#1
|
|||||||
|
|||||||
العزوبة والعنوسة
بسم الله الرحمن الرحيم
لقد بعث الباري جل وعلا مصطفاه وخليله صلوات الله وسلامه عليه؛ لحفظ مصالح الخلق ومقاصدهم، وسد كل ذريعة تخدش دينهم أو تهز كيانهم، ولأجل هذا الأس شرع الله عقد الزوجية لحفظ النسب. إن الإنسان الذكر نصف الوحدة، ما يبلغ يوماً تمامه إلا إذا انضم إليه نصف آخر، يلقى به ربه على أحسن حال من الطهر والعفاف، وفي كثرة نسله من هذا الصنف الآخر مصلحة خاصة وعامة، يساعدان على تكثير سواد الأمة واتساع بيضتها، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: {تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة } رواه أبو داود إن في المسلمين آلافاً مؤلفة من البنات في سن الزواج لا يجدن الخاطب، وألوفاً أخرى مشاكلةً من الشباب لا يجدون البنات، أو لا يريدون الزواج، أو يصعب عليهم تحصيلهن على وجه السهولة واليسر. وهذه المشكلة الظاهرة إن لم يتنبه إليها عقلاء المسلمين وأصحاب الكلمة السيالة والمسموعة، ويتفتحوا لها طرق العلاج بالحلال، فحينها لن يجد الشباب والشابات للوصول إلى حاجاتهم الغريزية إلا سلوك الطرق الملتوية؛ لأن الفساد الخلقي سبب في قلة الزواج، وقلة الزواج شوكة من طلع الفساد الخلقي. إن الوقفة من ضرار الشهوة مع حياة العزوبة للرجل والعنوسة للمرأة مشكلة جد خطيرة، فهي إذا استفحلت نغصت العيش، ولم ينفع معها ملك ولا مال، وبدت سنونها كالعلقم يتجرع العازب مرها ويقاسي ضرها، ومن طلب إشباع غريزته من طرق غير ما أباح الله كان كمن يطلب وسط القبر من العظام والرميم الغادة الحسناء، وقد يكون مثل هذا التفكير في الطلب شبه واقع مشاهد في دنيا الناس، لأن المضطر إلى الرحل لن يدع ركوب الأسنة، ولكن الذي لا ينبغي أن يكون واقعاً مشاهداً أن يحس الفتى والفتاة بهذا كله، ثم يضطرهما واقع المجتمع بأسلوبه على مختلف المحاور إلى البقاء على العزوبة والصرف عن الزواج، والولوغ في حمأة الشهوة واسترقاق الجسد، من حيث يشعر المجتمع أو لا يشعر، ولن يخرج المجتمع بأي وجه كان عن مغبة ما قيل: إذا كنت لا تدري فتلك مصيبة *** وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم وهذه هي المشكلة وهي مكمن الداء. ولربما كانت بعض المجتمعات تقول للشاب والشابة من خلال ممارساتها الطليقة بلسان مقالها تارة وبلسان حالها تارات أخرى: اختر إحدى ثلاث -كلها شر- ولكن إياك إياك أن تفكر في رابعها الذي هو وحده الخير ألا هو الزواج، وهذه الثلاث : الأولى: إما أن ينطوي الشاب والشابة على نفسيهما، وعلى أوهام الشهوة والتفكير فيها وتغذيتها بما يرى من حبائل الشيطان حين يترك الحبل على الغارب، متمثلة له في غير ما سبيل، فيراها في السوق تارة على لسان حال امرأة متبرجة قد كشفت عن وجهها أو عينيها فأبرزت الحسن وسترت القبيح، وبثت مفاتنها لينزلق بها كل متلفت يترقب، فلا يلبث أن ينفجر من شرارة تخرج من عين امرأة تنسف به عقله ودينه. الثانية: وإما أن يلجأ الفتى والفتاة إلى طرق سرية خفية؛ لإبراز قلة الشهوة وملأ الأرجاء بمثيراتها مما يستفزها لو هدأت، ويجوعها لو شبعت، والتي حرمها جمهور أهل العلم عملاً بقوله جل وعلا: (فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ). الثالثة: وإما الاغتراف من حمأة اللذة المحرمة بلا مكيال، والولوغ في مستنقعها وسلوك سبل الضلال؛ لتبذل فيها الصحة والشباب في لذة عارضة ومتعة عابرة، ثم هو لا يرتوي بل كلما واصل واحدة زاده الوصال نهماً، كشارب الماء المالح لا يزداد شرباً إلا ازداد عطشاً، وقديماً قيل في مثل هذا: وداوني بالتي كانت هي الداء. بمثل هذا وأمثاله ينهار بناء الأخلاق، ويبور سوق الزواج، وينقطع نسل الأمة في هذا المنعطف الخطير، حتى يكون الرجل الواحد قيماً على أربعين امرأة.. لقد توصل جملة من الباحثين في مشاكل الزواج إلى أسباب كثيرة هي في الحقيقة سد منيع في طريق من يريدون الزواج، وهم وإن اختلفوا في عد تلك الأسباب ما بين مقل منها ومكثر؛ إلا إن أهمها لا يخرج عن أسباب ثلاثة:...... المغالاة في المهور السبب الأول: تلكم العادات الشنيعة التي تخرب بيوتات البنات والخطاب، وليس فيها نفع لأحد ألبتة، وإنما هو التفاخر والتكاثر وفيضان كئوس ممتلئة في التبذير والترف، أو في الطمع والجشع، حينما لا يزوج الولي موليته إلا بيعاً من خلال عرضها بالمال الوافر، أو بإكراهها على الزواج من غير الكفء إذا كان مليئاً يفري المال فرياً؛ مما يسبب تراجع بعض الفتيات والإحساس بالغمط وبطر الحق من قبل الآباء الجشعين؛ فتكثر العنوسة وبالتالي تصبح الفتاة عرضة للفتن ما ظهر منها وما بطن، فيقعون فيما حذر الله منه بقوله: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّناً لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) جاء في الصحيح أن جارية قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن أبي زوجني من ابن أخيه ليرفع بي خسيسته، وأنا له كارهة. فقال لها: إن شئت أمضيت أمر أبيك وإن شئت فسختيه. فقالت: أمضي أمر أبي ولكن فعلت ذلك ليعلم النساء أن ليس للآباء من الأمر شيء } تعني: ليس لهم إكراه بناتهم بالتزويج ممن يكرهن. إنه عندما يصل المجتمع المسلم إلى درجة الرشد السوي فإنه لا يستطيع أن ينظر بعين الرضا إلى ممارسات في التنافس غير البريء في غلاء المهور وعش الآفات، ومن أبا إلا ركوب رأسه فلا جرم أن الله ينزع بالسلطان ما لا ينزع بالقرآن. جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: {إني تزوجت امرأة من الأنصار. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على كم تزوجتها؟ قال: على أربع أواق -أي: مائة وستين درهماً- فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: على أربع أواق؟! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل، ما عندنا ما نعطيك ... الحديث } رواه مسلم في صحيحه . قلة الدين وانتشار الفساد بين الشباب سبب ثان من أسباب تلك الظاهرة: يتمثل في قلة الدين، وتغيب العفاف، وانتشار أسباب الفساد بين أروقة الشباب والشابات، من خلال التوسع في الأقمار المرئية المشينة والتي تبث كل قبيح من القول أو رديء من الفعل، ولا يعدم مروجوها من أن يجدوا رجع صداها في المريدين والمريدات والمراهقين والمراهقات غير مصدقين ما يرونه من فوضى وإباحية،لا سيما وقد اعتادوا في بلادهم جو المحاصرة وقطع الشهوات إلى حد ما، فيرون من خلالها إقرار الاختلاط بين الجنسين، والرضا بالخدين والخدينة، وبث المشاهد الدالة على كيفية فساد الخائنة من زوجها بالتضليل عليه، أو بإشاعة طرق الإجهاض والتخلص من السيوبة؛ حتى تكشف سوءة من سوءات الفكر، وعورة من عورات الضمائر الكامنة، يحرص العقلاء من بني آدم عادة على سترها كما يسترون عورات البدن. ثم لا تسألوا بعد ذلك عن قيام النفوس الضعيفة في المشاهدين والمشاهدات بالدعوة إلى الإفساد، وفصل النفوس عن القيم و الأخلاق بزعم الحرية التي تهدف إلى إعلاء الشهوة، وعبادة الجسد، وفتح الطريق للمرء؛ ليكشف عن كل نزواته وأهوائه، وليكون تحرره كاملاً عن كل ما يتصل بالمبادئ والمثل والقيم التي قررها الإسلام؛ ليعيش الفتيان والفتيات خصوصاً على أعراض الناس يسترقون النظرة، ويستلذون اللحظة، ويستمرئون التسول الغريزي والسطو المقنن على الأخلاق والدين: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً). الأفكار الخاطئة عن الزواج السبب الثالث: وهو ما يردده بعض أرباب الأفكار اللقيطة، من الذين يبثون سمومهم عبر زوايا متعددة، يقررون من خلالها أن التبكير في الزواج عمل غير صالح، وضرب من ضروب التغرير بالمراهقين، وأنه لا ينبغي أن يغامر شاب ما بعملية الزواج قبل التزود الكافي من التجارب، وفي ذلك يقول قائلهم: لا قبل لي بهذا المعنى الذي يسمونه الزواج، فما هو إلا بيت ثقله على شيئين: على الأرض وعلى نفسي، وأطفال يلزمونني عمل الأيدي الكثيرة من حيث لا أملك إلا يدين اثنتين، وأتحمل منهم رهقاً شديداً، ومن ثم سيصبحون عالة على المجتمع، ومن ذا الذي تعرض عليه الحياة سلامها وأشواقها في مثل رسالة غرام ثم يدع ذلك كله ويتزوجها. فكأنه بذلك يسألها غضبها وخصامها في نحو قضية من قضايا المحاكم، كل ورقة فيها تلد ورقة. ولا غرو أن يكون لهذا الصدى آذان صاغية من فتيات وفتيان، يكونون من خلالها قناعات واهية كبيت العنكبوت أو هي أوهى، حتى يقف بهم الأمر إلى أن يكون الواحد منهم خواراً جباناً لا يستطيع أن يحمل أثقالاً مع أثقاله، ويستوطن العجز والخمول؛ فلا يكون إلا قاعد الهمة رخو العزيمة، وكل شاب أو شابة يردد مثل هذه الترهات فهو حادثة ترتدف الحوادث وتستلزمها، ولا يأتي السوء إلا بمثله أو بأسوأ منه، فيشهد العزاب والعوانس على نفوسهم أنهم مبلوون بالعافية، مستعبدون بالحرية، مجانين بالعقل المزعوم، مغلوبون بالقوة، أشقياء بسعادتهم الموهومة، وما علم هؤلاء وأمثالهم أنه بالنكاح يلتئم الشمل، ويلم الشعث، وتسكن النفس، وتتم به نعمة الله على الولود ويحصل الولد، ومن رغب عن النكاح من دون ما سبب فقد ترهب، وعنده ينقطع نسل من بني آدم، يقول الله جل وعلا: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ .قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [[أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح؛ ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى ]]. |
10-25-2007, 06:46 AM | #2 |
|
رد: العزوبة والعنوسة
مشكور اخي الكريم
بصراحه موضوع متعوب عليه .. ثيرا .. ومفيد ايضا ويضع عدة نقاط على حروف عديده وقد يساهم .. في لجم بعض .. الأفواه التي لا هم لها سوى .. التغرير بشبابنا ولكن ................؟؟ الا ترى معي .. أن الاحوال الاقتصاديه .. والبطاله المنتشره .. لها دور ايضا .. في تلك المشكله كن راضيا ........................ دوما طلووووووولي |
أقول
روح لا ترجع ودور لك حبيب ثاني ترى قالوها بالأمثال من ضيع حبه الأول أكيد بيضيع الثاني |
10-25-2007, 11:03 PM | #3 | |
|
رد: العزوبة والعنوسة
اقتباس:
بارك الله فيه أخي الكريم
إن الأحوال الإقتصاديه وصعوبة إيجاد العمل لها دور ولكنها ليست سبباً إن العادات الشنيعة التي تحتم على الخطاب أن يكون ذا عمل مرموق أو يتقاضى مرتب ضخم، حينما لا يزوج الولي موليته إلا بعد أن يسأل عن عمله وماله ولا يسأل عن دينه وخلقه حينها يردالكفء ؛ ويطرد الفقير مما يسبب كثرة العنوسة إذ كل ولي يريد أن يزوج موليته لغني وقله من الناس اليوم أغنياء إنه عندما يصل المجتمع المسلم إلى درجة الرشد السوي فإنه لن ينظر إلى جيب الخاطب بل إلى صدره. إن الشباب اليوم يقول قائلهم لا قبل لي بالزواج، فما هو إلا بيت لا أستطيع النفقة عليه: وأطفال يلزمونني عمل الأيدي الكثيرة من حيث لا أملك إلا يدين اثنتين، وأتحمل منهم رهقاً شديداً، ومن ثم سيصبحون عالة على المجتمع، فيا سبحان الله أين التوكل على الله الذي يرزق الطير في السماء وما علم هؤلاء وأمثالهم أنه بالنكاح يلتئم الشمل، ويلم الشعث، وتسكن النفس، وينزل الرزق وتتم به نعمة الله على الولود ويحصل الولد، ومن رغب عن النكاح من دون ما سبب فقد ترهب، وعنده ينقطع نسل من بني آدم، قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: [[أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح؛ ينجز لكم ما وعدكم به من الغنى ]]. فيا أيها الشاب لا تطلب الغنى من الله قبل الزواج |
|
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|