الإهداءات


رياض الصالحين على مذهب أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 05-20-2007, 09:25 PM
مركز تحميل الصور
سهيل الجنوبي غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1167
 تاريخ التسجيل : Sep 2004
 فترة الأقامة : 7378 يوم
 أخر زيارة : 08-29-2021 (12:17 AM)
 المشاركات : 456 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : سهيل الجنوبي is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
قطيعة الرحم... المظاهر- الأسباب- سبل العلاج



قطيعة الرحم... المظاهر- الأسباب- سبل العلاج


--------------------------------------------------------------------------------


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد،،،
فإن قطيعة الرحم ذنب عظيم، وجرم جسيم، يفصم الروابط، ويقطع الشواجر، ويشيع العداوة والشنآن، ويحل القطيعة والهجران.
وقطيعة الرحم مزيلة للألفة والمودة، مؤذنة باللعنة وتعجيل العقوبة، مانعة من نزول الرحمة، ودخول الجنة، موجبة للتفرد والذلة..وهي مجلبة لمزيد الهم والغم; ذلك أن البلاء إذا أتاك ممن تنتظر منه الخير والبر والصلة؛ كان ذلك أشدّ وقعاً، وكفى بهذا الذنب زاجراً قوله تعالى: {فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [22] أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ[23] }[سورة محمد]. وقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ] رواه البخاري ومسلم-واللفظ له-. والحديث سيتناول قطيعة الرحم، وذلك من خلال ما يلي:



أولا: أسباب قطيعة الرحم:
1- الجهل: فالجهل بعواقب القطيعة العاجلة والآجلة يحمل عليها، ويقود إليها، كما أن الجهل بفضائل الصلة العاجلة والآجلة يُقْصِر عنها، ولا يبعث إليها.
2- ضعف التقوى: فإذا ضعفت التقوى، ورق الدين لم يبالِ المرء بقطع ما أمر الله به أن يوصل، ولم يطمع بأجر الصلة، ولم يخشَ عاقبةَ القطيعة.
3- الكِبْر: فبعض الناس إذا نال منصبًا رفيعاً، أو حاز مكانة عالية، أو كان تاجرًا كبيرًا تكَبَّرَ على أقاربه، وأنِفَ من زيارتهم والتودد إليهم; بحيث يرى أنه صاحب الحق، وأنه أولى بأن يزار ويؤتى إليه.
4- الانقطاع الطويل: فهناك من ينقطع عن أقاربه فترة طويلة، فيصيبه من جرَّاء ذلك وحشةٌ منهم، فيبدأ بالتسويف بالزيارة، فيتمادى به الأمر إلى أن ينقطع عنهم بالكلية، فيعتاد القطيعة، ويألف البعد.
5- العتاب الشديد: فبعض الناس إذا زاره أحد من أقاربه بعد طول انقطاع أمطر عليه وابلاً من اللوم، والعتاب، والتقريع على تقصيره في حقه، وإبطائه في المجيء إليه. ومن هنا تحصل النفرة من المجيء; خوفًا من لومه، وتقريعه، وشدة عتابه.
6- التكلف الزائد: فهناك من إذا زاره أحد من أقاربه تكلف لهم أكثر من اللازم، وخسر الأموال الطائلة، وأجهد نفسه في إكرامهم، وقد يكون قليل ذات اليد. ومن هنا تجد أن أقاربه يُقْصرون عن المجيء إليه; خوفًا من إيقاعه في الحرج.
7- قلة الاهتمام بالزائرين: فمن الناس مَنْ إذا زاره أقاربه لم يُبْدِ لهم الاهتمام، ولا يفرح بمقدمهم، ولا يستقبلهم إلا بكل تثاقل; مما يقلل رغبتهم في زيارته.
8- الشح والبخل: فمن الناس من إذا رزقه الله مالًا أو جاهًا تجده يتهرب من أقاربه؛ خوفًا من الاستدانة منه، أو يكثرون الطلبات عليه، أو غير ذلك!
وبدلاً من أن يقوم على خدمتهم بما يستطيع، أو يعتذر لهم عمّا لا يستطيع إذا به يهجرهم، حتى لا يرهقوه بكثرة مطالبهم كما يزعم !
وما فائدة المال، أو الجاه إذا حرم منه الأقارب? وما أجمل قولهم:
ومَنْ يكُ ذا فضلٍ فيَبخلْ بفضلِهِ على قومه يُسْتَغْنَ عنه ويُذْممِ



9- تأخير قسمة الميراث: فقد يكون بين الأقارب ميراث لم يقسم; تكاسلاً، أو لأن بعضهم عنده شيء من العناد، أو نحو ذلك. وكلما تأخر قسم الميراث، وتقادم العهد عليه؛ شاعت العدواة والبغضاء بين الأقارب، وتكثر المشكلات فتحل الفرقة، وتسود القطيعة.
10- الشراكة بين الأقارب: في مشروع، أو شركة ما دون أن يتفقوا على أسس ثابتة، ودون أن تقوم الشركة على الوضوح والصراحة، بل تقوم على المجاملة، وإحسان الظن.
فإذا ما زاد الإنتاج، واتسعت دائرة العمل دب الخلاف، وحدث سوء الظن، ومن هنا تسوء العلاقة، وتحل الفرقة.



11- الاشتغال بالدنيا: واللهث وراء حطامها، فلا يجد هذا اللاهث وقتاً يصل به قرابته، ويتودد إليهم.
12- الطلاق بين الأقارب: فتكثر المشكلات بين أهل الزوجين.
13- بُعْد المسافة والتكاسل عن الزيارة.
14- التقارب في المساكن بين الأقارب: فربما أورث ذلك نفرة وقطيعةً بين الأقارب، وقد روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال:'مروا ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا'.
وقال أكثم بن صيفي:'تباعدوا في الديار تقاربوا في المودة'. ثم إن القرب في المسافة قد يسبب بعض المشكلات، التي تحدث بسبب ما يكون بين الأولاد من تنافس، أو مشادة، أو غير ذلك، وقد ينتقل ذلك إلى الوالدين، فيحاول كل من الوالدين أن يبرِّئ ساحة أولاده، فتنشأ العدواة، وتحل القطيعة.



15- قلة تحملِ الأقارب والصبرِ عليهم: فبعض الناس لا يتحمل أدنى شيء من أقاربه، فبمجرد أي هفوةٍ، أو زلةٍ، أو عتابٍ من أحد من أقاربه يبادر إلى القطيعة والهجر.
16- نسيان الأقارب في الولائم والمناسبات: فربما نسي واحدًا من أقاربه، وربما كان هذا المنسيُّ ضعيفَ النفس، أو ممن يغلب سوء الظن، فيفسِّرُ هذا النسيان بأنه تجاهل له، واحتقار لشخصه، فيقوده ذلك الظن إلى الصرم والهجر.
17- الحسد: فهناك من يرزقه الله علماً، أو جاهاً، أو مالاً، أو محبة في قلوب الآخرين، فتجده يخدم أقاربه، ويفتح لهم صدره، ومن هنا قد يحسده بعض أقاربه، ويناصبه العداء، ويثير البلبلة حوله، ويشكك في إخلاصه.
18- كثرة المزاح: فإن لكثرة المزاح آثارًا سيئة; فلربما خرجت كلمةٌ جارحة من شخص لا يراعي مشاعر الآخرين فأصابت مقتلاً من شخص شديد التأثر، فأورثت لديه بغضًا لهذا القائل. ويحصل هذا كثيرًا بين الأقارب; لكثرة اجتماعاتهم.
قال ابن عبد البر رحمه الله:'وقد كره جماعة من العلماء الخوض في المزاح; لما فيه من ذميم العاقبة، ومن التوصل إلى الأعراض، واستجلاب الضغائن، وإفساد الإخاء'.



19- الوشاية والإصغاء إليها: فمن الناس من يسعى بين الأحبة لتفريق صفهم، وتكدير صفوهم، فكم تحاصَّتْ بسبب الوشاية من رحم، وكم تقطعت من أواصر، وكم تفرق من شمل.
وأعظم جرمًا من الوشاية: أن يصغي الإنسان إليها، ويصيخ السمع لها. وما أجمل قولَ الأعشى:
ومن يطع الواشين لا يتركوا له صديقاً وإن كان الحبيب المقربا



20- سوء الخلق من بعض الزوجات: فبعض الناس يبتلى بزوجة سيئة الخلق، لا تحتمل أحدًا من الناس، ولا تريد أن يشاركها في زوجها أحد من أقاربه أو غيرهم، فلا تزال به تنفره من أقاربه، وتثنيه عن زيارتهم وصلتهم، وتقعد في سبيله إذا أراد استضافتهم، فإذا استضافهم أو زاروه لم تظهر الفرح والبشر بهم، فهذا مما يسبب القطيعة بين الأقارب. وبعض الأزواج يُسْلِم قياده لزوجته فإذا رضيت عن أقاربه وصلهم، وإن لم تَرْضَ قطعهم، بل ربما أطاعها في عقوق والديه مع شدة حاجتهم إليه.



ثانيًا: علاج قطيعة الرحم:
مرّ بنا القطيعة، وأضرارها، وذكر شيء من الأسباب التي تحمل عليها، فإذا كان الأمر كذلك فما أجدر العاقل أن يحْذَرَ قطيعة الرحم، وأن يتجنب الأسباب الداعية إليها، وما أحرى به أن يصل الرحم، وأن يَبُلَّها بِبلالها، وأن يعرف عظيم شأن الرحم، ويتحرى أسباب وصلها، ويرعى الآداب التي ينبغي مراعتها مع الأقارب. فما صلة الرحم؟ وبأي شيء تكون؟ وما فضائلها؟ وما السبل والأسباب المعينة عليها؟ وما الآداب التي ينبغي مراعاتها مع الأقارب؟



ثالثًا: ما صلة الرحم؟
التواصل ضد التصارم. وعن صـلة الرحم: قال ابن الأثير: وهي كناية عن الإحسان إلى الأقـربين من ذوي النسب والأصهار, والعطف عليهم, والرفق بهم, والرعـاية لأحوالهـم, وكـذلك إن بعـدوا وأسـاءوا, وقَطْعُ الرحمِ ضد ذلك كله.



رابعًا: بأي شيء تكون الصلة؟
تكون بأمور عديدة; فتكون بزيارتهم, وتفقد أحوالهم, والسؤال عنهم, والإهداء إليهم, وإنزالهم منازَلهم, والتصدق على فقيرهم, والتلطف مع غنيِّهم, وتوقير كبيرهم, ورحمة صغيرهم وضعفتهم, وتعاهدهم بكثرة السؤال والزيارة: إما أن يأتي الإنسان إليهم بنفسه, أو يصلهم عبر الرسالة, أو المكالمة الهاتفية.وتكون باستضافتهم, وحسن استقبالهم, وإعزازهم, وإعلاء شأنهم, وصلة القاطع منهم. وتكون أيضًا بمشاركتهم في أفراحهم, ومواساتهم في أتراحهم, وتكون بالدعاء لهم, وسلامة الصدر نحوهم, وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم, والحرص على تأصير العلاقة وتثبيت دعائمها معهم. وتكون بعيادة مرضاهم, وإجابة دعوتهم. وأعظم ما تكون به الصلة, أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى, وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر..وهذه الصلة تستمر إذا كان الرحم صالحة مستقيمة أو مستورةً.



أما إذا كانت الرحم كافرةً أو فاسقةً فتكون صلتهم بالعظة والتذكير, وبذل الجهد في ذلك.
فإن أعيته الحيلة في هدايتـهم كأن يـرى منـهم إعراضـًا أو عنـادًا أو استكبارًا, أو أن يخاف على نفسه أن يتردى معهم, ويهوي في حضيضهم فلينأ عنهم, وليهجرهم الهجر الجميل, الذي لا أذى فيه بوجه من الوجوه, وليكثر من الدعاء لهم بظهر الغيب, لعل الله أن يهديهم ببركة دعائه.



ثم إن صادف منهم غِرَّةً, أو سنحت له لدعوتهم أو تذكيرهم فرصة، فَلْيُقْدِمْ ولُيعِدِ الكَرَّة بعد الكرَّة.
ومما يحسن ذكره في دعوة الأقارب, ونصحهم أنْ يُنَبَّهَ على مسألة مهمة في هذا الباب, ألا وهي إحسان التعامل مع الأقارب, والحرص على دعوتهم باللين, والحكمة, والموعظة الحسنة, وألا يدخل معهم في جدال إلا في أضيق الحدود، وبالتي هي أحسن; لأنه يلحظ على كثير من الدعاة قلة تأثيرهم في أسرهم وقبائلهم. وذلك يرجع إلى عدة أسباب, ومنها أن الدعاة أنفسهم لا يُوْلُوْن هذا الجانب اهتمامهم, ولو بحثوا في السبل المثلى التي تعين على ذلك؛ لأفلحوا في دعوة أقاربهم، ولأثَّروا فيهم أيما تأثير.
ولعل من أهم تلك السبل أن يتواضعوا لأقاربهم, وأن يولوهم شيئاً من الاهتمام, والصلة, والاعتبار, ونحو ذلك مما يحببهم بالأقارب, ويحبب الأقارب بهم. كما أن على الأسرة أو القبيلة أن ترفع من شأن دعاتها, وعلمائها, وأن تجلهم, وتصيخ السمع لهم, وأن تحذر كل الحذر من تحقيرهم, والحطّ من شأنهم..فإذا سارت الأسر على هذا النحو كان حريَّـاً بهم أن يرتقوا في مدارج الكمال, ومراتب الفضيلة.





خامسًا: فضائل صلة الرحم:


فضائلها كثيرة, تنتظم خيري الدنيا والآخرة, ومن تلك الفضائل ما يلي:


1- صلة الرحم شعار الإيمان بالله، واليوم الآخر: فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ] رواه البخاري.


2- صلة الرحم سبب لزيادة العمر، وبسط الرزق: فَعَنْ أَنَسُ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ] رواه البخاري ومسلم.


3- صلة الرحم تجلب صلة الله للواصل: فَعَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: [إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْ خَلْقِهِ قَالَتْ الرَّحِمُ هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنْ الْقَطِيعَةِ قَالَ نَعَمْ أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ قَالَتْ بَلَى يَا رَبِّ قَالَ فَهُوَ لَكِ] رواه البخاري ومسلم.


4- صلة الرحم من أعظم أسبـاب دخـول الجنــة: عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الْجَنَّةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [تَعْبُدُ اللَّهَ لَا تُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا وَتُقِيمُ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ وَتَصِلُ الرَّحِمَ] رواه البخاري ومسلم.


5- صلة الرحم طاعة لله عز وجل: فهي وصل لما أمر الله به أن يوصل، قال تعالى مثنيًا على الواصلين:{وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ[21]}[سورة الرعد].


6- وهي من محاسن الدين: فالإسلام يأمر بالصلة, وينهى عن القطيعة, مما يجعل جماعة المسلمين متآلفة, متراحمة, بخلاف الأنظمة الأرضية التي لا ترعى ذلك الحق, ولا توليه اهتمامها.





7- وهي مما اتفقت عليه الشـرائـع: فالشرائـع السماوية كلها أمرت بالصلة, وحذرت من ضدها, وهذا يدل على فضلها, وعظم شأنها.


8- صلة الرحم مدعاة للذكر الجميل: فهي مكْسبة للحمد, مجلبة للثناء الحسن.


9- أنها تدل على الرسوخ في الفضيلة: فهي دليل كرم النفس, وطيب المنبت, وحسن الوفاء.


ولهذا قيل:'من لم يصلح لأهله لم يصلح لك, ومن لم يذب عنهم لم يذبَّ عنك'.


10- شيوع المحبة بين الأقارب: فبسببها تشيع المحبة, وبهذا يصفو عيشهم,وتكثر مسرَّاتهم.


11- رفعة الواصل: فإن الإنسان إذا وصل أرحامه, وحرص على إعزازهم أكرمه أرحامه, وأعزّوه, وأجلُّوه, وسوَّدوه, وكانوا عونًا له.


12- عزة المتواصلين: فالأرحام المتواصلون, يعلو قدرُهم, ويرتفع ذكرهم, فيكون لهم شأن, فيظلون بأعزّ جوار, وأمنع ذمار.





سادسًا: الأمور المعينة على الصلة:


هناك آداب يجدر بنا سلوكها مع الأقارب, وهناك أمور تعين على صلة الرحم; فمن ذلك ما يلي:


1- التفكر في الآثار المترتبة على الصلة: فإن معرفة ثمرات الأشياء, وحسن عواقبها من أكبر الدواعي إلى فعلها, والسعي إليها.


2- النظر في عواقب القطيعة: وذلك بتأمل ما تجلبه القطيعة من هم, وغم, وحسرة, وندامة,ونحو ذلك, فهذا مما يعين على اجتنابها والبعد عنها.


3- الاستعانة بالله: وذلك بسؤال التوفيق, والإعانة على صلة الأقارب.


4- مقابلة إساءة الأقارب بالإحسان: فهذا مما يبقي على الودّ، ويهون على الإنسان ما يلقاه من شراسة أقاربه وإساءتهم، ولهذا أتى رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِي قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ فَقَالَ: [ لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمْ الْمَلَّ وَلَا يَزَالُ مَعَكَ مِنْ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ] رواه مسلم.


فهذا الحديث عزاء لكثير من الناس ممن ابتلوا بأقاربَ شرسين, يقابلون الإحسان بالإساءة, وفيه تشجيع للمحسنين على أن يستمروا على طريقتهم المثلى; فإن الله معهم, وهو مؤيدهم, وناصرهم, ومثيبهم.


5- قبول أعذارهم إذا أخطأوا, واعتذروا.


6- الصفح عنهم ونسيان معايبهم, حتى ولو لم يعتذروا: فهذا مما يدل على كرم النفس, وعلو الهمة.


7- التواضع ولين الجانب.





8- التغاضي والتغافل: وهما من أخلاق الأكابر والعظماء, ومما يعين على استبقاء المودة, واستجلابها, وعلى وأد العداوة وإخلاد المباغضة.


10- ترك المنة عليهم, والبعد عن مطالبتهم بالمثل: فالواصل ليس بالمكافئ, فمما يعين على بقاء المودة أن يحرص الإنسان على أن يعطي أقاربه ولا يطالبهم بالمثل, وألا يَمُنَّ عليهم بعطائه, أو زياراته, أو غير ذلك.


11- توطين النفس على الرضا بالقليل من الأقارب: فلا يستوفي حقه كاملاً, بل يرضى بالقليل من أقاربه, حتى يستميل بذلك قلوبهم, ويبقي على مودته لهم .


12- مراعاة أحوالهم, وفهم نفسايتهم, وإنزالهم منازلهم: فمن الأقارب من يرضى بالقليل, فتكفيه الزيارة السنوية, وتكفيه المكالمة الهاتفية, ومنهم من يرضى بطلاقة الوجه والصلة بالقول فحسب, ومنهم من يعفو عن حقه كاملاً, ومنهم من لا يرضى إلا بالزيارة المستمرة, وبالملاحظة الدائمة; فمعاملتهم بمقتضى أحوالهم يعين على الصلة, واستبقاء المودة.





13- ترك التكلف مع الأقارب ورفع الحرج عنهم: وهذا مما يغري بالصلة; فإذا علم الأقارب عن ذلك الشخص أنه قليل التكلف, وأنه يتَّسم بالسماحة حرصوا على زيارته وصلته.


14- تجنب الشدة في العتاب.




15- تحمل عتاب الأقارب، وحمله على أحسن المحامل.



16- الاعتدال في المزاح مع الأقارب: مع مراعاة أحوالهم, وتجنب المزاح مع من لا يتحمله.



17- تجنب الخصام وكثرة الملاحاة والجدال العقيم مع الأقارب: والبعد عن كل ما من شأنه أن يكدر صفو الوداد معهم.



18- المبادرة بالهدية إن حصل خلاف مع الأقارب: فالهدية تجلب المودة, وتكذب سوء الظن, وتستل سخائم القلوب.



19- أن يستحضر الإنسان أن أقاربه لحمة منه: فلا بدّ له منهم, ولا فكاك له عنهم, فعزهم عزٌّ له, وذلهم ذلٌّ له.



20-أن يعلم أن معاداة الأقارب شر وبلاء: فالرابح فيها خاسر, والمنتصر مهزوم.







21- الحرص التــام على تذكـر الأقارب في المناسبـات والولائـم: ومـن الـطـرق المجدية في ذلك أن يسجل الإنسان أسماء أقاربه, وأرقام هواتفهم في ورقة, ثم يحفظها عنده, وإذا أراد دعوتهم فتح الورقة حتى يستحضرهم جميعًا, ويتصل بهم إما بالذهاب إليهم, أو عبر الهاتف أو غير ذلك. ثم إن نسي واحدًا منهم فليذهب إليه, وليعتذر منه, وليسعَ في رضاه ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.



22- الحرص على إصلاح ذات البين.



23- تعجيل قسمة الميراث: لئلا تكثر الخصومات والمطالبات, ولأجل أن تكون العلاقة بين الأقارب خالصةً صافيةً من المكدرات.



24- الحرص على الوئام والاتفاق حال الشراكة.



25- الاجتماعات الدورية: سواء كانت شهرية أو سنوية أو غير ذلك, فهذه الاجتماعات فيها خير كثير; ففيها التعارف, والتواصل, والتواصي, وغير ذلك خصوصاً إذا كان يديرها أولو العلم, والحصافة.



26- صندوق القرابة: الذي تجمع فيه تبرعات الأقارب واشتراكاتهم, ويشرف عليه بعض الأفراد, فإذا ما احتـاج أحد من الأسرة مالاً لزواج, أو نازلة, أوغير ذلك بادروا إلى دراسة حاله, وساعدوه ورفدوه; فهذا مما يولد المحبة, وينمي المودة.



27- دليل الأقارب: فيحسن بالأقارب أن يقوم بعضهم بوضع دليل خاص, يحتوي على أرقام هواتف القرابة ثم يطبع ويوزع على جميع الأقارب, فهذا الصنيع يعين على الصلة, ويذكر المرء بأقاربه إذا أراد السلام عليهم, أو دعوتهم للمناسبات والولائم.



28- الحذر من إحراج الأقارب: وذلك بالبعد عن كل سبب يوصل إلى ذلك, ومما يدخل في هذا أن يراعي القرابة أحوال الوجهاء, وذوي اليسار في الأسرة فلا يكلفوهم ما يوقعهم في الحرج, ولا يلوموهم إذا قصروا في بعض الأمور مما لا طاقة لهم بها.



29- الشورى بين الأقارب: فيحسن بالأقارب أن يكون لهم رؤوس يرجعون إليهم في المُلمَّات، وما ينوب الأسرة من النوازل; حتى يخرجوا برأي موحّد, أو مناسب يرضي الله, ويوافق الحكمة والصواب.







وأخيرًا:



يراعى في ذلك كله أن تكون الصلة قربة الله: وأن تكون تعاونًا على البر والتقوى, لا يقصد بها حمية الجاهلية.



وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.




من كتاب:' قَطِيعَةُ الرَّحِمِ: الْمَظَاهِرُ-الأَسْبَابُ-سُبُلُ الْعِلاِجِ
'للشيخ/ محمد بن إبراهيم الحمد الزلفي



 توقيع : سهيل الجنوبي


رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قطيعة الرحم .. نواااااره المجتمع المسلم والفتاوى 10 12-30-2011 08:56 PM
صوتية بعنوان ((( حب المظاهر ))) الحميدي السبيعي عطر الكلمات 4 06-21-2011 11:40 PM
المظاهر !! أسـ العالمي ـير مواضيع الحوار والنقاش 5 02-20-2010 10:06 PM
أهم المظاهر والسلوكيات الغريبة المؤقتة التي تظهر للأطفال حديثي الولادة حبيب ال طلحة الطب والعـلوم 0 04-01-2006 07:16 PM
والخلافات والفرقا تسبب قطيعة ......... عائض شداد عطر الكلمات 1 03-23-2003 01:34 AM


الساعة الآن 02:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir