#1
|
|||||||
|
|||||||
حكايتنا (ضـاري)
منقول بقلم /محمد الرطيان
1) حكاية ما تزال تـُقرأ : هي حكاية هذا الشيخ الجليل " ضاري المحمود " . هذا البدوي العظيم الذي لم يتحمل غطرسة ، وغرور ، وجلف المستعمر الانجليزي في العراق. ترك ولديه " سليمان " و " خميس " في الخارج ، ودخل إلى اجتماعه مع الكولونيل " لجمن " في " خان النقطة " . كان " لجمن " ، مرة يُذكّر الشيخ " ضاري " بمصير من قُتل أو تم نفيه من الذين واجهوا الاحتلال من شرفاء العراق ، ومرة يُذكره – ويغريه – بالامتيازات التي حصل عليها الخونة . ولأن الشيخ من سلالة أكثر ما تمقته هو الخيانة ، ولأن لديه " عِرض " يرفض العـروض .. و " كرامة " ترفض التهديد ... وبعد أن علت الاصوات ، وأحتد النقاش بينهما .. أقتحم ولداه "سليمان" و " خميس " المكان ، ووجها فوّهات البنادق إلى صدر " لجمن " .. أما الشيخ .. فقد سلّ سيفه من تحت عباءته ، وأنحنى على " لجمن " الذي يتخبط بدمه ، وقام بقطع رأسه . وأشتعلت " ثورة العشرين " .. وقامت قبيلته " زوبع " الشمريّة بقطع طريق السكة الحديد ، وما يحمله من عتاد ومؤن للجيش الانجليزي الى بغداد .. وقاموا بضرب السفن التي تحمل الجنود ، واستطاعوا ان يقطعوا خط النهر عليهم ، وصاروا يصنعون لهم الكمائن القاتلة .. وببنادقهم البسيطة أزعجوا الاحتلال في منطقة الفرات ، وقطعوا الامدادات عنه .. بل انهم استطاعوا في إحدى المرات اسقاط إحدى الطائرات . شن جيش الاحتلال الانجليزي أشرس الحملات على " زوبع " وشيخها العظيم بكل ما يمتلكه من أسلحة .. وقامت سلطات الاحتلال ( ومن يعاونهم ) بأصدار حكم الاعدام على الشيخ وولديه ، وتم قطع المياه عن ديارهم ومزارعهم ... وتحت هذا الحصار ، نزح الشيخ وقبيلته عن ديارهم . مرّت السنوات ، وكبر الشيخ .. وأشتد عليه المرض . وفي إحدى الزيارات إلى الطبيب المعالج .. خانه سائقه الأرمني ، وبدلا من الذهاب الى عيادة الطبيب توجه به الى احد المراكز ، وسلمه الانجليز الذين وعدوا بمكافآت ضخمة لمن يأتي بأي معلومة عنه . وفي محاكمة سريعة ، وغير عادلة ، تم تحويل حكم الاعدام ، الى السجن المؤبد .. وبعد أيام ـ في السجن ـ أشتد على الشيخ الثمانيني المرض ( ويُقال انه سُمّم في سجنه ) مات الشيخ الجليل ، والمجاهد العظيم " ضاري المحمود " . يقول الرواة : أن ذاكرة بغداد ، لا تذكر جنازة أعظم وأكثر مهابة من جنازة " ضاري " .. عبرت من " كرخ " بغداد إلى " رصافتها " .. ولولا النهر لحضنت إحداهما الاخرى ! دارت الشوارع أكثر من أربع ساعات على الاقدام .. كان فيها بكاء ، وحزن ، وشموخ ، و " هوسات " ، وأهازيج : " هز لندن ضاري وبكاها .. منصورة يا ثورة ضاري .. منصورة يا ثورة ضاري " كانت النساء تبكي .. وتزغرد ! كانت بغداد تبرق بأضواء العيون ودموعها ، وترعد بالاهازيج . أصر الصغار من طلاب المدارس على المشاركة ، وأمام اصرارهم تنازل الكبار عن شرف دفن الشيخ ، وقام بهذا العمل تلاميذ المدارس . كان له دمٌ حرٌ ، عربي ٌ ، شريف ، لا يقبل الذل دمٌ .. لا تعرفه عروق الذين يسكنون " المنطقة الخضراء " دمٌ .. ما يزال يجري في عروق " حارث " . (2) حكاية ما تزال تـُكتب : " حارث سليمان الضاري " . |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تبي تعرف حكايتنا وتأخذ عبرة بدنياك | عينك سماي | عطر الكلمات | 6 | 09-28-2010 09:54 PM |