![]() |
|
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
![]() |
#11 |
![]() ![]() |
![]()
وكان هديُه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة، وتركَه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر، بل كان أكثر قنوته فيها لأجل ما شرع فيها من التطويل، ولاتصالها بصلاة الليل، وقربِها من السَّحَر، وساعةِ الإِجابة، وللتنزل الإِلهى، ولأنها الصلاةُ، المشهودة التي يشهدها اللّه وملائكتُه، أو ملائكةُ الليل والنهار، كما رُوي هذا، وهذا، في تفسير قوله تعالى: {إِنَّ قُرْآنَ الفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً} [الإسراء: 78]. وأما حديثُ ابن أبي فُديك، عن عبد اللّه بن سعيد بن أبي سعيد المقبُري، عن أبيه، عن أبي هُرَيْرَة قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسَه مِنَ الرُّكُوعِ من صلاة الصُّبح في الرَكعة الثانية، يرفع يديه فيها، فيدعو بهذا الدعاء: ((اللَّهمَّ اهْدِني فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِني فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِك لي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِني شَرَّ مَا قَضَيْتَ، إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتعالَيْتَ)) فما أبين الاحتجاج به لو كان صحيحاً أو حسناً، ولكن لا يحتج بعبد اللّه هذا وإن كان الحاكم صحح حديثه في القنوت عن أحمد بن عبد اللّه المزني: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن أبي فديك فذكره نعم صحَّ عن أبي هُرَيرَة أنه قال: واللّه لأنا أقربُكم صلاةً برسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فكان أبو هريرة يقنُت في الركعة الأخيرة مِن صلاة الصبح بعدما يقول: سَمعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِده، فيدعو للمؤمنين، ويلعنُ الكُفَّار ولا ريب أن رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، ثمَّ تركه، فأحبَّ أبو هريرة أن يُعلِّمهم أن مِثلَ هذا القنوتِ سنة، وأن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فعله، وهذا رد على أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقاً عند النوازل وغيرها
ويقولون: هو منسوخ، وفعله بدعة، فأهلُ الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، وهم أسعدُ بالحديث من الطائفتين، فإنهم يقنُتون حيثُ قنت رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم، ويتركُونه حيث تركه، فيقتدون به في فعله وتركه،ويقولون: فِعله سنة، وتركُه لسنة، ومع هذا فلا يُنكرون على من داوم عليه، ولا يكرهون فعله، ولا يرونه بدعة، ولا فاعِلَه مخالفاً للسنة، كما لا يُنكِرون على من أنكره عند النوازل، ولا يرون تركه بدعة، ولا تارِكه مخالفاً للسنة، بل من قنت، فقد أحسن، ومن تركه فقد أحسن، وركن الاعتدال محل الدعاء والثناء، وقد جمعهما النبي صلى الله عليه وسلم فيه، ودعاء القنوت دعاء وثناء، فهو أولى بهذا المحل، وإذا جهر به الإِمام أحياناً لِيعلِّم المأمومين، فلا بأس بذلك، فقد جهر عمر بالاستفتاح ليعلم المأمومين، وجهر ابن عباس بقراءة الفاتحة في صلاة الجنازة ليعلمهم أنها سنة، ومن هذا أيضاً جهر الإِمام بالتأمين، وهذا من الاختلاف المباح الذي لا يُعنَّف فيه من فعله، ولا مَنْ تَركه، وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه، وكالخلاف في أنواع التشهدات، وأنواع الأذان والإِقامة، وأنواع النسك من الإِفراد والقِران والتمتع، وليس مقصودُنا إلا ذكر هديه صلى الله عليه وسلم الذي كان يفعله هو، فإنه قِبلَةُ القصد، وإليه التوجُّه في هذا الكتاب، وعليه مدارُ التفتيش والطلب، وهذا شيء، والجائز الذي لا يُنكر فعلُه وتركُه شيء، فنحن لم نتعرض في هذا الكتاب لما يجوز، ولما لا يجوز، وإنما مقصودُنا فيه هديُ النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يختاره لنفسه، فإنه أكملُ الهدي وأفضلُه، فإذا قلنا: لم يكن مِن هديه المداومةُ على القنوت في الفجر، ولا الجهرُ بالبسملة، لم يدلَّ ذلك على كراهية غيره، ولا أنه بدعة، ولكن هديُه صلى الله عليه وسلم أكملُ الهدي وأفضلُه، واللّه المستعان. وأما حديث أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس، عن أنس قال: ما زالَ رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا وهو في ((المسند)) والترمذي وغيرهما، فأبو جعفر قد ضعفه أحمد وغيره وقال ابن المديني: كان يخلط وقال أبو زرعة: كان يهم كثيراً. وقال ابن حبان: كان ينفرد بالمناكير عن المشاهير. وقال لي شيخنا ابن تيمية قدَّس اللّه روحه: وهذا الإِسناد نفسه هو إسناد حديث {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَم مِنْ ظُهُورِهِمْ} [الأعراف: 172]. حديث أبي بن كعب الطويل، وفيه: وكان روحُ عيسى عليه السلام من تلك الأرواح التي أخذ عليها العهدَ والميثاقَ في زمن آدم، فأَرسلَ تلك الروحَ إلى مريم عليها السلام حين انتبذت من أهلها مكاناً شرقيا، فأرسله اللّه في صورة بشر فتمثل لها بشراً سوياً، قال: فحملت الذي يخاطبها، فدخل مِن فرجها، وهذا غلط محض، فإن الذي أرسل إليها الملك الذي قال لها؟ {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأهَبَ لَكِ غُلاَماً زَكِياً} [مريم: 19] ولم يكن الذي خاطبها بهذا هو عيسى بن مريم، هذا محال. والمقصود أن أبا جعفر الرازي صاحبُ مناكير،لا يَحتج بما تفرد به أحدٌ من أهل الحديث البتة، ولو صح، لم يكن فيه دليل على هذا القنوت المعين البتة، فإنه ليس فيه أن القنوتَ هذا الدعاءُ، فإن القنوتَ يُطلق على القيا م، والسكوت، ودوام العبادة، والدعاء، والتسبيح، والخشوع، كما قال تعالى: {وَلَهُ مَنْ في السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلُّ لَهُ قَانِتُون} [الروم: 26]، وقال تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحمَةَ رَبِّه}[الزمر: 9]، وقال تعالى: {وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ القَانِتِينَ} [التحريم: 12] وقال صلى الله عليه وسلم ((أَفْضَلُ الصلاةِ طُولُ القُنُوت)). وقال زيد بن أرقم: لما نزل قوله تعالى: {وَقُومُوا للَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أمرنا بالسُّكُوتِ، ونُهينا عَنِ الكَلامِ. وأنس رضي اللّه عنه لم يقل: لم يزل يقنُت بعد الركوع رافعاً صوته ((اللَّهُمَّ اهدني فيمن هديت..)) إلى آخره ويؤمِّن من خلفه، ولا ريب أن قوله: ربَّنا ولكَ الحمدُ، مِلءَ السماواتِ، وَمِلءَ الأرضِ، ومِلءَ ما شئت من شيء بعدُ، أهلَ الثناء والمجد، أحقُّ ما قال العبدُ... إلى آخر الدعاء والثناء الذي كان يقوله، قنوتٌ، وتطويلُ هذا الركن قنوتٌ، وتطويلُ القراءة قنوت، وهذا الدعاءُ المعيَّن قنوت، فمن أين لكم أن أنساً إِنما أراد هذا الدعاء المعين دون سائر أقسام القنوت؟! ولا يقال: تخصيصُه القنوتَ بالفجر دونَ غيرها مِن الصلواتِ دليل على إرادة الدعاء المعين، إذ سائر ما ذكرتم من أقسام القنوت مشترَك بين الفجر وغيرها، وأنس خصَّ الفجر دون سائر الصلوات بالقنوت، ولا يمكن أن يُقال: إنه الدعاء على الكفار، ولا الدعاء للمستضعفين من المؤمنين، لأن أنساً قد أخبر أنه كان قنت شهراً ثم تركَه، فتعيَّن أن يكون هذا الدعاء الذي داوم عليه هو القنوتَ المعروف، وقد قنت أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، والبراء بن عازب، وأبو هريرة، وعبد اللّه بن عباس، وأبو موسى الأشعري، وأنس بن مالك وغيرهم. والجواب من وجوه. أحدُها: أن أنساً قد أخبر أنه صلى الله عليه وسلم كان يقنُت في الفجر والمغرب كما ذكره البخاري، فلم يخصص القنوت بالفجر، وكذلك ذكر البراء بن عازب سواء، فما بالُ القنوت أخص بالفجر؟! فإن قلتم: قنوتُ المغرب منسوخ، قال لكم منازعوكم من أهل الكوفة: وكذلك قنوتُ الفجر سواء، ولا تأتون بحجة على نسخ قنوت المغرب إلا كانت دليلاً على نسخ قنوت الفجر سواء، ولا يُمكنكم أبداً أن تُقيموا دليلاً على نسخ قنوت المغرب وإحكام قنوتِ الفجر. فإن قلتم: قُنوتُ المغرب كان قنوتاً للنوازل، لا قنوتاً راتباً، قال منازعوكم من أهل الحديث: نعم كذلك هو، وكذلك قنوتُ الفجر سواء، وما الفرق؟ قالوا: ويدل على أن قنوت الفجر كان قنوتَ نازلة، لا قنوتاً راتباً أن أنساً نفسه أخبر بذلك، وَعُمدَتكم في القنوت الراتب إنما هو أنس، وأنس أخبر أنه كان قنوتَ نازلة ثم تركه، ففي((الصحيحين))عن أنس قال: قنَتَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على حي مِن أحياءِ العرب، ثم تركه. الثاني: أن شَبابة روى عن قيس بن الربيع، عن عاصم بن سليمان قال: قلنا لأنس بن مالك: إن قوماً يزعمُون أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل يقنُت بالفجر، قال: كذبوا، وإنما قَنتَ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم شهراً واحداً يدعو على حيٍّ من أحياء العرب، وقيس بن الربيع وإن كان يحيى بن معين ضعفه، فقد وثقه غيره، وليس بدون أبي جعفر الرازي، فكيف يكون أبو جعفر حجة في قوله: لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا وقيس ليس بحجة في هذا الحديث، وهو أوثقُ منه أو مثلُه، والذين ضعفوا أبا جعفر أكثرُ من الذين ضعفوا قيساً، فإنما يعرف تضعيفُ قيس عن يحيى، وذكر سببَ تضعيفه، فقال أحمد بن سعيد بن أبي مريم: سألت يحيى عن قيس بن الربيع، فقال: ضعيف لا يُكتب حديثه، كان يحدِّث بالحديث عن عبيدة،وهو عنده عن منصور، ومثل هذا لا يوجب رد حديث الراوي، لأن غاية ذلك أن يكون غلط ووهم في ذكر عبيدة بدل منصور، ومن الذي يسلم من هذا من المحدثين؟ الثالث: أن أنساً أخبر أنهم لم يكونوا يقنُتون، وأن بدء القنوت هو قنوتُ النبي صلى الله عليه وسلم يدعو على رِعل وذَكوان، ففي ((الصحيحين)) من حديث عبد العزيز بن صهيب،عن أنس قال: بعثَ رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم سبعين رجلاً لحاجة، يقال لهم: القُرَّاءُ، فعرض لهم حَيَّانِ من بني سليم رِعل وذَكوان عند بئر يقال له: بئر مَعونة، فقال القوم: واللّه ما إياكم أردنا، وإنما نحن مجتازون في حاجة لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقتلوهم، فدعا رسولُ اللّه صلى الله عليه وسلم عليهم شهراً في صلاة الغداة، فذلك بدءُ القنوت، وما كنا نقنُت. فهذا يدل على أنه لم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم القنوت دائماً، وقول أنس: فذلك بدءُ القنوتُ، مع قوله: قنت شهراً، ثم تركه، دليل على أنه أراد بما أثبته من القنوت قنوتَ النوازل، وهو الذي وقَّته بشهر، وهذا كما قنت في صلاة العتمة شهراً، كما في ((الصحيحين)) عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قنت في صلاة العَتَمَة شهراً يقول في قنوته: ((اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ، اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَام، اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ، اللَّهُمَّ أَنْجِ المُسْتَضعفِينَ مِنْ المُؤْمِنِينَ، اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضرَ، اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِني يُوسُف)). قال أبو هريرة: وأصبح ذاتَ يوم فلم يدعُ لهم، فذكرتُ ذلك له، فقال: أو ما تراهم قد قَدِمُوا، فقنوتُه في الفجر كان هكذا سواء لأجل أمر عارض ونازلة، ولذلك وقَّته أنس بشهر. وقد روي عن أبي هريرة أنه قنت لهم أيضاً في الفجر شهرا، وكلاهما صحيح، وقد تقدم ذكر حديث عكرمة عن ابن عباس: قنت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: شهراً متتابعاً في الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، والصبح، ورواه أبو داود وغيره، وهو حديث صحيح. وقد ذكر الطبراني في ((معجمه)) من حديث محمد بن أنس: حدثنا مُطرِّف بن طريف، عن أبي الجهم، عن البراء بن عازب، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يُصليِّ صلاةً مكتوبة إلا قنت فيها. |
![]()
الــــــــalwaafiــــــــوافي
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
::: حق الله على العباد ::: لشيخنا الدكتور محمد سعيد رسلان حفظه الله تعالى | Aboabdalah | الصوتيات والمرئيات الإسلامية وأناشيد الأطفال | 2 | 09-16-2009 01:15 AM |