هجوله!!

قهوة الصقر - 27
هجوله

كان جالس على طاولتي المعتادة في انتظاري فسحبت كرسيي وجلست مقابلا له

- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

- وعليكم السلام ورحمة الله

- عذرا على التأخير

- لا بأس أخي صقر

بدأت أتأمل ملامحه ثم قلت:

- أضن بأني أعرفك

- نعم أنا ( ... )

- (المهجول؟)

- نعم .. أكبر مهجول ( مفحط ) في الرياض

- أهلا بك .. بماذا أخدمك؟

- أريد أن أتحدث معك

- تفضل ..

- أعرف أنك من أكبر الكارهين لي وأمثالي

- هذا صحيح فأنا أعتبركم مجرمين تسببتم في الكثير من المآسي لأهلنا ومجتمعنا

- لم نكن نقصد والله العظيم

- هذا ليس عذرا وإن صح بأنه عذر .. فهو حتما أقبح من ذنب .. بحمقكم وغبائكم تتجاهلون كل نداءاتنا لكم بالتوقف عن تهوركم وجنونكم وإضراركم بالآخرين ومن أجل ماذا؟

- ......

- قليل من المتعة والإثارة؟!!

- ....

- في البداية هي رغبه في قيادة السيارة .. تسرقها من أبيك أو من جيرانك .. أو تركب سيارة أحد أصحابك .. مبروك أنت الآن رجل

- ...

- لكنك لا تكتفي فتريد أن تثبت أنك مميز .. فينحط عقلك حتى يستقر في حذائك فتبدأ في إظهار مهاراتك في القيادة و( الهجوله ) وتختار لذلك أزحم الأماكن وتجمعات الشبان وال (بزران) .. ثم تبدأ في تعاطي المسكرات والمخدرات حتى تساعدك على مزيد من (الهجوله) .. فغدت حياتك عبارة عن مزبلة كبيرة ترمي بنفاياتها في كل الشوارع .. تؤذي المسلمين وتتلقى لعناتهم في كل مكان وزمان .. لا يحترمك أحد إلا زملائك ومحبيك من الحثالة والسكارى الأغبياء ... واحترامهم هذا مؤقت ومربوط باستمرارك في إمتاعهم

- ... لا تقسو علي يا صقر

- ولما لا أقسو عليك وأنت الذي أضعت أرواح الناس بيديك

- .. يا صقر أرجوك

- كم قتلت وكم أصبت من مسلم؟ .. ثم أنت .. أنت بنفسك قتلت بتهورك أصحابك .. أصحابك وأصدقاء طفولتك .. أصحابك تناثرت أشلائهم على الطريق بسببك!!

- أرجوك يا صقر ارحمني .. لقد دفعت الثمن

- بشلل رباعي .. هل تضن بأنه الثمن حقا؟

بدأ في النحيب وبدأت دموعه تسيل على خدوده بغزاره واختلطت مع سوائل أنفه ولعابه بينما واصلت :

- لا يا صاحبي هذا ليس إلا عقاب الدنيا ودعوات الأمهات الثكالى وما بقي لك في الآخرة هو أشد وأفظع وستقابل كل من قتلت هناك وسيقتصون منك

- يا الله .. يا الله .. فطرت قلبي يا صقر

- فلينفطر!! .. فما أهو بأغلى من قلوب بريئة فطرتها أنت بجرائمك .. قد أهلكت نفسك ودمرت حياتك في الدنيا .. ولم يبقى لك إلا دفع ثمن جرائمك حزنا وكمدا وعذابا نفسيا .. وفي الآخرة تقابل ربك فان لم يغفر لك ويمن عليك برحمته فتكون وقتها قد هلكت وأضعت الدنيا والآخرة

بدأ يصرخ بهستيرية وينوح بشده وهو يحاول تحريك عصا تحكم كرسيه الكهربائي بذقنه ليبتعد عني .. بينما سالت مني دمعت حارة وأنا أتمتم

- القلب مفطور عليك أيضا يا أخي .. لكن لابد من القسوة أحيانا .. حتى تتعض بعض القلوب المتحجرة.


سؤال للقرأء:
أين أهل المهجول؟
لماذا لا يأخذوا على يده؟
وما ردة فعلهم اذا قُتل او أصيب بالشلل؟ أو قتل أنفس بريئة بتهوره؟


*********************
قال الله تعالى في كتابه ( وما كان ربك ليهلك القرى بظلم و أهلها مصلحون ).
وصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال (ويل للعرب من شر قد اقترب قالت عائشة رضي الله عنها وما ذاك يا رسول الله قال فتح من ردم يأجوج ومأجوج هكذا وحلق بأصبعيه فقالت عائشة رضي الله عنها أنهلك وفينا الصالحون قال النبي صلى الله عليه وسلم نعم إذا كثر الخبث)
وقد سئل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أَنُهْلَك وفينا الصالحون؟ قال: "نعم إذا علا فُجَّارُها خِيَارُها وكثر الخبث"، وفي رواية أن الله أمر جبريل أن يخسف بقرية في الأرض فقال: يا رب إن فيها عبدك فلان الذي ما زال قائمًا يصلي فقال له: فبه فابدأ قال جبريل: كيف يا رب فقال: "لأنه لم يتمعر وجهه من أجلي"، أي لم ينفعل من أجلي ولم يغضب من أجلي.
قال تعالى(وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا)


**********************
تنويه :
* أحداث قهوة الصقر إما أن تكون خيالية مبنية على أفكار واقعية أو حقيقية (أرسلت لي) وتم إعادة صياغتها.
* قهوة الصقر ليست قصص أدبية إنما قضايا اجتماعية مهمة للجميع كتبت بأسلوب حواري شيق لجذب القارئ لتحقيق هدف التوعية واستطلاع آراء أفراد المجتمع حول هذه القضايا لذا أرجو التكرم بعدم نقل الموضوع من القسم العام ليستفيد منه الجميع
* قد يلاحظ البعض ندرة ردودي على المواضيع والسبب هو رغبتي في ترك فرصة ومساحة للجميع لإبداء آرائهم بحرية مطلقة من غير التأثير عليهم وهو هدف القهوة الأساسي .. ومع هذا أنا اقرأ كل الردود باهتمام واحتفظ بها وأرد في الوقت المناسب بإذن الله
* من أحب إثارة موضوع معين أو مشكله اجتماعية تخصه ويرغب في مناقشتها أو لديه قصه مفيدة ويرغب في أن أصوغها بطريقة قهوة الصقر فما عليه إلا أن يراسلني مشكورا بالتفاصيل .. ولن تنشر التفاصيل شخصية والأسماء الحقيقية.
* القهوة حق للجميع فمن أعجبه الموضوع ورأى فيه فائدة بإمكانه نشره حيثما أحب مع ذكر المصدر والدال على الخير كفاعله
* رأيي لا ينفي صحة رأي غيري ورأي غيري لا ينفي صحة رأيي والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية
* أخيرا
عند كل صحفي أو كاتب اجتماعي أو روائي خياران
الأول : أن يسكن لوحده في برج عاجي ويكتب عن قضايا المجتمع بناء على آراءه الشخصية فقط
الثاني : أن يخالط أفراد المجتمع ويكون واحدا منهم فيستمع لآراء الجميع ثم يكتب عن قضاياهم بوجهات نظرهم
أرجو أن أوفق في الخيار الثاني
سعيد جدا بكل آرائكم وتفاعلكم
بارك الله في الجميع
أخوكم
إبراهيم الصقر
**********************

مرحباً بالأخ الحبيب والكاتب المبدع " ابراهيم الصقر " ..!!

طرحك جميل ومميز .. وثمين وقيّم .. ومن أجمل ما قرأت من حيث الأسلوب الكتابي والمغزى .. وأرجو أن يجد أصداءه خاصة لدى " المهجولين " الذين وصلت ضحاياهم أكثر من نصف مليون في أقل من 15 سنة .. وأيضـاً أرجو من كل أب أن يوعي أبناءه لـ مخاطر الإنجراف وراء عالم الهجولة والتفحيط والسرعة .. كما أرجو من كل أم أن تقوم بدورها تجاه فلذات أكبادها من حيث التوعية والتوجيه للطريق الصواب حتى وإن لزم الأمر حرمانهم من المتعة بكل أنواعها من أجل التقويم وليس من أجل العقاب فقط .. لأنه من الممكن أن يكون الضحية ذات الإبن الذي لم يحسن الوالدين تربيته وتوجيهه لطريق الصواب .. كما هو المهجول " الوهمي " في الحوار التوعوي المميز ..!!!

وأنا هنا أضيف على التفحيط .. مشكلة السرعة .. فهي من أشد الأسلحة فتكاً بشبابنا وحتى شيباننا ونسائنا ..
فلا فرق بين التفحيط والسرعة .. فـ كلاهما مبني على الحظ .. ويا تصيب أو تخيب .. وإن خابت فـ عز الله خابت .. !!

على كل حال .. الهجولة ليست وليدة الساعة .. وإنما منذ وجود السيارات والطرقات في السعودية .. وشبابنا متجننين .. وللأسف فالأهل والمجتمع والمدرسة والحكومة .. ذوي علاقة وثيقة بإنتشــار هذه العادة السيئة .. فإن قلنا الأهل .. فأين دور التربية والتوعية والتوجيه والرقابة الأسرية .. وإن قلنا المجتمع أين دورهم أيضـاً في التوعية أو حتى إبلاغ المقربين لهذا المخالف أو المهجول .. وإن قلنا المدرسة .. فأين الدور التعليمي والتربوي في توضيح عواقب هذه العادات على النفس وعلى الأبرياء المارين وعلى الأمهات اللاتي يتلقين الأخبـار المؤسفة عن أهاليهن أو أبنائهن المتضررين .... وإن قلنا الحكومة فأين هو الدور الأمني والرقابي .. وأين هي العوامل الرادعة والصارمة من حيث العقوبة بالسجن لفترات طويلة والتغريم بمبالغ كبير جداً حتى وإن اضطروا لمصادرة السيارة إن كانت من ممتلكاته أصلاً ... فأين دور الأمن العام ووزارة الداخلية تجاه هؤلاء المختلين أو المهجولين ... فوالله أنهم إرهابيين بإمتياز ...!!!!

مع خالص التحية والتقدير لك أخي الحبيب إبراهيم الصقر ..!!

المهجولين " الذين وصلت ضحاياهم أكثر من نصف مليون في أقل من 15 سنة

يا ساتر اللهم احفظ المسلمين

تصحيح للآية

قال الله تعالى في كتابه ( و ما كان ربك ليهلك القرى بظلم و أهلها مصلحون )

استغفر الله على الخطأ المطبعي

تم التعديل أخي الكريم ..!!

مع التحية والتقدير ..!!