![]() |
|
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | البحث | مشاركات اليوم | اجعل كافة الأقسام مقروءة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#2 |
![]() ![]() |
![]()
تكملة عن ابي ذر:
و في منتصف الطريق قال أحد المسلمين : ـ يا رسول الله تخلّف أبو ذر . فقال النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) : ـ دعوه فإن يَكُ فيه خير فسيلحقه الله بكم . و استمر الجيش الإسلامي يطوي الصحراء . كان أبو ذر راكباً بعيراً هزيلاً لا يقوى على المسير . . و شيئاً فشيئاً كان يتخلّف عن الجيش الإسلامي ، حتى برك البعير عاجزاً عن التحرّك خطوة واحدة . جلس أبو ذر حزيناً يفكّر ماذا يفعل ؟ هل يعود إلى المدينة ؟ أم يمضي ماشياً ؟ و لكن أبو ذر لم يكن ليفكّر في العودة ، فقد كان مؤمناً و يحبّ سيّدنا محمّداً ( صلى الله عليه و آله ) ، فقرّر أن يتبع آثار الجيش ماشياً . راح أبو ذر يطري الصحراء الحارقة ، و نفد كلّ ما معه من الزاد و الماء ، و مع ذلك كان يستمر في المشي يدفعه إلى ذلك إيمانه العميق بالله و حبّه لرسول الله . كان يشعر بعطش شديد فرأى في صخرة محفورة ماءً بارداً ، و لمّا ذاقه وجده عذباً ، فأراد أن يشرب و لكنّه امتنع و قال : ـ لا أشرب حتى يشرب منه حبيبي رسول الله . ملأ قربته من الماء ، و مضى يطوي الصحراء ماشياً على قدميه . كان أبو ذر يسير الليل و النهار حتى يمكنه اللحاق بالجيش الإسلامي . عسكر الجيش الإسلامي في بعض المناطق للاستراحة ليلاً لكي يستأنف زحفه باتجاه " تبوك " . و عندما أشرقت شمس اليوم التالي شاهد بعض المسلمين رجلاً قادماً من بعيد ، فتعجّبوا و قالوا للنبيّ : ـ يا رسول الله إن هذا الرجل يمشي وحده !! فقال سيدنا محمّد : ـ كن أبا ذر . و راح المسلمون يتطلّعون إليه ، و لمّا أصبح قريباً منهم صاحوا : ـ هو و الله أبو ذر . و رأى النبي على ملامحه التعب و العطش فقال : ـ أدركوه بالماء فانّه عطشان . و لكن أبو ذر كان يتجه إلى سيّدنا محمّد و بيده القربة ليشرب رسول الله . فتساءل النبي : ـ يا أباذر أمعك ماء و أنت عطشان ؟! فقال أبو ذر : ـ نعم يا رسول الله فداك أبي و اُمّي . رأيت في صخرة محفورة ماء المطر فذقته فإذا هو عذب بارد فقلت لا أشرب حتى يشرب منه رسول الله . فتأثّر النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) و قال : ـ رحمك الله يا أبا ذر . . تعيش وحدك . و تموت وحدك . و تدخل الجنّة وحدك . و يسعد بك قوم من أهل العراق يتولون غسلك و تجهيزك و الصلاة عليك . أحاديث النبيّ تُوفي سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) فحزن المسلمون و كان أبو ذر من أكثرهم حزناً و وفاءً لرسول الله فحفظ ما سمعه من أحاديثه و جعل منها نبراساً يضيء له الطريق . كان أبوذر يؤمن إيماناً عميقاً بأن الخلافة حقّ إلهي مثل النبوّة و أن الله سبحانه يختار من عباده الصالحين أكثرهم جدارة ، و قد سمع أبو ذر النبيّ يقول لعليّ : أنت مني بمنزلة هارون من موسى و لكنّه لا نبيّ بعدي . و سمعه في " غدير خُم " عندما عاد من حجّة الوداع أمام المسلمين جميعاً : من كنتُ مولاه فهذا عليٌّ مولاه ، اللهمّ والِ من والاه ، و عادِ من عاداه ، و انصر من نصره ، و اخذل من خذله . و سمعه يقول : عليّ مع الحق و الحقّ مع علي . و مع الأسف فإن بعض المسلمين تناسى هذه الأحاديث . و عندما توفي النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) و بينما كان ابن عمّه و وصيّه علي بن أبي طالب مشغولاً بهذه المصيبة اجتمع بعض الصحابة و أصبح أبو بكر هو الخليفة . اعترض كثير من الصحابة على ذلك ، منهم سلمان الفارسي الذي قال عنه النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : سلمان منّا أهل البيت . و منهم عبادة بن الصامت و أبو الهيثم التيهان و حذيفة و عمّار بن ياسر . كما استنكرت ذلك فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين و كانت غاضبة . و بعد شهور عديدة بايع الإمام علي بن أبي طالب مضطراً ، حفاظاً على مصلحة الإسلام . و عندما بايع الإمام ، بايع الصحابة و فيهم أبو ذر . كان أبو ذر يفكّر بمصلحة الإسلام و المسلمين ، و لذلك ذهب إلى ميادين الجهاد دفاعاً عن الدولة الإسلامية . و كان الروم في ذلك الوقت يقومون بحملات عسكرية و اعتداءات على الحدود ، فذهب أبو ذر مع كثير من الصحابة إلى جبهات الحرب مجاهداً في سبيل الله . مات الخليفة الأوّل أبو بكر ثم جاء بعده الخليفة عمر بن الخطاب ، و كان أبو ذر في بلاد الشام يجاهد مع إخوانه المسلمين . توفي عمر بن الخطاب و جاء إلى الخلافة عثمان بن عفان . لم يتبع الخليفة الثالث سيرة النبي و لا صاحبيه ، فقد جاء بأقربائه و عيّنهم في مراكز الحكم ، و راح يملأ جيوبهم بأموال المسلمين . و جاء بمروان بن الحكم الذي طرده سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه وآله ) و جعل منه الحاكم الفعلي للدولة . اشتكى الناس من سياسة عثمان و جاء وفد من مدينة الكوفة فأخبر الخليفة بأن الوالي يشرب الخمر و يأتي إلى المسجد سكران و تقيأ في المحراب . و لكن الخليفة لم يفعل شيئاً ، بل إن مروان أهان الوفد و طرده و كان فيهم من أصحاب النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) . كان أبو ذر من الناصحين لعثمان فقال له ذات يوم : ـ اتبع سنّة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام . أي لتكن سيرتك مثل سيرة أبي بكر و عمر . و لكن عثمان نهرَ أبا ذر و قال أمام الحاضرين : ـ أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب ، إما أن أضربه أو أحبسه أو أقلته أو أنفيه من أرض الإسلام . تألّم أبو ذر و تألم المسلمون لذلك و تذكّروا حديث سيّدنا محمّد له : ما أظلّت الخضراء ( السماء ) و لا أقلت الغبراء ( الأرض ) أصدق ذي لهجة من أبي ذر . و ها هو الخليفة يتّهم أبا ذر بالكذب و يقول عنه : الشيخ الكذّاب . خرج أبو ذر من مجلس الخليفة حزيناً و تذكّر ما حدث له قبل أكثر من عشرين سنة . . تذكّر يوم دخل رسول الله المسجد فوجده نائماً فأيقظه و قال له : ـ لا أراك نائماً في المسجد . أي لا تنم في المسجد مرّة اُخرى ، ثم قال له : ـ ماذا تصنع إذا أخرجوك من المسجد ( يوماً ما ) ؟ قال أبو ذر : ـ إذن اذهب إلى الشام أرض الجهاد . فقال النبيّ : ـ فإذا أخرجوك منها ؟ قال أبو ذر : ـ أرجع إلى المسجد . فقال النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) : ـ فإذا أخرجوك منه ؟ قال أبو ذر : ـ آخذ سيفاً فأضربهم به . فقال النبيّ : ـ ألا أدلّك على شيء خير من ذلك ؟ قال أبو ذر : ـ نعم يا رسول الله . قال النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) : تسمع و تطيع . إلى الشام قرّر الخليفة الثالث نفي أبي ذر إلى الشام . و لمّا وصل أبو ذر إلى الشام أمر معاوية والي الشام آنذاك إبعاد أبي ذر إلى منطقة تعرف اليوم ب " جبل عامل " في جنوب لبنان . راح أبو ذر يعلّم الناس أحاديث النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) و سيرته ، و يستنكر انحراف الولاة و ظلمهم للمسلمين و ترفهم على حساب الفقراء و المساكين . و كان يقرأ قوله تعالى : { و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشّرهم بعذاب أليم } . فأحبّه الفقراء و المساكين . أراد معاوية إغراء أبي ذر بالأموال لعلّه يسكت ، فأمر بإحضاره إلى دمشق و أرسل له الهدايا ، فكان الصحابي الجليل يوزّعها على الفقراء ، ثم يمرّ على قصر معاوية و يصيح : ـ اللّهم العن الآمرين بالمعروف التاركين له . اللّهم العن الناهين عن المنكر المرتكبين له . أمر معاوية بإلقاء القبض عليه فأحضره الحرّاس مقيّداً بالسلاسل و خاطبه معاوية بحقد : ـ يا عدّو الله و عدوّ رسوله تأتي على قصرنا كلّ يوم و تصيح سوف استأذن أمير المؤمنين عثمان في قتلك . ثم التفت معاوية إلى الحرّاس و صاح : ـ خذوه إلى السجن . إلى المدينة بعث معاوية برسالة إلى الخليفة أخبره فيها بما يفعله أبو ذر و التفاف الناس حوله . و جاء جواب الخليفة يأمر معاوية بإعادة أبي ذر و معاملته معاملة قاسية . سمع المسلمون بذلك فتألموا و خرجوا يودّعون صاحب رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) . ركب أبو ذر ناقته يسوقها حرّاس قساة القلوب لم يحترموا شيخوخته و ضعفه فأرهقوه في السفر . و وصل إلى المدينة في أسوأ حال فأُدخل على الخليفة و هو يكاد يسقط على الأرض من شدّة الضعف و التعب . قال أبو ذر : ـ ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و رأيت أبا بكر و عمر ، فهل سيرتك مثل سيرتهم ؟ . . انّك لتبطش بي بطش الجبابرة . قال عثمان بقسوة : ـ اخرج من بلادنا . فقال أبو ذر بحزن : ـ إلى أين أخرج ؟ قال الخليفة : ـ إلى حيث تريد . قال أبو ذر : ـ أخرج إلى الشام أرض الجهاد ؟ صاح عثمان : ـ كلاّ لا أردّك إلى الشام . قال أبو ذر : ـ أخرج إلى العراق ؟ قال الخليفة أيضاً : ـ كلاّ . ـ أخرج إلى مصر ؟ ـ كلاّ . قال أبو ذر بحزن : ـ فإلى أين أخرج ؟ ـ إلى البادية . ـ أخرج إلى بادية نجد ؟ ـ كلاّ بل إلى الشرق الأبعد إلى " الربذة " . صاح أبو ذر : ـ الله أكبر . . صدق رسول الله لقد أخبرني بذلك . سأل عثمان : و ماذا قال لك ؟ أجاب الصحابي الشيخ : ـ أخبرني أني أمنع من المدينة و مكة و أموت بالربذة و يتولّى دفني قوم من أهل العراق في طريقهم إلى الحجاز . الربذة الربذة منطقة في الجانب الشرقي من المدينة المنوّرة . كان أبو ذر يكره " الربذة " لأنّه كان يعبد الأصنام فيها في زمن الجاهلية . كان أبو ذر يحبّ المدينة لأن فيها قبر النبيّ و مسجده . و كان يحبّ مكّة لأن فيها بيت الله الحرام . و كان يحبّ الشام لأنّها أرض الجهاد . و كان يكره " الربذة " لأنّها تذكّرة بعبادة الأصنام و لكن الخليفة نفاه إلى تلك المنطقة . و أمر مروان أن يخرج به و أن يمنع المسلمين من توديعه . و خاف المسلمون سطوة الخليفة فلم يخرج لتوديعه سوى بعض الصحابة ، و هم : عليّ بن أبي طالب و أخوه عقيل و الحسن و الحسين سبطا رسول الله ( صلى الله عليه و آله ) و الصحابي الكبير عمار بن ياسر . تقدّم الإمام عليّ يودّعه فقال له : ـ يا أبا ذر انّك غضبت لله . . إن القوم خافوك على دنياهم و خفتهم على دينك . فاترك في أيديهم ما خافوك عليه و اهرب منهم بما خفتهم عليه . فما أحوجهم إلى ما منعتهم و ما أغناك عمّا منعوك و ستعلم من الرابح غداً . يا أبا ذر لا يؤنسك إلاّ الحق و لا يوحشك إلاّ الباطل . و تقدّم عقيل فقال : ـ أنت تعلم إنّا نحبّك ، و انّك تحبنا . فاتق الله فإن التقوى نجاة . و اصبر فإن الصبر كرم . و تقدّم سبط النبي الحسنُ بن علي فقال : ـ اصبر يا عمّاه حتى تلقى نبيّك ( صلى الله عليه و آله ) و هو عنك راضٍ . و تقدّم عمّار بن ياسر و هو يبكي فقال : ـ لا آنس الله من أوحشك . و لا آمن من أخافك . أما و الله لو أردت دنياهم لآمنوك . و لو رضيت أعمالهم لأحبوك . و بكى أبو ذر و قال : ـ رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة ، إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله . و خرج أبو ذر مع زوجته وابنته إلى صحراء الربذة و هو يتذكّر كلمات قالها له حبيبه سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) ذات يوم : رحمك الله يا أبا ذر . تعيش وحدك . و تموت وحدك . و تبعث وحدك . و تدخل الجنّة وحدك والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كيف تحقق العدالة بين ابناءك | حكيم المنتدى | حكم وامثال والغاز | 3 | 07-16-2010 09:08 AM |