كلام من شخص حقير

[

	GRADE="DC143C FF6347 008000 4B0082"]حسن المصطفى * - « صحيفة الوقت البحرينية » - 2 / 6 / 2007م لا تبدو المرأة السعودية راضية عن الحال التي هي عليها. حتى أولئك النساء الأكثر تشددا، من المنتميات للتيار السلفي، ويمارسن الدعوة بوصفهن «داعيات»، يأمرن بالحشمة والستر، وينهين عن الاختلاط بالرجال، حتى هؤلاء النسوة، تجدهن متذمرات من الحال التي يعشن، كونهن يتعرضن لكثير من الصعوبات والعراقيل. عراقيل تعيق حتى العمل الدعوي الذي يمارسنه. وهن بذلك، يقعن ضحية لثقافة يروجن لها، ولنمط من التدين وجدن أنفسهن رابيات عليه، متشربات به، غير قادرات عن الانفكاك منه. حتى أنك تجد بعض النسوة السعوديات، يمارسن خطابا تقييديا لذواتهن، واضعات على أنفسهن مزيدا من الأغلال، لأن عقلهن الباطن، تأسس على ثقافات وعادات وتقاليد، يرين في تجاوزها خطرا يهدد استمرارية المصالح التي هي في حوزتهن - وإن كانت ضئيلة- ويشعرن في الوقت ذاته بالتأنيب النفسي، لأنهن سوف يعصين الله لخرقهن للسنن المجتمعية والدينية. في حلقة تلفزيونية على قناة «العالم»، جمعتني بالدكتورة سهيلة زين العابدين حماد، الناشطة السعودية في مجال حقوق الإنسان، كانت هنالك مداخلة لصحافية سعودية ترأس تحرير إحدى المجلات الإسلامية. الصحافية تحدثت عن المرأة السعودية بصورة زاهية، وردية، مسهبة عن سماحة الإسلام، معتبرة ما يجري من تضييق إنما هو تنفيذ للأحكام الإلهية، ومستعرضة أرقاما فلكية وصلت لها المرأة في سوق العمل. أرقام لم يكن لها وجود إلا في «أحلام» مطلقتها وأمانيها. تلك السيدة، لم تكن إلا نموذجا للضحية التي تدافع عن جلادها. دفاع ابتنى على كذبة أطلقت عن «خصوصية المجتمع السعودي»، صدقها مطلقوها، وباتوا منافحين عنها، وكأنها قرآن منزل. في حلقة سابقة لبرنامج «مع الحدث»، الذي تقدمه الزميلة شذى عمر، على شاشة LBC، جرى جدل طويل بين ضيوف الحلقة، حول مشاركة المرأة السعودية في الإعلام. وكانت الإعلامية بثينة النصر، تدافع بضراوة عن عملها الإعلامي في فضائية «الإخبارية» السعودية، هي وعدد من زميلاتها، معتبرة أنها تمارس حرية شخصية، لا تخرج فيها عن حدود الحشمة والحجاب الشرعيين، رافضة ما وجهه لها الأستاذ ناصر الحنيني، عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام، من اتهامات بتجاوز الشريعة، من خلال عملها كمقدمة نشرة إخبارية. المفارقة تكمن في أن الحنيني، يتولى رئاسة مركز الدراسات المعاصرة، فيما هو ينظر للمرأة ومشاركتها في الحياة العامة، نظرة ترجع إلى 1400 سنة إلى الوراء. وعليه، فمن المنطقي جدا أن يتساءل المرء، عن أي دراسات معاصرة يقدمها مركز تتحكم في إدارته عقليات ماضوية؟ إن من المعضلات الأساس أن وضع المرأة في السعودية يتم بحثه من زاوية دينية بحتة، تتقاطع مع مفاهيم قبلية وذكورية، وعادات اجتماعية ترى في المرأة «عورة» ينبغ سترها، و«متاعا» جيدا للاستمتاع واللذة. وهي مهما بلغت من علم ومعرفة، ومهما حصلت عليه من شهادات عليا، فإنها تبقى «حرمة»، ناقصة عقل ودين، ومن رجحان العقل مشاورتها ومخالفتها! الوضع المعقد هذا، لم يجرؤ أحد على مقاربته بصورة ناقدة لأسه الديني القائم عليه. فأغلب المدافعين عن حقوق المرأة في المجتمع السعودي، يتشدقون بأن الإسلام أكرمها، وأوصى بالرفق بها، آخذين من المرجعية التاريخية في عصر الرسول والصحابة سندا لدعواهم. وهي ذات المرجعية التي يرجع لها التيار السلفي المتشدد في إصراره على إبقاء المرأة في أُطر ضيقة جدا. بل، يمتاز هذا التيار بقدرة على حشد الأدلة الدينية والنصوص التراثية، بما يؤيد نظرته، ويدحض حجة مخالفيه. من هنا، كان لا بد أن تأخذ موضوع المرأة منحى مختلفا. منحى يقوم على تفكيك الأساس الديني، ونقضه، وتقويضه، واستبداله بأساس حقوقي، قائم على شرعة حقوق الإنسان، وحق كل فرد في ممارسة حريته الشخصية، دون أن يكون للمجتمع سلطة عليه. أي أن مرجعية البحث يجب أن تكون المنظومة القانونية لحقوق الإنسان، وحقوق المرأة، لا آراء الفقهاء المتصلبة، ساعتها ينتقل الجدل من مربع ضيق، إلى آخر أكثر وضوحا ورحابة. غياب التعبير الحر وضيق مساحته، والخوف من سلطة التيار الديني، وربط العلاقات بين الأفراد بالدين والأعراف الدينية، والسطوة التي يمتلكها المشايخ وعبرها يديرون خطابهم ومؤسساتهم التي تدفع باتجاه ترويج خطاب أصولي مناقض لكل ما هو مدني، وغياب المرجعية الحقوقية، وعدم الاعتراف بالقوانين الدولية المتعلقة بالمرأة وحقوقها، وبقاء السجال محصورا في أي إسلام نعتمد في نظرتنا إلى المرأة، ستكون محصلته، انحسار النقاش في مربعه الأول. مربع صفري لا يقود إلى أي نتيجة، ولن يغير من الواقع شيئا، وسيبقي المرأة حبيسة دارها، تبطل صلاتك عند مرورها من أمامك! خطوة متقدمة تلك التي أقدمت عليها «أم فيصل» برفعها شكوى ضد «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، من شأنها أن ترفع الصوت عاليا في وجه الانتهاكات المستمرة لحقوق المرأة. ومن المفيد، بل الواجب، أن تتحلى النساء السعوديات بالشجاعة الكافية التي من خلالها ينتزعن حقوقهن، وعبرها يكون باستطاعتهن أن يقدن حركة اجتماعية تغييريه، وإن كانت محدودة وبطيئة، لكنها ستؤثر وتحدث تغيرات جذرية في المجتمع، لأن النساء هن المفتاح الرئيس للتغيير، ودالة أي تحول اجتماعي في البلاد. وإن نجاح بعض الناشطات الاجتماعية، وتعاون عدد من الحقوقيين والفاعلين الاجتماعيين معهن، سيقوض البناء التقليدي القديم، ويحدث شرخا في منظومة القيم العصية. شرخ وإن بدا صغيرا في وقتنا الحالي، إلا أنه بوابة عبور لحرية أكبر.[/GRADE]