الحمدلله رب العالمين الرحمن الرحيم القائل في كتابه المبين ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) والصلاة والسلام على من بعثه الله رحمة للعالمين فما من خير إلا ودلنا عليه وما من شر إلا وحذرنا منه صلى الله عليه وعلى آله وصبحه أجمعين ...
أحبتي في هذا الصرح المجيد أيها الضيوف الكرام الزائرين إن في تقلب الدهر عبرة لمعتبر وفي حوادثه زجر لمزدجر والسعيد من وعظ بغيرة عبر منتدى القصص سوف أسرد لكم أحداث مريرة وحوادث ومآسي كبيرة وكوارث واقعية ترددت كثيراً في نشرها لما فيها من أسطر وكلمات تدمع العيون لها وتحزن القلوب عليها وقررت أخيراً أن أضعها أمام نواظركم وهي صاردة من مديرية الدفاع المدني مشكورة حيث وزعت على عدد من القطاعات والدوائر الحكومية فجزاهم الله خير الجزاء على ذلك ... قال تعالى ...( فأقصص القصص لعلهم يتفكرون ) إنها سلسلة تكشف مرارة ما فات وتسكب منها العبرات سلسلة أخرجت الزفرات وتتابعت على أثرها التساؤلات .. غريق وحريق هل من مصباح يضيئ الطريق ؟ إلى متى هذا الطفل بدمعة شريق ؟ قلي بربك متى نفيق ؟ من هو الجاني ومن هو المقتول ؟ أجيبوا يا أولي العقول ؟ من هو المعاتب ومن هو المسؤول ؟ إلى متى هذا التفريط يطول ؟ أين أنت أيها الأب الشفيق ؟ يامن هو بالرحمة خليق !! وبفلذات كبده رفيق لماذا هذه العقول هازلة لا تعرف للجد طريق ؟ أننتظر حتى نستيقط على مأساة من مآسي الحريق !! إنها قصص أغرب من الخيال تخاطبنا جميعاً بلسان الحال نسوقها تنبيه للغافل وتعليم للجاهل وشحذاَ لهمة المتساهل والله أسئل وهو خير مسؤول أن يجعل فيها الخير والسداد وأن ينفع بها البلاد والعباد قال تعالى ( يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضراً وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيد ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ) ..
حادث وعبرة .... (1) ....
.... صمود وإنهيار ....
أسرة صغيرة مكونة من أب وأم وطفلين الكبير لم يتجاوز الرابعة من عمره يسكنون في منزل جيد الحال جو أسري مغعم بالحب والمودة ويتوج ذلك الجو بهاتين الريحانتين داخل المنزل (الطفلين الصغيرين) يبتهج قلب الأب ويطير فرحاً مع كل كلمة يحاول نطقها الأبن الصغير وكم يفتخر عندما يرى الأبن الكبير يتقدم به العمر ليكون على مشارف المدرسة تسارع مرور الأيام إلى أن جاء ذلك اليوم الذي تبدلت فيه الأحوال وحدث ما لم يكن بالبال حرق بالدور الثاني وبالتحديد في غرفة الطفلين وهما نائمان فيها وما هي إلا دقائق معدودة حتى تحولت تلك الغرفة إلى ظلام دامس من السحب الدخانية المتراكمة والقاتلة بغازاتها السامة وفي هذة اللحظات تصل فرق الدفاع المدني لإخماد النار التي ظهرت ألسنتها من باب الغرفة معلنة أنها أكلت ما ورائها وبعد مواجهة عنيفة معها تم بحمدلله إطفائها بدأت أيضاً عمليات سحب الدخان من ذلك المنزل وكل شيئ فيه يشعرك بالحزن والأسى وقد فصل عنه التيار الكهربائي وحيث ذهبت الفرقة إلى غرفة الطفلين حيث ظهرت الفاجعة الكبيرة مأساة لا تكاد تصمد أمامها الجبال الرواسي لقد تحولت الوجوه البريئة والمشرقة إلى قطع مظلمة من السواد تفحم كامل لجسديهما وقد ألتصق كل منهما بفراشه وكأنه يعلن اللقاء الأخير الذي ليس بعده في الدنيا إجتماع يقول الضابط الذي باشر الحادث عندما رأيت ذلك المنظر الرهيب لم أدرى كيف أتصرف ولا ماذا أفعل !! تحجر الدمع في عيني ووقفت الكلمات في حلقي والأدهى والأمر من هذا المنظر الذي أمامي أن والدهما يكاد يطير صوابه خارج المنزل ينتظر الإجابة عن حياة ولديه لازال الامل يتردد في صدره أن يكونا على قيد الحياة ليضمهما ويروي شوقه منهما لابد من طريقة لإخراجهما دون علمه فحالته لا تسمح بالتفاهم معه يقول الضابط خرجت من المنزل فأستقبلني الأب المنكوب بسيل من الأسئلة وقد أختلط صوته بأنفاسه أين أبنائي أريد أن أراهما هل هما على قيد الحياة لماذا لا تخرجوهما ؟ ثم قال أخبروني أنا مؤمن بالله أنا أعلم أن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيئ عنده بقدر دعوني أدخل أرجوكم دعوني أنظر إلى ولدي لماذا تحولون بيني وبينهما يقول الضابط عزمت أن أخبره فبدأت أمهد لذلك وأتحدث عن قصر الحياة وعن الإبتلاء والصبر وكنت أظن أنه سينفجر من البكاء متى علم بوفاة ولديه فعجبت من ثباته وقوة تحملة حيث هدأت أنفاسه المتسارعة وسمعته يسترجع ولكنه فاجأني بقوله .. بقي لي طلب عندك واحد أرجوك أن تلبيه .. أريد أن ألقى نظرة أخيره على أبني أريد أن أودعهما قبل الفراق يقول الضابط حاولت التهرب فأنا وأن كنت أرى ثبات الرجل ولكنه لم يرى ما رأيت وليس الخبر كالمعاينه لم تجد محاولاتي بصرفه عن ذلك بل زادت ثقتي فيه وأستطيع أن أقول أني لم أرى في حياتي مثل ثباته دخلنا إلى غرفة الطفلين فتقدمني وهو يحمد الله وأقترب منهما وجثا بينهما على ركبتيه فقبل الكبير منهما على جبينه قبلة طويلة شعرت أنه أسترجع خلالها أربع سنوات من الحنان ثم رفع رأسه وتحول إلى الصغير فقبله أيضاً على جبينه ثم قام بثبات لم أكد أصدقه فلم تنزل دمعة واحدة من عينيه ومضى أمامي خارج الغرفة وفي منتصف الصالة العلوية وأنا أمشي خلفه فاجأني بجلوس غير متوقع ورأيته أخذ شيئاً من الأرض لا أدري ما هو وبدأ ينتفض أمامي وهو جالس وينتفض وينتفض والدموع تسيل من عينيه كماء منهمر ما الذي حدث نظرت الذي في يده وإذا هي رضاعة الطفل الصغير التي فجرت ما تحجر من الدموع لم أتمالك نفسي ولم أدري إلا ودموعي تخالط دموعه.
إنتهت الحادثة الأولى والأسطر الأخيرة منها كانت عيناي أنا تذرف بالدموع !!!!!