هذا ما يلزم لصناعة منتخب جدير بتمثيل الوطن....

بسم الله الرحمن الرحيم


لقد كثر الحديث عن المنتخب السعودي لكرة القدم وعن مشاركاته المتواضعة. وأخذت الآراء الآنية في كل مباراة تنزل على المدرب تارة وعلى اللاعبين تارة أخرى وغيره وغيره. ولكنني سأنحى منحى مختلفاً قليلاً أتنحى فيه عن المساس بشخص أو هيئة بقدر ما أستطيع. وأتحدث الآن عن المنتخب المثالي للسعودية والأمر نفسه ينعكس على كثير من المنتخبات الخليجية والعربية مع الفارق البيني. فكرة القدم تتكون (على الأقل بالنسبة لما ألاحظ) من ثلاثة محاور مهمة هي اللياقة البدنية (وليست ضخامة الجسم) والمهارات الفردية والمهارات الجماعية. كما أنني سأتحدث عن أمور مهمة يمكن إضافتها إلى المحاور لارتباطها بها.



أولاً: اللياقة البدنية

وهي الأساس الذي تقوم عليه مثل هذه الرياضة، فلا يمكن أن نطالب منتخب لياقته شوط واحد بما يمكن أن يؤديه منتخب لياقته 120 دقيقة، فهناك الآن مباريات تعرض مقدار ما قطعه اللاعب على أرض الملعب وهناك فرق تقدر عمر لاعبيها بعدد الساعات الفعلية التي لعبها. فالمشكلة الأولى هي اللياقة الضعيفة والواضحة في المنتخبات السعودية، فينبغي أن يكون أفراد المنتخب مالكين للياقة عالية تشمل الجري بكرة ودون كرة في مساندة الهجوم وفي مساندة الدفاع. وللوصول إلى درجات عالية من اللياقة البدنية وتوزيع الجهد على مدى الشوطين هناك بعض النصائح التي ينبغي تطبيقها من قبل اللاعبين جميعاً وبإشراف الجهاز الإداري على تطبيقها:



1- التدريبات التي ترفع من اللياقة وألا تقل عن ساعتين يومياً للوصول بمستوى اللياقة لأعلى مستوى، ومن تلك التدريبات:



أ- السباحة: وهي إحدى التمارين الجيدة لرفع اللياقة، ويمكن استخدام المسابح قصيرة العمق وعمل تمارين مشي في الماء ضد الساعة (وذلك لقياس المدى المقطوع كل مرة) لرفع المستوى العضلي واللياقي في نفس الوقت، وهذا التمرين ينمّي العضلات الأمامية المطلوبة في التسديدات القوية ناحية المرمى.



ب- تمارين الأثقال: لفرد الصدر وتوسعة الرئتين وهي مهمة لعملية توزيع الجهد اللياقي في داخل المباراة، وكذلك تمارين الأثقال الخاصة بعضلات الرجلين وبخاصة الأمامية. فأنت حين ترى بعض اللاعبين العالميين تلاحظ الفارق العضلي الواضح في أرجلهم عن أرجل لاعبينا الدوليين.



2- المباريات الودية

أ- ينبغي إجراء مباريات في المناطق المرتفعة مثل مدينة أبها وغيرها وهذه تستغل بالأساس لرفع المستوى اللياقي وتعلم وتعليم اللاعب توزيع جهده على مدار الشوطين. وهذا يظهر تأثيره حين يلعب اللاعب في مناطق منخفضة حيث يعطي اللاعب ضعف الأداء لتوافر الأكسجين في المناطق المنخفضة عنه في المرتفعات.



ب- إجراء مباريات ودية مع فرق قوية أو على الأقل تمتاز باللياقة العالية للوقوف على المدى اللياقي الفعلي المحقق في تدريبات اللياقة مع ما تحقق من الأهداف الأخرى الفنية.



ثانياً: المهارات الفردية

وهي ضرورية وخاصة عند حسم الهجمة أو الدفاع، فليس كل كرة يلزم أن تناور الخصم بها وفي نفس الوقت ليس كل كرة ينبغي التخلص منها سريعاً ودون تركيز. والمهارة الفردية ينبغي أن تتوافر في اللاعب أصلاً. ولرفع المهارة الفردية هذه بعض الحلول:



1- اللاعب المتميز في التسديدات القوية أو التسديدات الرأسية ينبغي أن يقوم بالتمرين الفردي الخاص بعد الحصة التدريبية اليومية، وذلك من شأنه تعويد نفسه على التركيز وتحديد النقطة التي ينبغي التسديد منها في جسم الكرة وكذلك المكان والزاوية الصحيحتين على أرض الملعب. كذلك التسديدات الرأسية يمكن التمرن عليها بتعليق الكرة على عمود والتمرن بالجري ومن ثم القفز ومحاولة ضرب الكرة بالرأس.

وعلى سبيل المثال فقد كان اللاعب البرازيلي (( ريفالينو )) يتمرن تمريناً خاصاً بعد الحصة التدريبية مع فريق الهلال السعودي على الضربات الركنية على المرمى مباشرة وكان يسدد حوالي مائة كرة من نقطة الزاوية بطريقة قوسية في المرمى مباشرة. فاللاعب وجد هذه الميزة في نفسه وطوّرها حتى أصبح مرعباً للحراس في تسديداته وخاصة الحرة المباشرة.



2- تطوير مهارة التمرير للزميل وذلك بطريقة ثابتة ومتحركة. أما الثابتة فينبغي تعلم التمرير بين أقماع أو أعمدة بتباعد لا يتجاوز المتر مع التباعد بين الزميلين بعد كل مرحلة إتقان. وطريقة التمرير المتحركة ينبغي أن تكون التمريرات من بين أقماع أو أعمدة ثابتة خلال تحرك الزميلين في موازاة بعضهما البعض بحيث يمثل القمع أو العمود أحد لاعبي الخصم بحيث يتجنب ملامسة الكرة للعمود ويمكن زيادة السرعة في كل مرحلة إتقان، ومن شأن هذا النوع من التمرير تجاوز التكتلات الدفاعية للخصم.



3- من العيوب الغريبة والسهل تطويرها مهارة استعمال القدمين وبنفس القوة تقريباً. فهناك لاعبون لا يجيدون استعمال قدمهم الثانية، فإذا حانت الفرصة على قدمه الأخرى لم يستطع تسديد الكرة بنفس القدرة والقوة في القدم الفاعلة فتضيع فرص لها وزنها بسبب محدودية القدرة لدى اللاعب. كنت أعاني من هذه المشكلة في الثانية عشرة من عمري فقمت بالتمرن على الحائط باستخدام قدمي اليسرى فقط ومن الجهة الداخلية بداية، ثم بعد أن أتقنتها بدأت التسديد بمشط القدم حتى أصبحت أمتلك قوة وإتقان في القدم اليسرى يقاربان القوة والإتقان بالقدم اليمنى.

وربما شاهدتم كيف أن الكثير من اللاعبين المحترفين لا نرى مثل هذه المشكلة موجودة لديهم.



4- مهارة امتلاك الكرة من قدم الخصم وكذلك مهارة حماية الكرة وهي في قدم اللاعب وهما مهارتان تزدادان في التطور مع الوقت. ويضاف إلى ذلك مهارة إيقاف الخصم احترافيا أو ما يسمى خطأ احترافي، وهو الذي يتم فيه إيقاف تقدم لاعب الخصم دون الحصول على البطاقة الصفراء. ومثل هذه المهارات تعتمد على اللاعب والمدرب ومساعده وتعويد اللاعب على الوقوف المناسب في الجهة الصحيحة من اللاعب بحيث يكون طريق تحرك لاعب الخصم نحو المرمى صعباً ما أمكن.



ثالثاً: المهارات الجماعية

وهي ضرورية كذلك وأهميتها كأهمية الفردية بل إنها ثنائية التطور مع الفردية، وهذه يمكن تطويرها من خلال الجمل التدريبية التكتيكية والتي يتم فيها استغلال مهارات أفراد المجموعة مع بعضهم وتكوين فكرة لدى كل لاعب عن مهارة زملائه الآخرين وللوصول لمثل هذا المستوى ينبغي إجراء حلول مثل



1- الزميل السريع يحتاج إلى تمرير الكرة من خلف المدافع لينطلق ويقتنصها وزميل ينتظر منك أن تعرف بشكل متعارف عليه مسبقاً بالنقطة التي ستصل إليها تمريرته القادمة فتنطلق نحوها في نفس وقت التمريرة. مثل هذه الجمل ينبغي رسمها نظرياً على لوح ومن ثم تطبيقها على أرض الواقع، واختصار وقت التطبيق في كل مرة، فهناك جملة تأخذ ثلاث تمريرات وصولاً إلى المرمى بحيث لا تتجاوز الخمس ثواني. ومن تلك على سيل المثال تمريرات لاعبي بعض فرق أمريكا اللاتينية قبل وداخل منطقة الثمانية عشر. كذلك التمريرات والضربات الرأسية ينبغي إتقان تمريرها والتمرن على ذلك من كرات متحركة.



2- لمواجهة التكتل الدفاعي ينبغي إيهام الخصم بالاتجاه نحو جهة تفتح المجال إلى استغلال الكرة بشكل أفضل. وعلى سبيل المثال لا يمكن استغلال التمريرات الرأسية للمهاجمين إلا إذا كان المهاجمون أطول أو في نفس طول لاعب الخصم، فإذا كان الخصم أطول من الزملاء المهاجمين فمن باب أولى استغلال الأطراف وحتى المنتصف فقط من ملعب الفريق المنافس وهذا من شأنه خلخلة الدفاع الذي يتوقع مواصلة التقدم، ولكن يتم عكس الكرة إلى قلب الملعب وأمام منطقة الثمانية عشر حيث يتمركز المهاجمون أمام مجموعة مدافعين أقل مما لو أن بداية دخول الكرة لملعب الخصم تمت من القلب.

عند مواجهة الفريق الذي يسعى للتعادل بدون أهداف أو الذي يتوقع منه اللعب للتعادل، فينبغي الاعتماد على اللاعبين الماهرين في التصويب بالقدم وليس اللاعبين الماهرين في الألعاب الرأسية وهنا يتم عكس الكرة من الأطراف وقرب الثمانية عشر وبعكس الاتجاه للاعب الزميل القادم من الخلف والذي يكشف مرمى الخصم ويقوم بالتمرير أو التسديد إذا أمكنه ذلك. هذه الطريقة كفيلة بإرباك الخصم وعدم معرفة اتجاه الكرة في كل مرة بل ويعرض الخصم لارتكاب الأخطاء التي من الممكن حدوث ضربة جزاء منها.



وهناك ثقافة كروية احترافية وهي التي يكتسبها اللاعب من الاحتكاك مع الفرق الأخرى أو من مشاهدة المباريات المختلفة. وهذه ينتج عنها اكتمال الوعي الكروي لدى اللاعب، ومنها:

1- التخلص من الأنانية واللعب للمصلحة الشخصية.

2- تطوير استعمال المهارة الكروية الفردية ومن ثم تطوير التكتيكات الجماعية للفريق.

3- معرفة الأجواء الحقيقية للمباريات والتعامل مع الخصم، ومعرفة كيفية تجنب الأخطاء الشائعة لدى بعض اللاعبين والتي توقعهم في مصيدة إنذارات الحكم.

4- التفرغ للعب الكرة وعدم مناقشة الحكم والتشكي على كل صغيرة وكبيرة، ومن ثم معرفة أنه لا تأتي النتائج إلى للمجتهد ومن البداية وحتى النهاية.


أخيراً وليس آخراً الحزم والجدية مع اللاعبين فمن أحسن يشكر ومن أساء ينبه أو ينذر أو يستبعد، فملاعبنا تزخر بلاعبين يمكنهم منافسة الموجودين في المنتخبات السعودية ينتظرون فرصتهم، والأمثلة كثيرة ومعروفة لدى الجميع.


تقبلوا تحياتي::::البرنس الجنوبي::::