الإهداءات


 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
#1  
قديم 11-30-2005, 08:38 PM
مركز تحميل الصور
رأس الحربة غير متصل
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 3443
 تاريخ التسجيل : Nov 2005
 فترة الأقامة : 6962 يوم
 أخر زيارة : 03-22-2007 (01:18 AM)
 المشاركات : 61 [ + ]
 التقييم : 1
 معدل التقييم : رأس الحربة is an unknown quantity at this point
بيانات اضافيه [ + ]
قصة أبي مع شجرة (النيم)



كان لابي شجرة صغيرة، لا تورق أو تثمر، مع ذلك كان يوليها جل رعايته واهتمامه، فتراه قائماً على شذبها، وريها، فضلاً عن انه لا يحلو له الاستظلال بغير أسفل جذعها!
ربيع 1409، عندما كنت غصناً!
كنت في التاسعة من عمري عندما سألته:
- ليه يا وابه ما نشتل تيه الشجرة من أرضنا ونستفيد بثمن الحطب إلي فيها؟
عندئذً كان يجيب بعد أن يستحضر روح سقراط قائلاً:
- لان لهذه الشجرة روح، وصوت يابُني!
- طيب، بس ليه (زود) ياوابه ما نقطع الشجرة تيه ونستفيد بثمن حطبها؟!
- لان لهذه الشجرة يارأس الحربة مولد، وتاريخ!
- سم ياوابه، والله إني فاهم!!! بس ليه ما نقطع الشجرة تيه ونستفيد بثمن حطبها؟!
- لأنك حمار!
- همممم، توني فهمت، شكراً يا وابه!

ربيع 1412بينما الأجواء حالمة:
خمس سنوات مرت، وما زلت مستمتعاً بمراقبة أبي وهو يولي جل عنايته بالشجرة العجوز، دون أي طائل منها، أو فائدة!
في هذه الفترة تناسبت الأمر برمته... مكتفياً بتأكيد أبي إنني حمار في كل مرة أسأله عن سر اهتمامه بالشجرة!
غريب أمرك يا وابه!
***

ربيع سنة 1422، بينما الأجواء مريبة!
عشر سنوات أخرى مرت سريعاً...
تبدل الحال فيها إلى عموم ما يبدله القدر، غير أن حال الشجرة واهتمام أبي بها ظل كما هو لا يتغير، وإن كان أمرها قد أضيف إلى مهامي العديدة، بعدما شاخ ساعد أبي وهرم.

مع ذلك، كنت إرضاء له – لا للشجرة - أُحسن الاهتمام بها ورعايتها عن غير قناعة مني أو سرور!

وظللت على ذي الرعاية سنيناً طوال، إلى أن عدت يوماً للأرض متلمساً حاجتها، مراقباً فيها ما استجد من شأنها، فكان أن رأيت الشجرة العجوز وقد سقطت ميتة، وجذعها للسماء!
لم أكن ذا بال بموتها، وإن هالني كيف أزف لأبي خبر رحيلها، وأنا اعلم قدر اهتمامه بها!

لكني، وبعد تفكير لم يطل، قررت أن اخبره بما كان من شأن شجرته، مزمعاً أن افتك بنفسي قدر المستطاع قبل أن يفعل غيري!
-وابه... البلاد طيبه والحمد لله، والأرض (سخبه)، (والنو) جاي بالبخير!
-الله يبشرك يارأس الحربة ويوفقك (ويذرالك ذرىً طيب) المهم تكون سقيت الشجرة القديمة، و(يودتها!!!)
-لا والله ياوابه، اليوم ما سقيتها، ولا(يودتها)!
-ليه يا ولدي؟!
-لأني رحت لقيت جذعها فاسخ من تربتها!
-يوووه!!!! ماذا قلت؟؟؟
-أقولك ياوابه ترى الشجرة نشفت، وماتت! (خذ العلم وإلا خله)
***
ومرت أيام...
استغرقت فيها في حزن أبي العميق، وكلي عجب من أمره، متسائلاً في ذاتي:
- أمِن أجل شجرة لا تثمر، يتبدل شأنك يا أبي!
غريب أمرك يا وابه...

حتى جاء ذلك اليوم، الذي أخبرتني فيه أمي بسر غرام الشجرة، قائلة إثر حداد أخير:
- "أبوك يعتبر الشجرة مثل أخته تماماً، لان (يدتك) أم أبوك الله يرحمها، قالت إن (يدك) أبو أبوك الله يرحمه، كان زرع هذه الشجرة في نفس اليوم اللي ولد فيه بوك الله يطول عمره!"
-آها... توني فهمت، وابه بيعتقد إذن انه كما الشجرة، كلاهما له نفس العمر...!
غريب أمرك ياوابه!

ثم انطلقت ابحث عن أبي، متلبساً للحزن، جامعاً للفزع والذهول في محيايّ الكئيب، مترحماً على روح الفقيدة أختنا الشجرة، مواسياً له!

لكني، وبعد طول بحث، وجدته – أي بويه - يقف عند شجرة أخرى غير الشجرة المرحومة!
الغريب انني رأيته يتأملها في إعجاب وسرور!
(الويل لي إن كانت هذه الشجرة هي ابنة عم الشجرة المرحومة)... هكذا فكرت!

مع ذلك قلت، هذا أفضل للجميع...
لعل أبي بغرامه الجديد للشجرة اليافعة، ينسى ماضيه مع الشجرة القديمة!

ثم اقتربت منه، متصنعاً الإكبار في جلالة حضور الشجرة الفاتنة، حتى قال:
-إنت (تبصر) يا ولدي تيه الشجرة!
-شايفها يا بويه!
-شايف ماذا فيها؟
-شايف إنها شجرة!! (اللهم هبلنا الخير)
-وش رأيك فيها؟
-بخيرها، وطرحها مميز، وورقها كثير والحمد لله!
-هذه الشجرة يا رأس الحربة، عمرها 24 سنة!
- (إنت ترهي!!!!)، عمرها 24 سنة بس؟!
-ايه، 24 سنة، بس أنت منت فاهم يا(فغره)؟
-لا، والله ماني بفاهم يا بويه!
-لأنك حمار يا ولدي!
-شكراً ياوابه.

ثم قال بويه، بعد أن اكتملت سعادته بحموريتي:
-هذه الشجرة يا ولدي زرعتها لك في نفس يوم ولادتك!
-يعني إيه يا وابه؟
- يعني عمرها من عمرك يا ولدي!
***

صيف 1426، القلب حاسر والعين منتفخة!
وخمس سنوات ملبدة بالغيوم قد ولت إلى غير رجعة...
ترونني الآن مستغرقاً أيما استغراق في العناية بشجرة مولدي الحزين، بينما الشجرة مرتجفة الأغصان منبهرة بي!
مجيباً على المتسائلين عن سر غرامي المريب لها، قائلاً لهم متقصماً روح إخيليوس:
-لأن لهذه الشجرة صوت، وروح!

مردداً في قاع أوردتي:
-الله يسامحك يا هكتور! -عفواً- ياوابه....


شكراً...



 توقيع : رأس الحربة

في طريقي إليكم قابلت وجوه تضحك بقوة... ووجوه تبكي بحرقة، ووجوه أنين كأنها تصرخ!!!
سألت: من هؤلاء ياأبي؟؟؟؟
قال: هذي الدنيا يا ولدي، اخطف حلمك واهرب... إياك أن يهرب منك الحلم... إياك!

رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
النحل ....... اابو مطارد صور من بني عمرو وبعض مناطق المملكة 16 07-09-2011 03:35 AM
تربية النحل الرهيب معكم مواضيع الحوار والنقاش 1 05-15-2007 10:28 AM
الندم.............. ابن حجر الشعر الجنوبي للطرح الذاتي 2 04-24-2004 12:08 AM
قبل ان لا ينفع الندم WaLaAaH رياض الصالحين 2 09-22-2003 12:39 AM
قبل الندم سماااا رياض الصالحين 4 06-08-2003 12:42 AM


الساعة الآن 02:11 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
SEO by vBSEO 3.6.0 PL2 (Unregistered) TranZ By Almuhajir