جــــــــوابٌ ســـــديدٌ0
جواب سديد0
* جاء جماعة من الخوارج إلى أبي حنيفة فقالوا له: هاتان جنازتان على باب المسجد، أما إحداهما فجنازة رجل شرب الخمر حتى كظته وحشرج بها فمات، والأخرى جنازة امرأة زنت حتى إذا أيقنت بالحمل قتلت نفسها.
فقال: من أي الملل كانا؟ من اليهود؟ قالوا: لا، قال: فمن النصارى: قالوا: لا، قال: أفمن المجوس؟ قالوا: لا، قال: من أي الملل كانا؟ قالوا: من الملة التي تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، قال: فأخبروني عن هذه الشهادة؟ أهي من الإيمان: ثلث أو ربع أو خمس؟ قالوا: إن الإيمان لا يكون ثلثًا ولا ربعًا ولا خمسًا0
قال: فكم هي من الإيمان؟ قالوا: الإيمان كله. قال: فما سؤالكم إياي عن قوم زعمتم وأقررتم أنهما كانا مؤمنين؟ قالوا: دعنا عنك، أمن أهل الجنة هما، أم من أهل النار؟ قال: أما إذا أبيتم فإني أقول فيهما ما قاله نبي الله إبراهيم في قوم كانوا أعظم جرمًا منهما:
( فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) سورة[إبراهيم: 36]
وأقول فيهما ما قاله نبي الله عيسى بن مريم في قوم كانوا أعظم جرمًا منهما: ( إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
[المائدة: 118]
وأقول فيهما ما قال نبي الله نوح إذ قالوا: ( أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ * قَالَ وَمَا عِلْمِي بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَّا عَلَى رَبِّي لَوْ تَشْعُرُونَ * وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الْمُؤْمِنِينَ)0 [الشعراء: 111-114]
وأقول ما قال نوح عليه السلام: ( وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ)0 [هود: 31]
فعندما سمع الخوارج هذا الكلام؛ والجواب السديد أسقط في أيديهم.
|