سماحة المفتى يستنكر بيع النساء في الأسواق

اكرر شكري وتقديري لكل من شاركنا هذا النقاش ، واتجاوز عن ترهات اعتبرها تصيب عقول البعض قبل ردودهم ، كنت قد اعددت إحصائية تصويت من واقع الردود ، المؤيدة والمعارضة ، ولكن بعض التصرفات أفسدت الأمر ..

نعود لـ نقاشنا ..
ليس فينا من ينكر ان هناك نساء في أمس الحاجة للعمل الذي يحفظ عليهن العفاف ويقيهن شر السؤال عداك عن أسباب أخرى لا تقل أهمية ..
سوف أحاول ان أناقش الموضوع من معظم جوانبه ما أمكنني ذلك ..

أعزائي ..
إذا سلمنا بحق المرأة في العمل من باب الاحتياج ، فإننا بذلك نحشر هذا الحق في خانة "المحظورات التي تبيحها الضرورات" ، إذاً يقع تحت مفهوم الضرورات التي تبيح المحظور "حق العمل" ..
لا تخفاكم .. حالات الطلاق المتصاعدة ، وحالات التأخر في سن الزواج ، وحالات الترمل ، و حالات اختفاء الأزواج ..
هذه الأوضاع القاهرة غالباً ما تفرز نساء منكوبات ماديا مطالبات بإعالة أنفسهن وأبنائهن مما يجعلهن بالضرورة في حاجة ملحة لعمل يُبقي على حصون العفاف ويكفيهن ذلّ السؤال ..
دخل الزوج الذي يتشتت في مطلع الشهر ويتلاشى محترقاً بسعير الأسعار الموقدة ، يحتم بالضرورة اقتحام المرأة مواقع العمل لتساهم في سد هوة العجز المادي الأسري ،
ولـ تسقط عن عنق زوجها الورطان بعضاً من أنياب الديون التي تمص دمه عند ظهور الهلال من الشريان إلى الشريان ..
في آخر اصدار لوزارة الاقتصاد و التخطيط عن " منجزات خطة التنمية حقائق وأرقام " كان عدد الخريجات للمرحلة الثانوية وعدد خريجات مؤسسات التعليم العالي ..
تفوق بكثير اعداد الخريجين الذكور ، وفي خطط التنمية التالية تنبأت بموجة نسائية عددية كاسحة ..
وخلاصة هذه الإحصائيات أن هناك مؤشرات عامة على تفوق أعداد البنات على أعداد البنين خصوصاً في مراحل التعليم الثانوي والعالي ، وهذا التفوق لصالح البنات يحتم بالضرورة ،
أن نحفر الأرض من الماء إلى الماء لنوسع قاعدة فرص العمل للنساء ..
حق المجتمع في عمل المرأة يُفترض أن يكون أيضاً من الضروريات التي تبيح عمل المرأة ، فلقد استثمر المجتمع ثلث ميزانيته في توفير التعليم للمرأة ولغيرها بجميع مراحله ومختلف أنواعه ،
وينتظر منها في المقابل تماما كما ينتظر من غيرها ، عائدا يفوق التكلفة ولا يمكن قياس هذا العائد إلا بمدى مساهمتها في تحقيق التنمية الشاملة ..
الآن .. لو غضضنا الطرف عن مجموعة الضرورات السابقة التي تبيح العمل و تتطلب تنويع مجالاته لمقابلة هذه الضرورات ، سيبقى هناك حقا أصيلا يغنينا عن التذرع بتلك الضرورات ،
ويكفينا الحاجة إلى استجداء ضمير المجتمع وعقله لتصفية بعضاً من أعرافه المنتهية الصلاحية والتي لا يمكنها بأي حال أن تصمد به على أرض القرن الواحد والعشرين ..
هذا الحق الأصيل هو ليس حق العمل فحسب بل وحق الإنسان في اختياره ، ذكرا كان أم أنثى ، ومعنى هذا أن للإنسان في مجال نشاطه الخاص ،
الحق كل الحق في أن يختار ما يلائمه من عمل يرضاه ويلائم ميوله ويرضي طموحه بما يرضي الله ..
إنه حق لا يقل شأنه عن حق الإنسان في الحياة ، إنه حق مستمد من قانون الطبيعة الدائم والثابت والمطابق للعدالة ، وقد قرر ديننا العادل أن للإنسان حقوقاً طبيعية مرتبطة بشخصه وتكوينه البشري ،
وهذه الحقوق ليست ممنوحة من أحد ولا مكتسبة ..
هي حقوق منحها الله للإنسان باعتباره خليفته في أرضه وقد نادى القرآن بحقوق الإنسان في العمل قبل الدساتير الأمريكية وقبل منظمات الحقوق العالمية ..
إن العمل المنتج حاجة من الحاجات الأساسية للإنسان قبل أن يكون ضرورة تحتمها الأوضاع الاقتصادية ..
إن العمل يُرضي في الإنسان نزعة طبيعية ويوفر له مورد الرزق ويؤكد وضعه في المجتمع كفرد مفيد ، وبالتالي يرفع منسوب شعوره بـ الانتماء إلى وطنه ..
وإذا كان الإنسان هو صانع التنمية وهدفها في نفس الوقت ، فإن الأولـوية في أي خطة للتنمية تكمن في "توفير العمل المنتج لكل قادر عليه" ،
ولعل ما يدعو للتأمل والتألم ما حدث قبل فترة من منع سيدة من العمل في مركز بيع نظارات تم توظيفها بائعة عدسات ونظارات بناء على توصية إحدى الجمعيات الخيرية ،
لقد تم توظيف المرأة للتعامل مع السيدات اللاتي يرتدن المركز وقد أعزى الخبر سبب منع السيدة من العمل "لسد الذرائع" !!
تُـمنع المرأة من ان تخدم امرأة في ارتداء العدسات اللاصقة والتي تستدعي التصاق رأس البائع برأس المشتري لتثبيتها ..
تُـمنع المرأة من أن تخدم المرأة في اختيار نظارتها التي تتطلب غالبا استشارة البائع في تحديد ما يتناسب مع لون الشعر والبشرة والعينين..!
يُغض الطرف عن كل ذلك التجاوز في سبيل أن لا تعمل المرأة في محل عام يرده مختلف الشرائح من الرجال والنساء !!!
كان الحد الأدنى لتوقعات التطور لسوق العمل السعودي في ظل القرارات الرشيدة بأن تتحول عمالة المحلات التي توفر احتياجات الأطفال والنساء إلى عمالة نسائية وطنية كاملة ..
وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك شركات تملك مراكز تنتشر في أنحاء المملكة تشتهر بتوفير مختلف مستحضرات التجميل العالمية ،
توظف كل شركة منفردة عشرات الآلاف من الرجال المستقدمين الذين يقفون مع المرأة يقترحون عليها ما يتناسب مع طبيعة جسدها من مركبات العطور ،
ويعرضون عليها ما استجد في تطوير الماسكارا وكحل العيون وينصحونها بألوان أرواج الشفاة ومرطبات البشرة والرقبة والجفون ..!!
اليس من الأقرب للتقوى والمنطق ومن باب سد الذرائع أيضا أن تشغل هذه الوظائف طوابير النساء السعوديات العاطلات بدلا من العمالة المذكّرة المستوردة ..؟
أما إذا مازلنا نصر على أن حق العمل للمرأة وحرية اختياره من المحظورات التي تبيحها الضرورات فإننا سنعيش أجيالا بعد أجيال نستورد الرجال ليبيعوا لنسائنا ملابسهن الداخلية ..!!

==========
همسة .. للأخ المشرف أو المراقب الذي قام بتعديل العنوان ..
تعديل عنوان الموضوع دون الرجوع لمن وضعه تصرف غير مقبول ..
يفترض ان تراسلني ، تأخذ رأيي ، تناقشني !!
الاحترام يا عزيزي أساس قاعدي لكل بناء عريق ..
وتاج على رؤوس المحترمين إلى أن تفنى الأرض ومن عليها ..
لا انتظر تبرير لما حدث ، فقد انتهى الامر بالنسبة لي ..
ألتمس لك العذر واتمنى فقط ان تُسبق قراراتنا بحسن تصرف و تفكير ..

تحيااااااتي للجميع