الإهداءات


رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-16-2003, 07:25 PM   #11
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية الalwaafiـوافي
الalwaafiـوافي غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 481
 تاريخ التسجيل :  Sep 2003
 أخر زيارة : 05-14-2017 (05:24 PM)
 المشاركات : 1,039 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



وأما دعوةُ ذى النون .. فإنَّ فيها من كمال التوحيد والتنزيه للربِّ تعالى ، واعترافِ العبد بظلمه وذنبه ما هو من أبلغ أدويةِ الكَربِ والهَمِّ والغَمِّ ، وأبلغِ الوسائل إلى الله سبحانه فى قضاء الحوائج ، فإنَّ التوحيدَ والتنزيه يتضمنان إثبات كل كمال للهِ ، وسلبَ كُلِّ نقصٍ وعيب وتمثيل عنه . والاعترافُ بالظلم يتضمَّن إيمانَ العبد بالشرع والثواب والعقاب ، ويُوجب انكسارَه ورجوعَه إلى الله ، واستقالته عثرتَه ، والاعترافَ بعبوديته ، وافتقاره إلى ربه ، فههنا أربعةُ أُمور قد وقع التوسلُ بها : التوحيد ، والتنزيه ، والعبودية ، والاعتراف .

وأما حديث أبى أمامة : ((اللَّهُمَّ إنِّى أعوذُ بِكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ)) ، فقد تضمَّن الاستعاذة من ثمانية أشياء ، كُلُّ اثنين منها قَرينان مزدوجان ، فالهمُّ والحَزَنُ أَخوان ، والعجزُ والكسلُ أخوان ، والجُبنُ والبُخلُ أَخوان ، وضَلَعُ الدَّيْن وغلبةُ الرجال أخوان ، فإنَّ المكروه المؤلم إذا ورد على القلب ، فإما أن يكون سببهُ أمراً ماضياً ، فيُوجب له الحزن ، وإن كان أمراً متوقعاً فى المستقبل ، أوجب الهم ، وتخلفُ العبد عن مصالحه وتفويتها عليه ، إما أن يكون مِن عدم القُدرة وهو العجز ، أو من عدم الإرادة وهو الكسل ، وحبسُ خيره ونفعه عن نفسه وعن بنى جنسه ، إما أن يكونَ منعَ نفعه ببدنه ، فهو الجُبن ، أو بماله ، فهو البخل ، وقهرُ النَّاس له إما بحق ، فهو ضَلَعُ الدَّيْن ، أو بباطل فهو غَلبَةُ الرِّجال ، فقد تضمَّن الحديثُ الاستعاذة من كل شَرٍّ .

وأما تأثيرُ الاستغفار فى دفع الهَّمِّ والغَمِّ والضِّـيق ، فلِمَا اشترَكَ فى العلم به أهلُ الملل وعقلاءُ كُلِّ أُمة أنَّ المعاصىَ والفسادَ تُوجب الهَمَّ والغَمَّ ، والخوفَ والحُزن ، وضيقَ الصدر ، وأمراض القلب ، حتى إنَّ أهلها إذا قضَوْا منها أوطارَهم ، وسئمتها نفوسُهم ، ارتكبوها دفعاً لما يَجِدُونه فى صدورهم من الضيق والهَمِّ والغَمِّ ، كما قال شيخُ الفسوق:

وَكَأْسٍ شَرِبْتُ عَلَى لَذَّةٍ *** وَأُخْرَى تَدَاوَيْتُ مِنْهَا بِهَا

وإذا كان هذا تأثير الذنوب والآثام فى القلوب ، فلا دواءَ لها إلا التوبةُ والاستغفار

وأما الصَّلاةُ .. فشأنها فى تفريح القلب وتقويته ، وشرحِه وابتهاجه ولذَّته أكبرُ شأن ، وفيها من اتصالِ القلب والروح بالله ، وقربه والتنعم بذكره ، والابتهاجِ بمناجاته ، والوقوفِ بين يديه ، واستعمالِ جميع البدن وقُواه وآلاته فى عبوديته ، وإعطاء كل عضو حظَّه منها ، واشتغالهِ عن التعلُّق بالخلق وملابستهم ومحاوراتهم ، وانجذابِ قُوى قلبه وجوارحه إلى ربه وفاطره ، وراحتِه من عدوِّه حالةَ الصلاة ما صارت به من أكبر الأدوية والمفرِّحات والأغذية التى لا تُلائم إلا القلوبَ الصحيحة . وأمَّا القلوبُ العليلة ، فهى كالأبدان لا تُناسبها إلا الأغذية الفاضلة .

فالصلاةُ من أكبر العَوْن على تحصيل مصالح الدنيا والآخرة ، ودفع مفاسد الدنيا والآخرة ، وهى منهاةٌ عن الإثم ، ودافعةٌ لأدواء القلوب ، ومَطْرَدَةٌ للداءِ عن الجسد ، ومُنوِّرةٌ للقلب ، ومُبيِّضَةٌ للوجه ، ومُنشِّطةٌ للجوارح والنفس ، وجالِبةٌ للرزق ، ودافعةٌ للظلم ، وناصِرةٌ للمظلوم ، وقامِعةٌ لأخلاط الشهوات ، وحافِظةٌ للنعمة ، ودافِعةٌ للنِّقمة ، ومُنزِلةٌ للرحمة ، وكاشِفة للغُمَّة ، ونافِعةٌ من كثير من أوجاع البطن .

وقد روى ابن ماجه فى ((سننه)) من حديث مجاهد ، عن أبى هريرة قال : رآنى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم أشكو مِن وجع بطنى ، فقال لى : ((يا أبا هُرَيْرَة ؛ أشِكَمَتْ دَرْدْ)) ؟ قال : قلتُ : نعم يا رسولَ الله ، قال : ((قُمْ فَصَلِّ ، فإنَّ فى الصَّلاةِ شِفَاءً)) .

وقد رُوى هذا الحديثُ موقوفاً على أبى هُرَيرةَ ، وأنه هو الذى قال ذلك لمجاهد ، وهو أشبهُ . ومعنى هذه اللفظةِ بالفارسى : أيوجعُكَ بطنُكَ ؟

فإن لم ينشرح صدرُ زنديق الأطباء بهذا العلاج ، فيُخاطَبُ بصناعة الطب ، ويقالُ له : الصلاةُ رياضة النفس والبدن جميعاً ، إذ كانت تشتمِلُ على حركات وأوضاع مختلفة مِن الانتصاب ، والركوع ، والسجود ، والتورُّك ، والانتقالات وغيرها من الأوضاع التى يتحرَّك معها أكثرُ المفاصل ، وينغمِزُ معها أكثرُ الأعضاء الباطنة ، كالمَعِدَة ، والأمعاء ، وسائر آلات النَّفَس ، والغذاء ، فما يُنكر أن يكونَ فى هذه الحركات تقويةٌ وتحليلٌ للمواد ، ولا سِيَّما بواسطة قوةِ النفس وانشراحِها فى الصلاة ، فتقوى الطبيعة ، فيندفع الألم .

ولكن داء الزندقةِ والإعراض عما جاءت به الرُّسلُ ، والتَّعوُّضِ عنه بالإلحاد داءٌ ليس له دواء إلا نارٌ تَلَظَّى لاَ يَصْلاَهَا إلاَّ الأشْقَى الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى

وأمَّا تأثيرُ الجهادِ فى دفع الهم والغم ، فأمرٌ معلوم بالوجدان ، فإنَّ النفس متى تركتْ صائِلَ الباطل وصَوْلته واستيلاءَه ، اشتد همُّها وغمُّها ، وكربُها وخوفها ، فإذا جاهدته لله أبدل الله ذلك الهمَّ والحُزْنَ فرحاً ونشاطاً وقوةً ، كما قال تعالى : {قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ*وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ}[التوبة : 14-15]، فلا شىءَ أذهبُ لجوَى القلب وغَمِّه وهَمِّه وحُزنه من الجهاد .. والله المستعان .

وأمَّا تأثيرُ ((لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلا بالله)) فى دفع هذا الداءِ ، فلِما فيها من كمالِ التفويضِ ، والتبرِّى من الحَوْل والقُوَّة إلا به ، وتسليمِ الأمر كله له ، وعدمِ منازعته فى شىء منه ، وعموم ذلك لكلِّ تحوُّلٍ من حَال إلى حال فى العالَم العُلوىِّ والسُّفلىِّ ، والقوةِ على ذلك التحول ، وأنَّ ذلك كُلَّه باللهِ وحدَه ، فلا يقوم لهذه الكلمة شىء .

وفى بعض الآثار : إنه ما ينزِلُ مَلَكٌ من السماء ، ولا يَصعَدُ إليها إلا بـ ((لاَ حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلاَّ بالله)) ، ولها تأثيرٌ عجيب فى طرد الشيطان .. والله المستعان .


فصل

فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى علاجِ الفَزَع ، والأرَقِ المانِع من النوم

روى الترمذىُّ فى ((جامعه)) عن بُريدةَ قال : شكى خالدٌ إلى النبىِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : يا رسول الله ؛ ما أنام الليل مِن الأرَقِ ، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم :
((إذا أوَيْتَ إلى فِرَاشِكَ فَقُلْ : اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَواتِ السَّـبْع وَمَا أظَلَّتْ ، ورَبَّ الأرَضِينَ ، وَمَا أَقَلَّتْ ، وربَّ الشَّيَاطينِ وما أضَلَّتْ ، كُنْ لَى جاراً مِنْ شَرِّ خَلْقِكَ كُلِّهِمْ جميعاً أنْ يَفْرُطَ علىَّ أحدٌ مِنْهُمْ ، أَوْ يَبْغىَ عَلَىَّ ، عَزَّ جَارُك ، وجَلَّ ثَنَـاؤُكَ ، ولا إلهَ غَيْرُك)) .

وفيه أيضاً : عن عمرو بن شُعيب ، عن أبيه ، عن جده أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، كان يُعَلِّمُهم مِنَ الفَزَعِ : ((أعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التامَّةِ مِنْ غَضِبهِ ، وعِقَابِهِ ، وَشرِّ عِبَادِه ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ ، وأعُوذُ بِكَ رَبِّ أنْ يَحضُرُونِ)) ، قال : وكان عبد الله بن عَمْرو يُعَلِّمُهنَّ مَن عَقَلَ من بنيه ، ومَن لم يَعْقِلْ كتبه ، فأعلقه عليه ، ولا يخفى مناسبةُ هذه العُوذَةِ لعلاج هذا الداءِ .


فصل

فى هَدْيه صلى الله عليه وسلم فى علاج داء الحريق وإطفائه

يُذكر عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ((إذَا رَأيتُمُ الحَرِيقَ فَكَبِّروا ، فإنَّ التكبيرَ يُطفِئُهُ)) .

لما كان الحريقُ سببهُ النارُ ، وهى مادةُ الشيطان التى خُلِقَ منها ، وكان فيه من الفساد العام ما يُنَاسب الشيطان بمادته وفعلِه ، كان للشيطان إعانةٌ عليه ، وتنفيذ له ، وكانت النارُ تطلبُ بطبعها العلوَ والفسادَ ، وهذان الأمران وهما العلوُّ فى الأرض والفسادُ هما هَدْىُ الشيطان ، وإليهما يدعو ، وبهما يُهلِكُ بنى آدم ، فالنار والشيطان كل منهما يُريد العلو فى الأرض والفسادَ ، وكبرياءُ الرب عَزَّ وجَلَّ تَقمَعُ الشيطانَ وفِعلَهُ .

ولهذا كان تكبيرُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ له أثرٌ فى إطفاء الحريق ، فإنَّ كبرياء الله عَزَّ وجَلَّ لا يقوم لها شىء ، فإذا كبَّر المسلمُ ربَّه ، أثَّر تكبيرُه فى خمودِ النار وخمودِ الشيطان التى هى مادته ، فيُطفىءُ الحريقَ ، وقد جرَّبنا نحن وغيرُنا هذا ، فوجدناه كذلك .. والله أعلم .


 
 توقيع : الalwaafiـوافي

الــــــــalwaafiــــــــوافي


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 ( الأعضاء 0 والزوار 4)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
::: حق الله على العباد ::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى Aboabdalah الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال 2 09-16-2009 01:15 AM


الساعة الآن 06:29 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir