الإهداءات | |
|
التسجيل | التعليمـــات | التقويم | مشاركات اليوم | البحث |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||||||
|
||||||||
أبو ذرالغفاري صوت العدالة
كانت قبيلة غفّار من قبائل العرب الوثنية ، تسكن في المناطق القريبة من المدينة المنوّرة ( يثرب ) ، حيث تمرّ قوافل مكّة التجارية .
و أفراد قبيلة غفار يعبدون صنماً اسمه " مناة " و يعتقدون أن " مناة " بيده القضاء و القدر و الحظ ، و لذلك فإنّ أفراد القبيلة يذهبون إليه و يقدّمون له القرابين . و ذات يوم توجّه شاب من قبيلة " غفار " إلى مناة و كان فقيراً فقدّم إلى مناة " اللبن " ، و راح ينظر إليه و لكن مناة لم يحرّك ساكناً و لم يشرب اللبن فظلّ ينتظر . و في الأثناء مرّ ثعلب لم ينتبه إلى وجود " جندب " فشرب اللبن . و لم يكتف بذلك بل رفع قدمه و بال في اُذن " مناة " ، و ظلّ مناة جامداً . ضحك الشابّ ساخراً من " مناة " و من نفسه لأنّه يعبد صخرة صمّاء لا تفهم و لا تعي شيئاً . و في طريق عودته الى القبيلة تذكّر " جندب " كلمات سمعها ذات يوم و هو يمشي في سوق " عكاظ " في مدينة مكّة . . تذكّر كلمات " قيس بن ساعدة " و هو يهتف بها في السوق : أيُّها الناس اسمعوا و عوا إنّ من عاش مات و من مات فات و كلّ ماهو آتٍ آت ليل داج و سماء ذات ابراج . مالي أرى الناس يذهبون فلا يرجعون ؟! أرضوا بالمقام فأقاموا ؟ أم تركوا هناك فناموا ؟! نظر " جندب " إلى السماء الزرقاء الصافية ، و إلى الصحراء الممتدة بتلالها و رمالها ، و تذكّر ما فعله الثعلب ب " مناة " ، فآمن بأنّ لهذا العالم إلهاً كبيراً أكبر من مناة و من هبل و من اللات و من كلّ الأوثان . و منذ ذلك الوقت و جندب بن جنادة يتوجّه بقلبه إلى السماء و الأرض . طلوع الشمس كان أهل الكتاب يبشّرون بظهور نبي جديد أطلّ زمانه ، و كانت القبائل العربية تتناقل هذه الأخبار . و كان الذين يسخرون من الأصنام و الأوثان يتشوّقون لرؤية النبي الجديد . و ذات يوم مرّ رجل قادم من مكّة فقال لجندب : ـ ان رجلاً في مكة يقول : لا إله إلاّ الله و يدّعى انّه نبي . و سال جندب : ـ من أي قبيلة هو ؟ قال الرجل : ـ من قريش . فقال جندب : ـ من أي قريش ؟ أجاب الرجل : ـ من نبي هاشم . سأل جندب : ـ و ماذا فعلت قريش ؟ قال الرجل : ـ كذّبته و قالت انّه ساحر و مجنون . انصرف الرجل ، و ظلّ " جندب " يفكّر و يفكّر . أنيس فكّر " جندب " أن يرسل أخاه أنيساً إلى مكّة ليأتيه بأخبار النبيّ الجديد ، و انطلق أنيس يقطع مئات الأميال الى مكّة ، و سرعان ما عاد ليخبر أخاه : ـ رأيت رجلاً يأمر بالخير و ينهى عن الشرور و يدعو إلى عبادة الله وحده . و رأيته يصلّي عند الكعبة و إلى جانبه فتى اسمه علي بن أبي طالب و هو ابن عمّه ، و خلفهما امرأة و هي زوجته خديجة . و سأل جندب أخاه : ـ و ماذا رأيت بعد ؟ أجاب أنيس : ـ هذا ما رأيته و لم أجرؤ على الاقتراب منه خوفاً من زعماء قريش . إلى مكّة لم يقنع جندب بما سمعه ، فانطلق نفسه إلى مكّة ليتعرّف على النبيّ . مالت الشمس إلى المغيب عندما وصل الشاب الغفاري مكّة فطاف حول الكعبة ، ثم جلس في زاوية من الحرم ليستريح و يفكّر في طريقة يلتقي فيها النبي . حلّ الظلام و أقفرت الكعبة من الناس ، و في الأثناء دخل فتىً ساحة المسجد الحرام و راح يطوف حول الكعبة بخشوع ، و انتبه الفتى إلى وجود الرجل الغريب فتقدّم إليه و سأله بأدب : ـ كأنّك غريب ؟ أجاب الغفاري : نعم . قال الفتى : ـ انهض معي إلى المنزل . و شكر جندب في نفسه الفتى و هو يتبعه إلى المنزل صامتاً . و في الصباح ودّع جندب الفتى و انطلق إلى بئر زمزم لعلّه يتعرّف على النبيّ . و مرّت الساعات و جندب يترقّب و ينتظر إلى أن حلّ الظلام . اللقاء مرّةً أُخرى جاء الفتى و طاف حول الكعبة كعادته و رأى الرجل الغريب في مكانه فقال له : ـ أما آن للغريب أن يعرف منزله ؟ أجاب جندب : ـ لا . قال الفتى : ـ انطلق معي الى المنزل . نهض " جندب " مع الفتى إلى منزله ، كان صامتاً أيضاً . قال الفتى : ـ أراك تفكّر ، فما هي حاجتك ؟ قال جندب بحذر : ـ إذا كتمت عليّ أخبرتك . قال الفتى : ـ أكتم عليك إن شاء الله . و ارتاح جندب إلى ذكر الله فقال بصوت خافت : ـ سمعت بظهور نبي في مكة فأردت أن ألقاه . قال الفتى و هو يبتسم : ـ لقد أرشدك الله . . سأدلّك على منزله فاتبعني من بعيد . فإن رأيتُ أحداً أخافه عليك ، وقفت كأنّي أصلحُ نعلي ، فلا تقف و امض في طريقك . و مضى الفتى إلى منزل سيّدنا محمّد و جندب يتبعه إلى أن وصلا . الإيمان و يدخل جندب منزل النبي و يلتقي سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) ، فاذا هو أمام إنسان يجسّد كلّ مكارم الأخلاق . سأل سيّدُنا محمّد ضيفه : ـ ممّن الرجل ؟ أجاب جندب : ـ من قبيلة غفار . و سأل النبيّ : ـ ما هي حاجتك ؟ قال جندب : ـ أعرض عليّ الإسلام . قال النبيّ : ـ الإسلام أن تشهد أن لا إله إلاّ الله و أني رسول الله . و بعد ؟ ـ أن تنتهي عن الفحشاء و المنكر و تسلك مكارم الأخلاق ، و تترك عبادة الأوثان إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، و ان لا تسرف و لا تظلم . . و امتلأ الشابّ إيماناً بالله و رسوله ، فقال : ـ أشهد أن لا إله إلاّ الله و أنّك رسول الله . . رضيت بالله ربّاً و بك نبيّاً . و في تلك اللحظة ولدت شخصية اُخرى هي شخصية الصحابي الكبير أبي ذر الغفاري جُندب بن جنادة . نهض أبو ذر و هتف بحماس : ـ و الذي بعثك لأصرخنّ بها . و قبل أن يغادر المنزل سأل أبو ذر سيّدنا محمّداً : ـ من هذا الفتى الذي دلّني عليك . أجاب النبيّ باعتزاز : ـ هو ابن عمّي عليّ . و أوصاه سيّدنا محمّد قائلاً : ـ يا أباذر اكتم هذا الأمر و ارجع إلى بلادك . و أدرك أبو ذر أن رسول الله يخشى عليه انتقام قريش فقال : ـ و الذي بعثك بالحقّ نبيّاً لأصرخن بها بينهم و لتفعل قريش ما تريد . و في الصباح انطلق أبو ذر إلى الكعبة بيت الله الحرام ، كانت الأصنام جامدة في أماكنها لا تتحرّك و أبو ذر يشقّ طريقه ، و جبابرة قريش جالسون يفكّرون بأمر الدين الجديد . و في تلك اللحظات دوّت صرخة جريئة : ـ يا معشر قريش . . إني أشهد أن لا إله إلاّ الله و أشهد أنّ محمداّ رسول الله . و اهتزت الأوثان و قلوب المشركين . و صاح قرشي : ـ من هذا الذي يسبّ آلهتنا . و ركضوا نحوه و انهالوا عليه ضرباً حتى فقد وعيه و الدماء تنزف منه . و تدخّل العباس عمّ سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) و أنقذه قائلاً : ـ ويلكم يا معشر قريش تقتلون رجلاً من " غفار " ! و طريق قوافلكم على قبيلته . و أفاق أبو ذر و ذهب إلى " زمزم " فشرب من مائها و غسل من جسمه الدماء . و مرّة اُخرى أراد أبو ذر أن يتحدّى قريش بإيمانه ، فانطلق نحو الكعبة و دوّت صرخته : ـ أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمّداً رسول الله . و هجموا عليه مثل الذئاب و راحوا يكيلون له الضربات . و سقط على الأرض فاقداً وعيه ، و أنقذه العباس أيضاً . العودة ذهب أبو ذر إلى سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) . و تألم النبي لمنظره فقال له بإشفاق : ـ ارجع إلى قومك و ادُعهم إلى الإسلام . قال أبو ذر : ـ سأذهب يا رسول الله إلى قومي و سأدعوهم إلى الإسلام و لن أنسى ما فعلته قريش بي . و عاد أبو ذر إلى قبيلته و راح يدعوهم إلى نور الإسلام . فأسلم أخوه أنيس و أسلمت اُمّه و أسلمت نصف قبيلته . أما النصف الآخر فقالوا : حتى يأتي النبيّ . الهجرة و تمرّ الأيام و المشهور و الأعوام . . و يهاجر سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) من مكّة إلى المدينة ، و تصل الأخبار إلى أبي ذر . فخرج مع قبيلته إلى استقباله في الطريق . و لاح سيّدنا محمّد من بعيد على ناقته " القصواء " فأسرع أبو ذر إليه و أخذ بزمام الناقة و قال مبشّراً : ـ يا رسول الله أسلم أخي و أسلمت اُمي و أسلم الكثيرون من قبيلتي . و فرح سيّدنا محمّد و هو يشاهد جموع المستقبلين . قال احدهم : ـ يا رسول الله إن أباذر علّمنا ما علمته فأسلمنا و شهدنا انّك رسول الله . و أسلم الباقون من قبيلة " غفار " ثم جاءت قبيلة اُخرى مجاورة اسمها " أسلم " فأسلمت و أعلنت أن لا إله إلاّ الله و أن محمّداً رسول الله . فقال سيّدنا محمّد متأثراً : ـ " غفار " غفر الله لها ، و " أسلم " سالمها الله . و مضى رسول الله إلى مدينة " يثرب " و رافقه أبو ذر مسافة من الطريق . و عندما عاد أبو ذر إلى قبيلته سأله بعضهم : ـ هل حدّثك رسول الله بشيء ؟ فقال أبو ذر : ـ نعم أمرني بسبع : أمرني بحبّ المساكين و الدنو منهم . و أمرني أن أنظر من هو دوني و لا أنظر من هو فوقي . و أمرني أن أصل الرحم و إن أدبرت . و أمرني أن لا أسأل أحداً شيئاً . وأمرني أن أقول الحق و لو كان مرّاً . و أمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم . و أمرني أن أكثر من قول " لا حول و لا قوّة إلاّ بالله العليّ العظيم " . فانّهنّ كنز تحت العرش . و ظلّ أبو ذر في قبيلته يرشدهم و يعلّمهم ، و كان مثال المسلم المؤمن . أوصني يا رسول الله ذات يوم دخل أبو ذر المسجد فوجد سيّدنا محمّداً وحده ، فجلس قربه . قال سيّدنا محمّد : ـ يا أبا ذر إن للمسجد تحية و هي ركعتان . نهض أبو ذر و صلّى ركعتين ثم عاد فجلس قرب النبيّ و قال : ـ يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ ـ إيمان بالله عز وجل و جهاد في سبيل الله . ـ أي المؤمنين أكمل إيماناً ؟ ـ أحسنهم خلقاً . ـ يا رسول الله فأي المؤمنين أسلم ؟ ـ من سلم الناس من لسانه و يده . ـ يا رسول الله فأي الهجرة أفضل ؟ ـ هجر السيئات . ـ يا رسول الله أي الصدقة أفضل ؟ ـ جهد من مقل يسير إلى فقير . ـ يا رسول الله فأي آية مما أنزل الله أعظم ؟ ـ آية الكرسي . . يا أباذر ما السماوات السبع مع الكرسي إلاّ كحلقة ملقاة بأرض فلاة . ـ يا رسول الله كم الأنبياء ؟ ـ مائة ألف و أربعة و عشرون ألفاً . . يا أبا ذر أربعة سريانيون : آدم و شيت و خنوخ ـ إدريس ـ و هو أول من خط بالقلم و نوح ، و أربعة من العرب : هود و صالح و شعيب و نبيّك . ـ يا رسول الله كم كتاب لله تعالى ؟ ـ مائة كتاب و أربعة ، أُنزل على شيت خمسون صحيفة ، وأُنزل على خنوخ ( إدريس ) ثلاثون صحيفة ، و أُنزل على إبراهيم عشر صحائف ، و أُنزل على موسى قبل التوراة عشر صحائف ، و أُنزل التوراة و الإنجيل و الزبور و الفرقان ( القرآن ) . ـ يا رسول الله فما كانت صحف إبراهيم ( عليه السَّلام ) ؟ ـ أمثالاً كلّها : " أيّها الملك المسلّط المبتلى المغرور فإنني لم أبعثك لتجمع الدّنيا بعضها إلى بعض و لكن لترد عني دعوة المظلوم فاني لا أردها و لو كانت من كافر . . ـ يا رسول الله فما كانت صحف موسى ( عليه السَّلام ) ؟ ـ كانت عبراً كلّها : عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح ، عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك ، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب ، عجبت لمن رأى الدّنيا و تقلّبها بأهلها ثم اطمأن إليها ، عجبت لمن أيقن بالحساب غداً ثم لا يعمل . بكى أبو ذر خشوعاً و قال : ـ يا رسول الله أوصني ؟ ـ أوصيك بتقوى الله فانّه رأس الأمر كلّه . ـ يا رسول الله زدني . ـ عليك بتلاوة القرآن فهو نور لك في الأرض و ذكر لك في السماء . ـ يا رسول الله زدني . ـ حبّ المساكين و جالسهم . في الطريق إلى تبوك مضت سنوات و سنوات ، أصبح المسلمون اُمّة واحدة و أصبح لهم دولة ، و انتصروا على أعدائهم من المشركين و اليهود . و دخلت القبائل العربيّة دين الله أفواجاً . و لمّا كان سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) رسول الله إلى الناس جميعاً ، فقد أراد للإسلام أن يعبر حدود جزيرة العرب إلى العالم كلّه . أعلن سيّدنا محمّد ( صلى الله عليه و آله ) الجهاد و أمر المسلمين بالاستعداد للتوجّه نحو " تبوك " في شمال الجزيرة العربية . و فوجئ المسلمون بإعلان النبي و تحدّيه لأكبر دولة في العالم آنذاك . و قال المنافقون : ـ سوف يقهرهم " هرقل " بجيوشه الجرّارة . و كانوا يجتمعون في بيت " سويلم " اليهودي و يخوّفون المسلمين من التوجّه إلى تبوك . و لمّا غادر النبي المدينة و تخلّف المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ، قرّر سيّدنا محمّد أن يستخلف على المدينة ابن عمّه بطل الإسلام علي بن أبي طالب ، حتى يحبط مؤامرات المنافقين . و شعر المنافقون بالضيق من " علي " فأشاعوا بين الناس : إنّ الرسول خلّفه استثقالاً له . و لكي تتبيّن الحقيقة للناس أخذ علي سلاحه و لحق بالنبي خارج المدينة في منطقة تدعى " الجرف " و أخبره بما يقوله المنافقون : ـ يا نبيّ الله زعم المنافقون انّك إنّما خلَّفتني لأنّك استثقلتني . ابتسم سيّدنا محمّد و قال : ـ كذب المنافقون و لكنّي خلّفتك لتحفظ المدينة و تحميها من مكرهم . أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ انّه لا نبيّ بعدي ؟ أجاب علي : نعم رضيت يا رسول الله . و عاد علي إلى المدينة مسروراً بكلمات الرسول ( صلى الله عليه وآله ) . كن أباذر مضى النبيّ ( صلى الله عليه و آله ) يقود الجيش الإسلامي عبر الصحراء ، و كان بعض المسلمين من ضعفاء الإيمان يتخلّفون في الطريق و يعودون إلى المدينة فيخبر بعضهم سيّدنا محمّداً قائلين : تخلّف فلان . فكان رسول الله يقول : ـ دعوه فإن يَكُ فيه خير فسيلحقه الله بكم . هناك تكمله..;) ;) |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
كيف تحقق العدالة بين ابناءك | حكيم المنتدى | حكم وامثال والغاز | 3 | 07-16-2010 10:08 AM |