![]() |
|
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | البحث | مشاركات اليوم | اجعل كافة الأقسام مقروءة |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#11 |
![]() ![]() |
![]()
فصل
وكان يأكُلُ بأصابعه الثَّلاث ، وهذا أنفعُ ما يكون من الأكلات ، فإنَّ الأكل بأصبع أو أُصبعين لا يَستلذُّ به الآكل ، ولا يُمريه ، ولا يُشبعه إلا بعدَ طول ، ولا تفرحُ آلاتُ الطعام والمَعِدَةُ بما ينالها فى كل أكلة ، فتأخذَها على إغماضٍ ، كما يأخذ الرجل حقَّه حبَّةً أو حبَّتَين أو نحوَ ذلك ، فلا يلتذُّ بأخذه ، ولا يُسَرُّ به ، والأكل بالخمسة والراحةِ يُوجب ازدحامَ الطعام على آلاته ، وعلى المَعِدَةُ ، وربما انسدَّت الآلات فمات ، وتُغصبُ الآلاتُ على دفعه ، والمَعِدَةُ على احتماله ، ولا يجد له لذةً ولا استمراءً ، فأنفعُ الأكل أكلُه صلى الله عليه وسلم وأكلُ مَن اقتدى به بالأصابع الثلاث . فصل ومَن تدبَّر أغذيته صلى الله عليه وسلم وما كان يأكلهُ ، وجَده لم يجمع قَطُّ بين لبن وسمك ، ولا بين لبن وحامض ، ولا بين غذائين حارَّين ، ولا بارِدين ، ولا لَزِجَين ، ولا قابضين ، ولا مُسهلين ، ولا غليظين ، ولا مُرخيين ، ولا مستحيلين إلى خلط واحد ، ولا بين مختلفَين كقابض ومسهل ، وسريع الهضم وبطيئه ، ولا بين شَوىٍّ وطبيخ ، ولا بين طَرىٍّ وقَديد،ولا بين لبن وبيض ، ولا بين لحم ولبن ، ولم يكن يأكل طعاماً فى وقت شدة حرارته ، ولا طبيخاً بائتاً يُسخَّن له بالغد ، ولا شيئاً من الأطعمة العَفِنَةِ والمالحة ، كالكَوامخ والمخلَّلات ، والملوحات . وكل هذه الأنواع ضار مولِّدٌ لأنواع من الخروج عن الصحة والاعتدال .وكان يُصلح ضرر بعض الأغذية ببعض إذا وَجد إليه سبيلاً ، فيكسرُ حرارةَ هذا ببرودة هذا ، ويُبوسةَ هذا برطُوبة هذا ، كما فعل فى القِثَّاء والرُّطَب ، وكما كان يأكل التمر بالسَّمن ، وهو الحَيْسُ ، ويشربُ نقيع التمر يُلطِّف به كَيْمُوساتِ الأغذية الشديدة وكان يأمر بالعَشاء ، ولو بكفٍّ من تمر ، ويقول : ((تَرْكُ العَشاءِ مَهْرَمةٌ)) ، ذكره الترمذىُّ فى ((جامعه)) ، وابن ماجه فى ((سننه)) وذكر أبو نُعيم عنه أنه كان ينهى عن النوم على الأكل ، ويذكر أنه يُقسى القلب ، ولهذا فى وصايا الأطباء لمن أراد حفظ الصحة : أن يمشىَ بعد العَشاء خُطواتٍ ولو مِائة خطوة ، ولا ينام عَقِبه ، فإنه مضر جداً ، وقال مسلموهم : أو يُصلِّى عقيبَه ليستقرَّ الغِذاء بقعرِ المَعِدَة ، فيسهلَ هضمه ، ويجودَ بذلك . ولم يكن من هَدْيه أن يشربَ على طعامه فيُفسده ، ولا سِيَّما إن كان الماء حاراً أو بارداً ، فإنه ردىءٌ جداً . قال الشاعر : لا تَكنْ عِنْدَ أَكْلِ سُخْنٍ وَبَرْدٍ *** وَدخُولِ الْحَمَّـامِ تَـشربُ مَاءَ فَإذَا مـا اجْتَنَبْتَ ذلـكَ حَقّاً *** لَمْ تَخَفْ ما حَيِيتَ فِىالْجَوْفِ داءَ ويُكره شرب الماء عقيبَ الرياضة ، والتعبِ ، وعقيبَ الجِمَاع ، وعقيبَ الطعامِ وقبله ، وعقيبَ أكل الفاكهة ، وإن كان الشربُ عقيبَ بعضِها أسهلَ مِن بعض ، وعقب الحمَّام ، وعند الانتباه من النوم ، فهذا كُلُّهُ منافٍ لحفظ الصحة ، ولا اعتبار بالعوائد ، فإنها طبائع ثوانٍ . فصل فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى الشراب وأما هَدْيه فى الشراب ، فمن أكمل هَدْىٍ يحفظ به الصحة ، فإنه كان يشرب العسلَ الممزوجَ بالماء البارد ، وفى هذا مِن حفظ الصحة ما لا يَهتدى إلى معرفته إلا أفاضلُ الأطباء ، فإنَّ شُربه ولعقَه على الرِّيق يُذيب البلغم ، ويغسِلُ خَمْل المَعِدَة ، ويجلُو لزوجتها ، ويدفع عنها الفضلات ، ويُسخنها باعتدال ، ويفتحُ سددها ، ويفعل مثل ذلك بالكَبِد والكُلَى والمثَانة ، وهو أنفع للمَعِدَة من كل حلو دخلها ، وإنما يضر بالعَرَض لصاحب الصَّفراء لحدَّتِه وحِدَّة الصفراء ، فربما هيَّجها ، ودفعُ مضرَّته لهم بالخلِّ ، فيعودُ حينئذ لهم نافعاً جداً ، وشربه أنفع من كثير من الأشربة المتخذة من السكر أو أكثرِها ، ولا سِيَّما لمن لم يعتد هذه الأشربة ، ولا ألِفَها طبعُه ، فإنه إذا شربها لا تلائمه ملاءمةَ العسل ، ولا قريباً منه ، والمحكَّمُ فى ذلك العادة ، فإنها تهدم أُصولاً ، وتبنى أُصولاً وأما الشراب إذا جَمَعَ وصْفَىْ الحلاوة والبرودة ، فمن أنفع شىء للبدن ، ومن أكبر أسباب حفظ الصحة ، وللأرواح والقُوى ، والكبد والقلب ، عشقٌ شديدٌ له ، واستمدادٌ منه ، وإذا كان فيه الوصفانِ ، حصَلتْ به التغذيةُ ، وتنفيذُ الطعام إلى الأعضاء ، وإيصاله إليها أتمَّ تنفيذ . والماء البارد رطب يقمع الحرارة ، ويحفظ على البدن رطوباته الأصلية ، ويرد عليه بدل ما تحلَّل منها ، ويُرقِّقُ الغِذاء ويُنفِذه فى العروق . واختلف الأطباء : هل يُغذِّى البدن ؟ على قولين : فأثبتت طائفةٌ التغذية به بناءً على ما يشاهدونه من النمو والزيادة والقوة فى البدن به ، ولا سِيَّما عند شدة الحاجة إليه . قالوا : وبينَ الحيوانِ والنبات قدرٌ مشترك مِن وجوه عديدة منها : النموُّ والاغتذاءُ والاعتدال ، وفى النبات قوةُ حِسٍّ تُناسبه ، ولهذا كان غِذاءُ النبات بالماء ، فما يُنكر أن يكون للحيوان به نوعُ غذاء ، وأن يكون جزءاً من غذائه التام . قالوا : ونحن لا ننكر أنَّ قوة الغذاء ومعظمه فى الطعام ، وإنما أنكرنا أن لا يكون للماء تغذية ألبتة . قالوا : وأيضاً الطعام إنما يُغذِّى بما فيه من المائية ، ولولاها لما حصلت به التغذيةُ .قالوا : ولأن الماء مادة حياة الحيوان والنبات ، ولا ريب أنَّ ما كان أقربَ إلى مادة الشىء ، حصلت به التغذية ، فكيف إذا كانت مادته الأصلية ، قال الله تعالى : {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَىْءٍ حَىٍّ}[الأنبياء : 30]، فكيف ننكِرُ حصولَ التغذية بما هو مادة الحياة على الإطلاق ؟ قالوا : وقد رأينا العطشان إذا حصل له الرِّىُّ بالماء البارد ، تراجعت إليه قواه ونشاطُه وحركته ، وصبرَ عن الطعام ، وانتفع بالقدر اليسير منه ، ورأينا العطشانَ لا ينتفِعُ بالقدرِ الكثير مِن الطعام ، ولا يجد به القوة والاغتذاءَ ، ونحن لا ننكِرُ أنَّ الماءَ يُنفِذُ الغذاء إلى أجزاء البدن ، وإلى جميع الأعضاء ، وأنه لا يتم أمر الغذاء إلا به ، وإنما ننكر على مَن سلب قوةَ التغذية عنه ألبتة ، ويكاد قولُه عندنا يدخُل فى إنكار الأُمورالوجدانية . وأنكرت طائفةٌ أُخرى حصولَ التغذية به ، واحتجَّت بأُمور يرجعُ حاصِلُها إلى عدم الاكتفاء به ، وأنه لا يقومُ مقام الطعام ، وأنه لا يزيد فى نموِّ الأعضاء ، ولا يخلف عليها بدل ما حلَّلتْه الحرارةُ ، ونحو ذلك مما لا ينكره أصحاب التغذية ، فإنهم يَجعلون تغذيته بحسب جوهره ، ولطافته ورقته ، وتغذيةُ كل شىء بحسبه ، وقد شُوهد الهواءُ الرَّطب البارد اللَّين اللَّذيذ يُغذِّى بحسبه ، والرائحة الطيبة تُغذِّى نوعاً من الغذاء ، فتغذية الماء أظهر وأظهر . والمقصودُ : أنه إذا كان بارداً ، وخالطه ما يُحليه كالعسل أو الزبيب ، أو التمر أو السكر ، كان من أنفع ما يدخل البدن ، وحفِظَ عليه صحته ، فلهذا كان أحبُّ الشرابِ إلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم البارِدَ الحلوَ . والماءُ الفاتِرُ ينفخ ، ويفعل ضدَّ هذه الأشياء . |
![]()
الــــــــalwaafiــــــــوافي
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
::: حق الله على العباد ::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى | Aboabdalah | الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال | 2 | 09-16-2009 01:15 AM |