مدرسة الحب

	أعرف بأن المدارس الآن تغلق أبوابها...وأعرف بأن الجميع مل من سيرة المدرسة والكتب والدفاتر...ولكنني أريد أن أحدثكم عن مدرسة من نوع مختلف وعن مناهج وكتب لم تكن موجودة في مدارسكم العادية...ربما تتشابه الأسماء ولكن المعنى والمضمون بالتأكيد مختلف.... اسمحوا لي بعد هذا الغياب أن أعزف لكم مالحنه قلمي على أمل أن يحوز على رضاكم حين نحب ندخل مدرسة الحب دون أن ندري .. نكون التلميذ والأستاذ ..كل منا يتعلم من الآخر .. نفهم مرة ونتعجب مرة .. نواظب مرة ونهمل مرة .. نمر بامتحانات .. قد نفرح بنتائجها وقد نحزن .. قد تقربنا وقد تبعدنا .. ولا نستطيع بعدها حضور حصص الحب دون من نحب .. امتحانات تجمعنا وربما تفرقنا وأحياناً تقتل بداخلنا طفل القلب أو تجعله يحتضر .. امتحانات ..أفكار واستنتاجات يصل إليها التلميذ والأستاذ في مدرسة الحب .... مدرسةٌ أعادتني طفل صغير بثوب أبيض مثل غيمات السماء .. ودفاتر وردية وكتب تعج بالقصائد والخواطر .. مدرسة أعادتني إلى الواجبات وحصص التعبير .. أعادتني إلى الورق والسهر والأرق .. عدت طفل كل همي لقاؤك ولو من بعيد .. برغم أن المدرسة تجمعنا .. يجمعنا صف واحد .. لكنك سيدة الغياب .. تغيبين وتغيبين وتنسين أمر الحبيب .. تنسين أمر قلبي الذي بت أنتي مادته الأثيرة فهو لا يذكر من التاريخ إلا تاريخ أول حصة جمعتني بك .. لا يذكر من الجغرافيا إلا أرض النبض الذي سجلها باسمك دون أوراق رسمية .. لا يذكر من اللغة العربية إلا هذه العبارة : سنرفع أصواتنا بأن الحب مازال موجوداً ..سننصب مشاعرنا راية خفاقةً دائماً وأبداً .. سنجر بقايا أوجاعنا لنرميها بعيداً هناك في آخر الأرض و سنكسر قيودنا والأسوار من حولنا لنبقى معاً .. لا يذكر من الرياضيات إلا أن 1+1 =11 ولكن في حالة جنونه بك الناتج أنت .. ولا يذكر من العلوم إلا كيف تفاعلت نبضاته بوجودك . يجمعنا صف واحد .. أنت وأنا .. تحبينني وأحبك .. مقاعدنا مكتوب عليها أول حرف من اسمينا .. كما كُتب لنا أن يجمعنا شعور واحد ويغمرنا إحساس واحد وشغف واحد .. كما كُتب أن نلتقي في مدرسة الحب .. تعلمينني وأعلمك .. تقرأيني وأقرؤك .. ندرس الحياة .. نتناقش في أحوال البشر .. تتحدثين فأنصت لك حتى إن دق جرس الفسحة .. وتهافت الجميع للخروج أبقى معك .. فأنتي العالم والعالم أنتي .. وما أن تغيبين حتى أمل الدروس وأهمل الواجبات .. تموت الحياة على الدروب وتهون في عينيّ الخطوب .. تتوه الخطوات وتخنقني العبرات .. وأظل وحيدا إلى أن تعودين .. تعودين لأعود للحياة .. وتنتهي بعودتك دروس السهر الإجبارية وعد النجوم .. نجمة تلو نجمة .. وإن غلبني النوم عدت لإحصائها من جديد .. أجدل لليل الحكايا .. وأيقظ الشمس لتحيي البرايا ويملأني الشحوب وكأنني أجر الخطوات وأقف بعد رحلة افتقاد وشوق مضنية عند باب المنايا ..ربما لا يكون لجنوني معنى .. ولسهري وطول انتظاري معنى .. ربما عليّ التمهل والتروي والتفكير بالاستيلاء على قلبك أو قراءة دفتر عمرك وما يحتوي من قصائد .. ربما عليّ دراسة سياسة الحب .. السياسة التي تدمنين الحديث عنها .. لعلي أُسييس قلبك .. فلا يتركني ويغيب ويظل دفتر الحضور بلا توقيعك ..لعل قلبك يدرك أنه إن غبتي هدني الشوق وإن انشغلتي أتعبني الانتظار وإن حضرتي عشت الفرح .. لذا لا تغيبي .. تعالي .. دعينا نلتقي .. دعيني أشرح لك ما فاتك من دروس .. أطلعك على دفاتري الوردية .. وتقرأين شيئاً من قصائدي .. من بوحي الراقي .. أو تحدثيني عن السياسة التي تشغلك .. فيملأ صوتك الدنيا وتكون دنياي عينيك .. أبحر فيهما دون مجداف .. إبحار بلا عودة .. لماذا أعود وأنا معك..؟؟!! وسأبقى.. سنبقى معاً في مدرسة الحب .. ندرس الحب ونتعلم أبجدياته بكل جد واجتهاد دون كسل وتأجيل فالعمر الذي يمضى لا يعود .. بكل طيبة وتسامح وإصرار على أن يكون المستقبل لنا لا علينا .. مستقبل لن يكون جميلاً وعذباً إلا معك .. دون تكنولوجيا تحرمني من متعة مفاجأتي بصوتك حين تغيبين وأشتاق إليك .. أو من تلقي رسالة مكتوبة بخط يدك أرى فيها رسمك وأسمع صوتك ويغمرني شذى حضورك .. دون تكنولوجيا توصل لك كلماتي خالية من أي إحساس .. كلمات تصلك في لحظة وترد عليها في اللحظة ذاتها .. لا أراك ولا تراني .. ويدك لا تفارق تلك اللوحة الجامدة المليئة بالحروف والأرقام .. وعقلك مشغول .. عني وعن دروس الحب .. لا أريد تكنولوجيا تملأ رأسك بهوس السرعة والحضارة التي تؤجل وتؤجل حصص التعبير والتواصل والتواجد .. لا أريد الغياب الذي يثقل روحي بما لا أستطيع .. لا أريد الحضور لأنك تريد الحضور بل لأنك وقلبك وفكرك وشوقك أتوا بك إليّ .. لا أريد العودة دون صحبتك .. لا أريد أن يسألني أحدهم لم أنت وحيد؟؟ ولا أستطيع الإجابة .. وحين ألقاك أعانقك كما يفعل الأطفال حين يشكرون أحداً ما .. ويعبرون عن فرحتهم بعناقٍ يكادون لا يفارقون الضلوع لحين تقبيلهم القلب القابع هناك .. فتسأليني ما بك ؟ فلا أعرف بما أجيب .. وأسألك ألا تهتمي .. نسير معاً يدك تهامس يدي .. ونبدأ حديث الروح للروح .. حين يغلف الكون .. الليل الوقور .. وتتألق النجوم في سماء العمر .. ونجلس قرب شجرة ونتمنى أن نكتب على أوراقها ما يسكننا من أحلام و أمنيات .. نتأمل امتداد جذورها وصمودها أمام الرياح والظمأ وقسوة البشر .. وحالتها في كل فصل من الفصول الأربعة .. شجرة تعانق السحاب بشموخها وتخاطب الأرض بجذورها .. وتزرع في النفس الحياة .. ويخضوضر العمر في حضرتها برغم كل ما يعترضها .. لأنها تحب الأرض وتعشق السماء وهكذا أنتي وأنا