الإهداءات


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-16-2003, 05:31 AM   #2
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية شايب الجنوب
شايب الجنوب غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 135
 تاريخ التسجيل :  Dec 2002
 أخر زيارة : 05-12-2005 (11:41 PM)
 المشاركات : 341 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



تكملة عن ابي ذر:

و في منتصف الطريق قال أحد المسلمين :

ـ يا رسول الله تخلّف أبو ذر .

فقال النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) :

ـ دعوه فإن يَكُ فيه خير فسيلحقه الله بكم .

و استمر الجيش الإسلامي يطوي الصحراء .

كان أبو ذر راكباً بعيراً هزيلاً لا يقوى على المسير . . و شيئاً فشيئاً كان يتخلّف عن الجيش الإسلامي ، حتى برك البعير عاجزاً عن التحرّك خطوة واحدة .

جلس أبو ذر حزيناً يفكّر ماذا يفعل ؟

هل يعود إلى المدينة ؟ أم يمضي ماشياً ؟

و لكن أبو ذر لم يكن ليفكّر في العودة ، فقد كان مؤمناً و يحبّ سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) ، فقرّر أن يتبع آثار الجيش ماشياً .

راح أبو ذر يطري الصحراء الحارقة ، و نفد كلّ ما معه من الزاد و الماء ، و مع ذلك كان يستمر في المشي يدفعه إلى ذلك إيمانه العميق بالله و حبّه لرسول الله .

كان يشعر بعطش شديد فرأى في صخرة محفورة ماءً بارداً ، و لمّا ذاقه وجده عذباً ، فأراد أن يشرب و لكنّه امتنع و قال :

ـ لا أشرب حتى يشرب منه حبيبي رسول الله .

ملأ قربته من الماء ، و مضى يطوي الصحراء ماشياً على قدميه .

كان أبو ذر يسير الليل و النهار حتى يمكنه اللحاق بالجيش الإسلامي .

عسكر الجيش الإسلامي في بعض المناطق للاستراحة ليلاً لكي يستأنف زحفه باتجاه " تبوك " .

و عندما أشرقت شمس اليوم التالي شاهد بعض المسلمين رجلاً قادماً من بعيد ، فتعجّبوا و قالوا للنبيّ :

ـ يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي وحده !!

فقال سيدنا محمّد :

ـ كن أبا ذر .

و راح المسلمون يتطلّعون إليه ، و لمّا أصبح قريباً منهم صاحوا :

ـ هو و الله أبو ذر .

و رأى النبي على ملامحه التعب و العطش فقال :

ـ أدركوه بالماء فانّه عطشان .

و لكن أبو ذر كان يتجه إلى سيّدنا محمّد و بيده القربة ليشرب رسول الله .

فتساءل النبي :

ـ يا أباذر أمعك ماء و أنت عطشان ؟!

فقال أبو ذر :

ـ نعم يا رسول الله فداك أبي و اُمّي . رأيت في صخرة محفورة ماء المطر فذقته فإذا هو عذب بارد فقلت لا أشرب حتى يشرب منه رسول الله .

فتأثّر النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) و قال :

ـ رحمك الله يا أبا ذر . .

تعيش وحدك .

و تموت وحدك .

و تدخل الجنّة وحدك .

و يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك و تجهيزك و الصلاة عليك .

أحاديث النبيّ

تُوفي سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) فحزن المسلمون و كان أبو ذر من أكثرهم حزناً و وفاءً لرسول الله فحفظ ما سمعه من أحاديثه و جعل منها نبراساً يضيء له الطريق .

كان أبوذر يؤمن إيماناً عميقاً بأن الخلافة حقّ إلهي مثل النبوّة و أن الله سبحانه يختار من عباده الصالحين أكثرهم جدارة ، و قد سمع أبو ذر النبيّ يقول لعليّ : أنت مني بمنزلة هارون من موسى و لكنّه لا نبيّ بعدي .

و سمعه في " غدير خُم " عندما عاد من حجّة الوداع أمام المسلمين جميعاً : من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه ، و عادِ من عاداه ، و انصر من نصره ، و اخذل من خذله .

و سمعه يقول : عليّ مع الحق و الحقّ مع علي .

و مع الأسف فإن بعض المسلمين تناسى هذه الأحاديث . و عندما توفي النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) و بينما كان ابن عمّه و وصيّه علي بن أبي طالب مشغولاً بهذه المصيبة اجتمع بعض الصحابة و أصبح أبو بكر هو الخليفة .

اعترض كثير من الصحابة على ذلك ، منهم سلمان الفارسي الذي قال عنه النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : سلمان منّا أهل البيت .

و منهم عبادة بن الصامت و أبو الهيثم التيهان و حذيفة و عمّار بن ياسر . كما استنكرت ذلك فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين و كانت غاضبة .

و بعد شهور عديدة بايع الإمام علي بن أبي طالب مضطراً ، حفاظاً على مصلحة الإسلام .

و عندما بايع الإمام ، بايع الصحابة و فيهم أبو ذر .

كان أبو ذر يفكّر بمصلحة الإسلام و المسلمين ، و لذلك ذهب إلى ميادين الجهاد دفاعاً عن الدولة الإسلامية . و كان الروم في ذلك الوقت يقومون بحملات عسكرية و اعتداءات على الحدود ، فذهب أبو ذر مع كثير من الصحابة إلى جبهات الحرب مجاهداً في سبيل الله .

مات الخليفة الأوّل أبو بكر ثم جاء بعده الخليفة عمر بن الخطاب ، و كان أبو ذر في بلاد الشام يجاهد مع إخوانه المسلمين .

توفي عمر بن الخطاب و جاء إلى الخلافة عثمان بن عفان .

لم يتبع الخليفة الثالث سيرة النبي و لا صاحبيه ، فقد جاء بأقربائه و عيّنهم في مراكز الحكم ، و راح يملأ جيوبهم بأموال المسلمين . و جاء بمروان بن الحكم الذي طرده سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) و جعل منه الحاكم الفعلي للدولة .

اشتكى الناس من سياسة عثمان و جاء وفد من مدينة الكوفة فأخبر الخليفة بأن الوالي يشرب الخمر و يأتي إلى المسجد سكران و تقيأ في المحراب .

و لكن الخليفة لم يفعل شيئاً ، بل إن مروان أهان الوفد و طرده و كان فيهم من أصحاب النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) .

كان أبو ذر من الناصحين لعثمان فقال له ذات يوم :

ـ اتبع سنّة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام .

أي لتكن سيرتك مثل سيرة أبي بكر و عمر .

و لكن عثمان نهرَ أبا ذر و قال أمام الحاضرين :

ـ أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب ، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقلته أو أنفيه من أرض الإسلام .

تألّم أبو ذر و تألم المسلمون لذلك و تذكّروا حديث سيّدنا محمّد له :

ما أظلّت الخضراء ( السماء ) و لا أقلت الغبراء ( الأرض ) أصدق ذي لهجة من أبي ذر .

و ها هو الخليفة يتّهم أبا ذر بالكذب و يقول عنه : الشيخ الكذّاب .

خرج أبو ذر من مجلس الخليفة حزيناً و تذكّر ما حدث له قبل أكثر من عشرين سنة . . تذكّر يوم دخل رسول الله المسجد فوجده نائماً فأيقظه و قال له :

ـ لا أراك نائماً في المسجد .

أي لا تنم في المسجد مرّة اُخرى ، ثم قال له :

ـ ماذا تصنع إذا أخرجوك من المسجد ( يوماً ما ) ؟

قال أبو ذر :

ـ إذن اذهب إلى الشام أرض الجهاد .

فقال النبيّ :

ـ فإذا أخرجوك منها ؟

قال أبو ذر :

ـ أرجع إلى المسجد .

فقال النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) :

ـ فإذا أخرجوك منه ؟

قال أبو ذر :

ـ آخذ سيفاً فأضربهم به .

فقال النبيّ :

ـ ألا أدلّك على شيء خير من ذلك ؟

قال أبو ذر :

ـ نعم يا رسول الله .

قال النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) :

تسمع و تطيع .

إلى الشام

قرّر الخليفة الثالث نفي أبي ذر إلى الشام . و لمّا وصل أبو ذر إلى الشام أمر معاوية والي الشام آنذاك إبعاد أبي ذر إلى منطقة تعرف اليوم ب " جبل عامل " في جنوب لبنان .

راح أبو ذر يعلّم الناس أحاديث النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) و سيرته ، و يستنكر انحراف الولاة و ظلمهم للمسلمين و ترفهم على حساب الفقراء و المساكين .

و كان يقرأ قوله تعالى : { و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم } . فأحبّه الفقراء و المساكين .



أراد معاوية إغراء أبي ذر بالأموال لعلّه يسكت ، فأمر بإحضاره إلى دمشق و أرسل له الهدايا ، فكان الصحابي الجليل يوزّعها على الفقراء ، ثم يمرّ على قصر معاوية و يصيح :

ـ اللّهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له .

اللّهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له .

أمر معاوية بإلقاء القبض عليه فأحضره الحرّاس مقيّداً بالسلاسل و خاطبه معاوية بحقد :

ـ يا عدّو الله و عدوّ رسوله تأتي على قصرنا كلّ يوم و تصيح سوف استأذن أمير المؤمنين عثمان في قتلك .

ثم التفت معاوية إلى الحرّاس و صاح :

ـ خذوه إلى السجن .

إلى المدينة

بعث معاوية برسالة إلى الخليفة أخبره فيها بما يفعله أبو ذر و التفاف الناس حوله .

و جاء جواب الخليفة يأمر معاوية بإعادة أبي ذر و معاملته معاملة قاسية .

سمع المسلمون بذلك فتألموا و خرجوا يودّعون صاحب رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) .

ركب أبو ذر ناقته يسوقها حرّاس قساة القلوب لم يحترموا شيخوخته و ضعفه فأرهقوه في السفر .

و وصل إلى المدينة في أسوأ حال فأُدخل على الخليفة و هو يكاد يسقط على الأرض من شدّة الضعف و التعب .

قال أبو ذر :

ـ ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و رأيت أبا بكر و عمر ، فهل سيرتك مثل سيرتهم ؟ . . انّك لتبطش بي بطش الجبابرة .

قال عثمان بقسوة :

ـ اخرج من بلادنا .

فقال أبو ذر بحزن :

ـ إلى أين أخرج ؟

قال الخليفة :

ـ إلى حيث تريد .

قال أبو ذر :

ـ أخرج إلى الشام أرض الجهاد ؟

صاح عثمان :

ـ كلاّ لا أردّك إلى الشام .

قال أبو ذر :

ـ أخرج إلى العراق ؟

قال الخليفة أيضاً :

ـ كلاّ .

ـ أخرج إلى مصر ؟

ـ كلاّ .

قال أبو ذر بحزن :

ـ فإلى أين أخرج ؟

ـ إلى البادية .

ـ أخرج إلى بادية نجد ؟

ـ كلاّ بل إلى الشرق الأبعد إلى " الربذة " .

صاح أبو ذر :

ـ الله أكبر . . صدق رسول الله لقد أخبرني بذلك .

سأل عثمان :

و ماذا قال لك ؟

أجاب الصحابي الشيخ :

ـ أخبرني أني أمنع من المدينة و مكة و أموت بالربذة و يتولّى دفني قوم من أهل العراق في طريقهم إلى الحجاز .

الربذة

الربذة منطقة في الجانب الشرقي من المدينة المنوّرة .

كان أبو ذر يكره " الربذة " لأنّه كان يعبد الأصنام فيها في زمن الجاهلية .

كان أبو ذر يحبّ المدينة لأن فيها قبر النبيّ و مسجده .

و كان يحبّ مكّة لأن فيها بيت الله الحرام .

و كان يحبّ الشام لأنّها أرض الجهاد .

و كان يكره " الربذة " لأنّها تذكّرة بعبادة الأصنام و لكن الخليفة نفاه إلى تلك المنطقة . و أمر مروان أن يخرج به و أن يمنع المسلمين من توديعه .

و خاف المسلمون سطوة الخليفة فلم يخرج لتوديعه سوى بعض الصحابة ، و هم : عليّ بن أبي طالب و أخوه عقيل و الحسن و الحسين سبطا رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و الصحابي الكبير عمار بن ياسر .

تقدّم الإمام عليّ يودّعه فقال له :

ـ يا أبا ذر انّك غضبت لله . .

إن القوم خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك .

فاترك في أيديهم ما خافوك عليه و اهرب منهم بما خفتهم عليه .

فما أحوجهم إلى ما منعتهم

و ما أغناك عمّا منعوك

و ستعلم من الرابح غداً .

يا أبا ذر لا يؤنسك إلاّ الحق و لا يوحشك إلاّ الباطل .

و تقدّم عقيل فقال :

ـ أنت تعلم إنّا نحبّك ، و انّك تحبنا . فاتق الله فإن التقوى نجاة . و اصبر فإن الصبر كرم .

و تقدّم سبط النبي الحسنُ بن علي فقال :

ـ اصبر يا عمّاه حتى تلقى نبيّك ( صلى الله عليه و آله ) و هو عنك راضٍ .

و تقدّم عمّار بن ياسر و هو يبكي فقال :

ـ لا آنس الله من أوحشك . و لا آمن من أخافك . أما و الله لو أردت دنياهم لآمنوك . و لو رضيت أعمالهم لأحبوك .

و بكى أبو ذر و قال :

ـ رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة ، إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله .

و خرج أبو ذر مع زوجته وابنته إلى صحراء الربذة و هو يتذكّر كلمات قالها له حبيبه سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) ذات يوم :

رحمك الله يا أبا ذر .

تعيش وحدك .

و تموت وحدك .

و تبعث وحدك .

و تدخل الجنّة وحدك


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


 


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
كيف تحقق العدالة بين ابناءك حكيم المنتدى حكم وامثال والغاز 3 07-16-2010 09:08 AM


الساعة الآن 09:59 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir