الإهداءات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 06-07-2017, 04:16 PM
مركز تحميل الصور
ارياام غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 29173
 تاريخ التسجيل : Mar 2014
 فترة الأقامة : 3923 يوم
 أخر زيارة : 07-25-2017 (02:58 PM)
 المشاركات : 308 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : ارياام is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي أسماء بنت أبي بكر.. ملكة تاجها السمو بالحق



أسماء بنت أبي بكر..

ملكة تاجها السمو بالحق

ملوك بلا تيجان (6)



يا أيها الكتَّاب والمؤلِّفون، ما الشجاعة؟
ويا أيها العارفون والواصفون، كيف وجدتُم الشجعان؟
اجمَعوا خيرَ وصفٍ لها، وكذا أفضل مَن بها وُصِف، ثم اسمَعوا إلى هذا الموقف وأجمِعوا أمرَكم، أين تضعون صاحبتَه في تلك الدرجات؟
نعم صاحبته، وليس صاحبه، إنها امرأةٌ، لكنها ليست ككل النساء، إنها من نساءِ العقيدة الإسلامية، ونساءُ العقيدة الإسلامية شيءٌ آخر، إنهنَّ يتفوَّقن في مواقفهنَّ في الحق على كثيرٍ من الرجال، حتى يكنَّ أَولى نوعهن بقول المادح:
ولو كان النساءُ كمَن فقدْنا
لفُضِّلتِ النساءُ على الرجالِ

وما التأنيثُ لاسمِ الشمسِ عيبٌ
ولا التذكيرُ فخرٌ للهلالِ


ونساء العقيدة الأوائل من الصحابيات رضي الله عنهن خيرُ مَن يمثل الوصف المتقدِّم، فمَن أولى بذلك منهن، وقد رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمِعْنَه، وبايَعْنَه، وهنَّ القدوات والأُسوات لمن جاء بعدهن؟!

ومِن هؤلاء القدواتِ ذاتُ النطاقين أسماءُ بنت أبي بكر الصدِّيق رضي الله عنها وعن آل بيتها المؤمنين الأطهار، فقد ضربت أمثلةً للشجاعة في الحق، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ستبقى أبدَ الدهر نموذجًا يُحتَذى[1].

ومِن ذلك موقفُها من الحجَّاج، ذلك الظَّلوم الغَشُوم، عدوِّ ابنها وعدوِّ المؤمنين، فقد روى الإمام مسلم[2] أنه لَمَّا بلغ الحجَّاجَ بن يوسف أن عبدَالله بن عمر رضي الله عنهما وقف عند جثمان عبدِالله بن الزبير رضي الله عنهما، وأثنى عليه - أرسل الحجاج إلى الجثمان فأُنزِل عن جذعه، وكان قد صلبه على الجذع، فأُلقِي في قبور اليهود، ثم أرسل الحجَّاجُ إلى أمِّه أسماءَ بنتِ أبي بكر رضي الله عنهما لتأتيَه، فأَبَتْ أن تأتيَه، فأعاد عليها الرسول يبلغها: لتأتيني أو لأبعثنَّ إليك من يسحبُك بقرونك، فأبت، وقالت: والله لا آتيك حتى تبعث إليَّ من يسحبني بقروني، فقال: أروني سِبتيَّتَيَّ، فأخذ نعلَيْه وانطلق يسرع، ثم انطلق حتى دخل عليها، فقال: كيف رأيتِني صنعت بعدو الله؟ قالت: رأيتُك أفسدتَ عليه دنياه، وأفسد عليك آخرتَك، بلغني أنك تقول له: يا بنَ ذاتِ النطاقين، أنا والله ذات النطاقين؛ أما أحدهما، فكنتُ أرفع به طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعام أبي بكر من الدواب، وأما الآخر، فنطاق المرأة التي لا تستغني عنه، أمَا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثنا أن في ثقيف كذَّابًا ومُبِيرًا؛ فأمَّا الكذاب، فرأيناه، وأما المبير، فلا إخالُك إلا إياه، قال: فقام عنها ولم يراجِعْها.

سبحان الله! أَوَ يَفْعَلُ المنصبُ والكرسيُّ بالمرء كلَّ هذا؟ يجعله يحارب أخاه، ويُضيِّق عليه حتى لا يجد الطعام، ثم يحصره في حرمِ الله، ويستحلُّ لأجل الظفر به كلَّ محرمة، حتى رمى الكعبة بالمدافع إلى أن تهدَّمت؛ وإذ ظفِر به لم يكتفِ بقتله حتى صلبه، وبعد صلبه يأتي أمَّه - المكلومةَ الثَّكلى - فيُعيِّرها غافلًا عن أولى آداب المروءة، وبدهيات صفات الرجولة!
أَوَ يفعَلُ المنصب كلَّ هذا بالإنسان، فيجرده من إنسانيته، وربما من دينه؟
اللهم رحماك!
أين غابَتِ العقول؛ إذ خَفَت الإيمانُ وضعُف وذبُل؟
وأين ذهبتِ الشهامةُ والنخوة؛ إذ ولَّت أخوَّة الإيمان، ورحمُ الإسلام؟
بلى والله، إن المنصب لا يدع عقلًا ولا عاقلًا!

روى الحافظ ابن كثير رحمه الله في تاريخه عن إبراهيم بن هشام بن يحيى القباني، عن أبيه عن جده قال: كان عبدالملك بن مروان يجلس في حلقة أمِّ الدرداء في مؤخر المسجد بدمشق، فقالت له: بلَغني أنك شربت الطلا - الخمر - بعد العبادة والنُّسك، فقال: إي والله، والدِّما أيضًا قد شربتُها[3].

وقد كان حال الحجاج - أمير عبدالملك على الحجاز - كحال سيِّده، شرب من دماء خيارِ المسلمين حتى شبع، وما خبرُ قتلِه عبدَالله بن عمر[4] وعبدالله بن الزبير - وهما من الصحابة - وسعيد بن جُبير، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص - وهما من التابعين -: ببعيدٍ، وغير هؤلاء كثير، حتى قال هشام بن حسان: أحصوا ما قتل الحجاج صبرًا، فبلغ مائةً وعشرين ألف قتيل!

فيا ضيعة الدين وخواء الإسلام من قلبِ مثلِ هذا الإنسان، قبَّحه الله ولعنه، وقد ذهب إلى كفرِه جماعةٌ من الأئمة؛ منهم: سعيد بن جُبير، ومجاهد، والنخَعي، وعاصم، والشعبي[5].

أفرأيتم إلى ذلك الشخص، إن أسماء لا تتهيَّب أن تُلقي بالحق في وجهه صراحًا دون مواربة أو مواراة، وتلك الأعمالُ مِن قتل وصلب وما دونها وما فوقها - لا ترهبُها ولا تردُّها عن إتمام عملِها على ما يدفعها إليه دينُها، وما يحملها عليه شعورها بمسؤوليتها، فقالت كلمة الحق غير هيَّابة ولا متَّقِية.
فلله هي، ولله درها، ولله ما قالته!


وفي بعض الرواياتِ أنها لَمَّا قُتل ابنها عبدُالله، خرجت إليه حتى وقفَتْ عليه، وهي على دابةٍ، فأقبَل الحجَّاج في أصحابه فسأل عنها فأُخبِر بها، فأقبل حتى وقف عليها، فقال: كيف رأيتِ نصر الله الحقَّ وأظهره؟ قالت: ربما أديل الباطل على الحق، وإنك بين فرثها والجِيَّة، فقال: إن ابنك ألحد في هذا البيت، وقد قال الله تعالى: ﴿ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ [الحج: 25]، وقد أذاقه اللهُ ذلك العذاب الأليم، قالت: كذبتَ، كان أولَ مولودٍ وُلِد في الإسلام بالمدينة، وسُرَّ به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحنَّكه بيده، وكبَّر المسلمون يومئذٍ حتى ارتجَّتِ المدينة فرحًا به، وقد فرحتَ أنت وأصحابك بمقتله، فمَن كان فرِح يومئذٍ خيرٌ منك ومِن أصحابك، وكان مع ذلك برًّا بالوالدين، صوَّامًا قوَّامًا بكتاب الله، معظِّمًا لحرم الله، يُبغِض أن يُعصَى اللهُ عز وجل[6].

لقد دافعت أسماءُ رضي الله عنها عن ابنها دفاعًا مجيدًا، كان من أثره أن انقطعت حُجة الحجاج وانكسر، ولَمَّا لم يجِدْ جوابًا، انصرف عنها وولَّى خائبًا.
ولقد بلغ ذلك الحوار عبدَالملك، فكتب إلى الحجاج يلومُه في مخاطبته أسماء بهذا الذي قاله، وهذا من واجب عبدالملك نحو ذلك الشاذِّ الذي لا يعرف أقدار الصحابة.

لكن عبدالملك إذ يفعلُ ذلك يقول له في بعض ما قال: ما لك ولابنة الرجل الصالح؟[7]
هكذا، باختيار أخفِّ الألفاظ في معاتبته ولومِه، وتهوينِ شأن أسماء وأبيها بأثقل ما يكون التهوين، حتى لقد غدتْ ذاتُ النطاقين هكذا "ابنة"، وغدا الصدِّيقُ - الرجلُ الذي ما وطِئت الأرضَ قدمٌ بعد النبيِّين والمرسلين خيرٌ مِن قدمِه - رجلًا صالحًا من جملة الصالحين فحسب!

ولا غرو؛ فإن المناصب تفعل أكثر من هذا!
ولا عجب كذلك أَنْ قيَّض الله لها أبطالًا - ولو من النساء أمثال أسماء - يُذلُّون أنوف أصحابها، ويرغمونها في التراب، فيكونون على ما بأيديهم من المناصب في الأذلِّين الصاغرين، ويكون أهل الحق على خلوِّهم من ذلك كله ملوكًا عالِينَ، ملوكًا وإن كانوا بلا تيجان، فالمُلكُ الحقُّ مُلكُ الحقِّ، لا ملكُ المنصبِ والجاه وحَوْزِ الدر والياقوت.

طيَّب الله ثرى أسماء وقدَّس رُوحها في عليين، ورضِي عنها وعن آل بيتها من المسلمين والمؤمنين، وجعلها قدوة على الطريق للسائرات والسائرين

[1] اقرأ في: "أمهات مؤمنات غيَّرن وجه العالم"؛ للمؤلف - دور أسماء رضي الله عنها في تنشئة أمير المؤمنين عبدالله بن الزبير عالِمًا وعاملًا وقائدًا، يصدر إن شاء الله عن دار المازري بتونس خلال أيام.

[2] الحديث أخرجه مسلم (2545)، وقد سقته هنا بمعناه.

[3] البداية والنهاية (9 /80).

[4] خبر قتل الحجاج لابن عمر رضي الله عنهما ثابتٌ في البخاري؛ انظر: كتاب العيدين، باب ما يُكره من حمل السلاح في العيد والحرم، وشرحه من الفتح.

[5] تهذيب التهذيب (1 /363).

[6] البداية والنهاية (11 /209).

[7] البداية والنهاية (11 /209).









رد مع اقتباس
قديم 06-07-2017, 06:08 PM   #2
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية جوهرة الجنة
جوهرة الجنة غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30367
 تاريخ التسجيل :  Jun 2016
 أخر زيارة : 05-06-2019 (05:43 PM)
 المشاركات : 166 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



مشاركة قيمة ورائعة لا حرمك الله اجرها
جزاك الله خير الجزاء ونفعنا بك
واثابك الفردوس الاعلى


 

رد مع اقتباس
قديم 06-08-2017, 03:43 AM   #3
المدير العام


الصورة الرمزية أبو ريان
أبو ريان غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30
 تاريخ التسجيل :  Sep 2002
 أخر زيارة : 07-19-2019 (06:54 PM)
 المشاركات : 65,874 [ + ]
 التقييم :  1056
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



أحسن الله إليك وكتب أجرك ..
تقديري ..


 

رد مع اقتباس
قديم 06-08-2017, 05:17 AM   #4
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية محمد يحيى
محمد يحيى غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 29886
 تاريخ التسجيل :  Jun 2015
 أخر زيارة : 07-08-2017 (06:36 AM)
 المشاركات : 163 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



بارك الله فيك


 


رد مع اقتباس
قديم 06-11-2017, 02:17 AM   #5
مشرفة الأسرة والمجتمع


الصورة الرمزية عــذبــة الـــروح
عــذبــة الـــروح غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 21269
 تاريخ التسجيل :  May 2010
 أخر زيارة : 08-28-2021 (02:07 AM)
 المشاركات : 38,862 [ + ]
 التقييم :  68
 الجنس ~
Female
 MMS ~
MMS ~
لوني المفضل : Darkblue
افتراضي



جزاكِ الله خيراً


 
 توقيع : عــذبــة الـــروح



رد مع اقتباس
قديم 06-11-2017, 09:36 PM   #6
مركز تحميل الصور


الصورة الرمزية مقادير
مقادير غير متصل

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 30857
 تاريخ التسجيل :  May 2017
 أخر زيارة : 08-04-2017 (07:51 PM)
 المشاركات : 205 [ + ]
 التقييم :  1
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



طرح رائع بارك الله فيك
ويعطيك العافية


 
 توقيع : مقادير

أبدع في مواضيعك .. وأحسِن في ردودك .. وقدم كل ما لديك
لا يغرك فهمك .. ولا يهينك جهلك .. ولا تنتظر شكر أحد .. واشكر الله على هذه النعمة
عدد مشاركاتك ليس هو الدليل على نجاحك .. بل مواضيعك المتميزة وأخلاقك الرفيعة
عدم ردنا على موضوعك ليس تجاهل منا
أخيراً المنتدى للجميع فتصرف كصاحب المنتدى وليس كضيف ثقيل


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أسد من أسود الله يصدع بالحق على شاشة التلفزيون الروسي أبو مانع الصور والأفلام والفلاش 7 01-30-2015 12:43 AM
ومن يعترف بالحق محدن يعيبه حنين القلب عطر الكلمات 7 12-11-2012 08:46 PM
لاب توب ملكة بريطانيا نبض الخفوق الصور والأفلام والفلاش 8 04-22-2010 01:10 AM
برنامج الزمن الأدنى: (downtime)الزمن الاعلى:(UP TIME): القـALGARNIـرني البرمجة اللغوية العصبية (NLP) 3 08-31-2009 12:31 PM
ملكة انا رغم انوفكم ندى الصباح رياض الصالحين 7 09-01-2005 10:49 PM


الساعة الآن 05:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir