الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
رسـالة إلى كل رجل سـعودي ..
كان المطر شديداً في تلك الليلة .. وكعادتها تحولت جدة إلى بحيرات صغيرة وبرك ماء يمكن أن يسبح بها الصغار لو كانت .. نظيفة !!
كنت متجهاً إلى عملي .. في هذا الصباح الماطر وأمام الإشارة الحمراء التي طالما كرهتها وما زلت .. كانت أنثى فائقة الجمال .. تجلس في المقعد الخلفي لسيارة الصالون الكبيرة التي كانت تخترق البحيرات بكل شموخ .... استغربت هل ذاك الشموخ بسبب السيارة القوية أم لأن .. هناك ريماً تحركها بكل هذه القوة .. !! هي : كانت في التاسعة والعشرين من عمرها .. أماً لطفلة و طفل .. تزوجت بعد أن حصلت على شهادة الماجستير في الأدب الإنكليزي من إحدى جامعات المملكة .. ولم ينتظر أولياء أمرها أن تستلم شهادتها .. لتفرح بتخرجها .. !! إنهم رجال .. وعليهم الوفاء بالوعد .. ذاك ابن عمها .. الجاهل .. وصل اليوم .. إنه يوم الوعد .. يوم زواجه من أنثى فائقة الجمال تحمل الماجستير في الأدب الإنكليزي .. تحفظ كتاب الله عن ظهر قلب .. أنثى مليئة بالفرح !! ومن هو: جاء من هناك .. من حيث بقره وغنمه التي هجرها .. ليتفرغ لتجارة المدينة .. وفي كل مرة يربح فيها .. صفقة تجارية ويفوز بعقد صغير .. يكون قد خسر الكثير في المقابل .. خسر شموخ البدوي ، القروي وأخلاقه و شجاعته !! كان يعاقر الخمر .. ويعرف من نساء الأطلس ما يتجاوز عدد أصابعه بأضعاف .. لا يعرف من الكتابة سوى الأرقام ولا يقرأ سوى أرقام الشيكات .. يبلغ الأربعين من عمره .. ثروته .. سبعة أبناء.. ثلاث فتيات .. وملايين .. أربعين! والدها متقاعداً من السلك الحكومي .. وأخوتها .. اثنان متزوجين .. متعبين بأحوالهما .. يعملان لتوفير .. ثمن الرغيف .. لأسرتيهما .. كانت قد جفت الدموع في عينيها منذ أن تخرجت من الثانوية العامة ، حين أخبرتها أمها رحمها الله أن أبيها قد منحها هدية في أول سحور رمضاني لابن عمها المتزوج من امرأتين !! منذ ذاك اليوم بدأ بكائها .. ولولا تدخل عمها .. الصغير الذي توصل إلى حل بتأجيل الزواج حتى تحقق الطالبة حلمها بأن تحصل على شهادة الدكتوراه وكان لها ما كان بعد أن أوصت أمها بذلك وهي ممددة فوق السرير الأبيض بعد حادث السير الذي تعرضت له العائلة وهي عائدة من الحرمين بعد أداء العمرة اليوم .. تحقق جزء كبير من حلمها .. حصلت على الماجستير .. وتبقى في جعبة حريتها سنتين .. إلا أن الرجل الأربعيني رفض أن يكمل الاتفاق فعمها الصغير في دورة خارجية لمدة ثلاث سنوات .. وقد أخبرهم أنه .. لن يعود إلى جدة قبل نهاية الدورة ولذلك اصطحب عائلته الصغيرة ، بعد أن أقام الرجل الأربعيني .. بتحمل مصاريف السفر والإعاشة في الولايات المتحدة الأمريكية ..!! أمها الطيبة رحلت .. وأبيها كان عاجز عن وفاء دين لأحد المصارف ، فقام الأربعيني بسداد كل الدين .. !! أخيها الثالث .. الجامعي الذي كان يقف دوماً معها .. يهدد بالهجرة إن تعرض أحداً لأحب الناس إليه .. أخته الوحيدة .. إلا أنه تراجع بعض الشيء عن مواقفه .. فبالأمس أنهى دراسته الجامعية .. وجاءه وعد من الرجل الأربعيني بأن يرسله إلى لندن لمواصلة دراسته العليا في الحاسب الآلي ! لم يتبق أحد ممن كان يقف معها .. فأخويها اللذين يكبرانها .. كانا من أول الناس الذين أيدوا زواجها قبل سنوات وما زالا مصرين على ذات الموقف .. والباقي .. من تبقى ! خالها يراقب من بعيد كل شيء .. لم يكن يزورهم في بيتهم .. بعد وفاة أخته .. وكان يراها في بيت جدها .. كان طبيب العيون المثقف .. قدوتها في هذه الحياة .. يقبلها على رأسها .. فتنحني على صدره باكية حزينة .. طالما أمضت الليل .. في حديقة جدها الصغيرة تسهر مع خالها .. تحكي همها القادم ..!! ما أبشع أن تعلم أن هناك هماً ينتظرك بعد سنوات ..!! كان خالها يحاول معها مثلما كان يفعل عمها وأخيها الصغير ، كانوا جميعاً .. يطلبون منها عدم التفكير بالأمر ومواصلة الدراسة .. فقد يأتي ويتبدل همها إلى فرح !! .. لكن الأربعيني .. كان ذكياً .. رغم جهله بأمور كثيرة في الحياة .. كان يعلم أنه يمكن أن يأتي ذاك اليوم ، .. فقام بشراء جميع الاحتمالات .. !! فكر خالها .. بأن يشتكي .. ولكن تلك ستكون فضيحة للعائلة .. ثم أن أبيها و أخوتها موجودين .. وذاك .. ابن عمها .. فما دخلك أيها الخال المسكين .. وأنت من عائلة و من قبيلة أخرى ! تبخر الاتفاق .. تزوجت في آخر يوم لها في الماجستير .. عندما ناقشت الرسالة .. كانت اللجنة معجبة بهذه الأنثى المثقفة فائقة الجمال تزوجت فدفنت فرحة لم يشأ أولياء أمرها أن يتم إعلان ميلادها ! كان أكثر ما أحزنها .. أن عمها الصغير الغالي الهارب .. وأخيها الجميل الهارب أيضاً .. وخالها القدوة الرائع .. لم يحضروا حفل زفافها كما وعدوها حين كانت صغيرة في المتوسطة ومراهقة في الثانوية .. أنهم الثلاثة من سيحملونها أجمل عروس .. لأروع زوج .. !! لم يتحقق أي شيء !! .. فلم تكن أجمل عروس و لم يكن أروع زوج .. فلماذا يحضرون ؟ اليوم .. صاحبة الماجستير في الأدب الإنكليزي .. أماً لطفل وطفلة .. وفي التاسعة والعشرون من عمرها ، تعمل .. في جهة ما … و ما زالت تفكر في الحصول على الدكتوراه .. اليوم صباحاً .. شاهدتها عند إشارة حمراء .. والسماء ملبدة سوداء .. كانت تنظر إلي فلم أكن أرى سوى وقاراً أسوداً في المركبة الأمريكية .. وسواداً معتماً في السماء .. تجرأت ... وأشرت بيدي راسماً شكل الهاتف !! حسبتها مراهقة دون العشرين .. فتعرفت على أنثى دون .. الثلاثون .. تمنت أن تنادى بالدكتورة .. فتعرفت على مأساة جديدة في مجتمعي ! كانت أثنى متزوجة .. لم ترض أن تقابلني يوماً .. كنا نتحاور على الهاتف .. في ساعات الأسبوع التي نسرقها من عملنا ومن مجتمعنا حواراً مختلفاً عما يعرفه المراهقين في جدة والرياض وكل مناطق السعودية !! .. كانت تتحدث بلغة أدب ( شكسبير ) و تردد أشعار ( لوركا الإسباني ) و طالما رددت .. أشعار ( ألبير كامو ).. كنت جاهلاً بكل هؤلاء كانت تحدثني بتاريخ الأدب العربي القديم .. وأصحابه .. كانت تحفظ آلاف الكلمات .. حتى أنها كانت مستعدة لقراءة مقدمة ابن زيدون .. وكأنها درست الأدب العربي وليس الإنكليزي !! عندما تحدثت إليها .. كنت شاباً أبلغ من العمر خمس وعشرون سنة .. مفعماً .. بالحياة .. متعلقاً لدرجة الجنون بالكرة العالمية وخصوصاً الإيطالية و البرازيلية .. إلى جانب جنوني بفارس الدهناء (الاتفاق) .. عندما رميت برقم هاتفي إلى داخل السيارة الأمريكية .. بكل غرور الشباب الأحمق .. لم أكن متأكداً من أنها ستحتفظ .. بالرقم ..!! مرت الأيام .. والشهور .. نعم ستة أشهر .. بأكملها حتى جاءني صوت أنثوي يهمس بحياء .. بحروف أسمي الرباعي .. دار حديث تعارف .. لم أكن أعرف أنها هي حتى أخبرتني أنها ذات الأنثى .. وذكرتني بذاك الصباح !! و أعلنت هدفها .. من الاتصال !! بالأمس .. كانت مع مجموعة من النساء المثقفات .. من بلدي .. كن يتألمن من مشاهدة شباب وشابات تائهون في طريق مظلمة .. شاردين عن مستقبل معتم .. مطبلين لأي جديد دخيل .. !! في جمع المثقفات بالأمس .. كان أن اقترحت إجراء حوار .. جريء بعض الشيء .. مع شباب وشابات .. وتم رفض الاقتراح مراعاة للعادات ..!! أعلنت التحدي لخوض تجربة الاقتراح .. وكنت أنا تجربتها .. ذاك هو الهدف .. إثبات أن جيل الشباب الشارد يحتاج إلى راعٍ يقوده إلى الطريق الصحيحة نعم كنت التجربة .. كانت صريحة للغاية!! أعلنت أسمها منذ أول مكالمة ووضعت شرطاً بعدم طلب مقابلة ..!! لأنها قناعة .. كان الحوار بلا حدود.... تحدثنا عن كل شيء ! همسات الحب .. ومناقشة الغراميات الهاتفية .. !! السفر .. الليل .. المغنى والرقص .. ومناقشة بواطن الحرية ! الدين .. المال .. العلم .. الشهامة . . العمل .. الكرم .. كانت بعض من عناوين الحوارات الهاتفية !! المستقبل .. القدوة الحسنة .. الأخوة .. الأخوات.. الأقرباء . والأصدقاء .. كانت عناوين أخرى أساسية !! ما هي النتيجة .. . النهائية ؟ صرت إنسان آخر .. لم أعد ألتفت إلى السيارات عند أي إشارة .. لم أعد أكشر بابتسامتي الصباحية !! صرت ادخل أسواق جدة بشموخ وثقة وقناعة .. لم أعد أخشى راعي العصا أو جندي الحراسة .. ! بدأت ذات الطريقة .. مع أصدقاء كنت رمزاً لهم .. فصرت سنداً لما فيه مصلحة أعلى قيمة !! بدأت حياتي .. ابتعدت عن السهر في مقاهي المدينة .. عدت إلى كتاب الله الذي لم أكن أقرأه إلا في شهر واحد من السنة الهجرية !! صرت ناصحاً لكل صاحب خطيئة .. لكل جاهلٍ صافي النية !! تلك الأنثى .. من اختارها الله أن تكون طريق هدايتي واحترامي لمحرمات الآخرين .. !! تلك الأنثى .. من أبصرت النور على يديها .. من علمتني احترام الخصوصيات !! تلك الأنثى .. أثرت بي بما لم تستطع مراكز عدة أن تؤثر رغم عشرات التعهدات .. !! تلك الأنثى .. التي أجبرت على أن تصبح أماً لطفلٍ و طفلة .. لم تختار أبويهما !! تلك أنثى .. صارت أختاً لم تلدها أمي .. بعد أن ظننت أنها ستكون محطة في قطار قصصي العاطفية !! تلك الأنثى .. التي أجلت مشروع الدكتوراه .. لترافق والد طفليها .. في رحلته العلاجية !! تلك .. أنثى .. ضحية مجتمع .. محرومة من الحب .. معشوقة الأدب تمنت شهادة الدكتوراه فرافقت زوجها إلى أمريكا في رحلته العلاجية ، تلك مأساة من مجتمعي !! فأي عدل يا بني جنسي ..؟ أي عدل يا من تدعون الإسلام ..؟ أي عدل يا من تحسبون أنكم رجال ! قصه حقيقيه كتبتها بكل تفاصيلها .. فهل من مدكر ؟؟؟. تحياتي "كلّما ازداد حبنا تضاعف خوفنا من الإساءة إلى من نحب"
" أنوريه دى بلزاك"
آخر تعديل $بلزاك$ يوم
04-30-2004 في 05:40 AM.
|
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
رسـالة إلى معـالي وزير الصـحــــة !! | علي معتوق | المنتدى الخاص لقبيلة بني عمرو | 0 | 11-04-2002 08:06 PM |