مفهوم النقد

المبحث الثاني: النقد الادبي المعاصر.
إن النقد الأدبي اليوم في معظمه مغيب لأنه يشهد حالة تخبط عمادها التبعية والانزواء والاهتمام بالهامشي العرضي دون الجوهري، أو الالتفات إلى تخوم النقد وما استجد في الجانب النظري دون العناية بالعملي التطبيقي الإجرائي. وإذا كان للنقد وظيفة حقاً فالأدب، والحال كذلك يقوم بها معفياً النقد من هذه المهمة، فما يتعلمه الأدباء اليوم في ظني من الآثار الأدبية إذا كانوا يتابعونها فعلاً أكثر بكثير مما يمكن أن يتعلموه في مدرسة النقد الأدبي، وإن الحساسية الأدبية التي تميز جنساً أدبياً معاصراً يشيعها الأدباء أنفسهم ويتعاطونها كإكسير سري. ويظل النقاد منشغلين بقضاياهم النظرية الأكاديمية، أو بتطبيقاتهم الدراسية المكرورة أو العقيمة. وهكذا لا أرى أن سبب تخلف الإبداع مرتبط بمسألة غياب النقد والنقاد. فالإبداع في كل مرحلة قادر على قيادة نفسه بنفسه، وليس بحاجة إلى أوصياء، إذا كانت الوصاية تقييداً وسحباً للأدب إلى مساحات الظل والانزواء والتبعية، هذا إذا وافقنا على أن الأدب العربي المعاصر متخلف، وهو ليس كذلك حقاً.