الإهداءات


رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 12-30-2007, 07:11 PM
مركز تحميل الصور
دموع سجام غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 13062
 تاريخ التسجيل : Oct 2007
 فترة الأقامة : 6251 يوم
 أخر زيارة : 01-21-2012 (03:14 AM)
 المشاركات : 17 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : دموع سجام is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي وداعاً عاماً هجرياً كاملاً



بسم الله الرحمن الرحيم

وداع عاماً هجرياً كاملاً

إن الله جل وعلا بقدرته الباهرة وحكمته البالغة خلق الخلق في هذه الحياة، واستعمرهم في هذه الأرض، وقد أخبر عن سر هذا الخلق وحكمته، بقوله سبحانه (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ )
فالإنسان في هذه الحياة الفانية، لم يخلق عبثاً، ولم يترك سداً، ولا يدري متى يأتيه الأجل؛ فلا ينفعه حين ذاك إلا صالح العمل، فجدير بالكيس الفطن الذي عرف حكمة خلق الله له في هذا الكون، أن يتزود من الأعمال الصالحة، ويستعد لما بعد الموت، ويأخذ العبرة من مرور الليالي والأيام، وتصرم الشهور والأعوام، على فناء هذا العالم، وسرعة زوال هذه الدار، وقصر مدتها، فيحفِّزه ذلك إلى العمل الذي يقربه لمولاه، ويحذِّره من الاغترار بدنياه، فيخسر دنياه وآخرته (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)...


تودع الأمة الإسلامية بل يودع العالم بأسره هذه الأيام ، عاماً هجرياً كاملاً، مضى بأحداثه ووقائعه، وخيره وشره، مضى من أعمار بني آدم ولن يعود إلى يوم القيامة، ذهب كما ذهب غيره، وتلك سُنَّة الله عز وجل في كونه، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وهو خير الوارثين، فالليل يخلف النهار، والنهار يخلف الليل، مع حركات الأفلاك الدائرة، والآيات السائرة، والعبد يعيش في هذا الميدان الذي أعد للسباق الطويل، الذي لا يتقدم فيه إلا من عرف ربه، وذكر حقه، وشكر نعمه، ومن يجعل من فواصل السنين تواصل دأبٍ وعملٍ ونصب؛ لإحراز الراحة الكبرى (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)

ومن يذهل عن هذه المعاني السامية، ويهيم وراء منافعه العاجلة، ولذاته الفانية فلا يعتبر ولا يتعظ بمرور الأيام والأعوام، فتلك أمارة الخسران، وعلامة الحرمان، عياذاً بالله.

وقد كان السلف الصالح رحمهم الله، يجعلون من مرور الأيام والسنين، مدكراً ومزدجراً، فكانوا يستحيون من الله أن يكونوا اليوم على مثل حالهم بالأمس، وقال بعضهم(( كيف يفرح من يومه يهدم شهره، وشهره يهدم سنته، وسنته تهدم عمره؟

كيف يفرح من عمره يقوده إلى أجله، وحياته تقوده إلى موته ؟))


وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: [[إنما أنت أيام كلَّما مضى منك يومٌ مضى بعضك ]]، ومن أقوال الحسن رحمه الله : [[ ما من يومٍ ينشق فجره، إلا نادى منادٍ من قبل الحق: يابن آدم! أنا خلقٌ جديد، وعلى عملك شهيد، فتزود فيّ بعملٍ صالح؛ فإني لا أعود إلى يوم القيامة ]].......

إن الليل والنهار مطيتان، فأحكموا السير عليهما إلى الآخرة، واحذروا التسويف فإن الموت يأتي بغتة، ولا يغترنَّ أحدكم بحلم الله عز وجل، والأيام خزائن الأعمال، والعبد بين مخافتين: بين آجلٍ قد مضى لا يدري ما الله صانعٌ فيه، وبين عاجلٍ قد بقي لا يدري ما الله قاضٍ فيه، وإنه لمن فضل الله ودلائل توفيقه للعبد أن يلهمه استغلال كل ساعة من عمره في العمل الصالح، ويوفقه لأخذ الدروس والعبر والبصائر من تصرم الشهور والأعوام، وفقد الأهل والإخوان.

فكم ودعنا في هذا العام من أخٍ أو خليل أو قريب! وكم نقل إلى المقابر من عزيزٍ أو محبٍ أو نسيبٍ! وأحدنا لا يدري هل يتم هذا العام الجديد، أو لا يدركه، فالموت الذي تخطانا إليهم سيتخطى غيرنا إلينا، فاعتبروا يا أولي الأبصار.

لا بد من وقفة صادقة مع مرور هذا العام، واستقبال العام الجديد، لا بد من وقفة حازمة مع النفوس ؛ لمحاسبتها ماذا قدمت لغدها، ماذا قدمت لدينها وعقيدتها ومجتمعها المسلم، هل حملت راية العقيدة، ورسالة الإسلام، وعملت بها ودعت إليها وجاهدت في سبيلها؟


وهل ستظل أحوال المسلمين كما هي عليه في السنوات الماضية؛ ضعفٌ في الإيمان، وقسوة في القلوب، وتفرق في الكلمة، واختلال في الصف، ونزاعٌ بين الإخوة، وأحقاد وأطماع، لا يستقيد منها إلا أعداء الإسلام، الذين لا يزيدهم مرور الأعوام إلا قوة وفتوة؟!

إننا مع كل هذا، لنتفاءل كثيراً بدخول هذا العام، ومستقبل الأعوام فالنصر للإسلام وأهله، وذلك وعد الله الذي لا يخلف الميعاد، وأملنا في الله كبير، أن يكون هذا العام عام خيرٍ وعزة وتضامن للمسلمين، بعد أن أصبح تضامنهم ضد أعدائهم مطلباً ضرورياً، وأمراً حتمياً، وعام استقامة وصلاح، لشئون المسلمين وأحوالهم، ويقضة رشيدة، لقادتهم وعلمائهم، وشبابهم ونسائهم، الله حسبنا ونعم الوكيل، وهو مولانا، فنعم المولى ونعم النصير.

اللهم اجعل خير أعمالنا أواخرها، وخير أعمالنا خواتمها، وخير أيامنا يوم لقائك، واجعل مستقبل أيامنا خيراً من ماضيها، وقابل أعوامنا خيراً من سالفها.


للدكتور عبد الرحمن السديس



 توقيع : دموع سجام


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
القرآن كاملاً على 6 بيضات فجر المواضيع العامة والإخبارية 4 04-22-2011 11:16 PM
وداعاً منتدى بني عمرو .. وداعاً يا أحبتنا وداعاً .. (( صقر صدريد )) مجلس الأعضاء 13 07-22-2010 08:12 AM
القرأن الكريم كاملاً (فلاش) صالح آل سلمان المجتمع المسلم والفتاوى 7 09-27-2009 04:29 PM
القران الكريم كاملاً نص صبي الشق2009 المجتمع المسلم والفتاوى 10 08-27-2009 07:47 AM
تعريف السحلية كاملاً....!!!!! ولد آل عطيفة وسع صدرك 7 11-24-2006 09:10 PM


الساعة الآن 06:06 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir