فيافي البحار

أهيمُ على وجهي كلَّ مساءْ‏
فيضيقُ بي الفضاءْ‏
يضيقُ،
يضيقُ‏،
حتى أكاد لا أرى سواكِ‏
تحملين عمري‏
بين راحتيكِ الصغيرتينِ الحبيبتينِ
وتمضينْ.‏
كلّما..‏
حاولتكِ ابتعاداً،...‏
أو نسياناً ،‏
أراني أعودُ ،‏
لأدور في فضائكِ ،‏
تسيرّني إليكِ..‏
أدق حنايا القلب الصغيرة‏
في ذكرياتنا الكثيرة.

كلّما..‏
قررتُ الرحيل إلى أرضٍ جديدة‏
والغياب في مناكبها..‏
أراني مشدوداً..‏
إلى الأرض التي‏
تطؤها قدماكِ،..‏
وأراني..‏
أسير ذكرياتٍ صغيرة‏
جمعتنا ذات مساءْ‏
فلا أستطيع الرحيلْ

فَكُلُ النساءِ اللواتي قبلكِ
يَعبرهمْ الربيعُ كطيرِِ مهاجر‏
ولا يرون إلا تساقط أُوراقِ شجر الخريف‏
أَو مرور الشهبِ في السماء‏
قلوبٌ محشوةٌ بالحسراتِ والرمال‏
عيونٌ لم تكتحل بسوى الظلمة والغبار‏
وشفاه لا تنطِقُ إلا بزفرات الغيرة الحمقاء

وها أنا أعترف بأنني فرح بلقياك
وسأحكي لهم ... عني وعنكِ
وسأسترسل في الكلام
فضميني إليك .. ياصدري‏
أغمضي جفنيك عليَّ .. ياعيني‏
اسدلي شعرك فوقي .. يافيئي ..‏
انهمري رذاذاً على روحي‏
ياشلال العمر‏
ضيئي سماواتي
ياقمر اللحظات‏
أوقفي عقاربك‏
على روابي الحنان‏
فأنا البذرة‏
وأنتِ التراب.‏
وأنا الغصن‏
وأنتِ الجذور‏
وأناالورق الهائم‏
خلف حقول الضوء‏
وأنت أغنية الفراش‏
ونشيد النحل.‏
.. أنا الندى المتقطِّرُ من صحارى الليل‏
وأنتِ أكمام الفل التي توقظ الصباح.‏
أنا النعناع الحاني على أطراف السواقي‏
وأنت وسوسة الغدران‏
الغائصة في أعماق الوديان.‏
وأنا تلبد السحاب‏
وأنتِ أمطار المدار‏
وأنا النورس الضائع‏
في فيافي البحار‏
وأنا المركب المبحر نحو الغروب‏
وأنتِ هدير الأعماق‏
في جزر اللؤلؤ ...‏

حبيبتي ..
لكِ الآن هذا الشغاف‏
يدميه سوط البعاد‏
لكِ المدى...‏
لكِ الآن عبق الرياحين‏
فافترشي الآن سجادة القلب‏
وانعمي فيه بالدفء والامان ........


صوت المطر