في رحـاب البـيت العـــتيق ..

يوم الجمعة هو يوم استثنائي في مكة المكرمة ... منذ الصباح الباكر يتوافد المصلون والطائفون .. ويزدحم المسجد الحرام بهم ..تضرعا لله سبحانه وتعالى وانتظارا للصلاة والخطبتين ..

الكعبة المشرفة.. ذلك البناء الهائل المهيب للمسجد الحرام .. بقيت ساعات مأخوذا بالمشاهد التاريخية والفن الإسلامي .. كما بقيت ساعات مأخوذا بالعمق الروحانيي الذي اجتاحتني إثر الوصول إلى الحرم ورؤية الكعبة الشريفة وهي تختال في مغناطيسها الروحي العالمي .. كما هالني كثرة الدامعين على جدران الكعبة ..

بحثت عن مكان دار الندوة .. ودار الارقم .. تذكرت إنساننا الأعظم .. العربي العظيم عليه الصلاة والسلام .. كما تذكرت قادة الإسلام وبناة العروبة العظام .. أبو بكر وعمر و وعثمان وعلي .. شعرت بالفخر وأنا أرى إيرانيين أعلم أن قلوبهم تستنير بعلي والحسين وفاطمة أبناء بلادي .. تأملت الطواف والطائفين .. شعرت بحنان جارف تجاه الحجر الاسود و تجاه أحجار الكعبه بل تجاه رخام الحرم وباب الكعبة ونقوش جدران الحرم ..
استرحت لتواصلي المادي المباشر مع المقدس .. شعرت أنني أتماس مباشرة مع الوجود الأول مع ( واجب الوجود ذاته) ..


لفت نظري الشعور بالمواطنة والاستعلاء الذي يغمر المواطنين السعوديين .. شعور واثق بامتلاك الحرم والكعبة والدين الحقيقي .. بالعلاقة الخاصة مع الله .. بشعور المعلم والأستاذ أمام تلاميذ صغار جهال .. نظرة مليئة بالتهوين وعدم الثقه بالغير ..


وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أذكر منظرا مضحكا لأحد رجال الحسبة داخل الحرم الذين يأمرون نساء العالم بالتحجب حجابا نجديا .. فهو عندما وجد أن اللغة لاتسعفه في الكلام مع معتمرة من بلاد ليست العربية لغتها .. قام بتغطية وجهه بشماغه مثل نساء نجد وتكرار ذلك مع حركات مضحكة بلغة الإشارة يظهر فيها وجهه مرة وعينيه وحدها مرة.. ثم يغطي وجهه كله .. يريد أن يقول لها هذا هو الحجاب الشرعي ..


كما تسآئلت كثيرا .. عن وحدتنا الإسلاميّة .. وعن منطقية الفرقة الناجية ..!! عندما رأيت المسلمين يطفوفون بجوار بعضهم وهم قادمون من كل حدبٍ وصوب .. تذكرتك عظمة الخالق عندما قال : (( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ))..

رأيت الشيعة وهم يطوفون بيننا بعمائمهم .. وتسائلت عن مدى امتثالنا لفتوى (ابن جبرين) التي تحرّم مناصرتهم والدعاء لهم .. مع علمي التام بعمالة حسن نصر لإيران .. وحقد الفرس الدفين على العرب وعلى بلادنا بشكل خاص ..

ولكنني وقفت كثيرا عند قوله بعدم جواز مناصرتهم .. مع أننا نواجه عدوا مشتركا يتمنى لو دمّرنا جميعا .. سنتنا وشيعتنا ... عربنا وفرسنا ..

لا يمكن أن تقال هذه الفتوى بحقهم إلا إذا كانوا كفارا ..!!

إذن لماذا هم في الحرم .. من سمح لهم بالدخول ..!!

أم هم مبتدعة .. إذن فهم مسلمون ... فكيف يُطلب منا بفتوى شرعية عدم مناصرة مسلم على يهودي ..!!

تسآئلت بعمق عن خلفية هذه الفتوى .. هل لها أصل شرعي .. أم أنها جاءت لدعم موقف سياسي .. أم أنها انطلقت من طائفية مذهبية .. أم أن الأمر لا يعدو كونه ممارسة هواية الإفتاء ..!!