توبة مدخن....... قصة واقعية انصح المدخنين بقرائتها.

قضيت فتوتي ويفاعي وجزءًا من كهولتي تحت نير عام 1952 م

وقد أوضحت في مناسبات كثيرة ملامح فترة ذلك النير وهمومة وأعبائه

وورثت من هموم ذلك الجيل عادة التدخي التي عافاني الله منها أخيراً وله الحمد كثيراً

وقعت فيه عابثاً لرداءة الجليس وسرعة تكوين العادة وكنت أيضاً في حالة غضب ومشاجرة فنبذت مبتلى بالتدخين وعيرته به في محفل فعوفي منه فترة ماوبليت !!

ولو تهزأ بأخيك في رضاع كلب لرضعته

وجربت أن الذين يستسهلون عادة عادة التدخين ويجعلونها دون مرتبة الحرمة مضللون بصيغة اسم المفعول والفاعل معاً

جربت أن تلاوة كتاب الله وحفظه وتدبره مطلب شريف نفيس ترد عنه عادة التدخين

وربما ضرب المدخن أسنانه بالفرشة ثم السواك ومس طيباً أو بخوراً ليقرأ القرآن ولكنه فيما بين خمس دقائق أو عشر دقائق يحن إلى إشعال سيجارة فيطبق المصحف ولن يعاود التلاوة إلا بعد فترة طويلة لأنه لن يستخدم الفرشة والطيب كل ربع ساعة !!

وربما صام المدخن يوماً تطوعاً ولكنه عند أذان المغرب يأكل تمرة على عجل ويرشف مجة قهوة على عجل أيضاً وليس ذلك من أجل أن يلحق الصلاة المكتوبة وإنما غرضه أن يستلقي ويسترخي ويشعل سيجارة إثر سيجارة بنهم شديد ويلغ في الشاهي بنهم وبئس العشير السيجارة

ثم يقوم للصلاة متثاقلاً في بيته بعد إغلاق أبواب المساجد فاعجبوا أيها القوم لصيام تطوع وصلاة في البيت !

وجربت أن المدخن لايذهب إلي الصلاة جماعة إلا نادراً بعد مؤونة شديدة من تغيير الملابس والفرشة والتطيب والاشتغال بقرض حب هان أو مسمار (عويدى) أو نعناع

وجربت أنه إن ذهب لصلاة الجماعة لايمكن أن يتقدم مع الأذان أو قبيله

وجربت أنه يتأخر في المسجد بعد المكتوبة للاشتغال بنافلة أو ورد

وجربت أنه في وحشة من أهل الخير والصلاح يختلق المعاذير للابتعاد عنهم إن دعوه لزيارتهم ويتباعد بحذر أن يطأوا بساطه !!

وجربت أن المدخن إذا دخل المسجد دخله كالسارق لايلج المسجد إلا بعد يقينه بأن المؤذن أقام الصلاة ثم يندس آخر الصف ويهرب من المسجد بعد التسليم مباشرة وقلما تنفل في بيته !!

ومرت بي مواقف أسهل منها الخسف والقصف !! فمرة كنت في خدمة بعض الأشياخ العوام من أعيان بعض القرى أسعي إلي تسهيل مهمتهم من خلال عملى مديراً للإدارة القانونية لعلمي بعدالة مطالبتهم ووضوح حقهم وطيب نيتهم وكانوا بلحاهم الجميلة البيضاء يقبلون رأسي في الذهاب والإياب ويدعون لي

وذات صباح يوم مبارك كنت في مكتبي غائباً في تفكير عميق وكنت أشعل سيجارة من عقب أخرى !! وماوعتي إلا بالقوم قد أخذ بعضهم مقعده من المكتب فذهلت عن رد السلام وتمنيت لو انشقت الأرض من تحتي فسللت نفسي منهم إلي مكتب آخر واتصلت تلفونياً بالسكرتير وأعلمته أن " معاملة " القوم لدى الناسخ فأحضرها إلى ووقعتها وطلبت منه أن يتابعها إلى الصادر العام ويعطيهم الرقم النهائي أما أنا فقد ذهبت إلي بيتي ولسان يقول لأهلي : دثروني دثروني !!

فقضيت نهاري في تناوم وضيق صدر !!

وقضيت عاماً ونصف عام خلال عامي 1397 و 1398 هـ محامياً في بريدة فوقفت مع سماحة الشيخ صالح الخريصي على اقتراحات تنهي بعض القضايا دون مرافعة ونالت موافقة مرجعي بحمد الله وحلت القضايا من جذورها

وفي ترددى على المحكمة تعرفت على بعض الفضلاء والأعيان كرجل الأعمال الوجيه صالح السلمان وكان يومها في بداية توجهه وكانت منطقة الفائزية في بداية التأسيس

وفوجئت بدخوله وأنا مع بعض الزملاء في أحد المحلات والسيجارة في بداية اشتعالها فبادرت إلى وطئها بقدمي وللحظ المبارك كانت السيجارة بين قدمي العارية وطرف عباءتي الثمينة فأحرقت العباءة حرقاً يعيبها وكوت قدمي

قال أبو عبد الرحمن : ونحن الآن في آخر عام 1412 هـ وقد رمقت صالح السلمان في قصرة ببريدة ونحن نشيع أخاً صديقنا غانم الغانم وألهم أهله الصبر والسلوان فلذت عنه وأخفيت نفسي أن يرمقني لخجلي من ذلك الموقف الذي مر عليه أربعة عشر عاماً وإن قلبي ليحن إلي مقابلته وتشجيعه على مواقفه الكريمة لما أسمع عنه من ثناء عاطر

ولكنه ذل المعصية ‍‍‍‍

قال أبو عبد الرحمن :وليست تباريحي هذه كاعترافات النصارى التي ترفع جانب التحفظ فإنني أستعيذ بالله من ذلك وأنا أول العائبين على مثل رسل وجورج صائد ‍‍ ولكن هذه التباريح تجربة مقصر ظلم نفسه في بعض الأحيا ن ولم يمت قلبه فلما فاء الله بي كنت ممن جرب عز الطاعة وذل المعصية فضفرت من بعض تجاربي مرائر يستمسك بها القراء للعظة والذكرى .