معدٍ آخر إلى ما فوق 102( 39س ) فإنه عادة يفقد في أول الأمر قدراً كبيراً من شهيته، ولا سيما المواد الجامدة. ولهذا ينبغي أن لا نقدم له في اليوم الأول أو اليومين الأولين من المرض شيئاً من هذه المواد، بل اكتفي بالسوائل في اثناء صحوه ومرة واحدة كل ساعة أو نصف ساعة. ويستحسن من هذه السوائل عصير البرتقال أو الأناناس أو الماء. ولعل هذا السبب نفسه هو الذي يجعل الطفل المريض يُقبل على شرب الماء بكثرة. أما تناول السوائل الأخرى فيعتمد على ذوق الطفل ومرضه. فبعض الأطفال يؤثرون العصير. أما الأطفال الأكبر فيؤثرون المشروبات الكربونية والغازية. ويلاحظ أن مشروبات الكولا تحتوي على كميات صغيرة من الكفايين، وهي مادة منبهة لذا يستحسن منعها عن المريض خلال الساعتين الأخيرتين من موعد نومه. أما الحليب فمن الصعب اصدار تعميم بشأنه. فالطفل المريض يتناول من الحليب عادة أكثر مما يتناول من أي شيء آخر. فإذا تمكن من تناوله دون ان يقيئه كان ذلك خير ما يقدم له. أما الطفل الأكبر، فقد يرفض الحليب أو يتقيأه ولا بأس بتقديم الحليب للطفل المريض، شريطة أن يكون راغباً فيه وقادراً على عدم تقيئه. أما الطفل الأكبر فقد يرفضه أو يتقيؤه، فلا يعطى له إلا إذا كانت به رغبة فيه، وكان قادراً على عدم تقيئه. أما إذا استمرت الحرارة، فمن المرجح أن تتحسن شهية الطفل قليلاً بعد اليوم الأول أو الثاني من إصابته بها. وإذا كانت شهية الطفل قوية على الرغم من ارتفاع درجة حرارته، فيمكن اعطاؤه كميات قليلة من بعض المواد الجامدة كالخبز والبسكويت والمهلبية والهلام والمثلجات والتفاح المطبوخ والبيض المسلوق قليلاً. من القواعد الواجب اتباعها عدم إكراه طفل مريض على تناول ما لا يريده من الطعام، ما لم يكن لدى الطبيب سبب خاص لإجباره على تناوله. ذلك أن ما يُرغم الطفل على تناوله من طعام مصيره أن يتقيأه أو أن يسبب له اضطراباً معوياً، أو يخلق له مشكلة غذائية. من الطبيعي ان يحدث القيء في حالات شتى من المرض، ولا سيما في بداية الأمر، وعند وجود الحمى. وتعتمد الحمية في الحقيقة على عوامل مختلفة لذا فأمر تحديدها ووصفها متروكا للطبيب.. وتحتاج المعدة بعد القيء إلى راحة تامة لا تقل عن ساعتين. فإذا طلب الطفل بعد ذلك طعاماً فلا بأس من أن نعطيه جرعة من الماء. فإذا لم يتقيأ الماء وطلب المزيد منه، نعطيه كمية قليلة أخرى، على أن يكون ذلك خلال فترة تتراوح بين 15و 30دقيقة ثم نزيد هذه الكمية شيئاً فشيئاً إلى أن تصل إلى نحو نصف كأس، إذا أبدى رغبة في ذلك. فإذا وصل هذا الحد دون أن يصاب بأذى أو يتقيأ من جديد يصبح بالامكان أن نقدم له شيئاً يتجاوز ما نقدمه له دفعة واحدة، خلال اليوم الأول، 4أونصات. فإذا مضت عدة ساعات على القيء، وطلب الطفل المواد الجامدة، يعطى أشياء بسيطة كالبسكويت أو ملعقة صغيرة من الحبوب أو التفاح المطبوخين. فإذا طلب شيئاً من الحليب فلا بأس.. أما اذا عاد فتقيأ فلنكن هذه المرة أكثر حذراً وحزماً . فلا يعطى شيئاً قبل مرور ساعتين. ثم يعطى بعد ذلك ملعقتين صغيرتين من الماء في غضون 20دقيقة. فإذا لم يبد الطفل الذي تقيأ رغبة بالشرب، حتى بعد عدة ساعات من تقيئه، فلا يعطى شيئاً . إذ يكاد يكون من المؤكد أنه، في هذه الحالة، سيتقيئه. والسبب في التزام جانب الشدة والحزم يعود إلى أنه كلما تقيأ الطفل فقد من الماء أكثر مما تناول. وفي أغلب الأحيان، فإن القيء الذي يصاحب المرض المصحوب بدوره بحمى، يحدث عادة في اليوم الأول. وقد لا يستمر حتى ولو استمرت الحمى، وفي بعض الأحيان تظهر مع المواد التي يتقيأها الطفل بقع وخيوط من الدم عندما يكون التقيؤ عنيفاً ، ولكن ليس في هذا بذاته شيء خطير. إذا اصيب طفل بحمى امتدت عدة أيام يتناول خلالها إلا القليل من الطعام، فمن الطبيعي أن يفقد بسرعة شيئاً من وزنه. ومن الطبيعي أيضاً أن يثير ذلك بادىء ذي بدء قلق الأم واضطراباتها. وعندما يقرر الطبيب أن المريض قد شفي، وأصبح في الإمكان أن تقدم له الوجبات العادية، تهرع الأم إلى تغذية ابنها من جديد، ولكنها كثيراً ما تجد أن الطفل منصرف عن الطعام الذي يقدم له في المرة الأولى من بعد شفائه. فإذا لحت عليه الأم وجبة بعد وجبة ويوماً بعد يوم بأن يأكل، فمن المحتمل أن يفقد شهيته الأصلية إلى الأبد. والطفل اذا ما أكره على تناول الطعام وهو لا يزال مريضاً نفر اشمئزازاً ، الأمر الذي قد يجعله في غضون بضعة أيام ضحية مشكلة كبيرة وطويلة المدى بالنسبة لطعامه. فما ينبغي للأم أن تعرفه إذا، هو أنه حالما تشفى المعدة والأمعاء من آثار معظم الأمراض، وتصبح في وضع يمكنها من هضم الطعام من جديد لا تعود. شهية الطفل إلى مستواها السابق وحسب، بل يصبح الطفل عادة شديد النهم طيلة أسبوع أو أسبوعين، حتى يعوض ما فقده خلال انقطاعه عن الطعام. وكثيراً ما نجد أن طفلاً كهذا يلح بطلب المزيد من الطعام بعد ساعتين فقط من تناول وجبة طعام ثقيلة. وبحلول السنة الثالثة من العمر، قد يطالب الطفل بأطعمة معينة يكون جسمه أشد حاجة إليها. واذن فعلى الأبوين في نهاية مرض طفلهما أن يعرضا على الطفل ما يطلبه من المأكولات والمشروبات الجامدة فقط دونما إلحاح وإكراه، وان ينتظر بصبر ولكن بثقة، طهور اشارات تدل على أنه على استعداد لتناول المزيد منها. فإذا لم يستعد شهيته العادية في غضون اسبوع واحد صار من الضروري استشارة الطبيب من جديد. يحتاجون إلى رعاية نفسية وجسدية معاً عندما يكون الطفل مريضاً بالفعل، فإن الوالدين يبدون نحوه قدراً كبيراً من العناية والاهتمام، لا لأسباب طبية عملية وحسب، بل كذلك لأنهم يتألمون لحالته. فهم لا يترددون في إعفائه من شراب لا يستسيغه، واعداد نوع آخر له على الفور، ويحسون بفرح غامر عندما يهدونه لعباً جديدة لكي يدخلوا السرور على قلبه والطمأنينة إلى نفسه. ثم انهم لا ينفكون عن سؤاله عن حالته بطريقة ملؤها الخوف والجزع.ولكن الطفل سريع التكيف طبقاً للأوضاع الجديدة التي تطرأ في المنزل. فإذا ما أصيب بمرض أصبح نزق الطبع ولا يتردد في التحكم بأمه تحكم الطاغية الجبار. على أنه من حسن الحظ، أن 90% من أمراض الأطفال تبدأ بالشفاء في غضون بضعة أيام، ومن هنا فحالما تكف الأم عن الشعور بالقلق تكف أيضاً عن التزلف لطفلها وتملقه اذا حاد في تصرفه عن الطريق القويم. وبعد يومين أو نحو ذلك من المصادمات المحمولة، يعود كل منهما إلى حالته الطبيعية. أما اذا طال أمد المرض أو كان من النوع الذي يعاود الطفل فتنتكس حالته، أو إذا كان الأبوان من النوع الذي يهيمن عليه القلق بسرعة، فإن استمرار جو القلق البالغ قد يترك أثراً سيئاً في نفسية الطفل. فهو يمتص جزءاً من القلق الذي يهيمن على من حوله، وتزداد طلباته ويضعف بعض ما لديه من طاقات على مواجهة ظروفه، كما يحدث للعضلات التي لا تستعمل. من الحكمة وحسن التدبير أن يتشجع الأبوان ويعودا بطفلهما المريض إلى حالته الطبيعية العادية حالما يصبح ذلك ممكناً. ويقتضي ذلك أن تحل محل نظرة الأم - أو الأب - القلقة عند دخولها إلى غرفة الطفل نظرة مطمئنة مشبعة بالمودة، فتسأله بلهجة يبدو من خلالها أن آلام تعتقد أن حالته طيبة، كيف يحس اليوم، ثم قد لا تسأله عن صحته أكثر من مرة واحدة في اليوم . وعندما تكتشف الام من خلال التجربة ما يميل إلى تناوله من المأكولات والمشروبات، فلا بأس بأن تقدم له ذلك بين وقت وآخر. ولكن دون سؤاله بخوف او ابداء الابتهاج والسرور لأنه تناول قدراً منها، بل يجب الابتعاد عن مثل هذا التصرف وعدم التفكيرفيه. وإذا ما اهدي لعباً جديدة، فلنحاول أن تكون من النوع الذي يستطيع أن يستعملها بنفسه، مستعيناً بقوة خياله، (التربيعات وأدوات البناء والخياطة والغزل والتصوير وجمع الطوابع). فهذا النوع من الألعاب يمكن أن يشغله وقتاً طويلاً في حين أن الدمى ليس فيها غير جمال مظهرها ومع هذا، فسرعان ما يفقد اهتمامه بها، ويطالب بالمزيد منها.. وهناك الكثير من اللعب التي يمكن اعدادها في المنزل كاقتطاع الصور الفوتوغرافية من المجلات القديمة، والخياطة والنجارة، وبناء المدن أو المزارع أو المنازل المصنوعة من الورق المقوى (الكرتون) والغراء.وإذا ما اضطر الطفل إلى ملازمة الفراش مدة طويلة دون أن تضعف قواه وبقيت صحته العامة جيدة، فمن الأفضل أن نأتي له بأسرع وقت ممكن بمعلم، سواء من أفراد الأسرة أو محترفاً، حتى يتابع دروسه بشكل منتظم يومياً. وإذا كان الطفل من النوع العاطفي فإنه يحتاج إلى رفيق يبقى معه ولو بعض الوقت يومياً، وبالامكان، في هذه الحالة، أن نشاركه بعض وجوه نشاطه وأعماله، وأن نقرأ له بعض القصص، أما إذا كان ملحاحاً يسعى نحو المزيد من العناية، فلنحاول أن نتجنب النقاش معه والمساومة. وإذا كان مرضه من النوع غير الساري أو المعدي، بحيث يسمح له الطبيب باستقبال الناس، فهذه الفرصة لدعوة بعض اصدقائه بانتظام لكي يلعبوا ويتناولوا الطعام معه. من شأن ذلك كله مساعدة الطفل أن يحيا حياة طبيعية عادية بقدر الإمكان في اثناء مرضه كما يساعد على أن يكون سلوكه نحو بقية افراد الأسرة مقبولاً لا تتخلله الأحاديث والنظرات أو الأفكار المثيرة للقلق. |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|